الصفحة 1الصفحة 2
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْسورة محمد الآية رقم 1
الذين جحدوا توحيد الله, وصدوا الناس عن دينه, أذهب الله أعمالهم, وأبطلها, وأشقاهم بسببها.
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْسورة محمد الآية رقم 2
والذين صدقوا الله واتبعوا شرعه وصدقوا بالكتاب الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم, وهو الحق الذي لا شك فيه من ربهم, ستر عليهم ما عملوا من السيئات, فلم يعاقبهم عليها, وأصلح شأنهم في الدينا والآخرة.
ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْسورة محمد الآية رقم 3
ذلك الإضلال والهدى سببه أن الذين كفروا اتبعوا الشيطان فأطاعوه, وأن وأن الذين آمنوا واتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الخير والهدى, كما بين الله تعالى فعله بالفريقين أهل الكفر وأهل الإيمان بما يستحقان يضرب سبحانه للناس أمثالهم, فيلحق بكل قوم من الأمثال والأشكال ما يناسبه.
فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْسورة محمد الآية رقم 4
فإذا لقيتم- أيها المؤمنون- الذين كفروا في ساحات الحرب فاصدقوهم القتال, واضربوا منهم الأعناق, حتى إذا أضعفتموهم بكثرة القتل, وكسرتم شوكتهم, فأحكموا قيد الأسرى: فإما أن تمنوا عليهم بفك أسرهم بغير عوض, وإما أن يفادوا أنفسهم بالمال أو غيره, وإما أن يسترقوا أو يقتلوا, واستمروا على ذلك حتى تنتهي الحرب.
ذلك الحكم المذكور في ابتلاء المؤمنين بالكافرين ومداوله الأيام بينهم, ولو يشاء الله لانتصر للمؤمنين من الكافرين بغير قتال, ولكن جعل عقوبتهم على أيديكم, فشرع الجهاد, ليختبركم بهم, ولينصر بكم دينه والذين قتلوا في سبيل الله من المؤمنين فلن يبطل الله ثواب أعمالهم,
سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْسورة محمد الآية رقم 5
سيوفقهم إلى طاعته ومرضاته, ويصلح شأنهم في الدنيا والآخرة,
وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْسورة محمد الآية رقم 6
ويدخلهم الجنة, بينها وعرفها لهم.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْسورة محمد الآية رقم 7
يا أيها اللذين صدقوا الله واتبعوا رسوله, إن تنصروا دين الله بالجهاد في سبيله, والحكم بكتابه, وامتثال أوامره, واجتناب نواهيه, ينصركم الله على أعدائكم, ويثبت أقدامكم عند القتال.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْسورة محمد الآية رقم 8
والذين كفروا فهلاكا لهم, وأذهب الله ثواب أعمالهم.
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْسورة محمد الآية رقم 9
ذلك بسبب أنهم كرهوا كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, فكذبوا به, فأبطل أعمالهم; لأنها كانت في طاعة الشيطان.
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَاسورة محمد الآية رقم 10
أفلم يسر هؤلاء الكفار في أرض الله معتبرين بما حل بالأمم المكذبة قبلهم من العقاب؟ دمر الله عليهم ديارهم, وللكافرين أمثال تلك العاقبة التي حلت بتلك الأمم.
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْسورة محمد الآية رقم 11
ذلك الذي فعلاه بالفريقين فريق الإيمان وفريق الكفر; بسبب أن الله ولي المؤمنين ونصيرهم, وأن الكافرين لا ولي لهم ولا نصير.
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْسورة محمد الآية رقم 12
إن الله يدخل الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار تكرمة لهم, ومثل الذين كفروا في أكلهم وتمتعهم بالدنيا, كمثل الأنعام من البهائم التي لا هم لها إلا في الاعتلاف دون غيره, ونار جهنم مسكن لهم ومأوى.
وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْسورة محمد الآية رقم 13
وكثير من أهل قرى كانوا أشد بأسا من أهل قريتك- يا محمد, وهي " مكة " التي أخرجتك, دمرناهم بأنها من العذاب, فلم يكن لهم نصير ينصرهم من عذاب الله.
أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْسورة محمد الآية رقم 14
أفمن كان على برهان واضح من ربه والعلم بوحدانيته, كمن حسن له الشيطان قبيح عمله, واتبع ما دعته إليه نفسه من معصية الله وعبادة غيره من غير حجة ولا برهان؟ لا يستوون.
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْسورة محمد الآية رقم 15
صفة الجنة التي وعدها الله المتقين فيها أنهار عظيمة من ماء غير متغير, وأنهار من لبن لم يتغير طعمه, وأنهار من خمر يتلذذ به الشاربون, وأنهار من عسل قد صفي من القذى, ولهؤلاء المتقين في هذه الجنة جميع الثمرات من مختلف الفواكه وغيرها, وأعظم من ذلك التجاوز عن ذنوبهم, هل من هو في هذه الجنة كمن هو ماكث في النار لا يخرج منها, وسقوا ماء كل تناهى في شدة حره فقطع أمعاءهم؟
وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْسورة محمد الآية رقم 16
ومن هؤلاء المنافقين من يستمع إليك- يا محمد- بغير فهم؟ تهاونا منهم واستخفافا, حتى إذا انصرفوا من مجلسك قالوا لمن حضروا مجلسك من أهل العلم بكتب الله على سبيل الاستهزاء: ماذا قال محمد الأن؟ أولئك الذين ختم الله على قلوبهم, فلا تفقه الحق ولا تهتدي إليه, واتبعوا أهواءهم في الكفر والضلال.
وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْسورة محمد الآية رقم 17
والذين اهتدوا لاتباع الحق زادهم الله هدى, فقوي بذلك هداهم, ووفقهم للتقوى, ويسرها لهم.
فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْسورة محمد الآية رقم 18
ما ينتظر هؤلاء المكذبون إلا الساعة التي وعدوا بها أن تجيئهم فجأة, فقد ظهرت علاماتها ولم ينتفعوا بذلك, فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة؟
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْسورة محمد الآية رقم 19
فاعلم -يا محمد- أنه لا معبود بحق إلا الله, واستغفر لذنبك, واستغفر للمؤمنين والمؤمنات والله يعلم تصرفكم في يقظتكم نهارا, ومستقركم في نومكم ليلا.
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْسورة محمد الآية رقم 20
ويقول الذين أمنوا بالله ورسوله: هلا نزلت سورة من الله تأمرنا بجهاد الكفار, فينا أنزلت سورة محكمة بالبيان والفرائض وذكر فيها الجهاد, رأيت الذين في قلوبهم شك في دين الله ونفاق ينظرون إليك- يا محمد- نظر الذي قد غشى عليه خوف الموت, فأولى لهؤلاء الذين في قلوبهم مرض
طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْسورة محمد الآية رقم 21
أن يطيعوا الله, وأن يقولوا قولا موافقا للشرع فإذا وجب القتال وجاء أمر الله بفرضه كره هؤلاء المنافقون ذلك, فلو صدقوا الله في الإيمان والعمل لكان خيرا لهم من المعصية والمخالفة.
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْسورة محمد الآية رقم 22
فلعلكم إن أعرضتم عن كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن تعصوا الله في الأرض, فتكفروا به وتسفكوا الدماء وتقطعوا أرحامكم.
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْسورة محمد الآية رقم 23
أولئك الذين أبعدهم الله من رحمته, فجعلهم لا يسمعون ما ينفعهم ولا يبصرونه, فلم يتبينوا حجج الله مع كثرتها.
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَاسورة محمد الآية رقم 24
أفلا يتدبر هؤلاء المنافقون مواعظ القرآن ويتفكرون في حججه؟ بل هذه القلوب مغلقة لا يصل إليها شيء من هذا القرآن, فلا تتدبر مواعظ الله وعبره.
إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْسورة محمد الآية رقم 25
إن الذين ارتدوا عن الهدى والإيمان, ورجعوا على أعقابهم كفارا بالله من بعد ما وضح لهم الحق, الشيطان زين لهم خطاياهم, ومد لهم في الأمل.
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْسورة محمد الآية رقم 26
ذلك الإمداد لهم حتى يتمادوا في الكفر ; بسبب أنهم قالوا لليهود الذين كرهوا ما نزل الله: سنطيعكم في بعض الأمر الذي هو خلاف لأمر الله وأمر رسوله, والله تعالى يعلم ما يخفيه هؤلاء ويسرونه, فليحذر المسلم من طاعة غير الله فيما يخالف أمر الله سبحانه, وأمر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْسورة محمد الآية رقم 27
فكيف حالهم إذا قبضت الملائكة أرواحهم وهم يضربون وجوههم وأدبارهم؟
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْسورة محمد الآية رقم 28
ذلك العذاب الذي استحقوه ونالوه بسبب أنهم اتبعوا ما أسخط الله عليهم من طاعة الشيطان, وكرهوا ما يرضيه عنهم من العمل الصالح, ومنه قتال الكفار بعدما افترضه عليهم, فأبطل الله ثواب أعمالهم من صدقة وصلة رحم وغير ذلك.
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْسورة محمد الآية رقم 29
بل أظن المنافقون أن الله لن يخرج ما في قلوبهم من الحسد والحقد للإسلام وأهله؟ بلى فإن الله يميز الصادق من الكاذب.
وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْسورة محمد الآية رقم 30
ولو شاء- يا محمد- لأريناك أشخاصهم, فلعرفتهم بعلامات ظاهرة فيهم, ولتعرفنهم فيما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم.
والله تعالى لا تخفى عليه أعمال من أطاعه ومن عصاه, وسيجازي كلا بما يستحق.
الصفحة 1الصفحة 2