الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3
ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِسورة ص الآية رقم 1
سبق الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة.
بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍسورة ص الآية رقم 2
يقسم الله سبحانه بالقرآن المثمل على تذكير الناس بما هم عنه غافلون.
ولكن الكافرين متكبرون على الحق مخالفون له.
كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍسورة ص الآية رقم 3
كثيرا من الأمم أهلكناها قبل هؤلاء المشركين , فاستغاثوا حين جاءهم العذاب ونادوا بالتوبة, وليس الوقت وقت قبول توبة, ولا وقت فرار وخلاص مما أصابهم.
وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌسورة ص الآية رقم 4
وعجب هؤلاء الكفار من بعث الله إليهم بشرا منهم؟ ليدعوهم إلى الله ويخوفهم عذابه, وقالوا: إنه ليس رسولا بل هو كاذب في قوله, ساحر لقومه ,
أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌسورة ص الآية رقم 5
كيف يصير الآلهة الكثيرة إلها واحدا؟ إن هذا الذي جاء به ودعا إليه لشيء عجيب.
وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُسورة ص الآية رقم 6
وانطلق رؤساء القوم وكبراؤهم يحرضون قومهم على الاستمرار على الشرك والصبر على تعدد الآلهة, فإن ما جاء به هذا الرسول شيء مدبر يقصد منه الرئاسة والسيادة,
مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌسورة ص الآية رقم 7
ما سمعنا بما يدعو اليه في دين أبائنا من قريش , ولا في النصرانية , ما هذا إلا كذب وافتراء.
أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِسورة ص الآية رقم 8
أخص محمد بنزول القرآن عليه من دوننا؟ بل هم في ريب من وحيي إليك- يا محمد- وإرسالي لك , بل قالوا ذلك؟ لأنهم لم يذوقوا عذاب الله , فلو ذاقوا عذابه لما تجرؤوا على ما قالوا.
أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِسورة ص الآية رقم 9
أم هم يملكون خزائن فضل ربك العزيز في سلطانه, الوهاب ,ما يشاء من رزقه وفضله لمن يشاء من خلقه؟
أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِسورة ص الآية رقم 10
أم لهؤلاء المشركين ملك السموات والأرض وما بينهما , فيعطوا ويمنعوا؟ فليأخذوا بالأسباب الموصلة لهم إلى السماء , وليمنعوا الملائكة من إنزال الوحي على محمد.
جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الأَحْزَابِسورة ص الآية رقم 11
هؤلاء الجند المكذبون جند مهزومون , كما هزم غيرهم من الأحزاب قبلهم ,
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِسورة ص الآية رقم 12
كذبت قبلهم قوم نوح وعاد, وفرعون صاحب القوة العظيمة,
وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُسورة ص الآية رقم 13
وثمود وقوم لوط وأصحاب الأشجار والبساتين وهم قوم شعيب.
أولئك الأمم الذين تحزبوا على الكفر والتكذيب واجتمعوا عليه.
إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِسورة ص الآية رقم 14
إن كل من هؤلاء إلا كذب الرسل, فاستحقوا عذاب الله, وحل بهم عقابه.
وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلاَءِ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍسورة ص الآية رقم 15
وما ينتظر هؤلاء المشركون لحلول العذاب عليهم إن بقوا على شركهم, إلا نفخة واحدة ما لها من رجوع.
وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِسورة ص الآية رقم 16
وقالوا: ربنا عجل لنا نصيبنا من العذاب في الدينا قبل يوم القيامة, وكان هذا استهزاء منهم.
اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌسورة ص الآية رقم 17
اصبر- يا محمد- على ما يقولونه مما تكره , واذكر عبدنا داود صاحب القوة على أعداء الله والصبر على طاعته, إنه تواب كثير الرجوع إلى ما يرضي الله.
(وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم).
إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِسورة ص الآية رقم 18
إنا سخرنا الجبال مع داود يسبحن بتسبيحه أول النهار وآخره ,
وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌسورة ص الآية رقم 19
وسخرنا الطير معه مجموعة تسبح , وتطيع تبعا له.
وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِسورة ص الآية رقم 20
وقوينا له ملكه بالهيبة والقوة والنصر, وآتيناه النبوة, والفصل في الكلام والحكم.
وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَسورة ص الآية رقم 21
وهل جاءك- يا محمد- خبر المتخاصمين اللذين تسورا على داود في مكان عبادته,
إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِسورة ص الآية رقم 22
فارتاع من دخولهما عليه؟ قالوا له: لا تخف , فنحن خصمان ظلم أحدنا الأخر , فاقض بيننا بالعدل , ولا تجر علينا في الحكم, وأرشدنا إلى سواء السبيل.
إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِسورة ص الآية رقم 23
فال أحدهما: إن هذا أخي له تسع وتسعون من النعاج, وليس عندي إلا نعجة واحدة, فطمع فيها , وقال: أعطنيها, واشتد علي في الكلام, وغلبني فيه.
قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَسورة ص الآية رقم 24
قال داود: لقد ظلمك أخوك بسؤاله ضم نعجتك إلى نعاجه, وإن كثيرا من الشركاء ليعتدي بعضهم على بعض , ويظلمه بأخذ حقه وعدم إنصافه من نفسه إلا المؤمنين الصالحين, فلا يبغي بعضهم على بعض , وهم قليل.
وأيقن داود أننا فتناه بهذه الخصومة, فاستغفر ربه, وسجد تقربا لله , ورجع إليه وتاب.
فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍسورة ص الآية رقم 25
فغفرنا له ذلك , وجعلناه من المقربين عندنا, وأعددنا له حسن المصير في الآخرة.
يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِسورة ص الآية رقم 26
يا داود إنا استخلفناك في الأرض وملكناك فيها, فاحكم بين الناس بالعدل والإنصاف , ولا تتبع الهوى في الأحكام , فيضلك ذلك عن دين الله وشرعه, إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب أليم في النار , بغفلتهم عن يوم الجزاء والحساب.
وفي هذا توصية لولاة الأمر أن يحكموا بالحق المنزل من الله , تبارك وتعالى, ولا يعدلوا عنه , فيضلوا عن سبيله.
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِسورة ص الآية رقم 27
وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لعبا ولهوا , ذلك ظن الذين كفروا , فويل لهم من النار يوم القيامة؟ لظنهم الباطل, وكفرهم بالله.
أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِسورة ص الآية رقم 28
أنجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض, أم نجعل أهل التقوى المؤمنين كأصحاب الفجور الكافرين؟ هذه التسوية غير لائقة بحكمة الله وحكمه, فلا يستوون عند الله , بل يثيب الله المؤمنين الأتقياء , ويعاقب المفسدين الأشقاء.
كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِسورة ص الآية رقم 29
هذا الموحى به إليك- يا محمد- كتاب أنزلناه إليك مبارك؟ ليتفكروا في آياته, ويعطوا بهدايات ودلالاته, وليتذكر أصحاب العقول السليمة ما كلفهم الله به.
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌسورة ص الآية رقم 30
ووهبنا لداود ابنه سليمان , فانعمنا به عليه, وأقررنا به عينه, نعم العبد سليمان, إنه كان كثير لرجوع إلى الله والإنابة إليه.
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3