الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5الصفحة 6
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء الآية رقم 1
الْقَوْل فِي تَفْسِير السُّورَة الَّتِي يُذْكَر فِيهَا النِّسَاء { يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } اِحْذَرُوا أَيّهَا النَّاس رَبّكُمْ فِي أَنْ تُخَالِفُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ , وَفِيمَا نَهَاكُمْ , فَيَحِلّ بِكُمْ مِنْ عُقُوبَته مَا لَا قِبَل لَكُمْ بِهِ . ثُمَّ وَصَفَ تَعَالَى ذِكْره نَفْسه بِأَنَّهُ الْمُتَوَحِّد بِخَلْقِ جَمِيع الْأَنَام مِنْ شَخْص وَاحِد , وَعَرَّفَ عِبَاده كَيْفَ كَانَ مُبْتَدَأ إِنْشَائِهِ ذَلِكَ مِنْ النَّفْس الْوَاحِدَة , وَمُنَبِّههمْ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ جَمِيعهمْ بَنُو رَجُل وَاحِد وَأُمّ وَاحِدَة , وَأَنَّ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَأَنَّ حَقّ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض وَاجِب وُجُوب حَقّ الْأَخ عَلَى أَخِيهِ , لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي النَّسَب إِلَى أَب وَاحِد وَأُمّ وَاحِدَة . وَأَنَّ الَّذِي يَلْزَمهُمْ مِنْ رِعَايَة بَعْضهمْ حَقّ بَعْض , وَإِنْ بَعُدَ التَّلَاقِي فِي النَّسَب إِلَى الْأَب الْجَامِع بَيْنهمْ , مِثْلُ الَّذِي يَلْزَمهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي النَّسَب الْأَدْنَى . وَعَاطِفًا بِذَلِكَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , لِيَتَنَاصَفُوا , وَلَا يَتَظَالَمُوا , وَلِيَبْذُل الْقَوِيّ مِنْ نَفْسه لِلضَّعِيفِ حَقّه بِالْمَعْرُوفِ , عَلَى مَا أَلْزَمَهُ اللَّه لَهُ , فَقَالَ : { الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } يَعْنِي مِنْ آدَم . كَمَا : 6698 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا { خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } فَمِنْ آدَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 6699 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } يَعْنِي : آدَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 6700 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ مُجَاهِد : { خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة } قَالَ : آدَم . وَنَظِير قَوْله : { مِنْ نَفْس وَاحِدَة } وَالْمَعْنِيّ بِهِ رَجُل , قَوْل الشَّاعِر : أَبُوك خَلِيفَة وَلَدَتْهُ أُخْرَى وَأَنْتَ خَلِيفَة ذَاكَ الْكَمَال فَقَالَ : " وَلَدَتْهُ أُخْرَى " , وَهُوَ يُرِيد الرَّجُل , فَأَنَّثَ لِلَفْظِ الْخَلِيفَة . وَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { مِنْ نَفْس وَاحِدَة } لِتَأْنِيثِ " النَّفْس " وَالْمَعْنَى . " مِنْ رَجُل وَاحِد " وَلَوْ قِيلَ : " مِنْ نَفْس وَاحِد " , وَأُخْرِجَ اللَّفْظ عَلَى التَّذْكِير لِلْمَعْنَى كَانَ صَوَابًا .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا } . يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا } وَخَلَقَ مِنْ النَّفْس الْوَاحِدَة زَوْجهَا ; يَعْنِي بِ " الزَّوْج " الثَّانِي لَهَا وَهُوَ فِيمَا قَالَ أَهْل التَّأْوِيل : اِمْرَأَتهَا , حَوَّاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6701 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا } قَالَ : حَوَّاء مِنْ قُصَيْرَى آدَم وَهُوَ نَائِم , فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ : " أثا " بِالنَّبَطِيَّةِ اِمْرَأَة . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 6702 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا } يَعْنِي حَوَّاء خُلِقَتْ مِنْ آدَم , مِنْ ضِلْع مِنْ أَضْلَاعه . 6703 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : أُسْكِنَ آدَم الْجَنَّة , فَكَانَ يَمْشِي فِيهَا وَحِشًا لَيْسَ لَهُ زَوْج يَسْكُن إِلَيْهَا ; فَنَامَ نَوْمَة , فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا عِنْد رَأْسه اِمْرَأَة قَاعِدَة خَلَقَهَا اللَّه مِنْ ضِلْعه , فَسَأَلَهَا مَا أَنْتِ ؟ قَالَتْ اِمْرَأَة , قَالَ : وَلِمَ خُلِقْت ؟ قَالَتْ : لِتَسْكُن إِلَيَّ . 6704 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : أُلْقِيَ عَلَى آدَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّنَة فِيمَا بَلَغَنَا عَنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ أَهْل التَّوْرَاة وَغَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْعِلْم , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس وَغَيْره , ثُمَّ أَخَذَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعه مِنْ شِقّه الْأَيْسَر , وَلَأَمَ مَكَانه , وَآدَم نَائِم لَمْ يَهُبّ مِنْ نَوْمَته . حَتَّى خَلَقَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ ضِلْعه تِلْكَ زَوْجَته حَوَّاء , فَسَوَّاهَا اِمْرَأَة لِيَسْكُن إِلَيْهَا , فَلَمَّا كُشِفَتْ عَنْهُ السِّنَة وَهَبَّ مِنْ نَوْمَته رَآهَا إِلَى جَنْبه , فَقَالَ فِيمَا يَزْعُمُونَ وَاَللَّه أَعْلَم : لَحْمِي وَدَمِي وَزَوْجَتِي ! فَسَكَنَ إِلَيْهَا. 6705 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا } جَعَلَ مِنْ آدَم حَوَّاء .

وَأَمَّا قَوْله : { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء } فَإِنَّهُ يَعْنِي وَنَشَرَ مِنْهُمَا يَعْنِي مِنْ آدَم وَحَوَّاء { رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء } قَدْ رَآهُمْ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث } 101 4 يُقَال مِنْهُ : بَثَّ اللَّه الْخَلْق وَأَبَثَّهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6706 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء } وَبَثَّ : خَلَقَ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } . اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : " تَسَّاءَلُونَ " بِالتَّشْدِيدِ , بِمَعْنَى : تَتَسَاءَلُونَ , ثُمَّ أُدْغِمَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي السِّين , فَجَعَلَهُمَا سِينًا مُشَدَّدَة . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة : { تَسَاءَلُونَ } بِالتَّخْفِيفِ عَلَى مِثَال " تَفَاعَلُونَ " , وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , وَلُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ , أَعْنِي التَّخْفِيف وَالتَّشْدِيد فِي قَوْله : { تَسَاءَلُونَ بِهِ } , وَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئ أَصَابَ الصَّوَاب فِيهِ , لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِأَيِّ وَجْهَيْهِ قُرِئَ غَيْر مُخْتَلِف . وَأَمَّا تَأْوِيله : { وَاتَّقُوا اللَّه } أَيّهَا النَّاس , الَّذِي إِذَا سَأَلَ بَعْضكُمْ بَعْضًا سَأَلَ بِهِ , فَقَالَ السَّائِل لِلْمَسْئُولِ : أَسْأَلك بِاَللَّهِ , وَأَنْشُدك بِاَللَّهِ , وَأَعْزِم عَلَيْك بِاَللَّهِ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَكَمَا تُعَظِّمُونَ أَيّهَا النَّاس رَبّكُمْ بِأَلْسِنَتِكُمْ , حَتَّى تَرَوْا أَنَّ مَنْ أَعْطَاكُمْ عَهْده فَأَخْفَرَكُمُوهُ , فَقَدْ أَتَى عَظِيمًا , فَكَذَلِكَ فَعَظِّمُوهُ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ , وَاجْتِنَابكُمْ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ , وَاحْذَرُوا عِقَابه مِنْ مُخَالَفَتكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ أَوْ نَهَاكُمْ عَنْهُ . كَمَا : 6707 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ } قَالَ : يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه الَّذِي تُعَاقِدُونَ وَتُعَاهِدُونَ بِهِ . 6708 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ } يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه الَّذِي بِهِ تُعَاقِدُونَ وَتُعَاهِدُونَ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , مِثْله. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { تَسَاءَلُونَ بِهِ } قَالَ : تُعَاطِفُونَ بِهِ. وَأَمَّا قَوْله : { وَالْأَرْحَام } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي إِذَا سَأَلْتُمْ بَيْنكُمْ , قَالَ السَّائِل لِلْمَسْئُولِ : أَسْأَلك بِهِ وَبِالرَّحِمِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6709 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَعَاطَفُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام. يَقُول : الرَّجُل يَسْأَل بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُل : أَسْأَلك بِاَللَّهِ , أَسْأَلك بِالرَّحِمِ . يَعْنِي قَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : يَقُول : أَسْأَلك بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم : هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُل : أَسْأَلك بِالرَّحِمِ . 6710 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : يَقُول : أَسْأَلك بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ مَنْصُور أَوْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : هُوَ قَوْل الرَّجُل : أَسْأَلك بِاَللَّهِ وَالرَّحِم . 6711 - حَدَّثَنِي الْمُثْنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : هُوَ قَوْل الرَّجُل : أَنْشُدك بِاَللَّهِ وَالرَّحِم . قَالَ مُحَمَّد : وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل قَوْل بَعْض مَنْ قَرَأَ قَوْله : " وَالْأَرْحَام " بِالْخَفْضِ عَطْفًا بِالْأَرْحَامِ عَلَى الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله " بِهِ " , كَأَنَّهُ أَرَادَ : وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَبِالْأَرْحَامِ , فَعَطَفَ بِظَاهِرٍ عَلَى مَكْنِيّ مَخْفُوض . وَذَلِكَ غَيْر فَصِيح مِنْ الْكَلَام عِنْد الْعَرَب لِأَنَّهَا لَا تُنَسِّق بِظَاهِرٍ عَلَى مَكْنِيّ فِي الْخَفْض إِلَّا فِي ضَرُورَة شِعْر , وَذَلِكَ لِضِيقِ الشِّعْر ; وَأَمَّا الْكَلَام فَلَا شَيْء يَضْطَرّ الْمُتَكَلِّم إِلَى اِخْتِيَار الْمَكْرُوه مِنْ الْمَنْطِق وَالرَّدِيء فِي الْإِعْرَاب مِنْهُ . وَمِمَّا جَاءَ فِي الشِّعْر مِنْ رَدّ ظَاهِر عَلَى مَكْنِيّ فِي حَال الْخَفْض قَوْل الشَّاعِر : نُعَلِّق فِي مِثْل السَّوَارِي سُيُوفنَا وَمَا بَيْنهَا وَالْكَعْبِ غَوْطٌ نَفَانِفُ فَعَطَفَ " الْكَعْب " وَهُوَ ظَاهِر عَلَى الْهَاء وَالْأَلِف فِي قَوْله " بَيْنهَا " وَهِيَ مَكْنِيَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : تَأْوِيل ذَلِكَ : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ } وَاتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6712 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه , وَاتَّقُوا الْأَرْحَام لَا تَقْطَعُوهَا . 6713 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد عَنْ قَتَادَة : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " اِتَّقُوا اللَّه وَصِلُوا الْأَرْحَام , فَإِنَّهُ أَبْقَى لَكُمْ فِي الدُّنْيَا , وَخَيْر لَكُمْ فِي الْآخِرَة " . 6714 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْل اللَّه : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ , وَاتَّقُوا اللَّه فِي الْأَرْحَام فَصِلُوهَا . 6715 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : اِتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ , وَاتَّقُوهُ فِي الْأَرْحَام . 6716 - حَدَّثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْل اللَّه : { الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : اِتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا . 6717 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : هُوَ قَوْل الرَّجُل : أَنْشُدك بِاَللَّهِ وَالرَّحِم . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " اِتَّقُوا اللَّه وَصِلُوا الْأَرْحَام " . 6718 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : اِتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا . 6719 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثني أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه فِي الْأَرْحَام فَصِلُوهَا . 6720 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } قَالَ : يَقُول : وَاتَّقُوا اللَّه فِي الْأَرْحَام فَصِلُوهَا . 6721 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد , وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر الْخَزَّاز , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , أَنَّ اِبْن عَبَّاس كَانَ يَقْرَأ : { وَالْأَرْحَام } يَقُول : اِتَّقُوا اللَّه لَا تَقْطَعُوهَا. 6722 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : اِتَّقُوا الْأَرْحَام . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } أَنْ تَقْطَعُوهَا . 6723 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ } وَاتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا . وَقَرَأَ : { وَاَلَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ أَنْ يُوصَل } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل قَرَأَ ذَلِكَ مَنْ قَرَأَهُ نَصْبًا , بِمَعْنَى : وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ , وَاتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا , عَطْفًا بِالْأَرْحَامِ فِي إِعْرَابهَا بِالنَّصْبِ عَلَى اِسْم اللَّه تَعَالَى ذِكْره . قَالَ : وَالْقِرَاءَة الَّتِي لَا نَسْتَجِيز لِلْقَارِئِ أَنْ يَقْرَأ غَيْرهَا فِي ذَلِكَ النَّصْب : { وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام } بِمَعْنَى : وَاتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا , لِمَا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعَرَب لَا تَعْطِف بِظَاهِرٍ مِنْ الْأَسْمَاء عَلَى مَكْنِيّ فِي حَال الْخَفْض , إِلَّا فِي ضَرُورَة شِعْر , عَلَى مَا قَدْ وَصَفْت قَبْل.

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { عَلَيْكُمْ } عَلَى النَّاس الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ وَالْمُخَاطَب وَالْغَائِب إِذَا اِجْتَمَعَا فِي الْخَبَر , فَإِنَّ الْعَرَب تُخْرِج الْكَلَام عَلَى الْخِطَاب , فَتَقُول إِذَا خَاطَبَتْ رَجُلًا وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَة فَعَلَتْ هِيَ وَآخَرُونَ غَيَّبَ مَعَهُمْ فِعْلًا : فَعَلْتُمْ كَذَا , وَصَنَعْتُمْ. كَذَا وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { رَقِيبًا } حَفِيظًا , مُحْصِيًا عَلَيْكُمْ أَعْمَالكُمْ , مُتَفَقِّدًا رِعَايَتكُمْ حُرْمَة أَرْحَامكُمْ وَصِلَتكُمْ إِيَّاهَا , وَقَطْعكُمُوهَا وَتَضْيِيعكُمْ حُرْمَتهَا . كَمَا : 6724 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } حَفِيظًا . 6725 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } عَلَى أَعْمَالكُمْ , يَعْلَمهَا وَيَعْرِفهَا . وَمِنْهُ قَوْل أَبِي دُوَاد الْإِيَادِيّ : كَمَقَاعِد الرُّقَبَاء لِلضُّرَبَاءِ أَيْدِيهمْ نَوَاهِد
وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًاسورة النساء الآية رقم 2
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالهمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره أَوْصِيَاء الْيَتَامَى , يَقُول لَهُمْ : وَأَعْطُوا يَا مَعْشَر أَوْصِيَاء الْيَتَامَى [ الْيَتَامَى ] أَمْوَالهمْ , إِذَا هُمْ بَلَغُوا الْحُلُم وَأُونِسَ مِنْهُمْ الرُّشْد . { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } يَقُول : وَلَا تَسْتَبْدِلُوا الْحَرَام عَلَيْكُمْ مِنْ أَمْوَالهمْ بِأَمْوَالِكُمْ الْحَلَال لَكُمْ . كَمَا : 6726 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } قَالَ : الْحَلَال بِالْحَرَامِ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } قَالَ : الْحَرَام مَكَان الْحَلَال . قَالَ أَبُو جَعْفَر : ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي صِفَة تَبْدِيلهمْ الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ الَّذِي نُهُوا عَنْهُ وَمَعْنَاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ أَوْصِيَاء الْيَتَامَى يَأْخُذُونَ الْجَيِّد مِنْ مَاله وَالرَّفِيع مِنْهُ , وَيَجْعَلُونَ مَكَانه لِلْيَتِيمِ الرَّدِيء وَالْخَسِيس , فَذَلِكَ تَبْدِيلهمْ الَّذِي نَهَاهُمْ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6727 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم : { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } قَالَ : لَا تُعْطِ زَيْفًا وَتَأْخُذ جَيِّدًا . 6728 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , وَعَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَمَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالُوا : يُعْطِي مَهْزُولًا وَيَأْخُذ سَمِينًا . 6729 - وَبِهِ عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : لَا تُعْطِ فَاسِدًا وَتَأْخُذ جَيِّدًا . 6730 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } كَانَ أَحَدهمْ يَأْخُذ الشَّاة السَّمِينَة مِنْ غَنَم الْيَتِيم , وَيَجْعَل مَكَانهَا الشَّاة الْمَهْزُولَة , وَيَقُول : شَاة بِشَاةٍ . وَيَأْخُذ الدِّرْهَم الْجَيِّد , وَيَطْرَح مَكَانه الزَّيْف , وَيَقُول : دِرْهَم بِدِرْهَمٍ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَسْتَعْجِل الرِّزْق الْحَرَام فَتَأْكُلهُ قَبْل أَنْ يَأْتِيَك الَّذِي قُدِّرَ لَك مِنْ الْحَلَال. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6731 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } قَالَ : لَا تَعْجَل بِالرِّزْقِ الْحَرَام قَبْل أَنْ يَأْتِيَك الْحَلَال الَّذِي قُدِّرَ لَك. * - وَبِهِ عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ كَاَلَّذِي : 6732 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاء , وَلَا يُوَرِّثُونَ الصِّغَار ; يَأْخُذهُ الْأَكْبَر . وَقَرَأَ : { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } قَالَ : إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْء , { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَان } لَا يُوَرِّثُوهُمْ , قَالَ , فَنَصِيبه مِنْ الْمِيرَاث طَيِّب , وَهَذَا الَّذِي أَخَذَهُ خَبِيث . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيل ذَلِكَ : وَلَا تَتَبَدَّلُوا أَمْوَال أَيْتَامكُمْ أَيّهَا الْأَوْصِيَاء الْحَرَام عَلَيْكُمْ الْخَبِيث لَكُمْ , فَتَأْخُذُوا رَفَائِعهَا وَخِيَارهَا وَجِيَادهَا وَبِالطَّيِّبِ الْحَلَال لَكُمْ مِنْ أَمْوَالكُمْ " { وَتَجْعَلُوا } الرَّدِيء الْخَسِيس بَدَلًا مِنْهُ . وَذَلِكَ أَنَّ تَبَدُّل الشَّيْء بِالشَّيْءِ فِي كَلَام الْعَرَب أَخْذ شَيْء مَكَان آخَر غَيْره , يُعْطِيه الْمَأْخُوذ مِنْهُ , أَوْ يَجْعَلهُ مَكَان الَّذِي أَخَذَ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى التَّبْدِيل وَالِاسْتِبْدَال , فَمَعْلُوم أَنَّ الَّذِي قَالَهُ اِبْن زَيْد مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : هُوَ أَخْذ أَكْبَر وَلَد الْمَيِّت جَمِيع مَال مَيِّته وَوَالِده دُون صِغَارهمْ إِلَى مَاله , قَوْل لَا مَعْنَى لَهُ , لِأَنَّهُ إِذَا أَخَذَ الْأَكْبَر مِنْ وَلَده جَمِيع مَاله دُون الْأَصَاغِر مِنْهُمْ , فَلَمْ يَسْتَبْدِل مِمَّا أَخَذَ شَيْئًا . فَمَا التَّبَدُّل الَّذِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } وَلَمْ يُبَدِّل الْآخِذ مَكَان الْمَأْخُوذ بَدَلًا ؟ وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد وَأَبُو صَالِح مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ لَا تَتَعَجَّل الرِّزْق الْحَرَام قَبْل مَجِيء الْحَلَال , فَإِنَّهُمَا أَيْضًا إِنْ لَمْ يَكُونَا أَرَادَا بِذَلِكَ نَحْو الْقَوْل الَّذِي رُوِيَ عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ الرَّجُل لَيُحْرَم الرِّزْق بِالْمَعْصِيَةِ يَأْتِيهَا , فَفَسَاده نَظِير فَسَاد قَوْل اِبْن زَيْد , لِأَنَّ مَنْ اِسْتَعْجَلَ الْحَرَام فَأَكَلَهُ , ثُمَّ آتَاهُ اللَّه رِزْقه الْحَلَال فَلَمْ يُبَدِّل شَيْئًا مَكَان شَيْء , وَإِنْ كَانَا أَرَادَا بِذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَهَى عِبَاده أَنْ يَسْتَعْجِلُوا الْحَرَام فَيَأْكُلُوهُ قَبْل مَجِيء الْحَلَال , فَيَكُون أَكْلهمْ ذَلِكَ سَبَبًا لِحِرْمَانِ الطَّيِّب مِنْهُ , فَذَلِكَ وَجْه مَعْرُوف , وَمَذْهَب مَعْقُول يَحْتَمِلهُ التَّأْوِيل , غَيْر أَنَّ الْأَشْبَه فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة مَا قُلْنَا , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَظْهَر مِنْ مَعَانِيه , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي قِصَّة أَمْوَال الْيَتَامَى وَأَحْكَامهَا , فَلَا يَكُون ذَلِكَ مِنْ جِنْس حُكْم أَوَّل الْآيَة , فَأَخْرَجَهَا مِنْ أَنْ يَكُون مِنْ غَيْر جِنْسه.

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهمْ إِلَى أَمْوَالكُمْ } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَخْلِطُوا أَمْوَالهمْ - يَعْنِي : أَمْوَال الْيَتَامَى بِأَمْوَالِكُمْ - فَتَأْكُلُوهَا مَعَ أَمْوَالكُمْ . كَمَا : 6733 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهمْ إِلَى أَمْوَالكُمْ } يَقُول : لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ وَأَمْوَالهمْ , تَخْلِطُوهَا فَتَأْكُلُوهَا جَمِيعًا . 6734 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَمْوَال الْيَتَامَى , كَرِهُوا أَنْ يُخَالِطُوهُمْ , وَجَعَلَ وَلِيّ الْيَتِيم يَعْزِل مَال الْيَتِيم عَنْ مَاله , فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاح لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } قَالَ : فَخَالَطُوهُمْ وَاتَّقَوْا .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } إِنَّ أَكْلكُمْ أَمْوَال أَيْتَامكُمْ مَعَ أَمْوَالكُمْ حُوب كَبِير . وَالْهَاء فِي قَوْله " إِنَّهُ " دَالَّة عَلَى اِسْم الْفِعْل , أَعْنِي الْأَكْل . وَأَمَّا الْحُوب : فَإِنَّهُ الْإِثْم , يُقَال مِنْهُ : حَابَ الرَّجُل يَحُوب حُوبًا وَحَوْبًا وَحِيَابَة , وَيُقَال مِنْهُ : قَدْ تَحَوَّبَ الرَّجُل مِنْ كَذَا , إِذَا تَأَثَّمَ مِنْهُ . وَمِنْهُ قَوْل أُمَيَّة بْن الْأَسْكَر اللَّيْثِيّ : وَإِنَّ مُهَاجِرَيْنِ تَكَنَّفَاهُ غَدَاتَئِذٍ لَقَدْ خَطِئَا وَحَابَا وَمِنْهُ قِيلَ : نَزَلْنَا بِحُوبَةٍ مِنْ الْأَرْض وَبِجِيبَةٍ مِنْ الْأَرْض : إِذَا نَزَلُوا بِمَوْضِعِ سُوء مِنْهَا . وَالْكَبِير : الْعَظِيم , فَمَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ أَكْلكُمْ أَمْوَال الْيَتَامَى مَعَ أَمْوَالكُمْ , إِثْم عِنْد اللَّه عَظِيم. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6735 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو وَعَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَا : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { حُوبًا كَبِيرًا } قَالَ : إِثْمًا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 6736 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } قَالَ : إِثْمًا عَظِيمًا. 6737 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { كَانَ حُوبًا } أَمَّا حُوبًا : فَإِثْمًا . 6738 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { حُوبًا } قَالَ : إِثْمًا . * - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } يَقُول : ظُلْمًا كَبِيرًا . 6739 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد , يَقُول فِي قَوْله : { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } قَالَ : ذَنْبًا كَبِيرًا , وَهِيَ لِأَهْلِ الْإِسْلَام. 6740 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا قُرَّة بْن خَالِد , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقُول : { حُوبًا كَبِيرًا } قَالَ : إِثْمًا وَاَللَّه عَظِيمًا .
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْسورة النساء الآية رقم 3
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَإِنْ خِفْتُمْ يَا مَعْشَر أَوْلِيَاء الْيَتَامَى أَلَّا تُقْسِطُوا فِي صَدَاقهنَّ فَتَعْدِلُوا فِيهِ , وَتَبْلُغُوا بِصَدَاقِهِنَّ صَدُقَات أَمْثَالهنَّ , فَلَا تَنْكِحُوهُنَّ , وَلَكِنْ اِنْكِحُوا غَيْرهنَّ مِنْ الْغَرَائِب اللَّوَاتِي أَحَلَّهُنَّ اللَّه لَكُمْ وَطَيَّبَهُنَّ مِنْ وَاحِدَة إِلَى أَرْبَع. وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ تَجُورُوا إِذَا نَكَحْتُمْ مِنْ الْغَرَائِب أَكْثَر مِنْ وَاحِدَة , فَلَا تَعْدِلُوا , فَانْكِحُوا مِنْهُنَّ وَاحِدَة , أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6741 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } فَقَالَتْ : يَا اِبْن أُخْتِي , هِيَ الْيَتِيمَة تَكُون فِي حَجْر وَلِيّهَا , فَيَرْغَب فِي مَالهَا وَجَمَالهَا , وَيُرِيد أَنْ يَنْكِحهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّة صَدَاقهَا , فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَال الصَّدَاق , وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا سِوَاهُنَّ مِنْ النِّسَاء . * - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس بْن يَزِيد , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } قَالَتْ : يَا اِبْن أُخْتِي هَذِهِ الْيَتِيمَة تَكُون فِي حَجْر وَلِيّهَا , تُشَارِكهُ فِي مَاله , فَيُعْجِبهُ مَالهَا وَجَمَالهَا , فَيُرِيد وَلِيّهَا أَنْ يَتَزَوَّجهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِط فِي صَدَاقهَا , فَيُعْطِيهَا مِثْل مَا يُعْطِيهَا غَيْره , فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ , وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتهنَّ فِي الصَّدَاق , وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنْ النِّسَاء سِوَاهُنَّ . قَالَ يُونُس بْن يَزِيد : قَالَ رَبِيعَة فِي قَوْل اللَّه : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } قَالَ : يَقُول : اُتْرُكُوهُنَّ فَقَدْ أَحْلَلْت لَكُمْ أَرْبَعًا * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الْجُنَيْد وَأَبُو سَعِيد بْن مَسْلَمَة , قَالَا : أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة , عَنْ اِبْن شِهَاب , عَنْ عُرْوَة , قَالَ : سَأَلْت عَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ , فَقُلْت : يَا أُمّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْت قَوْل اللَّه : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } ؟ قَالَتْ : يَا اِبْن أُخْتِي هِيَ الْيَتِيمَة تَكُون فِي حَجْر وَلِيّهَا , فَيَرْغَب فِي جَمَالهَا وَمَالهَا , وَيُرِيد أَنْ يَتَزَوَّجهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّة صَدَاق نِسَائِهَا , فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا فَيُكْمِلُوا لَهُنَّ الصَّدَاق , ثُمَّ أُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا سِوَاهُنَّ مِنْ النِّسَاء إِنْ لَمْ يُكْمِلُوا لَهُنَّ الصَّدَاق . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني يُونُس , عَنْ اِبْن شِهَاب , قَالَ : ثني عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ مِثْل حَدِيث يُونُس , عَنْ اِبْن وَهْب. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة , مِثْل حَدِيث اِبْن حُمَيْد , عَنْ اِبْن الْمُبَارَك . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ هِشَام , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : نَزَلَ , يَعْنِي قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } . .. الْآيَة , فِي الْيَتِيمَة تَكُون عِنْد الرَّجُل , وَهِيَ ذَات مَال , فَلَعَلَّهُ يَنْكِحهَا لِمَالِهَا , وَهِيَ لَا تُعْجِبهُ , ثُمَّ يَضُرّ بِهَا , وَيُسِيء صُحْبَتهَا , فَوُعِظَ فِي ذَلِكَ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل جَوَاب قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا } قَوْله : { فَانْكِحُوا } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : النَّهْي عَنْ نِكَاح مَا فَوْق الْأَرْبَع , حَذَرًا عَلَى أَمْوَال الْيَتَامَى أَنْ يُتْلِفهَا أَوْلِيَاؤُهُمْ , وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا , كَانَ الرَّجُل مِنْهُمْ يَتَزَوَّج الْعَشْر مِنْ النِّسَاء , وَالْأَكْثَر , وَالْأَقَلّ , فَإِذَا صَارَ مُعْدِمًا , مَالَ عَلَى مَال يَتِيمه الَّذِي فِي حَجْره , فَأَنْفَقَهُ , أَوْ تَزَوَّجَ بِهِ , فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ ; وَقِيلَ لَهُمْ : إِنْ أَنْتُمْ خِفْتُمْ عَلَى أَمْوَال أَيْتَامكُمْ أَنْ تُنْفِقُوهَا , فَلَا تَعْدِلُوا فِيهَا مِنْ أَجْل حَاجَتكُمْ إِلَيْهَا , لِمَا يَلْزَمكُمْ مِنْ مُؤَن نِسَائِكُمْ , فَلَا تُجَاوِزُوا فِيمَا تَنْكِحُونَ مِنْ عَدَد النِّسَاء عَلَى أَرْبَع , وَإِنْ خِفْتُمْ أَيْضًا مِنْ الْأَرْبَع أَلَّا تَعْدِلُوا فِي أَمْوَالهمْ فَاقْتَصِرُوا عَلَى الْوَاحِدَة , أَوْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6742 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } قَالَ : كَانَ الرَّجُل مِنْ قُرَيْش يَكُون عِنْده النِّسْوَة , وَيَكُون عِنْده الْأَيْتَام , فَيَذْهَب مَاله , فَيَمِيل عَلَى مَال الْأَيْتَام. قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد بْن السَّرِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كَانَ الرَّجُل يَتَزَوَّج الْأَرْبَع وَالْخَمْس وَالسِّتّ وَالْعَشْر , فَيَقُول الرَّجُل : مَا يَمْنَعنِي أَنْ أَتَزَوَّج كَمَا تَزَوَّجَ فُلَان , فَيَأْخُذ مَال يَتِيمه فَيَتَزَوَّج بِهِ , فَنُهُوا أَنْ يَتَزَوَّجُوا فَوْق الْأَرْبَع . 6743 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ طَاوُس , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قُصِرَ الرِّجَال عَلَى أَرْبَع مِنْ أَجْل أَمْوَال الْيَتَامَى . 6744 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } فَإِنَّ الرَّجُل كَانَ يَتَزَوَّج بِمَالِ الْيَتِيم مَا شَاءَ اللَّه تَعَالَى , فَنَهَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ الْقَوْم كَانُوا يَتَحَوَّبُونَ فِي أَمْوَال الْيَتَامَى أَلَّا يَعْدِلُوا فِيهَا , وَلَا يَتَحَوَّبُونَ فِي النِّسَاء أَلَّا يَعْدِلُوا فِيهِنَّ , فَقِيلَ لَهُمْ : كَمَا خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِي الْيَتَامَى , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي النِّسَاء أَنْ لَا تَعْدِلُوا فِيهِنَّ , وَلَا تَنْكِحُوا مِنْهُنَّ إِلَّا مِنْ وَاحِدَة إِلَى الْأَرْبَع , وَلَا تَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ , وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا أَيْضًا فِي الزِّيَادَة عَلَى الْوَاحِدَة , فَلَا تَنْكِحُوا إِلَّا مَا لَا تَخَافُونَ أَنْ تَجُورُوا فِيهِنَّ مِنْ وَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6745 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : كَانَ النَّاس عَلَى جَاهِلِيَّتهمْ , إِلَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ أَوْ يُنْهَوْا عَنْهُ . قَالَ : فَذَكَرُوا الْيَتَامَى , فَنَزَلَتْ : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : فَكَمَا خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي النِّسَاء . 6746 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } إِلَى : { أَيْمَانكُمْ } كَانُوا يُشَدِّدُونَ فِي الْيَتَامَى , وَلَا يُشَدِّدُونَ فِي النِّسَاء , يَنْكِح أَحَدهمْ النِّسْوَة , فَلَا يَعْدِل بَيْنهنَّ ; فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : كَمَا تَخَافُونَ أَنْ لَا تَعْدِلُوا بَيْن الْيَتَامَى فَخَافُوا فِي النِّسَاء , فَانْكِحُوا وَاحِدَة إِلَى الْأَرْبَع , فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . 6747 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } حَتَّى بَلَغَ : { أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَقُول : كَمَا خِفْتُمْ الْجَوْر فِي الْيَتَامَى وَهَمَّكُمْ ذَلِكَ , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي جَمْع النِّسَاء. وَكَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة يَتَزَوَّج الْعَشَرَة فَمَا دُون ذَلِكَ , فَأَحَلَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَرْبَعًا , ثُمَّ الَّذِي صَيَّرَهُنَّ إِلَى أَرْبَع قَوْله : { مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة } يَقُول : إِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي أَرْبَع فَثَلَاث , وَإِلَّا فَثِنْتَيْنِ , وَإِلَّا فَوَاحِدَة ; وَإِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي وَاحِدَة , فَمَا مَلَكَتْ يَمِينك . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } يَقُول : مَا أَحَلَّ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء , { مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } فَخَافُوا فِي النِّسَاء مِثْل الَّذِي خِفْتُمْ فِي الْيَتَامَى أَلَّا تُقْسِطُوا فِيهِنَّ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : قَالَ جَاءَ الْإِسْلَام , وَالنَّاس عَلَى جَاهِلِيَّتهمْ , إِلَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ فَيَتَّبِعُوهُ أَوْ يُنْهَوْا عَنْ شَيْء فَيَجْتَنِبُوهُ , حَتَّى سَأَلُوا عَنْ الْيَتَامَى , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو النُّعْمَان عَارِم , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : بَعَثَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالنَّاس عَلَى أَمْر جَاهِلِيَّتهمْ , إِلَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ أَوْ يُنْهَوْا عَنْهُ , وَكَانُوا يَسْأَلُونَهُ عَنْ الْيَتَامَى , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } قَالَ : فَكَمَا تَخَافُونَ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَخَافُوا أَلَّا تُقْسِطُوا وَتَعْدِلُوا فِي النِّسَاء . 6748 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } قَالَ : كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَنْكِحُونَ عَشْرًا مِنْ النِّسَاء الْأَيَامَى , وَكَانُوا يُعَظِّمُونَ شَأْن الْيَتِيم , فَتَفَقَّدُوا مِنْ دِينهمْ شَأْن الْيَتِيم , وَتَرَكُوا مَا كَانُوا يَنْكِحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة , فَقَالَ : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } وَنَهَاهُمْ عَمَّا كَانُوا يَنْكِحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة . 6749 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } كَانُوا فِي جَاهِلِيَّتهمْ لَا يُرْزَءُونَ مِنْ مَال الْيَتِيم شَيْئًا , وَهُمْ يَنْكِحُونَ عَشْرًا مِنْ النِّسَاء , وَيَنْكِحُونَ نِسَاء آبَائِهِمْ , فَتَفَقَّدُوا مِنْ دِينهمْ شَأْن النِّسَاء , فَوَعَظَهُمْ اللَّه فِي الْيَتَامَى وَفِي النِّسَاء , فَقَالَ فِي الْيَتَامَى : { وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ } . .. إِلَى : { إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } وَوَعَظَهُمْ فِي شَأْن النِّسَاء , فَقَالَ : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } . .. الْآيَة , وَقَالَ : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } . 6750 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار عَنْ اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } . .. إِلَى : { مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : فَإِنْ خِفْتُمْ الْجَوْر فِي الْيَتَامَى وَغَمَّكُمْ ذَلِكَ , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي جَمْع النِّسَاء. قَالَ : وَكَانَ الرَّجُل يَتَزَوَّج الْعَشْر فِي الْجَاهِلِيَّة فَمَا دُون ذَلِكَ , وَأَحَلَّ اللَّه أَرْبَعًا وَصَيَّرَهُمْ إِلَى أَرْبَع , يَقُول : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة } وَإِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي وَاحِدَة , فَمَا مَلَكَتْ يَمِينك . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَكَمَا خِفْتُمْ فِي الْيَتَامَى , فَكَذَلِكَ فَتَخَوَّفُوا فِي النِّسَاء أَنْ تَزْنُوا بِهِنَّ , وَلَكِنْ اِنْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6751 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } يَقُول : إِنْ تَحَرَّجْتُمْ فِي وِلَايَة الْيَتَامَى وَأَكْل أَمْوَالهمْ إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا , فَكَذَلِكَ فَتَحَرَّجُوا مِنْ الزِّنَا , وَانْكِحُوا النِّسَاء نِكَاحًا طَيِّبًا : { مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى اللَّاتِي أَنْتُمْ وُلَاتهنَّ , فَلَا تَنْكِحُوهُنَّ , وَانْكِحُوا أَنْتُمْ مَا أُحِلَّ لَكُمْ مِنْهُنَّ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6752 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْيَتِيمَة تَكُون عِنْد الرَّجُل هُوَ وَلِيّهَا , لَيْسَ لَهَا وَلِيّ غَيْره , وَلَيْسَ أَحَد يُنَازِعهُ فِيهَا , وَلَا يَنْكِحهَا لِمَالِهَا , فَيَضُرّ بِهَا , وَيُسِيء صُحْبَتهَا. 6753 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ الْحَسَن فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ } أَيْ مَا حَلَّ لَكُمْ مِنْ يَتَامَاكُمْ مِنْ قَرَابَاتكُمْ { مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيلهَا : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا فِي النِّسَاء , فَلَا تَنْكِحُوا مِنْهُنَّ إِلَّا مَا لَا تَخَافُونَ أَنْ تَجُورُوا فِيهِ مِنْهُنَّ مِنْ وَاحِدَة إِلَى الْأَرْبَع , فَإِنْ خِفْتُمْ الْجَوْر فِي الْوَاحِدَة أَيْضًا فَلَا تَنْكِحُوهَا , وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ , فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ لَا تَجُورُوا عَلَيْهِنَّ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ اِفْتَتَحَ الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا بِالنَّهْيِ عَنْ أَكْل أَمْوَال الْيَتَامَى بِغَيْرِ حَقّهَا , وَخَلْطهَا بِغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَال , فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالهمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيث بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهمْ إِلَى أَمْوَالكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا } . ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ اِتَّقَوْا اللَّه فِي ذَلِكَ فَتَحَرَّجُوا فِيهِ , فَالْوَاجِب عَلَيْهِمْ مِنْ اِتِّقَاء اللَّه , وَالتَّحَرُّج فِي أَمْر النِّسَاء مِثْل الَّذِي عَلَيْهِمْ ظَنّ التَّحَرُّج فِي أَمْر الْيَتَامَى , وَأَعْلَمَهُمْ كَيْفَ التَّخَلُّص لَهُمْ مِنْ الْجَوْر فِيهِنَّ , كَمَا عَرَّفَهُمْ الْمَخْلَص مِنْ الْجَوْر فِي أَمْوَال الْيَتَامَى , فَقَالَ : اِنْكِحُوا إِنْ أَمِنْتُمْ الْجَوْر فِي النِّسَاء عَلَى أَنْفُسكُمْ , مَا أَبَحْت لَكُمْ مِنْهُنَّ وَحَلَّلْته , مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع , فَإِنْ خِفْتُمْ أَيْضًا الْجَوْر عَلَى أَنْفُسكُمْ فِي أَمْر الْوَاحِدَة بِأَنْ تَقْدِرُوا عَلَى إِنْصَافهَا , فَلَا تَنْكِحُوهَا , وَلَكِنْ تَسَرُّوا مِنْ الْمَمَالِيك , فَإِنَّكُمْ أَحْرَى أَنْ لَا تَجُورُوا عَلَيْهِنَّ , لِأَنَّهُنَّ أَمْلَاككُمْ وَأَمْوَالكُمْ , وَلَا يَلْزَمكُمْ لَهُنَّ مِنْ الْحُقُوق كَاَلَّذِي يَلْزَمكُمْ لِلْحَرَائِرِ , فَيَكُون ذَلِكَ أَقْرَب لَكُمْ إِلَى السَّلَامَة مِنْ الْإِثْم وَالْجَوْر , فَفِي الْكَلَام إِذْ كَانَ الْمَعْنَى مَا قُلْنَا , مَتْرُوك اسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْكَلَام عَنْ ذِكْره . وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي أَمْوَال الْيَتَامَى فَتَعْدِلُوا فِيهَا , فَكَذَلِكَ فَخَافُوا أَلَّا تُقْسِطُوا فِي حُقُوق النِّسَاء الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّه عَلَيْكُمْ , فَلَا تَتَزَوَّجُوا مِنْهُنَّ إِلَّا مَا أَمِنْتُمْ مَعَهُ الْجَوْر , مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع , وَإِنْ خِفْتُمْ أَيْضًا فِي ذَلِكَ فَوَاحِدَة , وَإِنْ خِفْتُمْ فِي الْوَاحِدَة فَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ فَتَرَكَ ذِكْر قَوْله فَكَذَلِكَ فَخَافُوا أَنْ تُقْسِطُوا فِي حُقُوق النِّسَاء بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَأَيْنَ جَوَاب قَوْله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } ؟ قِيلَ : قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ } غَيْر أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ مَا قُلْنَا : قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى قَبْل أَنَّ مَعْنَى الْإِقْسَاط فِي كَلَام الْعَرَب : الْعَدْل وَالْإِنْصَاف , وَأَنَّ الْقَسْط : الْجَوْر وَالْحَيْف , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَأَمَّا الْيَتَامَى , فَإِنَّهَا جَمْع . لِذُكْرَانِ الْأَيْتَام وَإِنَاثهمْ فِي هَذَا الْمَوْضِع .

وَأَمَّا قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } فَإِنَّهُ يَعْنِي : فَانْكِحُوا مَا حَلَّ لَكُمْ مِنْهُنَّ دُون مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ مِنْهُنَّ . كَمَا : 6754 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي مَالِك , قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } مَا حَلَّ لَكُمْ . 6755 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } يَقُول : مَا حَلَّ لَكُمْ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } وَلَمْ يَقُلْ : فَانْكِحُوا مَنْ طَابَ لَكُمْ , وَإِنَّمَا يُقَال مَا فِي غَيْر النَّاس ؟ قِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْر الْوَجْه الَّذِي ذَهَبْت إِلَيْهِ , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : فَانْكِحُوا نِكَاحًا طَيِّبًا. كَمَا : 6756 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } فَانْكِحُوا النِّسَاء نِكَاحًا طَيِّبًا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . فَالْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { مَا طَابَ لَكُمْ } الْفِعْل دُون أَعْيَان النِّسَاء وَأَشْخَاصهنَّ , فَلِذَلِكَ قِيلَ " مَا " وَلَمْ يُقَلْ " مَنْ " , كَمَا يُقَال : خُذْ مِنْ رَقِيقِي مَا أَرَدْت إِذَا عَنَيْت , خُذْ مِنْهُمْ إِرَادَتك , وَلَوْ أَرَدْت خُذْ الَّذِي تُرِيد مِنْهُمْ لَقُلْت : خُذْ رَقِيقِي مَنْ أَرَدْت مِنْهُمْ . وَكَذَلِكَ قَوْله : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } بِمَعْنَى : أَوْ مِلْك أَيْمَانكُمْ . وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } فَلْيَنْكِح كُلّ وَاحِد مِنْكُمْ مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع , كَمَا قِيلَ : { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَة } .

وَأَمَّا قَوْله { مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } فَإِنَّمَا تُرِكَ إِجْرَاؤُهُنَّ لِأَنَّهُنَّ مَعْدُولَات عَنْ اِثْنَيْنِ وَثَلَاث وَأَرْبَع , كَمَا عُدِلَ عُمَر عَنْ عَامِر وَزُفَر عَنْ زَافِر فَتُرِكَ إِجْرَاؤُهُ , وَكَذَلِكَ أُحَاد وَثُنَاء وَمَوْحَد وَمَثْنَى وَمَثْلَث وَمَرْبَع , لَا يُجْرَى ذَلِكَ كُلّه لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذُكِرَتْ مِنْ الْعُدُول عَنْ وُجُوهه. وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَأَنَّ الذَّكَر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء , مَا قِيلَ فِي هَذِهِ السُّورَة وَسُورَة فَاطِر : مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع , يُرَاد بِهِ الْجَنَاح , وَالْجَنَاح ذَكَر , وَأَنَّهُ أَيْضًا لَا يُضَاف إِلَى مَا يُضَاف إِلَيْهِ الثَّلَاثَة وَالثَّلَاث , وَأَنَّ الْأَلِف وَاللَّام لَا تَدْخُلهُ , فَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ اِسْم لِلْعَدَدِ مَعْرِفَة , وَلَوْ كَانَ نَكِرَة لَدَخَلَهُ الْأَلِف وَاللَّام وَأُضِيفَ كَمَا يُضَاف الثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعَة , وَمِمَّا يُبَيِّن فِي ذَلِكَ قَوْل تَمِيم بْن أَبِي مُقْبِل : تَرَى النُّعَرَات الزُّرْق تَحْت لَبَانه أُحَاد وَمَثْنَى أَصْعَقَتْهَا صَوَاهِله فَرَدَّ أُحَاد وَمَثْنَى عَلَى النُّعَرَات وَهِيَ مَعْرِفَة . وَقَدْ تَجْعَلهَا الْعَرَب نَكِرَة فَتُجْرِيهَا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : قَتَلْنَا بِهِ مِنْ بَيْن مَثْنَى وَمَوْحَد بِأَرْبَعَةٍ مِنْكُمْ وَآخَر خَامِس وَمِمَّا يُبَيِّن أَنَّ ثُنَاء وَأُحَاد غَيْر جَارِيَة قَوْل الشَّاعِر : وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمْ ثُنَاء وَمَوْحَدًا وَتَرَكْتُ مُرَّة مِثْل أَمْس الدَّابِر وَقَوْل الشَّاعِر : مَنَتْ لَك أَنْ تُلَاقِينِي الْمَنَايَا أُحَاد أُحَاد فِي شَهْر حَلَال وَلَمْ يُسْمَع مِنْ الْعَرَب صَرْف مَا جَاوَزَ الرُّبَاع وَالْمَرْبَع عَنْ جِهَته , لَمْ يُسْمَع مِنْهَا خُمَاس وَلَا الْمَخْمَس , وَلَا السُّبَاع وَلَا الْمَسْبَع وَكَذَلِكَ مَا فَوْق الرُّبَاع , إِلَّا فِي بَيْت لِلْكُمَيْتِ , فَإِنَّهُ يُرْوَى لَهُ فِي الْعَشَرَة عُشَار وَهُوَ قَوْله : فَلَمْ يَسْتَرِيثُوك حَتَّى رَمَيْـ ـتَ فَوْق الرِّجَال خِصَالًا عُشَارًا يُرِيد عَشْرًا عَشْرًا , يُقَال : إِنَّهُ لَمْ يُسْمَع غَيْر ذَلِكَ .


وَأَمَّا قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة } فَإِنْ نُصِبَ وَاحِدَة , بِمَعْنَى : فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِيمَا يَلْزَمكُمْ مِنْ الْعَدْل مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَة مِنْ النِّسَاء عِنْدكُمْ بِنِكَاحٍ فِيمَا أَوْجَبَهُ اللَّه لَهُنَّ عَلَيْكُمْ , فَانْكِحُوا وَاحِدَة مِنْهُنَّ , وَلَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَة جَاءَتْ فِي ذَلِكَ بِالرَّفْعِ كَانَ جَائِزًا بِمَعْنَى : فَوَاحِدَة كَافِيَة , أَوْ فَوَاحِدَة مُجْزِئَة , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُل وَامْرَأَتَانِ } وَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحَلَال لَكُمْ مِنْ جَمِيع النِّسَاء الْحَرَائِر نِكَاح أَرْبَع , فَكَيْفَ قِيلَ : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } وَذَلِكَ فِي الْعَدَد تِسْع ؟ قِيلَ : إِنَّ تَأْوِيل ذَلِكَ : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء , إِمَّا مَثْنَى إِنْ أَمِنْتُمْ الْجَوْر مِنْ أَنْفُسكُمْ فِيمَا يَجِب لَهُمَا عَلَيْكُمْ ; وَإِمَّا ثَلَاث إِنْ لَمْ تَخَافُوا ذَلِكَ ; وَإِمَّا أَرْبَع إِنْ أَمِنْتُمْ ذَلِكَ فِيهِنَّ , يَدُلّ عَلَى صِحَّة ذَلِكَ قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة } لِأَنَّ الْمَعْنَى : فَإِنْ خِفْتُمْ فِي الثِّنْتَيْنِ فَانْكِحُوا وَاحِدَة , ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا أَيْضًا فِي الْوَاحِدَة , فَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنَّ أَمْر اللَّه وَنَهْيه عَلَى الْإِيجَاب وَالْإِلْزَام حَتَّى تَقُوم حُجَّة بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى التَّأْدِيب وَالْإِرْشَاد وَالْإِعْلَام , وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } وَذَلِكَ أَمْر , فَهَلْ مِنْ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْأَمْر الَّذِي هُوَ عَلَى غَيْر وَجْه الْإِلْزَام وَالْإِيجَاب ؟ قِيلَ : نَعَمْ , وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة } فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } وَإِنْ كَانَ مَخْرَجه مَخْرَج الْأَمْر , فَإِنَّهُ بِمَعْنَى الدَّلَالَة عَلَى النَّهْي عَنْ نِكَاح مَا خَافَ النَّاكِح الْجَوْر فِيهِ مِنْ عَدَد النِّسَاء , لَا بِمَعْنَى الْأَمْر بِالنِّكَاحِ . فَإِنَّ الْمَعْنِيّ بِهِ : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَتَحَرَّجْتُمْ فِيهِنَّ , فَكَذَلِكَ فَتَحَرَّجُوا فِي النِّسَاء , فَلَا تَنْكِحُوا إِلَّا مَا أَمِنْتُمْ الْجَوْر فِيهِ مِنْهُنَّ , مَا أَحْلَلْته لَكُمْ مِنْ الْوَاحِدَة إِلَى الْأَرْبَع . وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع بِأَنَّ الْعَرَب تُخْرِج الْكَلَام بِلَفْظِ الْأَمْر , وَمَعْنَاهَا فِيهِ النَّهْي أَوْ التَّهْدِيد وَالْوَعِيد , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } وَكَمَا قَالَ : { لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } فَخَرَجَ ذَلِكَ مَخْرَج الْأَمْر , وَالْمَقْصُود بِهِ التَّهْدِيد وَالْوَعِيد , وَالزَّجْر وَالنَّهْي , فَكَذَلِكَ قَوْله : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } بِمَعْنَى النَّهْي , فَلَا تَنْكِحُوا إِلَّا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء. وَعَلَى النَّحْو الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6757 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : فَإِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي وَاحِدَة , فَمَا مَلَكَتْ يَمِينك . 6758 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } السَّرَارِي . 6759 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } فَإِنْ خِفْت أَلَّا تَعْدِل فِي وَاحِدَة فَمَا مَلَكَتْ يَمِينك . 6760 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثنا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا } قَالَ : فِي الْمُجَامَعَة وَالْحُبّ .


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا تَعُولُوا } . يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي مَثْنَى أَوْ ثُلَاث أَوْ رُبَاع فَنَكَحْتُمْ وَاحِدَة , أَوْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي الْوَاحِدَة فَتَسَرَّرْتُمْ مِلْك أَيْمَانكُمْ ; فَهُوَ أَدْنَى , يَعْنِي : أَقْرَب أَلَّا تَعُولُوا , يَقُول : أَنْ لَا تَجُورُوا وَلَا تَمِيلُوا , يُقَال مِنْهُ : عَالَ الرَّجُل فَهُوَ يَعُول عَوْلًا وَعِيَالَة , إِذَا مَالَ وَجَارَ , وَمِنْهُ عَوْل الْفَرَائِض , لِأَنَّ سِهَامهَا إِذَا زَادَتْ دَخَلَهَا النَّقْص ; وَأَمَّا مِنْ الْحَاجَة , فَإِنَّمَا يُقَال : عَالَ الرَّجُل عَيْلَة , وَذَلِكَ إِذَا اِحْتَاجَ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَمَا يَدْرِي الْفَقِير مَتَى غِنَاهُ وَمَا يَدْرِي الْغَنِيّ مَتَى يَعِيل بِمَعْنَى يَفْتَقِر . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6761 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ الْحَسَن : { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا تَعُولُوا } قَالَ : الْعَوْل : الْمَيْل فِي النِّسَاء . 6762 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثني حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّةَ , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَقُول : لَا تَمِيلُوا . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } أَنْ لَا تَمِيلُوا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . مِثْله . 6763 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بْن الْفَضْل , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة : { أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : أَنْ لَا تَمِيلُوا , ثُمَّ قَالَ : أَمَا سَمِعْت إِلَى قَوْل أَبِي طَالِب : بِمِيزَانِ قِسْط وَزْنه غَيْر عَائِل * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ الزُّبَيْر , عَنْ حُرَيْث , عَنْ عِكْرِمَة فِي هَذِهِ الْآيَة : { أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : أَنْ لَا تَمِيلُوا , قَالَ : وَأَنْشَدَ بَيْتًا مِنْ شِعْر زَعَمَ أَنَّ أَبَا طَالِب قَالَهُ : بِمِيزَانِ قِسْط لَا يَخِسّ شَعِيرَة وَوَازِن صِدْق وَزْنه غَيْر عَائِل قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْت عَلَى غَيْر هَذِهِ الرِّوَايَة : بِمِيزَانِ صِدْق لَا يُغِلّ شَعِيرَة لَهُ شَاهِد مِنْ نَفْسه غَيْر عَائِل 6764 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : { أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : أَلَّا تَمِيلُوا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . 6765 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْكُوفِيّ , قَالَ : كَتَبَ عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِلَى أَهْل الْكُوفَة فِي شَيْء عَاتَبُوهُ عَلَيْهِ فِيهِ : " إِنِّي لَسْت بِمِيزَانٍ لَا أَعُول " . 6766 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَثَّام بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي مَالِك فِي قَوْله : { أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : لَا تَمِيلُوا . 6767 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } أَدْنَى أَنْ لَا تَمِيلُوا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : تَمِيلُوا . 6768 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَقُول : أَلَّا تَمِيلُوا. 6769 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَقُول : تَمِيلُوا. 6770 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس. قَوْله : { أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَعْنِي : أَلَّا تَمِيلُوا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } يَقُول : ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَمِيلُوا . 6771 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك فِي قَوْله : { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : أَلَّا تَجُورُوا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن وَعَارِم أَبُو النُّعْمَان , قَالَا : ثنا هُشَيْم , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ يُونُس , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُجَاهِد : { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } قَالَ : تَمِيلُوا . 6772 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } ذَلِكَ أَقَلّ لِنَفَقَتِك الْوَاحِدَة , أَقَلّ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاث وَأَرْبَع , وَجَارِيَتك أَهْوَن نَفَقَة مِنْ حُرَّة ; { أَلَّا تَعُولُوا } أَهْوَن عَلَيْك فِي الْعِيَال .
وَآتُواْ النِّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًاسورة النساء الآية رقم 4
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَأَعْطُوا النِّسَاء مُهُورهنَّ عَطِيَّة وَاجِبَة , وَفَرِيضَة لَازِمَة ; يُقَال مِنْهُ : نَحَلَ فُلَان فُلَانًا كَذَا , فَهُوَ يَنْحَلهُ نِحْلَة وَنُحْلًا . كَمَا : 6773 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } يَقُول : فَرِيضَة. 6774 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } يَعْنِي بِالنِّحْلَةِ : الْمَهْر. 6775 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } قَالَ : فَرِيضَة مُسَمَّاة . 6776 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } قَالَ : النِّحْلَة فِي كَلَام الْعَرَب : الْوَاجِب , يَقُول : لَا يَنْكِحهَا إِلَّا بِشَيْءٍ وَاجِب لَهَا صَدَقَة , يُسَمِّيهَا لَهَا وَاجِبَة , وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَنْكِح اِمْرَأَة بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِصَدَاقٍ وَاجِب , وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُون تَسْمِيَة الصَّدَاق كَذِبًا بِغَيْرِ حَقّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } أَوْلِيَاء النِّسَاء , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ صَدُقَاتهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6777 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ سَيَّار , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : كَانَ الرَّجُل إِذَا زَوَّجَ أَيِّمَة أَخَذَ صَدَاقهَا دُونهَا , فَنَهَاهُمْ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ , وَنَزَلَتْ : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَوْلِيَاء النِّسَاء , بِأَنْ يُعْطِيَ الرَّجُل أُخْتَهُ الرَّجُلَ , عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْآخَرُ أُخْتَهُ , عَلَى أَنْ لَا كَثِير مَهْر بَيْنهمَا , فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6778 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : زَعَمَ حَضْرَمِيّ أَنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُعْطِي هَذَا الرَّجُل أُخْته وَيَأْخُذ أُخْت الرَّجُل , وَلَا يَأْخُذُونَ كَثِير مَهْر , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي ذَلِكَ التَّأْوِيل الَّذِي قُلْنَاهُ , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى اِبْتَدَأَ ذِكْر هَذِهِ الْآيَة بِخِطَابِ النَّاكِحِينَ النِّسَاء , وَنَهَاهُمْ عَنْ ظُلْمهنَّ وَالْجَوْر عَلَيْهِنَّ , وَعَرَّفَهُمْ سَبِيل النَّجَاة مِنْ ظُلْمهنَّ ; وَلَا دَلَالَة فِي الْآيَة عَلَى أَنَّ الْخِطَاب قَدْ صُرِفَ عَنْهُمْ إِلَى غَيْرهمْ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع } هُمْ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ } وَأَنَّ مَعْنَاهُ : وَآتُوا مَنْ نَكَحْتُمْ مِنْ النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة , لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأَوَّل : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } وَلَمْ يَقُلْ : فَانْكِحُوا , فَيَكُون قَوْله : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ } مَصْرُوفًا إِلَى أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ أَوْلِيَاء النِّسَاء دُون أَزْوَاجهنَّ , وَهَذَا أَمْر مِنْ اللَّه أَزْوَاج النِّسَاء الْمَدْخُول بِهِنَّ وَالْمُسَمَّى لَهُنَّ الصَّدَاق أَنْ يُؤْتُوهُنَّ صَدُقَاتهنَّ دُون الْمُطَلَّقَات قَبْل الدُّخُول مِمَّنْ لَمْ يُسَمَّ لَهَا فِي عَقْد النِّكَاح صَدَاق .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } . يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ وَهَبَ لَكُمْ أَيّهَا الرِّجَال نِسَاؤُكُمْ شَيْئًا مِنْ صَدُقَاتهنَّ , طَيِّبَة بِذَلِكَ أَنْفُسهنَّ , فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا. كَمَا : 6779 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا عُمَارَة , عَنْ عِكْرِمَة : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } قَالَ : الْمَهْر . 6780 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني حَرَمِيّ بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عُمَارَة , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ عُمَارَة فِي قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } قَالَ : الصَّدَقَات . 6781 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } قَالَ : الْأَزْوَاج . 6782 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : قَالَ لِي إِبْرَاهِيم : أَكَلْت مِنْ الْهَنِيء الْمَرِيء ! قُلْت : مَا ذَاكَ ؟ قَالَ : اِمْرَأَتك أَعْطَتْك مِنْ صَدَاقهَا . 6783 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : دَخَلَ رَجُل عَلَى عَلْقَمَة وَهُوَ يَأْكُل مِنْ طَعَام بَيْن يَدَيْهِ , مِنْ شَيْء أَعْطَتْهُ اِمْرَأَته مِنْ صَدَاقهَا أَوْ غَيْره , فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَة : اُدْنُ , فَكُلْ مِنْ الْهَنِيء الْمَرِيء ! 6784 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } يَقُول : إِذَا كَانَ غَيْر إِضْرَار وَلَا خَدِيعَة , فَهُوَ هَنِيء مَرِيء كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ . 6785 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } قَالَ : الصَّدَاق , { فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } . 6786 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } . 6787 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : زَعَمَ حَضْرَمِيّ أَنَّ أُنَاسًا كَانُوا يَتَأَثَّمُونَ أَنْ يَرْجِع أَحَدهمْ فِي شَيْء مِمَّا سَاقَ إِلَى اِمْرَأَته , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } . 6788 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } يَقُول : مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسًا فِي غَيْر كُرْه أَوْ هَوَان , فَقَدْ أَحَلَّ اللَّه لَك ذَلِكَ أَنْ تَأْكُلهُ هَنِيئًا مَرِيئًا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِهَذَا الْقَوْل : أَوْلِيَاء النِّسَاء , فَقِيلَ لَهُمْ : إِنْ طَابَتْ أَنْفُس النِّسَاء اللَّوَاتِي إِلَيْكُمْ عِصْمَة نِكَاحهنَّ بِصَدُقَاتِهِنَّ نَفْسًا , فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6789 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا سَيَّار , عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْله : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } قَالَ : كَانَ الرَّجُل إِذَا زَوَّجَ اِبْنَته عَمَدَ إِلَى صَدَاقهَا فَأَخَذَهُ , قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْأَوْلِيَاء : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , التَّأْوِيل الَّذِي قُلْنَا وَأَنَّ الْآيَة مُخَاطَب بِهَا الْأَزْوَاج ; لِأَنَّ اِفْتِتَاح الْآيَة مُبْتَدَأ بِذِكْرِهِمْ , وَقَوْله : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } فِي سِيَاقه . وَإِنْ قَالَ قَائِل : فَكَيْفَ قِيلَ : فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا , وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَإِنْ طَابَتْ لَكُمْ أَنْفُسهنَّ بِشَيْءٍ ؟ وَكَيْفَ وَحَّدْت النَّفْس وَالْمَعْنَى لِلْجَمِيعِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى ذِكْره قَالَ : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } ؟ قِيلَ : أَمَّا نَقْل فِعْل النُّفُوس إِلَى أَصْحَاب النُّفُوس , فَإِنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَفِيض فِي كَلَام الْعَرَب مِنْ كَلَامهَا الْمَعْرُوف : ضِقْت بِهَذَا الْأَمْر ذِرَاعًا وَذَرْعًا , وَقَرِرْت بِهَذَا الْأَمْر عَيْنًا , وَالْمَعْنَى : ضَاقَ بِهِ ذَرْعِي , وَقَرَّتْ بِهِ عَيْنِي , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : إِذَا التَّيَّاز ذُو الْعَضَلَات قُلْنَا إِلَيْك إِلَيْك ضَاقَ بِهَا ذِرَاعَا فَنَقَلَ صِفَة الذِّرَاع إِلَى رَبّ الذِّرَاع , ثُمَّ أَخْرَجَ الذِّرَاع مُفَسِّرَة لِمَوْقِعِ الْفِعْل . وَكَذَلِكَ وَحَّدَ النَّفْس فِي قَوْله : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا } إِذْ كَانَتْ النَّفْس مُفَسِّرَة لِمَوْقِعِ الْخَبَر وَأَمَّا تَوْحِيد النَّفْس مِنْ النُّفُوس , لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ الْهَوَى , وَالْهَوَى يَكُون جَمَاعَة , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : بِهَا جِيَف الْحَسْرَى فَأَمَّا عِظَامهَا فَبِيض وَأَمَّا جِلْدهَا فَصَلِيب وَكَمَا قَالَ الْآخَر : فِي حَلْقكُمْ عَظْم وَقَدْ شَجِينَا وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : جَائِز فِي النَّفْس فِي هَذَا الْمَوْضِع الْجَمْع وَالتَّوْحِيد ; فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا وَأَنْفُسًا , وَضِقْت بِهِ ذِرَاعًا وَذَرْعًا وَأَذْرُعًا , لِأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَيْك , وَإِلَى مَنْ تُخْبِر عَنْهُ , فَاكْتَفَى بِالْوَاحِدِ عَنْ الْجَمْع لِذَلِكَ , وَلَمْ يَذْهَب الْوَهْم إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى جَمْع لِأَنَّ قَبْله جَمْعًا. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنَّ النَّفْس وَقَعَ مَوْقِع الْأَسْمَاء الَّتِي تَأْتِي بِلَفْظِ الْوَاحِد مُؤَدِّيَة مَعْنَاهُ إِذَا ذُكِرَ بِلَفْظِ الْوَاحِد , وَأَنَّهُ بِمَعْنَى الْجَمْع عَنْ الْجَمْع .

وَأَمَّا قَوْله : { هَنِيئًا } فَإِنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ هَنَأْت الْبَعِير بِالْقَطِرَانِ : إِذَا جَرِبَ فَعُولِجَ بِهِ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : مُتَبَذِّلًا تَبْدُو مَحَاسِنه يَضَع الْهَنَاء مَوَاضِع النَّقْب فَكَانَ مَعْنَى قَوْله : { فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } فَكُلُوهُ دَوَاء شَافِيًا , يُقَال مِنْهُ : هَنَأَنِي الطَّعَام وَمَرَأَنِي : أَيْ صَارَ لِي دَوَاء وَعِلَاجًا شَافِيًا , وَهَنِئَنِي وَمَرِئَنِي بِالْكَسْرِ , وَهِيَ قَلِيلَة , وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ هَذَا الْقَوْل يَقُولُونَ يَهْنَأنِي وَيَمْرَأنِي , وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ هَنَأَنِي , يَقُولُونَ : يَهْنِئُنِي وَيَمْرِئُنِي , فَإِذَا أَفْرَدُوا , قَالُوا : قَدْ أَمْرَأَنِي هَذَا الطَّعَام إِمْرَاء , وَيُقَال : هَنَأْت الْقَوْم : إِذَا عُلْتهمْ , سُمِعَ مِنْ الْعَرَب مَنْ يَقُول : إِنَّمَا سُمِّيَتْ هَانِئًا لِتَهْنَأ , بِمَعْنَى : لِتَعُول وَتَكْفِي .
وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًاسورة النساء الآية رقم 5
وَأَمَّا قَوْله : { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله ; فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّمَا عَنَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } أَوْلِيَاء السُّفَهَاء , لَا أَمْوَال السُّفَهَاء , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : وَارْزُقُوا أَيّهَا النَّاس سُفَهَاءَكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ وَأَوْلَادكُمْ مِنْ أَمْوَالكُمْ طَعَامهمْ , وَمَا لَا بُدّ لَهُمْ مِنْهُ مِنْ مُؤَنهمْ وَكِسْوَتهمْ . وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْض قَائِلِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى , وَسَنَذْكُرُ مَنْ لَمْ يُذْكَر مِنْ قَائِلِيهِ . 6822 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : أُمِرُوا أَنْ يَرْزُقُوا سُفَهَاءَهُمْ مِنْ أَزْوَاجهمْ وَأُمَّهَاتهمْ وَبَنَاتهمْ مِنْ أَمْوَالهمْ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 6823 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَارْزُقُوهُمْ } قَالَ : يَقُول : أَنْفِقُوا عَلَيْهِمْ . 6824 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } يَقُول : أَطْعِمْهُمْ مِنْ مَالِكَ وَاكْسُهُمْ . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } أَمْوَال السُّفَهَاء أَنْ لَا يُؤْتِيَهُمُوهَا أَوْلِيَاؤُهُمْ , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : مَعْنَى قَوْله : { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } وَارْزُقُوا أَيّهَا الْوُلَاة وُلَاة أَمْوَال سُفَهَاءَكُمْ مِنْ أَمْوَالهمْ , طَعَامهمْ وَمَا لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ مُؤَنهمْ وَكِسْوَتهمْ . وَقَدْ مَضَى ذِكْر ذَلِكَ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَمَّا الَّذِي نَرَاهُ صَوَابًا فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } مِنْ التَّأْوِيل , فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ , وَدَلَّلْنَا عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . فَتَأْوِيل قَوْله : { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } وَأَلْفَوْا عَلَى سُفَهَائِكُمْ مِنْ أَوْلَادكُمْ وَنِسَائِكُمْ الَّذِينَ تَجِب عَلَيْكُمْ نَفَقَتهمْ مِنْ طَعَامهمْ وَكِسْوَتهمْ فِي أَمْوَالكُمْ , وَلَا تُسَلِّطُوهُمْ عَلَى أَمْوَالكُمْ فَيُهْلِكُوهَا , وَعَلَى سُفَهَائِكُمْ مِنْهُمْ مِمَّنْ لَا تَجِب عَلَيْكُمْ نَفَقَته , وَمِنْ غَيْرهمْ الَّذِينَ تَلُونَ أَنْتُمْ أُمُورهمْ مِنْ أَمْوَالهمْ فِيمَا لَا بُدّ لَهُمْ مِنْ مُؤَنهمْ فِي طَعَامهمْ وَشَرَابهمْ وَكِسْوَتهمْ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِب مِنْ الْحُكْم فِي قَوْل جَمِيع الْحُجَّة , لَا خِلَاف بَيْنهمْ فِي ذَلِكَ مَعَ دَلَالَة ظَاهِر التَّنْزِيل عَلَى مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : عَدَّهُمْ عِدَّة جَمِيلَة مِنْ الْبِرّ وَالصِّلَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6825 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : أُمِرُوا أَنْ يَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا فِي الْبِرّ وَالصِّلَة . يَعْنِي النِّسَاء , وَهُنَّ السُّفَهَاء عِنْده . 6826 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : عِدَّة تَعُدُّوهُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : اُدْعُوا لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6827 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } إِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ وَلَدك , وَلَا مِمَّنْ يَجِب عَلَيْك أَنْ تُنْفِق عَلَيْهِ , فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا , قُلْ لَهُمْ : عَافَانَا اللَّه وَإِيَّاكَ , وَبَارَكَ اللَّه فِيك . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ , مَا قَالَهُ اِبْن جُرَيْج , وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } أَيْ قُولُوا يَا مَعْشَر وُلَاة السُّفَهَاء قَوْلًا مَعْرُوفًا لِلسُّفَهَاءِ , إِنْ صَلَحْتُمْ وَرَشَدْتُمْ سَلَّمْنَا إِلَيْكُمْ أَمْوَالكُمْ وَخَلَّيْنَا بَيْنكُمْ وَبَيْنهَا , فَاتَّقُوا اللَّه فِي أَنْفُسكُمْ وَأَمْوَالكُمْ . وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْقَوْل الَّذِي فِيهِ حَثّ عَلَى طَاعَة اللَّه وَنَهْي عَنْ مَعْصِيَته.

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي السُّفَهَاء الَّذِينَ نَهَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده أَنْ يُؤْتُوهُمْ أَمْوَالهمْ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ النِّسَاء وَالصِّبْيَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6790 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : الْيَتَامَى وَالنِّسَاء . 6791 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : لَا تُعْطُوا الصِّغَار وَالنِّسَاء . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : الْمَرْأَة وَالصَّبِيّ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ شَرِيك , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ الْحَسَن قَالَ : النِّسَاء وَالصِّغَار , وَالنِّسَاء أَسْفَه السُّفَهَاء . 6792 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : السُّفَهَاء : اِبْنك السَّفِيه وَامْرَأَتك السَّفِيهَة , وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " اِتَّقُوا اللَّه فِي الضَّعِيفَيْنِ : الْيَتِيم , وَالْمَرْأَة " . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا حُمَيْد , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن الرُّؤَاسِيّ , عَنْ السُّدِّيّ - قَالَ : يَرُدّهُ إِلَى عَبْد اللَّه - قَالَ : النِّسَاء وَالصِّبْيَان . 6793 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } أَمَّا السُّفَهَاء : فَالْوَلَد وَالْمَرْأَة . 6794 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , عَنْ الضَّحَّاك , قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ : وَلَد الرَّجُل وَامْرَأَته , وَهِيَ أَسْفَه السُّفَهَاء . * - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : السُّفَهَاء : الْوَلَد وَالنِّسَاء أَسْفَه السُّفَهَاء , فَيَكُونُوا عَلَيْكُمْ أَرْبَابًا . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم الْغِفَارِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : أَوْلَادكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ. * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سَلَمَة , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : النِّسَاء وَالصِّبْيَان . 6795 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : النِّسَاء وَالْوِلْدَان . 6796 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَنْبَسَة , عَنْ الْحَكَم : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : النِّسَاء وَالْوِلْدَان . 6797 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } أَمَرَ اللَّه بِهَذَا الْمَال أَنْ يَخْزُنه فَيُحْسِن خِزَانَته , وَلَا يُمَلِّكهُ الْمَرْأَة السَّفِيهَة وَالْغُلَام السَّفِيه . 6798 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : النِّسَاء وَالصِّبْيَان. 6799 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : اِمْرَأَتك وَبَنِيك , وَقَالَ : السُّفَهَاء : الْوِلْدَان وَالنِّسَاء أَسْفَه السُّفَهَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ السُّفَهَاء : الصِّبْيَان خَاصَّة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6800 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : هُمْ الْيَتَامَى . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد , قَالَ : { السُّفَهَاء } الْيَتَامَى . 6801 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُس , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } يَقُول : لَا تَنْحُلُوا الصِّغَار . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ السُّفَهَاء مِنْ وَلَد الرَّجُل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6802 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي مَالِك , قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : لَا تُعْطِ وَلَدك السَّفِيه مَالك فَيُفْسِدهُ الَّذِي هُوَ قِوَامك بَعْد اللَّه تَعَالَى . 6803 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } يَقُول : لَا تُسَلِّط السَّفِيه مِنْ وَلَدك . فَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : نَزَلَ ذَلِكَ فِي السُّفَهَاء , وَلَيْسَ الْيَتَامَى مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْء . 6804 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ فِرَاس , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ أَبِي بُرْدَة , عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَنَّهُ قَالَ : ثَلَاثَة يَدْعُونَ اللَّه فَلَا يَسْتَجِيب لَهُمْ : رَجُل كَانَتْ لَهُ اِمْرَأَة سَيِّئَة الْخُلُق فَلَمْ يُطَلِّقهَا , وَرَجُل أَعْطَى مَاله سَفِيهًا وَقَدْ قَالَ اللَّه : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } , وَرَجُل كَانَ لَهُ عَلَى رَجُل دَيْن , فَلَمْ يُشْهِد عَلَيْهِ. 6805 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } . .. الْآيَة , قَالَ : لَا تُعْطِ السَّفِيه مِنْ وَلَدك رَأْسًا وَلَا حَائِطًا وَلَا شَيْئًا هُوَ لَك قِيَمًا مِنْ مَالك . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ السُّفَهَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع : النِّسَاء خَاصَّة دُون غَيْرهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6806 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : زَعَمَ حَضْرَمِيّ أَنَّ رَجُلًا عَمَدَ فَدَفَعَ مَاله إِلَى اِمْرَأَته فَوَضَعَتْهُ فِي غَيْر الْحَقّ , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } . 6807 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُمَيْد , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : النِّسَاء . * - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الثَّوْرِيّ , عَنْ حُمَيْد , عَنْ قَيْس , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : هُنَّ النِّسَاء . 6808 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } قَالَ : نَهَى الرِّجَال أَنْ يُعْطُوا النِّسَاء أَمْوَالهمْ , وَهُنَّ سُفَهَاء مَنْ كُنَّ أَزْوَاجًا أَوْ أُمَّهَات أَوْ بَنَات. * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 6809 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : الْمَرْأَة. 6810 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : النِّسَاء مِنْ أَسْفَه السُّفَهَاء. 6811 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ أَبِي عَوَانَة , عَنْ عَاصِم , عَنْ مُوَرِّق قَالَ : مَرَّتْ اِمْرَأَة بِعَبْدِ اللَّه بْن عُمَر لَهَا شَارَة وَهَيْئَة , فَقَالَ لَهَا اِبْن عُمَر : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدنَا أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } فَلَمْ يُخَصِّص سَفِيهًا دُون سَفِيه , فَغَيْر جَائِز لِأَحَدٍ أَنْ يُؤْتِيَ سَفِيهًا مَاله صَبِيًّا صَغِيرًا كَانَ أَوْ رَجُلًا كَبِيرًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى , وَالسَّفِيه الَّذِي لَا يَجُوز لِوَلِيِّهِ أَنْ يُؤْتِيَهُ مَاله , هُوَ الْمُسْتَحِقّ الْحَجْر بِتَضْيِيعِهِ مَاله وَفَسَاده وَإِفْسَاده وَسُوء تَدْبِيره ذَلِكَ . وَإِنَّا قُلْنَا مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء } هُوَ مَنْ وَصَفْنَا دُون غَيْره , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ فِي الْآيَة الَّتِي تَتْلُوهَا : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ } فَأَمَرَ أَوْلِيَاء الْيَتَامَى بِدَفْعِ أَمْوَالهمْ إِلَيْهِمْ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح وَأُونِسَ مِنْهُمْ الرُّشْد , وَقَدْ يَدْخُل فِي الْيَتَامَى الذُّكُور وَالْإِنَاث , فَلَمْ يُخَصِّص بِالْأَمْرِ بِدَفْعِ مَا لَهُمْ مِنْ الْأَمْوَال الذُّكُور دُون الْإِنَاث , وَلَا الْإِنَاث دُون الذُّكُور . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , بِمَعْلُومِ أَنَّ الَّذِينَ أُمِرَ أَوْلِيَاؤُهُمْ بِدَفْعِهِمْ أَمْوَالهمْ إِلَيْهِمْ , وَأُجِيزَ لِلْمُسْلِمِينَ مُبَايَعَتهمْ , وَمُعَامَلَتهمْ غَيْرُ الَّذِينَ أُمِرَ أَوْلِيَاؤُهُمْ بِمَنْعِهِمْ أَمْوَالهمْ , وَحُظِرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُدَايَنَتهمْ وَمُعَامَلَتهمْ , فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبَيَّنَ أَنَّ السُّفَهَاء الَّذِينَ نَهَى اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُؤْتُوهُمْ أَمْوَالهمْ , هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ الْحَجْر , وَالْمُسْتَوْجِبُونَ أَنْ يُوَلَّى عَلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ , وَهُمْ مَنْ وَصَفْنَا صِفَتهمْ قَبْل , وَأَنَّ مَنْ عَدَا ذَلِكَ , فَغَيْر سَفِيه , لِأَنَّ الْحَجْر لَا يَسْتَحِقّهُ مَنْ قَدْ بَلَغَ , وَأُونِسَ رُشْده . وَأَمَّا قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِالسُّفَهَاءِ النِّسَاء خَاصَّة , فَإِنَّهُ جَعَلَ اللُّغَة عَلَى غَيْر وَجْههَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب لَا تَكَاد تَجْمَع فَعِيلًا عَلَى فُعَلَاء , إِلَّا فِي جَمْع الذُّكُور , أَوْ الذُّكُور وَالْإِنَاث ; وَأَمَّا إِذَا أَرَادُوا جَمْع الْإِنَاث خَاصَّة لَا ذُكْرَان مَعَهُمْ , جَمَعُوهُ عَلَى فَعَائِل وَفَعِيلَات , مِثْل غَرِيبَة تُجْمَع غَرَائِب وَغَرِيبَات ; فَأَمَّا الْغُرَبَاء فَجَمْع غَرِيب. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ : لَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء مِنْ النِّسَاء وَالصِّبْيَان عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ اِخْتِلَاف مَنْ حَكَيْنَا قَوْله قَبْل أَيّهَا الرُّشَدَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي تَمْلِكُونَهَا , فَتُسَلِّطُوهُمْ عَلَيْهَا فَيُفْسِدُوهَا وَيُضَيِّعُوهَا , وَلَكِنْ اُرْزُقُوهُمْ أَنْتُمْ مِنْهَا , إِنْ كَانُوا مِمَّنْ تَلْزَمكُمْ نَفَقَته , وَاكْسُوهُمْ , وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة عَنْ جَمَاعَة مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ : مِنْهُمْ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ , وَابْن عَبَّاس , وَالْحَسَن , وَمُجَاهِد , وَقَتَادَة , وَحَضْرَمِيّ , وَسَنَذْكُرُ قَوْل الْآخَرِينَ الَّذِينَ لَمْ يُذْكَر قَوْلهمْ فِيمَا مَضَى قَبْل . 6812 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا } يَقُول : لَا تُعْطِ اِمْرَأَتك وَوَلَدك مَالك , فَيَكُونُوا هُمْ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَيْك , وَأَطْعِمْهُمْ مِنْ مَالك وَاكْسُهُمْ . 6813 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } يَقُول : لَا تُسَلِّط السَّفِيه مِنْ وَلَدك عَلَى مَالك , وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْزُقهُ مِنْهُ وَيَكْسُوَهُ . 6814 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } قَالَ : لَا تُعْطِ السَّفِيه مِنْ مَالِك شَيْئًا هُوَ لَك . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالهمْ ; وَلَكِنَّهُ أُضِيفَ إِلَى الْوُلَاة لِأَنَّهُمْ قِوَامهَا وَمُدَبِّرُوهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6815 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء } قَالَ : هُمْ الْيَتَامَى , { أَمْوَالكُمْ } قَالَ : أَمْوَالهمْ , بِمَنْزِلَةِ قَوْله : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } وَقَدْ يَدْخُل فِي قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ } أَمْوَال الْمَنْهِيِّينَ عَنْ أَنْ يُؤْتُوهُمْ ذَلِكَ , وَأَمْوَال السُّفَهَاء , لِأَنَّ قَوْله : { أَمْوَالكُمْ } غَيْر مَخْصُوص مِنْهَا بَعْض الْأَمْوَال دُون بَعْض , وَلَا تَمْنَع الْعَرَب أَنْ تُخَاطِب قَوْمًا خِطَابًا , فَيَخْرُج الْكَلَام بَعْضه خَبَر عَنْهُمْ وَبَعْضه عَنْ غَيْب , وَذَلِكَ نَحْو أَنْ يَقُولُوا : أَكَلْتُمْ يَا فُلَان أَمْوَالكُمْ بِالْبَاطِلِ فَيُخَاطِب الْوَاحِد خِطَاب الْجَمْع بِمَعْنَى : أَنَّك وَأَصْحَابك , أَوْ وَقَوْمك أَكَلْتُمْ أَمْوَالكُمْ , فَكَذَلِكَ قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء } مَعْنَاهُ : لَا تُؤْتُوا أَيّهَا النَّاس سُفَهَاءَكُمْ أَمْوَالكُمْ الَّتِي بَعْضهَا لَكُمْ وَبَعْضهَا لَهُمْ , فَتُضَيِّعُوهَا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ عَمَّ بِالنَّهْيِ عَنْ إِيتَاء السُّفَهَاء الْأَمْوَال كُلّهَا , وَلَمْ يُخَصِّص مِنْهَا شَيْئًا دُون شَيْء , كَانَ بَيِّنًا بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } إِنَّمَا هُوَ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ وَلَهُمْ قِيَامًا , وَلَكِنَّ السُّفَهَاء دَخَلَ ذِكْرهمْ فِي ذِكْر الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ : " لَكُمْ ".


وَأَمَّا قَوْله : { الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } فَإِنَّ قِيَامًا وَقِيَمًا وَقِوَامًا فِي مَعْنًى وَاحِد , وَإِنَّمَا الْقِيَام أَصْله الْقِوَام , غَيْر أَنَّ الْقَاف الَّتِي قَبْل الْوَاو لَمَّا كَانَتْ مَكْسُورَة , جُعِلَتْ الْوَاو يَاء لِكِسْرَةِ مَا قَبْلهَا , كَمَا يُقَال : صُمْت صِيَامًا , وَحُلْت حِيَالًا , وَيُقَال مِنْهُ : فُلَان قِوَام أَهْل بَيْته , وَقِيَام أَهْل بَيْته . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَ بَعْضهمْ : " الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَمًا " بِكَسْرِ الْقَاف وَفَتْح الْيَاء بِغَيْرِ أَلِف . وَقَرَأَهُ آخَرُونَ : { قِيَامًا } بِأَلِفٍ . قَالَ مُحَمَّد : وَالْقِرَاءَة الَّتِي نَخْتَارهَا : { قِيَامًا } بِالْأَلِفِ , لِأَنَّهَا الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة فِي قِرَاءَة أَمْصَار الْإِسْلَام , وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى غَيْر خَطَأ وَلَا فَاسِد . وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا مَا اِخْتَرْنَا مِنْ ذَلِكَ , لِأَنَّ الْقِرَاءَات إِذَا اِخْتَلَفَتْ فِي الْأَلْفَاظ وَاتَّفَقَتْ فِي الْمَعَانِي , فَأَعْجَبُهَا إِلَيْنَا مَا كَانَ أَظْهَر وَأَشْهَر فِي قِرَاءَة أَمْصَار الْإِسْلَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَاهُ فِي تَأْوِيل قَوْله : { قِيَامًا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6816 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي مَالِك : { أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } الَّتِي هِيَ قِوَامك بَعْد اللَّه . 6817 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } فَإِنَّ الْمَال هُوَ قِيَام النَّاس قِوَام مَعَايِشهمْ , يَقُول : كُنْت أَنْتَ قَيِّم أَهْلك , فَلَا تُعْطِ اِمْرَأَتك [ وَوَلَدك ] مَالك , فَيَكُونُوا هُمْ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَيْك 6818 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } يَقُول اللَّه سُبْحَانه : لَا تَعْمَد إِلَى مَالك وَمَا خَوَّلَك اللَّه وَجَعَلَهُ لَك مَعِيشَة , فَتُعْطِيَهُ اِمْرَأَتك أَوْ بَنِيك ثُمَّ تَنْظُر إِلَى مَا فِي أَيْدِيهمْ , وَلَكِنْ أَمْسِكْ مَالك وَأَصْلِحْهُ , وَكُنْ أَنْتَ الَّذِي تُنْفِق عَلَيْهِمْ فِي كِسْوَتهمْ وَرِزْقهمْ وَمُؤْنَتهمْ . قَالَ : وَقَوْله : { قِيَامًا } بِمَعْنَى : قِوَامكُمْ فِي مَعَايِشكُمْ . 6819 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن قَوْله : { قِيَامًا } قَالَ : قِيَام عَيْشك . 6820 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا بَكْر بْن شرود , عَنْ اِبْن مُجَاهِد أَنَّهُ قَرَأَ : { الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } بِالْأَلِفِ , يَقُول : قِيَام عَيْشك . 6821 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { أَمْوَالكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَكُمْ قِيَامًا } قَالَ : لَا تُعْطِ السَّفِيه مِنْ وَلَدك شَيْئًا هُوَ لَك قَيِّم مِنْ مَالك .
وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًاسورة النساء الآية رقم 6
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } وَاخْتَبِرُوا عُقُول يَتَامَاكُمْ فِي أَفْهَامهمْ , وَصَلَاحهمْ فِي أَدْيَانهمْ , وَإِصْلَاحهمْ أَمْوَالهمْ . كَمَا : 6828 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن فِي قَوْله : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } قَالَا : يَقُول : اِخْتَبِرُوا الْيَتَامَى . 6829 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا اِبْتَلُوا الْيَتَامَى : فَجَرِّبُوا عُقُولهمْ . 6830 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } قَالَ : عُقُولهمْ. 6831 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } قَالَ : اِخْتَبِرُوهُمْ . 6832 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح } قَالَ : اِخْتَبِرُوهُ فِي رَأْيه وَفِي عَقْله كَيْفَ هُوَ إِذَا عُرِفَ أَنَّهُ قَدْ أُنِسَ مِنْهُ رُشْد دُفِعَ إِلَيْهِ مَاله . قَالَ : وَذَلِكَ بَعْد الِاحْتِلَام . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى قَبْل عَلَى أَنَّ مَعْنَى الِابْتِلَاء : الِاخْتِبَار , بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة عَنْ إِعَادَته .

وَأَمَّا قَوْله : { إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح } فَإِنَّهُ يَعْنِي : إِذَا بَلَغُوا الْحُلُم. كَمَا : 6833 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح } حَتَّى إِذَا اِحْتَلَمُوا . 6834 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح } قَالَ : عِنْد الْحُلُم . 6835 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاح } قَالَ : الْحُلُم .

{6} وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } . يَعْنِي قَوْله : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } فَإِنْ وَجَدْتُمْ مِنْهُمْ وَعَرَفْتُمْ . كَمَا : 6836 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } قَالَ : عَرَفْتُمْ مِنْهُمْ . يُقَال : آنَسْت مِنْ فُلَان خَيْرًا وَبِرًّا بِمَدِّ الْأَلِف إِينَاسًا , وَأَنِسْت بِهِ آنَس أُنْسًا بِقَصْرِ أَلِفهَا : إِذَا أَلِفَهُ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " فَإِنْ أَحْسَيْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا " بِمَعْنَى : أَحْسَسْتُمْ : أَيْ وَجَدْتُمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الرُّشْد الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى الرُّشْد فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَقْل وَالصَّلَاح فِي الدِّين . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 6837 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } عُقُولًا وَصَلَاحًا. 6838 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } يَقُول : صَلَاحًا فِي عَقْله وَدِينه. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : صَلَاحًا فِي دِينهمْ , وَإِصْلَاحًا لِأَمْوَالِهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6839 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : رُشْدًا فِي الدِّين وَصَلَاحًا وَحِفْظًا لِلْمَالِ . 6840 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } فِي حَالهمْ , وَالْإِصْلَاح فِي أَمْوَالهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ الْعَقْل خَاصَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6841 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : لَا نَدْفَع إِلَى الْيَتِيم مَاله , وَإِنْ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ , وَإِنْ كَانَ شَيْخًا , حَتَّى يُؤْنَس مِنْهُ رُشْده : الْعَقْل . 6842 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } قَالَ : الْعَقْل. 6843 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو شُبْرُمَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : سَمِعْته يَقُول : إِنَّ الرَّجُل لَيَأْخُذ بِلِحْيَتِهِ وَمَا بَلَغَ رُشْده . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ الصَّلَاح وَالْعِلْم بِمَا يُصْلِحهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6844 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } قَالَ : صَلَاحًا وَعِلْمًا بِمَا يُصْلِحهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال عِنْدِي بِمَعْنَى الرُّشْد فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَقْل وَإِصْلَاح الْمَال ; لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِقّ الْحَجْر عَلَيْهِ فِي مَاله , وَحَوْز مَا فِي يَده عَنْهُ , وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فِي دِينه . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنْ الْجَمِيع , فَكَذَلِكَ حُكْمه إِذَا بَلَغَ وَلَهُ مَال فِي يَدَيْ وَصِيّ أَبِيهِ أَوْ فِي يَد حَاكِم قَدْ وُلِّيَ مَاله لِطُفُولَتِهِ , وَاجِب عَلَيْهِ تَسْلِيم مَاله إِلَيْهِ , إِذَا كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا , مُصْلِحًا لِمَالِهِ , غَيْر مُفْسِد ; لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ يَسْتَحِقّ أَنْ يُوَلَّى عَلَى مَاله الَّذِي هُوَ فِي يَده , هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ يَسْتَحِقّ أَنْ يَمْنَع يَده مِنْ مَاله الَّذِي هُوَ فِي يَد وَلِيّ , فَإِنَّهُ لَا فَرْق بَيْن ذَلِكَ . وَفِي إِجْمَاعهمْ عَلَى أَنَّهُ غَيْر جَائِز حِيَازَة مَا فِي يَده فِي حَال صِحَّة عَقْله وَإِصْلَاح مَا فِي يَده , الدَّلِيل الْوَاضِح عَلَى أَنَّهُ غَيْر جَائِز مَنْع يَده مِمَّا هُوَ لَهُ فِي مِثْل ذَلِكَ الْحَال , وَإِنْ كَانَ قَبْل ذَلِكَ فِي يَد غَيْره لَا فَرْق بَيْنهمَا . وَمَنْ فَرَّقَ بَيْن ذَلِكَ عُكِسَ عَلَيْهِ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , وَسُئِلَ الْفَرْق بَيْنهمَا مِنْهُ أَصْل أَوْ نَظِير , فَلَنْ يَقُول فِي أَحَدهمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَر مِثْله . فَإِنْ كَانَ مَا وَصَفْنَا مِنْ الْجَمِيع إِجْمَاعًا , فَبُيِّنَ أَنَّ الرُّشْد الَّذِي بِهِ يَسْتَحِقّ الْيَتِيم إِذَا بَلَغَ فَأُونِسَ مِنْهُ دَفْع مَاله إِلَيْهِ , مَا قُلْنَا مِنْ صِحَّة عَقْله وَإِصْلَاح مَاله .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ } . يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وُلَاة أَمْوَال الْيَتَامَى , يَقُول اللَّه لَهُمْ : فَإِذَا بَلَغَ أَيْتَامكُمْ الْحُلُم , فَآنَسْتُمْ مِنْهُمْ عَقْلًا وَإِصْلَاحًا لِأَمْوَالِهِمْ , فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ , وَلَا تَحْبِسُوهَا عَنْهُمْ .

وَأَمَّا قَوْله : { وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا } يَعْنِي : بِغَيْرِ مَا أَبَاحَهُ اللَّه لَكُمْ . كَمَا : 6845 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن : { وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا } يَقُول : لَا تُسْرِف فِيهَا. 6846 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا } قَالَ : يُسْرِف فِي 3 الْأَكْل . وَأَصْل الْإِسْرَاف : تَجَاوُز الْحَدّ الْمُبَاح إِلَى مَا لَمْ يُبَحْ , وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْإِفْرَاط , وَرُبَّمَا كَانَ فِي التَّقْصِير , غَيْر أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي الْإِفْرَاط , فَاللُّغَة الْمُسْتَعْمَلَة فِيهِ أَنْ يُقَال : أَسْرَفَ يُسْرِف إِسْرَافًا , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فِي التَّقْصِير , فَالْكَلَام مِنْهُ : سَرِفَ يَسْرَف سَرَفًا , يُقَال : مَرَرْت بِكُمْ فَسَرِفْتُكُمْ , يُرَاد مِنْهُ : فَسَهَوْت عَنْكُمْ وَأَخْطَأْتُكُمْ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَعْطَوْا هُنَيْدَة يَحْدُوهَا ثَمَانِيَة مَا فِي عَطَائِهِمْ مَنّ وَلَا سَرَف يَعْنِي بِقَوْلِهِ : وَلَا سَرَف : لَا خَطَأ فِيهِ , يُرَاد بِهِ : أَنَّهُمْ يُصِيبُونَ مَوَاضِع الْعَطَاء فَلَا يُخْطِئُونَهَا .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا } . يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَبِدَارًا } وَمُبَادَرَة ; وَهُوَ مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : بَادَرْت هَذَا الْأَمْر مُبَادَرَة وَبِدَارًا . وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وُلَاة أَمْوَال الْيَتَامَى , يَقُول لَهُمْ : لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهمْ إِسْرَافًا , يَعْنِي : مَا أَبَاحَ اللَّه لَكُمْ أَكْله , وَلَا مُبَادَرَة مِنْكُمْ بُلُوغهمْ , وَإِينَاس الرُّشْد مِنْهُمْ حَذَرًا أَنْ يَبْلُغُوا فَيَلْزَمكُمْ تَسْلِيمه إِلَيْهِمْ . كَمَا : 6847 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِسْرَافًا وَبِدَارًا } يَعْنِي : أَكْل مَال الْيَتِيم مُبَادِرًا أَنْ يَبْلُغ فَيَحُول بَيْنه وَبَيْن مَاله . 6848 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن : { وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا } يَقُول : لَا تُسْرِف فِيهَا , وَلَا تُبَادِر . 6849 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَبِدَارًا } تَبَادُرًا أَنْ يَكْبُرُوا , فَيَأْخُذُوا أَمْوَالهمْ . 6850 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { إِسْرَافًا وَبِدَارًا } قَالَ : هَذِهِ لِوَلِيِّ الْيَتِيم خَاصَّة , جُعِلَ لَهُ أَنْ يَأْكُل مَعَهُ إِذَا لَمْ يَجِد شَيْئًا يَضَع يَده مَعَهُ , فَيَذْهَب بِوَجْهِهِ , يَقُول : لَا أَدْفَع إِلَيْهِ مَاله , وَجَعَلْت تَأْكُلهُ تَشْتَهِي أَكْله , لِأَنَّك إِنْ لَمْ تَدْفَعهُ إِلَيْهِ لَك فِيهِ نَصِيب , وَإِذَا دَفَعْته إِلَيْهِ فَلَيْسَ لَك فِيهِ نَصِيب . وَمَوْضِع " أَنْ " فِي قَوْله : " أَنْ يَكْبَرُوا " نَصْب بِالْمُبَادَرَةِ , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لَا تَأْكُلُوهَا مُبَادَرَة كِبَرهمْ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } . يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا } مِنْ وُلَاة أَمْوَال الْيَتَامَى عَلَى أَمْوَالهمْ , { فَلْيَسْتَعْفِفْ } بِمَالِهِ عَنْ أَكْلهَا بِغَيْرِ الْإِسْرَاف وَالْبِدَار أَنْ يَكْبَرُوا , بِمَا أَبَاحَ اللَّه لَهُ أَكْلهَا بِهِ . كَمَا : 6851 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش وَابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ } قَالَ : لِغِنَاهُ مِنْ مَاله , حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ مَال الْيَتِيم . 6852 - وَبِهِ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ } بِغِنَاهُ. 6853 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : مِنْ مَال نَفْسه , وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْهُمْ إِلَيْهَا مُحْتَاجًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ. قَالَ أَبُو جَعْفَر : ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْرُوف الَّذِي أَذِنَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِوُلَاةِ أَمْوَالهمْ أَكْلهَا بِهِ إِذَا كَانُوا أَهْل فَقْر وَحَاجَة إِلَيْهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ هُوَ الْقَرْض يَسْتَقْرِضهُ مِنْ مَاله ثُمَّ يَقْضِيه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6854 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان وَإِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ حَارِثَة بْن مِضْرَب , قَالَ : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : إِنِّي أَنْزَلْت مَال اللَّه تَعَالَى مِنِّي بِمَنْزِلَةِ مَال الْيَتِيم , إِنْ اِسْتَغْنَيْت اِسْتَعْفَفْت , وَإِنْ اِفْتَقَرْت أَكَلْت بِالْمَعْرُوفِ , فَإِذَا أَيْسَرْت قَضَيْت . 6855 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن عَطِيَّة , عَنْ زُهَيْر , عَنْ الْعَلَاء بْن الْمُسَيِّب , عَنْ حَمَّاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : هُوَ الْقَرْض . 6856 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت يُونُس , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيّ , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : الَّذِي يُنْفِق مِنْ مَال الْيَتِيم يَكُون عَلَيْهِ قَرْضًا . 6857 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا سَلَمَة بْن عَلْقَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة عَنْ قَوْله : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِنَّمَا هُوَ قَرْض , أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } ؟ قَالَ : فَظَنَنْت أَنَّهُ قَالَهَا بِرَأْيِهِ. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } وَهُوَ عَلَيْهِ قَرْض . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ سَلَمَة بْن عَلْقَمَة , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : الْمَعْرُوف : الْقَرْض , أَلَا تَرَى إِلَى قَوْله : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } ؟ * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , مِثْل حَدِيث هِشَام . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } يَعْنِي : الْقَرْض . 6858 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } يَقُول : إِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلَا يَحِلّ لَهُ مِنْ مَال الْيَتِيم أَنْ يَأْكُل مِنْهُ شَيْئًا , وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَسْتَقْرِضْ مِنْهُ , فَإِذَا وَجَدَ مَيْسَرَة فَلْيُعْطِهِ مَا اِسْتَقْرَضَ مِنْهُ ; فَذَلِكَ أَكْله بِالْمَعْرُوفِ. 6859 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت أَبِي يَذْكُر عَنْ حَمَّاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : يَأْكُل قَرْضًا بِالْمَعْرُوفِ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَجَّاج , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : هُوَ الْقَرْض مَا أَصَابَ مِنْهُ مِنْ شَيْء قَضَاهُ إِذَا أَيْسَرَ , يَعْنِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ , قَالَ : ثنا حَمَّاد , قَالَ : سَأَلْت سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِنْ أَخَذَ مِنْ مَاله قَدْر قُوته قَرْضًا , فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدُ قَضَاهُ , وَإِنْ حَضَرَهُ الْمَوْت وَلَمْ يُوسِر تَحَلَّلَهُ مِنْ الْيَتِيم , وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا تَحَلَّلَهُ مِنْ وَلِيّه . * - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : فَلْيَأْكُلْ قَرْضًا. * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : هُوَ الْقَرْض . 6860 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ الشَّعْبِيّ : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : لَا يَأْكُلهُ إِلَّا أَنْ يُضْطَرّ إِلَيْهِ كَمَا يُضْطَرّ إِلَى الْمَيْتَة , فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا قَضَاهُ . 6861 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : قَرْضًا . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : سَلَفًا مِنْ مَال يَتِيمه . 6862 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , وَعَنْ حَمَّاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَا : هُوَ الْقَرْض . قَالَ الثَّوْرِيّ : وَقَالَهُ الْحَكَم أَيْضًا , أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } ؟ * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : هُوَ الْقَرْض مَا أَصَابَ مِنْهُ مِنْ شَيْء قَضَاهُ إِذَا أَيْسَرَ , يَعْنِي : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } . 6863 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : الْقَرْض , أَلَا تَرَى إِلَى قَوْله : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ } ؟ . 6864 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ أَبِي وَائِل , قَالَ : قَرْضًا . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : إِذَا اِحْتَاجَ الْوَلِيّ أَوْ اِفْتَقَرَ فَلَمْ يَجِد شَيْئًا , أَكَلَ مِنْ مَال الْيَتِيم , وَكَتَبَهُ , فَإِنْ أَيْسَرَ قَضَاهُ , وَإِنْ لَمْ يُوسِر حَتَّى تَحْضُرهُ الْوَفَاة دَعَا الْيَتِيم فَاسْتَحَلَّ مِنْهُ مَا أَكَلَ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } مِنْ مَال الْيَتِيم بِغَيْرِ إِسْرَاف وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ فِيمَا أَكَلَ مِنْهُ . وَاخْتَلَفَ قَائِلُو هَذَا الْقَوْل فِي مَعْنَى أَكْل ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : أَنْ يَأْكُل مِنْ طَعَامه بِأَطْرَافِ الْأَصَابِع , وَلَا يَلْبَس مِنْهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6865 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : بِأَطْرَافِ أَصَابِعه . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَمَّنْ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَقُول ; فَذَكَرَ مِثْله . 6866 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } يَقُول : فَمَنْ كَانَ غَنِيًّا مِنْ وَلِيّ مَال الْيَتِيم فَلْيَسْتَعْفِفْ عَنْ مَاله , وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ وَلِيّ مَال الْيَتِيم فَلْيَأْكُلْ مَعَهُ بِأَصَابِعِهِ , لَا يُسْرِف فِي الْأَكْل , وَلَا يَلْبَس . 6867 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَرَمِيّ بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عُمَارَة , عَنْ عِكْرِمَة فِي مَال الْيَتِيم : يَدك مَعَ أَيْدِيهمْ , وَلَا تَتَّخِذ مِنْهُ قَلَنْسُوَة . 6868 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عَطَاء وَعِكْرِمَة , قَالَا : تَضَع يَدك مَعَ يَده . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمَعْرُوف فِي ذَلِكَ , أَنْ يَأْكُل مَا يَسُدّ جُوعه وَيَلْبَس مَا وَارَى الْعَوْرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6869 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : إِنَّ الْمَعْرُوف لَيْسَ يَلْبَس الْكَتَّان وَلَا الْحُلَل , وَلَكِنْ مَا سَدَّ الْجُوع وَوَارَى الْعَوْرَة . * - حَدَّثَنَا بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : كَانَ يُقَال : لَيْسَ الْمَعْرُوف يَلْبَس الْكَتَّان وَالْحُلَل , وَلَكِنْ الْمَعْرُوف مَا سَدَّ الْجُوع وَوَارَى الْعَوْرَة. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم نَحْوه . 6870 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثنا أَبُو مَعْبَد , قَالَ : سُئِلَ مَكْحُول عَنْ وَلِيّ الْيَتِيم , مَا أَكْلهُ بِالْمَعْرُوفِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا ؟ قَالَ : يَده مَعَ يَده . قِيلَ لَهُ : فَالْكِسْوَة ؟ قَالَ : يَلْبَس مِنْ ثِيَابه , فَأَمَّا أَنْ يَتَّخِذ مِنْ مَاله مَالًا لِنَفْسِهِ فَلَا . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : مَا سَدّ الْجُوع , وَوَارَى الْعَوْرَة , أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ لَبُوس الْكَتَّان وَالْحُلَل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ الْمَعْرُوف أَكْل تَمْره وَشُرْب رِسْل مَاشِيَته بِقِيَامِهِ عَلَى ذَلِكَ , فَأَمَّا الذَّهَب وَالْفِضَّة فَلَيْسَ لَهُ أَخْذ شَيْء مِنْهُمَا إِلَّا عَلَى وَجْه الْقَرْض. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6871 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : إِنَّ فِي حَجْرِي أَمْوَال أَيْتَام ؟ وَهُوَ يَسْتَأْذِنهُ أَنْ يُصِيب مِنْهَا. فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَلَسْت تَبْغِي ضَالَّتهَا ؟ قَالَ : بَلَى . قَالَ : أَلَسْت تَهْنَأ جَرْبَاهَا ؟ قَالَ : بَلَى . قَالَ : أَلَسْت تَلِيط حِيَاضهَا ؟ قَالَ : بَلَى. قَالَ : أَلَسْت تَفْرُط عَلَيْهَا يَوْم وُرُودهَا ؟ قَالَ : بَلَى. قَالَ : فَأَصِبْ مِنْ رِسْلهَا , يَعْنِي : مِنْ لَبَنهَا . 6872 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيّ إِلَى اِبْن عَبَّاس , فَقَالَ : إِنَّ فِي حَجْرِي أَيْتَامًا , وَإِنَّ لَهُمْ إِبِلًا وَلِي إِبِل , وَأَنَا أَمْنَح مِنْ إِبِلِي فُقَرَاء , فَمَاذَا يَحِلّ لِي مِنْ أَلْبَانهَا ؟ قَالَ : إِنْ كُنْت تَبْغِي ضَالَّتهَا , وَتَهْنَأ جَرْبَاهَا , وَتَلُوط حَوْضهَا , وَتَسْعَى عَلَيْهَا , فَاشْرَبْ غَيْر مُضِرّ بِنَسْلٍ , وَلَا نَاهِك فِي الْحَلْب . 6873 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : مِنْ فَضْل الرِّسْل وَالثَّمَرَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي وَالِي مَال الْيَتِيم , قَالَ : يَأْكُل مِنْ رِسْل الْمَاشِيَة , وَمِنْ الثَّمَرَة لِقِيَامِهِ عَلَيْهِ , وَلَا يَأْكُل مِنْ الْمَال , وَقَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ } ؟ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت دَاوُد , عَنْ رَفِيع أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : رُخِّصَ لِوَلِيِّ الْيَتِيم أَنْ يُصِيب مِنْ الرِّسْل , وَيَأْكُل مِنْ الثَّمَرَة ; وَأَمَّا الذَّهَب وَالْفِضَّة فَلَا بُدّ أَنْ تُرَدّ . ثُمَّ قَرَأَ : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ } أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : لَا بُدّ مِنْ أَنْ يَدْفَع ؟ . 6874 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَوْف , عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا كَانَتْ أَمْوَالهمْ أَدْخَال النَّخْل وَالْمَاشِيَة , فَرَخَّصَ لَهُمْ إِذَا كَانَ أَحَدهمْ مُحْتَاجًا أَنْ يُصِيب مِنْ الرِّسْل . 6875 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِذَا كَانَ فَقِيرًا أَكَلَ مِنْ التَّمْر , وَشَرِبَ مِنْ اللَّبَن وَأَصَابَ مِنْ الرِّسْل . 6876 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَمّ ثَابِت بْن رِفَاعَة - وَثَابِت يَوْمئِذٍ يَتِيم فِي حَجْره - مِنْ الْأَنْصَار , أَتَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه , إِنَّ اِبْن أَخِي يَتِيم فِي حَجْرِي , فَمَا يَحِلّ لِي مِنْ مَاله ؟ قَالَ : " أَنْ تَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْر أَنْ تَقِيَ مَالك بِمَالِهِ , وَلَا تَتَّخِذ مِنْ مَاله وَفْرًا " وَكَانَ الْيَتِيم يَكُون لَهُ الْحَائِط مِنْ النَّخْل , فَيَقُوم وَلِيّه عَلَى صَلَاحه وَسَقْيه , فَيُصِيب مِنْ ثَمَرَته . أَوْ تَكُون لَهُ الْمَاشِيَة , فَيَقُوم وَلِيّه عَلَى صَلَاحهَا , أَوْ يَلِي عِلَاجهَا وَمُؤْنَتهَا فَيُصِيب مِنْ جَزَازهَا وَعَوَارِضهَا وَرِسْلهَا , فَأَمَّا رِقَاب الْمَال وَأُصُول الْمَال , فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَهْلِكهُ . 6877 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } يَعْنِي : رُكُوب الدَّابَّة وَخِدْمَة الْخَادِم , فَإِنْ أَخَذَ مِنْ مَاله قَرْضًا فِي غِنًى , فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُل مِنْ مَاله شَيْئًا. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : لَهُ أَنْ يَأْكُل مِنْ جَمِيع الْمَال إِذَا كَانَ يَلِي ذَلِكَ وَإِنْ أَتَى عَلَى الْمَال وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6878 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن صُبَيْح , عَنْ أَبِي إِدْرِيس , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد وَرَبِيعَة جَمِيعًا , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , قَالَ : سُئِلَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَمَّا يَصْلُح لِوَلِيِّ الْيَتِيم ؟ قَالَ : إِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ , وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ . 6879 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد بْن عَجْلَان , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب كَانَ يَقُول : يَحِلّ لِوَلِيِّ الْأَمْر مَا يَحِلّ لِوَلِيِّ الْيَتِيم , مَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ , وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ. 6880 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْل بْن عَطِيَّة , عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِذَا اِحْتَاجَ فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ , فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْد ذَلِكَ فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ . 6881 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَا : ذَكَرَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَال الْيَتَامَى , فَقَالَ : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } وَمَعْرُوف ذَلِكَ : أَنْ يَتَّقِيَ اللَّه فِي يَتِيمه . 6882 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى قَضَاء عَلَى وَلِيّ الْيَتِيم إِذَا أَكَلَ وَهُوَ مُحْتَاج . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم : { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } فِي الْوَصِيّ قَالَ : لَا قَضَاء عَلَيْهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِذَا عَمِلَ فِيهِ وَلِيّ الْيَتِيم أَكَلَ بِالْمَعْرُوفِ . 6883 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ الْحَسَن يَقُول : إِذَا اِحْتَاجَ أَكَلَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَال , طُعْمَة مِنْ اللَّه لَهُ . 6884 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَجُل لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ فِي حَجْرِي يَتِيمًا أَفَأَضْرِبهُ ؟ قَالَ : " فِيمَا كُنْت ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدك " ؟ قَالَ : أَفَأُصِيب مِنْ مَاله ؟ قَالَ : " بِالْمَعْرُوفِ غَيْر مُتَأَثِّل مَالًا , وَلَا وَاقٍ مَالك بِمَالِهِ " . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ الزُّبَيْر بْن مُوسَى , عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ , مِثْله . 6885 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ عَطَاء أَنَّهُ قَالَ : يَضَع يَده مَعَ أَيْدِيهمْ , فَيَأْكُل مَعَهُمْ. كَقَدْرِ خِدْمَته وَقَدْر عَمَله . 6886 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : وَلِيّ الْيَتِيم إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا يَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ لِقِيَامِهِ بِمَالِهِ . 6887 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : وَسَأَلْته عَنْ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إِنْ اِسْتَغْنَى كَفَّ , وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا أَكَلَ بِالْمَعْرُوفِ . قَالَ : أَكَلَ بِيَدِهِ مَعَهُمْ لِقِيَامِهِ عَلَى أَمْوَالهمْ وَحِفْظه إِيَّاهَا , يَأْكُل مِمَّا يَأْكُلُونَ مِنْهُ , وَإِنْ اِسْتَغْنَى كَفَّ عَنْهُ وَلَمْ يَأْكُل مِنْهُ شَيْئًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي عَنَاهُ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي قَوْله : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } أَكْل مَال الْيَتِيم عِنْد الضَّرُورَة وَالْحَاجَة إِلَيْهِ عَلَى وَجْه الِاسْتِقْرَاض مِنْهُ , فَأَمَّا عَلَى غَيْر ذَلِكَ الْوَجْه , فَغَيْر جَائِز لَهُ أَكْله . وَذَلِكَ أَنَّ الْجَمِيع مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ وَالِيَ الْيَتِيم لَا يَمْلِك مِنْ مَال يَتِيمه إِلَّا الْقِيَام بِمَصْلَحَتِهِ . فَلَمَّا كَانَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ أَنَّهُ غَيْر مَالِكه , وَكَانَ غَيْر جَائِز لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَهْلِك مَال أَحَد غَيْره , يَتِيمًا كَانَ رَبّ الْمَال أَوْ مُدْرِكًا رَشِيدًا , وَكَانَ عَلَيْهِ إِنْ تَعَدَّى فَاسْتَهْلَكَهُ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْره ضَمَانه لِمَنْ اِسْتَهْلَكَهُ عَلَيْهِ بِإِجْمَاعٍ مِنْ الْجَمِيع , وَكَانَ وَالِي الْيَتِيم سَبِيله سَبِيل غَيْره فِي أَنَّهُ لَا يَمْلِك مَال يَتِيمه , كَانَ كَذَلِكَ حُكْمه فِيمَا يَلْزَمهُ مِنْ قَضَائِهِ إِذَا أَكَلَ مِنْهُ سَبِيله سَبِيل غَيْره وَإِنْ فَارَقَهُ فِي أَنَّ لَهُ الِاسْتِقْرَاض مِنْهُ عِنْد الْحَاجَة إِلَيْهِ كَمَا لَهُ الِاسْتِقْرَاض عَلَيْهِ عِنْد حَاجَته إِلَى مَا يُسْتَقْرَض عَلَيْهِ إِذَا كَانَ قَيِّمًا بِمَا فِيهِ مَصْلَحَته , وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّمَا عَنَى بِالْمَعْرُوفِ فِي هَذَا الْمَوْضِع أَكْل وَالِي الْيَتِيم , مِنْ مَال الْيَتِيم ; لِقِيَامِهِ عَلَى وَجْه الِاعْتِيَاض عَلَى عَمَله وَسَعْيه , لِأَنَّ لِوَالِي الْيَتِيم أَنْ يُؤَاجِر نَفْسه مِنْهُ لِلْقِيَامِ بِأُمُورِهِ إِذَا كَانَ الْيَتِيم مُحْتَاجًا إِلَى ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَة , كَمَا يَسْتَأْجِر لَهُ غَيْره مِنْ الْأُجَرَاء , وَكَمَا يَشْتَرِي لَهُ مِنْ نَصِيبه غَنِيًّا كَانَ الْوَالِي أَوْ فَقِيرًا . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ دَلَّ بِقَوْلِهِ : { وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } عَلَى أَنَّهُ أَكْل مَال الْيَتِيم إِنَّمَا أُذِنَ لِمَنْ أُذِنَ لَهُ مِنْ وُلَاته فِي حَال الْفَقْر وَالْحَاجَة , وَكَانَتْ الْحَال الَّتِي لِلْوُلَاةِ أَنْ يُؤَجِّرُوا أَنْفُسهمْ مِنْ الْأَيْتَام مَعَ حَاجَة الْأَيْتَام إِلَى الْأُجَرَاء , غَيْر مَخْصُوص بِهَا حَال غِنًى وَلَا حَال فَقْر , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي أُبِيحَ لَهُمْ مِنْ أَمْوَال أَيْتَامهمْ فِي كُلّ أَحْوَالهمْ , غَيْر الْمَعْنَى الَّذِي أُبِيحَ لَهُمْ ذَلِكَ فِيهِ فِي حَال دُون حَال . وَمَنْ أَبَى مَا قُلْنَا مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّ لِوَلِيِّ الْيَتِيم أَكْل مَال يَتِيمه عِنْد حَاجَته إِلَيْهِ عَلَى غَيْر وَجْه الْقَرْض اِسْتِدْلَالًا بِهَذِهِ الْآيَة , قِيلَ لَهُ : أَمُجْمَع عَلَى أَنَّ الَّذِي قُلْت تَأْوِيل قَوْله : { وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } ؟ فَإِنْ قَالَ لَا , قِيلَ لَهُ : فَمَا بُرْهَانك عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيله , وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ غَيْر مَالك مَال يَتِيمه ؟ فَإِنْ قَالَ : لِأَنَّ اللَّه أَذِنَ لَهُ بِأَكْلِهِ , قِيلَ لَهُ : أَذِنَ لَهُ بِأَكْلِهِ مُطْلَقًا , أَمْ بِشَرْطٍ ؟ فَإِنْ قَالَ بِشَرْطٍ , وَهُوَ أَنْ يَأْكُلهُ بِالْمَعْرُوفِ , قِيلَ لَهُ : وَمَا ذَلِكَ الْمَعْرُوف وَقَدْ عَلِمْت الْقَائِلِينَ مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ الْخَالِفِينَ إِنَّ ذَلِكَ هُوَ أَكْله قَرْضًا وَسَلَفًا ؟ وَيُقَال لَهُمْ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ : أَرَأَيْت الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالهمْ مِنْ الْمَجَانِين وَالْمَعَاتِيه أَلِوُلَاةِ أَمْوَالهمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ أَمْوَالهمْ عِنْد حَاجَتهمْ إِلَيْهِ عَلَى غَيْر وَجْه الْقَرْض لَا الِاعْتِيَاض مِنْ قِيَامهمْ بِهَا , كَمَا قُلْتُمْ ذَلِكَ فِي أَمْوَال الْيَتَامَى فَأَبَحْتُمُوهَا لَهُمْ ؟ فَإِنْ قَالُوا ذَلِكَ لَهُمْ , خَرَجُوا مِنْ قَوْل جَمِيع الْحُجَّة , وَإِنْ قَالُوا لَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ , قِيلَ لَهُمْ : فَمَا الْفَرْق بَيْن أَمْوَالهمْ وَأَمْوَال الْيَتَامَى وَحُكْم وُلَاتهمْ وَاحِد فِي أَنَّهُمْ وُلَاة أَمْوَال غَيْرهمْ ؟ فَلَنْ يَقُولُوا فِي أَحَدهمَا شَيْئًا إِلَّا أُلْزِمُوا فِي الْآخَر مِثْله . وَيَسْأَلُونَ كَذَلِكَ عَنْ الْمَحْجُور عَلَيْهِ , هَلْ لِمَنْ يَلِي مَاله أَنْ يَأْكُل مَاله عِنْد حَاجَته إِلَيْهِ ؟ نَحْو سُؤَالهمْ عَنْ أَمْوَال الْمَجَانِين وَالْمَعَاتِيه .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِذَا دَفَعْتُمْ يَا مَعْشَر وُلَاة أَمْوَال الْيَتَامَى إِلَى الْيَتَامَى أَمْوَالهمْ , فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ , يَقُول : فَأَشْهِدُوا عَلَى الْأَيْتَام بِاسْتِيفَائِهِمْ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَدَفْعكُمُوهُ إِلَيْهِمْ . كَمَا : 6888 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } يَقُول : إِذَا دَفَعَ إِلَى الْيَتِيم مَاله , فَلْيَدْفَعْهُ إِلَيْهِ بِالشُّهُودِ , كَمَا أَمَرَهُ اللَّه تَعَالَى .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَفَى بِاَللَّهِ حَسِيبًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَفَى بِاَللَّهِ كَافِيًا مِنْ الشُّهُود الَّذِي يُشْهِدْهُمْ وَالِي الْيَتِيم عَلَى دَفْعه مَال يَتِيمه إِلَيْهِ . كَمَا : 6889 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَكَفَى بِاَللَّهِ حَسِيبًا } يَقُول : شَهِيدًا . يُقَال مِنْهُ : قَدْ أَحْسَبَنِي الَّذِي عِنْدِي , يُرَاد بِهِ : كَفَانِي . وَسُمِعَ مِنْ الْعَرَب : لَأُحْسِبَنكُمْ مِنْ الْأَسْوَدَيْنِ , يَعْنِي بِهِ : مِنْ الْمَاء وَالتَّمْر , وَالْمُحْسِب مِنْ الرِّجَال : الْمُرْتَفِع الْحَسَب , وَالْمُحْسَب : الْمَكْفِيّ .
لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًاسورة النساء الآية رقم 7
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا } يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : لِلذُّكُورِ مِنْ أَوْلَاد الرَّجُل الْمَيِّت حِصَّة مِنْ مِيرَاثه وَلِلْإِنَاثِ مِنْهُمْ حِصَّة مِنْهُ , مِنْ قَلِيل مَا خَلَّفَ بَعْده وَكَثِيره حِصَّة مَفْرُوضَة وَاجِبَة مَعْلُومَة مُؤَقَّتَة . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ مِنْ أَجْل أَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يُوَرِّثُونَ الذُّكُور دُون الْإِنَاث . كَمَا : 6890 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاء , فَنَزَلَتْ : { وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } . 6891 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : نَزَلَتْ فِي أُمّ كُحَّة وَابْنَة كُحَّة وَثَعْلَبَة وَأَوْس بْن سُوَيْد , وَهُمْ مِنْ الْأَنْصَار , كَانَ أَحَدهمْ زَوْجهَا , وَالْآخَر عَمّ وَلَدهَا , فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه تُوُفِّيَ زَوْجِي وَتَرَكَنِي وَابْنَته , فَلَمْ نُوَرَّث , فَقَالَ عَمّ وَلَدهَا : يَا رَسُول اللَّه لَا تَرْكَب فَرَسًا , وَلَا تَحْمِل كَلًّا , وَلَا تَنْكَأ عَدُوًّا يَكْسِب عَلَيْهَا , وَلَا تَكْتَسِب . فَنَزَلَتْ : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا } . 6892 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } قَالَ : كَانَ النِّسَاء لَا يَرِثْنَ فِي الْجَاهِلِيَّة مِنْ الْآبَاء , وَكَانَ الْكَبِير يَرِث وَلَا يَرِث الصَّغِير وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { لِلرِّجَالِ نَصِيب مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } إِلَى قَوْله : { نَصِيبًا مَفْرُوضًا } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَنُصِبَ قَوْله : { نَصِيبًا مَفْرُوضًا } وَهُوَ نَعْت لِلنَّكِرَةِ لِخُرُوجِهِ مَخْرَج الْمَصْدَر , كَقَوْلِ الْقَائِل : لَك عَلَيَّ حَقّ وَاجِبًا , وَلَوْ كَانَ مَكَان قَوْله : { نَصِيبًا مَفْرُوضًا } اِسْم صَحِيح لَمْ يَجُزْ نَصْبه , لَا يُقَال : لَك عِنْدِي حَقّ دِرْهَمًا , فَقَوْله : { نَصِيبًا مَفْرُوضًا } كَقَوْلِهِ : نَصِيبًا فَرِيضَة وَفَرْضًا , كَمَا يُقَال : عِنْدِي دِرْهَم هِبَة مَقْبُوضَة .
وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًاسورة النساء الآية رقم 8
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي حُكْم هَذِهِ الْآيَة , هَلْ هُوَ مُحْكَم , أَوْ مَنْسُوخ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ مُحْكَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6893 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : حَدَّثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ مُحْكَمَة , وَلَيْسَتْ مَنْسُوخَة , يَعْنِي قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى } . .. الْآيَة . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 6894 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ قَالَا : هِيَ مُحْكَمَة . 6895 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : وَاجِب , مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُس أَهْل الْمِيرَاث . * - وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } قَالَ : هِيَ وَاجِبَة عَلَى أَهْل الْمِيرَاث مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُسهمْ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ , قَالَا : هِيَ مُحْكَمَة لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ سُفْيَان , وَثنا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : هِيَ وَاجِبَة عَلَى أَهْل الْمِيرَاث مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُسهمْ . 6896 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } فَقَالَ سَعِيد : هَذِهِ الْآيَة يَتَهَاوَن بِهَا النَّاس . قَالَ : وَهُمَا وَلِيَّانِ : أَحَدهمَا يَرِث وَالْآخَر لَا يَرِث , وَاَلَّذِي يَرِث هُوَ الَّذِي أَمَرَ أَنْ يَرْزُقهُمْ , قَالَ : يُعْطِيهِمْ ; قَالَ : وَاَلَّذِي لَا يَرِث هُوَ الَّذِي أَمَرَ أَنْ يَقُول لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . وَهِيَ مُحْكَمَة وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ . 6897 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم بِنَحْوِ ذَلِكَ , وَقَالَ : هِيَ مُحْكَمَة وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ . 6898 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : هِيَ ثَابِتَة , وَلَكِنَّ النَّاس بَخِلُوا وَشَحُّوا . 6899 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور وَالْحَسَن , قَالَا : هِيَ مُحْكَمَة وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : هِيَ قَائِمَة يُعْمَل بِهَا . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } مَا طَابَتْ بِهِ الْأَنْفُس حَقًّا وَاجِبًا . 6900 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن وَالزُّهْرِيّ , قَالَا فِي قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } قَالَ : هِيَ مُحْكَمَة . 6901 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور , عَنْ قَتَادَة , عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمُر , قَالَ : ثَلَاث آيَات مُحْكَمَات مَدَنِيَّات تَرَكَهُنَّ النَّاس : هَذِهِ الْآيَة : وَآيَة الِاسْتِئْذَان : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } , وَهَذِهِ الْآيَة : { يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى } . * - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ الْحَسَن يَقُول : هِيَ ثَابِتَة . وَقَالَ آخَرُونَ : مَنْسُوخَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6902 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } قَالَ : كَانَتْ هَذِهِ الْآيَة قِسْمَة قَبْل الْمَوَارِيث , فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّه الْمَوَارِيث لِأَهْلِهَا جُعِلَتْ الْوَصِيَّة لِذَوِي الْقَرَابَة الَّذِينَ يَحْزَنُونَ وَلَا يَرِثُونَ. 6903 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا قُرَّة بْن خَالِد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : سَأَلْت سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } قَالَ : هِيَ مَنْسُوخَة. * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : كَانَتْ هَذِهِ قَبْل الْفَرَائِض وَقِسْمَة الْمِيرَاث , فَلَمَّا كَانَتْ الْفَرَائِض وَالْمَوَارِيث نُسِخَتْ . 6904 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : نَسَخَتْهَا آيَة الْمِيرَاث . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , مِثْله . 6905 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى } . .. الْآيَة , إِلَى قَوْله : { قَوْلًا مَعْرُوفًا } , وَذَلِكَ قَبْل أَنْ تَنْزِل الْفَرَائِض , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْد ذَلِكَ الْفَرَائِض , فَأَعْطَى كُلّ ذِي حَقّ حَقّه , فَجُعِلَتْ الصَّدَقَة فِيمَا سَمَّى الْمُتَوَفَّى. 6906 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : نَسَخَتْهَا الْمَوَارِيث. وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ مُحْكَمَة وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ , غَيْر أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة , يَعْنِي بِهَا : قِسْمَة الْمَيِّت مَاله بِوَصِيَّتِهِ لِمَنْ كَانَ يُوصِي 3 لَهُ بِهِ . قَالُوا : وَأُمِرَ بِأَنْ يَجْعَل وَصِيَّته فِي مَاله لِمَنْ سَمَّاهُ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6907 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد : أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن قَسَّمَ مِيرَاث أَبِيهِ وَعَائِشَة حَيَّة , فَلَمْ يَدَع فِي الدَّار أَحَدًا إِلَّا أَعْطَاهُ . وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } قَالَ الْقَاسِم : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاس , فَقَالَ : مَا أَصَابَ إِنَّمَا هَذِهِ الْوَصِيَّة. يُرِيد الْمَيِّت , أَنْ يُوصِيَ لِقَرَابَتِهِ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , أَنَّ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر قَسَّمَ , فَذَكَرَ نَحْوه. 6908 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى الصَّفَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب فِي قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } قَالَ : أُمِرَ أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِهِ فِي قَرَابَته . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : إِنَّمَا ذَلِكَ عِنْد الْوَصِيَّة فِي ثُلُثه. * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } قَالَ : هِيَ الْوَصِيَّة مِنْ النَّاس . 6909 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } قَالَ : الْقِسْمَة : الْوَصِيَّة , كَانَ الرَّجُل إِذَا أَوْصَى قَالُوا : فُلَان يُقَسِّم مَاله , فَقَالَ : اُرْزُقُوهُمْ مِنْهُ , يَقُول : أَوْصُوا لَهُمْ , يَقُول لِلَّذِي يُوصِي : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } فَإِنْ لَمْ تُوصُوا لَهُمْ , فَقُولُوا لَهُمْ خَيْرًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ قَوْل مَنْ قَالَ : هَذِهِ الْآيَة مُحْكَمَة غَيْر مَنْسُوخَة , وَإِنَّمَا عَنَى بِهَا : الْوَصِيَّة لِأُولِي قُرْبَى الْمُوصِي , وَعَنَى بِالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين أَنْ يُقَال لَهُمْ قَوْل مَعْرُوف . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ غَيْره لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كِتَابنَا هَذَا وَغَيْره , أَنَّ شَيْئًا مِنْ أَحْكَام اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّتِي أَثْبَتَهَا فِي كِتَابه أَوْ بَيَّنَهَا عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْر جَائِز فِيهِ أَنْ يُقَال لَهُ نَاسِخ لِحُكْمٍ آخَر , أَوْ مَنْسُوخ بِحُكْمٍ آخَر , إِلَّا وَالْحُكْمَانِ اللَّذَانِ قَضَى لِأَحَدِهِمَا بِأَنَّهُ نَاسِخ , وَالْآخَر بِأَنَّهُ مَنْسُوخ نَافٍ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه , غَيْر جَائِز اِجْتِمَاع الْحُكْم بِهِمَا فِي وَقْت وَاحِد بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوه , وَإِنْ كَانَ جَائِزًا صَرْفه إِلَى غَيْر النَّسْخ , أَوْ يَقُوم بِأَنَّ أَحَدهمَا نَاسِخ وَالْآخَر مَنْسُوخ , حُجَّة يَجِب التَّسْلِيم لَهَا . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِمَا قَدْ دَلَّلْنَا فِي غَيْر مَوْضِع , وَكَانَ قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } مُحْتَمَلًا أَنْ يَكُون مُرَادًا بِهِ : وَإِذَا حَضَرَ قِسْمَة مَال قَاسِم مَاله بِوَصِيَّةٍ , أُولُو قَرَابَته وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين , فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ , يُرَاد : فَأَوْصُوا لِأُولِي قَرَابَتكُمْ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَكُمْ مِنْهُ , وَقُولُوا لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين قَوْلًا مَعْرُوفًا , كَمَا قَالَ فِي مَوْضِع آخَر : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدكُمْ الْمَوْت إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّة لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } 2 180 وَلَا يَكُون مَنْسُوخًا بِآيَةِ الْمِيرَاث لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ صَرْفه إِلَى أَنَّهُ مَنْسُوخ بِآيَةِ الْمِيرَاث , إِذْ كَانَ لَا دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخ بِهَا مِنْ كِتَاب أَوْ سُنَّة ثَابِتَة , وَهُوَ مُحْتَمَل مِنْ التَّأْوِيل مَا بَيَّنَّا . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة } قِسْمَة الْمُوصِي مَاله بِالْوَصِيَّةِ أُولُو قَرَابَته وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين , فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ , يَقُول : فَاقْسِمُوا لَهُمْ مِنْهُ بِالْوَصِيَّةِ , يَعْنِي : فَأَوْصُوا لِأُولِي الْقُرْبَى مِنْ أَمْوَالكُمْ , وَقُولُوا لَهُمْ , يَعْنِي الْآخَرِينَ وَهُمْ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين , قَوْلًا مَعْرُوفًا , يَعْنِي : يُدْعَى لَهُمْ بِخَيْرٍ , كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس وَسَائِر مَنْ ذَكَرْنَا قَوْله قَبْل . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ الْآيَة مَنْسُوخَة بِآيَةِ الْمَوَارِيث , وَاَلَّذِينَ قَالُوا : هِيَ مُحْكَمَة وَالْمَأْمُور بِهَا وَرَثَة الْمَيِّت , فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } يَقُول : فَأَعْطُوهُمْ مِنْهُ , وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا. وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْض مَنْ قَالَ ذَلِكَ , وَسَنَذْكُرُ بَقِيَّة مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ نَذْكُرهُ. 6910 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } أَمَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُؤْمِنِينَ عِنْد قِسْمَة مَوَارِيثهمْ أَنْ يَصِلُوا أَرْحَامهمْ وَيَتَامَاهُمْ مِنْ الْوَصِيَّة إِنْ كَانَ أَوْصَى , وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّة وَصَلَ إِلَيْهِمْ مِنْ مَوَارِيثهمْ . 6911 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى } ... الْآيَة , يَعْنِي : عِنْد قِسْمَة الْمِيرَاث . 6912 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة : أَنَّ أَبَاهُ أَعْطَاهُ مِنْ مِيرَاث الْمُصْعَب حِين قَسَّمَ مَاله . 6913 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَوْف , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : كَانُوا يَرْضَخُونَ لَهُمْ عِنْد الْقِسْمَة . 6914 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ مَطَر , عَنْ الْحَسَن , عَنْ حِطَّان : أَنَّ أَبَا مُوسَى أَمَرَ أَنْ يُعْطُوا إِذَا حَضَرَ قِسْمَة الْمِيرَاث أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَالْجِيرَان مِنْ الْفُقَرَاء . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , وَابْن أَبِي عَدِيّ وَمُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ يُونُس بْن جُبَيْر , عَنْ حِطَّان بْن عَبْد اللَّه الرَّقَاشِيّ , قَالَ : قَسَّمَ أَبُو مُوسَى بِهَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد وَيَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ يُونُس بْن جُبَيْر , عَنْ حِطَّان , عَنْ أَبِي مُوسَى فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة } . .. الْآيَة , قَالَ : قَضَى بِهَا أَبُو مُوسَى . 6915 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الْعَلَاء بْن بَدْر فِي الْمِيرَاث إِذَا قُسِّمَ , قَالَ : كَانُوا يُعْطُونَ مِنْهُ التَّابُوت , وَالشَّيْء الَّذِي يُسْتَحْيَا مِنْ قِسْمَته . 6916 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ الْحَسَن وَسَعِيد بْن جُبَيْر , كَانَا يَقُولَانِ : ذَاكَ عِنْد قِسْمَة الْمِيرَاث . 6917 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة وَالْحَسَن , قَالَا : يَرْضَخُونَ وَيَقُولُونَ قَوْلًا مَعْرُوفًا فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة } . ثُمَّ اِخْتَلَفَ الَّذِينَ قَالُوا : هَذِهِ الْآيَة مُحْكَمَة , وَإِنَّ الْقِسْمَة لِأُولِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَاجِبَة عَلَى أَهْل الْمِيرَاث إِنْ كَانَ بَعْض أَهْل الْمِيرَاث صَغِيرًا فَقَسَّمَ عَلَيْهِ الْمِيرَاث وَلِيّ مَاله . فَقَالَ بَعْضهمْ : لَيْسَ لِوَلِيِّ مَاله أَنْ يُقَسِّم مِنْ مَاله وَوَصِيَّته شَيْئًا , لِأَنَّهُ لَا يَمْلِك مِنْ الْمَال شَيْئًا , وَلَكِنَّهُ يَقُول لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . قَالُوا : وَاَلَّذِي أَمَرَهُ اللَّه بِأَنْ يَقُول لَهُمْ مَعْرُوفًا هُوَ وَلِيّ مَال الْيَتِيم إِذَا قَسَّمَ مَال الْيَتِيم بَيْنه وَبَيْن شُرَكَاء الْيَتِيم , إِلَّا أَنْ يَكُون وَلِيّ مَاله أَحَد الْوَرَثَة , فَيُعْطِيَهُمْ مِنْ نَصِيبه وَيُعْطِيَهُمْ مَنْ يَجُوز أَمْره فِي مَاله مِنْ أَنْصِبَائِهِمْ . قَالُوا : فَأَمَّا مِنْ مَال الصَّغِير الَّذِي يُوَلَّى عَلَى مَاله لَا يَجُوز لِوَلِيٍّ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْهُ شَيْئًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6918 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : سَأَلْت سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } قَالَ : إِنْ كَانَ الْمَيِّت أَوْصَى لَهُمْ بِشَيْءٍ أُنْفِذَتْ لَهُمْ وَصِيَّتهمْ , وَإِنْ كَانَ الْوَرَثَة كِبَارًا رَضَخُوا لَهُمْ , وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا قَالَ وَلِيّهمْ إِنِّي لَسْت أَمْلِك هَذَا الْمَال وَلَيْسَ لِي وَإِنَّمَا هُوَ لِلصِّغَارِ , فَذَلِكَ قَوْله : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } . 6919 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : هُمَا وَلِيَّانِ : وَلِيّ يَرِث , وَوَلِيّ لَا يَرِث , فَأَمَّا الَّذِي يَرِث فَيُعْطَى , وَأَمَّا الَّذِي لَا يَرِث , فَقُولُوا لَهُ قَوْلًا مَعْرُوفًا . 6920 - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن دَاوُد , عَنْ الْحَسَن وَسَعِيد بْن جُبَيْر , كَانَا يَقُولَانِ : ذَلِكَ عِنْد قِسْمَة الْمِيرَاث , إِنْ كَانَ الْمِيرَاث لِمَنْ قَدْ أَدْرَكَ , فَلَهُ أَنْ يَكْسُوَ مِنْهُ , وَأَنْ يُطْعِم الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين , وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاث لِيَتَامَى صِغَار , فَيَقُول الْوَلِيّ : إِنَّهُ لِيَتَامَى صِغَار , وَيَقُول لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا. * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : إِنْ كَانُوا كِبَارًا رَضَخُوا , وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا اِعْتَذَرُوا إِلَيْهِمْ . 6921 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى } قَالَ : كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : إِذَا وَلِيَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَرْضَخ لِأَقْرِبَاءِ الْمَيِّت , وَإِنْ لَمْ يَفْعَل اِعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . 6922 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } هَذِهِ تَكُون عَلَى ثَلَاثَة أَوْجُه : أَمَّا الْأَوَّل : فَيُوصِي لَهُمْ وَصِيَّة فَيَحْضُرُونَ وَيَأْخُذُونَ وَصِيَّتهمْ. وَأَمَّا الثَّانِي : فَإِنَّهُمْ يَحْضُرُونَ فَيَقْتَسِمُونَ إِذَا كَانُوا رِجَالًا فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُمْ. وَأَمَّا الثَّالِث : فَتَكُون الْوَرَثَة صِغَارًا , فَيَقُوم وَلِيّهمْ إِذَا قَسَّمَ بَيْنهمْ , فَيَقُول لِلَّذِينَ حَضَرُوا : حَقّكُمْ حَقّ وَقَرَابَتكُمْ قَرَابَة وَلَوْ كَانَ لِي فِي الْمِيرَاث نَصِيب لَأَعْطَيْتُكُمْ , وَلَكِنَّهُمْ صِغَار , فَإِنْ يَكْبَرُوا فَسَيَعْرِفُونَ حَقّكُمْ . فَهَذَا الْقَوْل الْمَعْرُوف . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد أَنَّهُ قَالَ : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : إِذَا كَانَ الْوَارِث عِنْد الْقِسْمَة , فَكَانَ الْإِنَاء وَالشَّيْء الَّذِي لَا يُسْتَطَاع أَنْ يُقَسَّم فَلْيَرْضَخْ لَهُمْ , وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاث لِلْيَتَامَى , فَلْيَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : ذَلِكَ وَاجِب فِي أَمْوَال الصِّغَار وَالْكِبَار لِأُولِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين , فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَة كِبَارًا , تَوَلَّوْا عِنْد الْقِسْمَة إِعْطَاءَهُمْ ذَلِكَ , وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا تَوَلَّى إِعْطَاء ذَلِكَ مِنْهُمْ وَلِيّ مَالهمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6923 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس فِي قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } فَحَدَّثَ عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة : أَنَّهُ وَلِيَ وَصِيَّة , فَأَمَرَ بِشَاةٍ فَذُبِحَتْ , وَصَنَعَ طَعَامًا لِأَجْلِ هَذِهِ الْآيَة , وَقَالَ : لَوْلَا هَذِهِ الْآيَة لَكَانَ هَذَا مِنْ مَالِي. قَالَ : وَقَالَ الْحَسَن : لَمْ تُنْسَخ , كَانُوا يَحْضُرُونَ فَيُعْطَوْنَ الشَّيْء وَالثَّوْب الْخَلَق . قَالَ يُونُس : إِنَّ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ وَلِيَ وَصِيَّة - أَوْ قَالَ أَيْتَامًا - فَأَمَرَ بِشَاةٍ فَذُبِحَتْ فَصَنَعَ طَعَامًا , كَمَا صَنَعَ عُبَيْدَة . 6924 - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ مُحَمَّد : أَنَّ عُبَيْدَة قَسَّمَ مِيرَاث أَيْتَام , فَأَمَرَ بِشَاةٍ فَاشْتُرِيَتْ مِنْ مَالهمْ , وَبِطَعَامٍ فَصُنِعَ , وَقَالَ : لَوْلَا هَذِهِ الْآيَة لَأَحْبَبْت أَنْ يَكُون مِنْ مَالِي . ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } . .. الْآيَة . فَكَأَنَّ مَنْ ذَهَبَ مِنْ الْقَائِلِينَ الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَسَعِيد بْن جُبَيْر , وَمَنْ قَالَ : يُرْضَخ عِنْد قِسْمَة الْمِيرَاث لِأُولِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين تَأَوَّلَ قَوْله : { فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } فَأَعْطُوهُمْ مِنْهُ . وَكَأَنَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى مَا قَالَ عُبَيْدَة وَابْن سِيرِينَ , تَأَوَّلُوا قَوْله : { فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } فَأَطْعِمُوهُمْ مِنْهُ .

وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ أَمْر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره وُلَاة الْيَتَامَى أَنْ يَقُولُوا لِأُولِي قَرَابَتهمْ وَلِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين إِذَا حَضَرُوا قِسْمَتهمْ مَال مَنْ وُلُّوا عَلَيْهِ مَاله مِنْ الْأَمْوَال بَيْنهمْ وَبَيْن شُرَكَائِهِمْ مِنْ الْوَرَثَة فِيهَا أَنْ يَعْتَذِرُوا إِلَيْهِمْ عَلَى نَحْو مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى مِنْ الِاعْتِذَار . كَمَا : 6925 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : هُوَ الَّذِي لَا يَرِث أُمِرَ أَنْ يَقُول لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا . قَالَ : يَقُول : إِنَّ هَذَا الْمَال لِقَوْمٍ غُيَّب , أَوْ لِيَتَامَى صِغَار وَلَكِنْ فِيهِ حَقّ , وَلَسْنَا نَمْلِك أَنْ نُعْطِيَكُمْ مِنْهُ شَيْئًا . قَالَ : فَهَذَا الْقَوْل الْمَعْرُوف . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمَأْمُور بِالْقَوْلِ الْمَعْرُوف الَّذِي أَمَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يُقَال لَهُ هُوَ الرَّجُل الَّذِي يُوصِي فِي مَاله , وَالْقَوْل الْمَعْرُوف هُوَ الدُّعَاء لَهُمْ بِالرِّزْقِ وَالْغِنَى وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ قَوْل الْخَيْر . وَقَدْ ذَكَرْنَا قَائِلِي ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته .
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًاسورة النساء الآية رقم 9
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّه } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : { وَلْيَخْشَ } لِيَخَفْ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ مُوصِيًا يُوصِي فِي مَاله أَنْ يَأْمُرهُ بِتَفْرِيقِ مَاله وَصِيَّة بِهِ فِيمَنْ لَا يَرِثهُ , وَلَكِنْ لِيَأْمُرهُ أَنْ يُبْقِيَ مَاله لِوَلَدِهِ , كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُوصِي , يَسُرّهُ أَنْ يَحُثّهُ مَنْ يَحْضُرهُ عَلَى حِفْظ مَاله لِوَلَدِهِ , وَأَنْ لَا يَدَعهُمْ عَالَة مَعَ ضَعْفهمْ وَعَجْزهمْ عَنْ التَّصَرُّف وَالِاحْتِيَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6926 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . فَهَذَا فِي الرَّجُل يَحْضُرهُ الْمَوْت فَيَسْمَعهُ يُوصِي بِوَصِيَّةٍ تَضُرّ بِوَرَثَتِهِ , فَأَمَرَ اللَّه سُبْحَانه الَّذِي يَسْمَعهُ أَنْ يَتَّقِي اللَّه وَيُوَفِّقهُ وَيُسَدِّدهُ لِلصَّوَابِ , وَلْيَنْظُرْ لِوَرَثَتِهِ كَمَا كَانَ يُحِبّ أَنْ يَصْنَع لِوَرَثَتِهِ إِذَا خَشِيَ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَة . 6927 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ } يَعْنِي : الَّذِي يَحْضُرهُ الْمَوْت , فَيُقَال لَهُ : تَصَدَّقْ مِنْ مَالك , وَأَعْتَقَ , وَأَعْطِ مِنْهُ فِي سَبِيل اللَّه , فَنُهُوا أَنْ يَأْمُرُوهُ بِذَلِكَ . يَعْنِي : أَنَّ مَنْ حَضَرَ مِنْكُمْ مَرِيضًا عِنْد الْمَوْت , فَلَا يَأْمُرهُ أَنْ يُنْفِق مَاله فِي الْعِتْق أَوْ الصَّدَقَة أَوْ فِي سَبِيل اللَّه , وَلَكِنْ يَأْمُرهُ أَنْ يُبَيِّن مَاله , وَمَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْن , وَيُوصِي فِي مَاله لِذَوِي قَرَابَته الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ , وَيُوصِي لَهُمْ بِالْخُمُسِ أَوْ الرُّبُع . يَقُول : أَلَيْسَ يَكْرَه أَحَدكُمْ إِذَا مَاتَ وَلَهُ وَلَد ضِعَاف - يَعْنِي صِغَارًا - أَنْ يَتْرُكهُمْ بِغَيْرِ مَال , فَيَكُونُوا عِيَالًا عَلَى النَّاس ؟ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَأْمُرُوهُ بِمَا لَا تَرْضَوْنَ بِهِ لِأَنْفُسِكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ وَلَكِنْ قُولُوا الْحَقّ مِنْ ذَلِكَ . 6928 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } قَالَ : يَقُول : مَنْ حَضَرَ مَيِّتًا فَلْيَأْمُرْهُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان , وَلِيَنْهَهُ عَنْ الْحَيْف وَالْجَوْر فِي وَصِيَّته , وَلْيَخْشَ عَلَى عِيَاله مَا كَانَ خَائِفًا عَلَى عِيَاله لَوْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْت. * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } قَالَ : إِذَا حَضَرَتْ وَصِيَّة مَيِّت , فَمُرْهُ بِمَا كُنْت آمِرًا نَفْسك بِمَا تَتَقَرَّب بِهِ إِلَى اللَّه , وَخَفْ فِي ذَلِكَ مَا كُنْت خَائِفًا عَلَى ضَعَفَتك لَوْ تَرَكْتهمْ بَعْدك . يَقُول : فَاتَّقِ اللَّه وَقُلْ قَوْلًا سَدِيدًا , إِنْ هُوَ زَاغَ . 6929 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّه وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } الرَّجُل يَحْضُرهُ الْمَوْت , فَيَحْضُرهُ الْقَوْم عِنْد الْوَصِيَّة , فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا لَهُ : أَوْصِ بِمَالِكَ كُلّه وَقَدِّمْ لِنَفْسِك , فَإِنَّ اللَّه سَيَرْزُقُ عِيَالك , وَلَا يَتْرُكُوهُ يُوصِي بِمَالِهِ كُلّه , يَقُول لِلَّذِينَ حَضَرُوا : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ } فَيَقُول كَمَا يَخَاف أَحَدكُمْ عَلَى عِيَاله لَوْ مَاتَ - إِذْ يَتْرُكهُمْ صِغَارًا ضِعَافًا لَا شَيْء لَهُمْ - الضَّيْعَة بَعْده , فَلْيَخَفْ ذَلِكَ عَلَى عِيَال أَخِيهِ الْمُسْلِم , فَيَقُول لَهُ الْقَوْل السَّدِيد . 6930 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَبِيب , قَالَ : ذَهَبْت أَنَا وَالْحَكَم بْن عُيَيْنَة إِلَى سَعِيد بْن جُبَيْر , فَسَأَلْنَاهُ عَنْ قَوْله : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا }. .. الْآيَة , قَالَ : قَالَ الرَّجُل يَحْضُرهُ الْمَوْت , فَيَقُول لَهُ مَنْ يَحْضُرهُ : اِتَّقِ اللَّه , صِلْهُمْ , أَعْطِهِمْ , بِرّهمْ , وَلَوْ كَانُوا : هُمْ الَّذِينَ يَأْمُرهُمْ بِالْوَصِيَّةِ لَأَحَبُّوا أَنْ يَبْقَوْا لِأَوْلَادِهِمْ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } قَالَ : يَحْضُرهُمْ الْيَتَامَى فَيَقُولُونَ : اِتَّقِ اللَّه وَصِلْهُمْ وَأَعْطِهِمْ , فَلَوْ كَانُوا هُمْ لَأَحَبُّوا أَنْ يُبْقُوا لِأَوْلَادِهِمْ . 6931 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } . .. الْآيَة , يَقُول : إِذَا حَضَرَ أَحَدكُمْ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْت عِنْد وَصِيَّته , فَلَا يَقُلْ : أَعْتِقْ مِنْ مَالك وَتَصَدَّقْ , فَيُفَرِّق مَاله وَيَدَع أَهْله عَيْلًا , وَلَكِنْ مُرُوهُ فَلْيَكْتُبْ مَاله مِنْ دَيْن وَمَا عَلَيْهِ , وَيَجْعَل مِنْ مَاله لِذَوِي قَرَابَته خُمُس مَاله , وَيَدَع سَائِرَهُ لِوَرَثَتِهِ . 6932 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ }. .. الْآيَة . قَالَ : هَذَا يُفَرِّق الْمَال حِين يُقَسَّم , فَيَقُول الَّذِينَ يَحْضُرُونَ : أَقْلَلْت زِدْ فُلَانًا ! فَيَقُول اللَّه تَعَالَى : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ } فَلْيَخْشَ أُولَئِكَ وَلْيَقُولُوا فِيهِمْ مِثْل مَا يُحِبّ أَحَدهمْ أَنْ يُقَال فِي وَلَده بِالْعَدْلِ إِذَا أَكْثَرَ : أَبْقِ عَلَى وَلَدك . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلْيَخْشَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ الْمُوصِي وَهُوَ يُوصِي , الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا فَخَافُوا عَلَيْهِمْ الضَّيْعَة مِنْ ضَعْفهمْ وَطُفُولَتهمْ , أَنْ يُنْهُوهُ عَنْ الْوَصِيَّة لِأَقْرِبَائِهِ , وَأَنْ يَأْمُرهُ بِإِمْسَاكِ مَاله وَالتَّحَفُّظ بِهِ لِوَلَدِهِ , وَهُمْ لَوْ كَانُوا مِنْ أَقْرِبَاء الْمُوصِي لَسَرَّهُمْ أَنْ يُوصِيَ لَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6933 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَبِيب , قَالَ : ذَهَبْت أَنَا وَالْحَكَم بْن عُيَيْنَة , فَأَتَيْنَا مِقْسَمًا , فَسَأَلْنَاهُ , يَعْنِي عَنْ قَوْله : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } . .. الْآيَة , فَقَالَ : مَا قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر ؟ فَقُلْنَا : كَذَا وَكَذَا . فَقَالَ : وَلَكِنَّهُ الرَّجُل يَحْضُرهُ الْمَوْت , فَيَقُول لَهُ مَنْ يَحْضُرهُ : اِتَّقِ اللَّه وَأَمْسِكْ عَلَيْك مَالك , فَلَيْسَ أَحَد أَحَقّ بِمَالِكَ مِنْ وَلَدك ! وَلَوْ كَانَ الَّذِي يُوصِي ذَا قَرَابَة لَهُمْ , لَأَحَبُّوا أَنْ يُوصِي لَهُمْ . 6934 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت قَالَ : قَالَ مِقْسَم : هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ : اِتَّقِ اللَّه وَأَمْسِك عَلَيْك مَالك , فَلَوْ كَانَ ذَا قَرَابَة لَهُمْ لَأَحَبُّوا أَنْ يُوصِي لَهُمْ . 6935 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : زَعَمَ حَضْرَمِيّ , وَقَرَأَ : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا } قَالَ : قَالُوا حَقِيق أَنْ يَأْمُر صَاحِب الْوَصِيَّة بِالْوَصِيَّةِ لِأَهْلِهَا , كَمَا أَنْ لَوْ كَانَتْ ذُرِّيَّة نَفْسه بِتِلْكَ الْمَنْزِلَة لَأَحَبَّ أَنْ يُوصِي لَهُمْ , وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَارِث فَلَا يَمْنَعهُ ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرهُ بِاَلَّذِي يَحِقّ عَلَيْهِ , فَإِنَّ وَلَده لَوْ كَانُوا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَة أَحَبَّ أَنْ يَحُثّ عَلَيْهِ , فَلْيَتَّقِ اللَّه هُوَ , فَلْيَأْمُرْهُ بِالْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَارِث , أَوْ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَمْر مِنْ اللَّه وُلَاة الْيَتَامَى أَنْ يَلُوهُمْ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ فِي أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ , وَلَا يَأْكُلُوا أَمْوَالهمْ إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا , وَأَنْ يَكُونُوا لَهُمْ كَمَا يُحِبُّونَ أَنْ يَكُون وُلَاة وَلَده الصِّغَار بَعْدهمْ لَهُمْ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ لَوْ كَانُوا هُمْ الَّذِينَ مَاتُوا وَتَرَكُوا أَوْلَادهمْ يَتَامَى صِغَارًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6936 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ : الرَّجُل يَمُوت وَلَهُ أَوْلَاد صِغَار ضِعَاف يَخَاف عَلَيْهِمْ الْعَيْلَة وَالضَّيْعَة , وَيَخَاف بَعْده أَنْ لَا يُحْسِن إِلَيْهِمْ مَنْ يَلِيهِمْ , يَقُول : فَإِنْ وَلِيَ مِثْل ذُرِّيَّته ضِعَافًا يَتَامَى , فَلْيُحْسِنْ إِلَيْهِمْ , وَلَا يَأْكُل أَمْوَالهمْ إِسْرَافًا وَبِدَارًا خَشْيَة أَنْ يَكْبَرُوا , فَلْيَتَّقُوا اللَّه , وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ , فَلْيَتَّقُوا اللَّه وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا , يَكْفِيهِمْ اللَّه أَمْر ذُرِّيَّتهمْ بَعْدهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6937 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن عَطِيَّة بْن دُرَيْج بْن عَطِيَّة , قَالَ : ثني عَمِّي مُحَمَّد بْن دُرَيْج , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , قَالَ : كُنَّا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ أَيَّام مَسْلَمَة بْن عَبْد الْمَلِك , وَفِينَا اِبْن مُحَيْرِيز وَابْن الدَّيْلَمِيّ وَهَانِئ بْن كُلْثُوم , قَالَ : فَجَعَلْنَا نَتَذَاكَر مَا يَكُون فِي آخِر الزَّمَان , قَالَ : فَضِقْت ذَرْعًا بِمَا سَمِعْت , قَالَ : فَقُلْت لِابْنِ الدَّيْلَمِيّ : يَا أَبَا بِشْر بِوُدِّي أَنَّهُ لَا يُولَد لِي وَلَد أَبَدًا ! قَالَ : فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي وَقَالَ : يَا اِبْن أَخِي لَا تَفْعَل , فَإِنَّهُ لَيْسَتْ مِنْ نَسَمَة كَتَبَ اللَّه لَهَا أَنْ تَخْرُج مِنْ صُلْب رَجُل , إِلَّا وَهِيَ خَارِجَة إِنْ شَاءَ وَإِنْ أَبَى . قَالَ : أَلَا أَدُلّك عَلَى أَمْر إِنْ أَنْتَ أَدْرَكْته نَجَّاك اللَّه مِنْهُ , وَإِنْ تَرَكْت وَلَدك مِنْ بَعْدك حَفِظَهُمْ اللَّه فِيك ؟ قَالَ : قُلْت بَلَى , قَالَ : فَتَلَا عِنْد ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَة : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّه وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات بِالْآيَةِ قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيل ذَلِكَ : وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ الْعَيْلَة لَوْ كَانُوا فَرَّقُوا أَمْوَالهمْ فِي حَيَاتهمْ , أَوْ قَسَّمُوهَا وَصِيَّة مِنْهُمْ بِهَا لِأُولِي قَرَابَتهمْ وَأَهْل الْيُتْم وَالْمَسْكَنَة , فَأَبْقَوْا أَمْوَالهمْ لِوَلَدِهِمْ خَشْيَة الْعَيْلَة عَلَيْهِمْ بَعْدهمْ مَعَ ضَعْفهمْ وَعَجْزهمْ عَنْ الْمَطَالِب , فَلْيَأْمُرُوا مَنْ حَضَرُوهُ , وَهُوَ يُوصِي لِذَوِي قَرَابَته - وَفِي الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَفِي غَيْر ذَلِكَ - بِمَالِهِ بِالْعَدْلِ , وَلْيَتَّقُوا اللَّه , وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا , وَهُوَ أَنْ يُعَرِّفُوهُ مَا أَبَاحَ اللَّه لَهُ مِنْ الْوَصِيَّة وَمَا اِخْتَارَهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَبِكِتَابِهِ وَسُنَّته. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة أَوْلَى مِنْ غَيْره مِنْ التَّأْوِيلَات لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى قَبْل , مِنْ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَأَوْصُوا لَهُمْ , بِمَا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَدِلَّة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ تَأْوِيل قَوْله : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَة أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } . .. الْآيَة , فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ } تَأْدِيبًا مِنْهُ عِبَاده فِي أَمْر الْوَصِيَّة بِمَا أَذِنَهُمْ فِيهِ , إِذْ كَانَ ذَلِكَ عَقِيب الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا فِي حُكْم الْوَصِيَّة , وَكَانَ أَظْهَر مَعَانِيه مَا قُلْنَا , فَإِلْحَاق حُكْمه بِحُكْمِ مَا قَبْله أَوْلَى مَعَ اِشْتِبَاه مَعَانِيهمَا مِنْ صَرْف حُكْمه إِلَى غَيْره بِمَا هُوَ لَهُ غَيْر مُشَبَّه .

وَبِمَعْنَى مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } قَالَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْله فِي مُبْتَدَأ تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة , وَبِهِ كَانَ اِبْن زَيْد يَقُول . 6938 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّه وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } قَالَ : يَقُول قَوْلًا سَدِيدًا , يَذْكُر هَذَا الْمِسْكِين وَيَنْفَعهُ , وَلَا يُجْحِف بِهَذَا الْيَتِيم وَارِث الْمُؤَدِّي وَلَا يَضُرّ بِهِ , لِأَنَّهُ صَغِير لَا يَدْفَع عَنْ نَفْسه , فَانْظُرْ لَهُ كَمَا تَنْظُر إِلَى وَلَدك لَوْ كَانُوا صِغَارًا . وَالسَّدِيد مِنْ الْكَلَام : هُوَ الْعَدْل وَالصَّوَاب.
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًاسورة النساء الآية رقم 10
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا } يَقُول : بِغَيْرِ حَقّ , { إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا } يَوْم الْقِيَامَة , بِأَكْلِهِمْ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا فِي الدُّنْيَا , نَار جَهَنَّم. { وَسَيَصْلَوْنَ } بِأَكْلِهِمْ { سَعِيرًا } . كَمَا : 6939 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا } قَالَ : إِذَا قَامَ الرَّجُل يَأْكُل مَال الْيَتِيم ظُلْمًا , يُبْعَث يَوْم الْقِيَامَة وَلَهَب النَّار يَخْرُج مِنْ فِيهِ وَمِنْ مَسَامِعه وَمِنْ أُذُنَيْهِ وَأَنْفه وَعَيْنَيْهِ , يَعْرِفهُ مَنْ رَآهُ يَأْكُل مَال الْيَتِيم . 6940 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو هَارُون الْعَبْدِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : ثنا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ , قَالَ : " نَظَرْت فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ لَهُمْ مَشَافِر كَمَشَافِر الْإِبِل وَقَدْ وُكِّلَ بِهِمْ مَنْ يَأْخُذ بِمَشَافِرِهِمْ , ثُمَّ يَجْعَل فِي أَفْوَاههمْ صَخْرًا مِنْ نَار يَخْرُج مِنْ أَسَافِلهمْ , قُلْت : يَا جِبْرِيل مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا " . 6941 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } قَالَ : قَالَ أَبِي : إِنَّ هَذِهِ لِأَهْلِ الشِّرْك حِين كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَهُمْ وَيَأْكُلُونَ أَمْوَالهمْ .

وَأَمَّا قَوْله : { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } فَإِنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ الصَّلَا , وَالصَّلَا : الِاصْطِلَاء بِالنَّارِ , وَذَلِكَ التَّسْخِين بِهَا , كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَق : وَقَاتَلَ كَلْب الْحَيّ عَنْ نَار أَهْله لِيَرْبِض فِيهَا وَالصَّلَا مُتَكَنَّف وَكَمَا قَالَ الْعَجَّاج : وَصَالِيَانِ لِلصَّلَا صُلِيّ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ ذَلِكَ فِي كُلّ مَنْ بَاشَرَ بِيَدِهِ أَمْرًا مِنْ الْأُمُور , مِنْ حَرْب أَوْ قِتَال أَوْ خُصُومَة أَوْ غَيْر ذَلِكَ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتهَا عَلِمَ اللَّـ ـهُ وَإِنِّي بِحَرِّهَا الْيَوْم صَالِي فَجَعَلَ مَا بَاشَرَ مِنْ شِدَّة الْحَرْب وَإِجْرَاء الْقِتَال , بِمَنْزِلَةِ مُبَاشَرَة أَذَى النَّار وَحَرّهَا. وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْعِرَاق : { وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } بِفَتْحِ الْيَاء عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي قُلْنَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا " بِضَمِّ الْيَاء , بِمَعْنَى يُحَرِّقُونَ مِنْ قَوْلهمْ : شَاة مَصْلِيَّة , يَعْنِي : مَشْوِيَّة. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْفَتْح بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الضَّمّ لِإِجْمَاعِ جَمِيع الْقُرَّاء عَلَى فَتْح الْيَاء فِي قَوْله : { لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى } وَلِدَلَالَةِ قَوْله : { إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيم } عَلَى أَنَّ الْفَتْح بِهَا أَوْلَى مِنْ الضَّمّ . وَأَمَّا السَّعِير : فَإِنَّهُ شِدَّة حَرّ جَهَنَّم , وَمِنْهُ قِيلَ : اِسْتَعَرَتْ الْحَرْب : إِذَا اِشْتَدَّتْ , وَإِنَّمَا هُوَ مَسْعُور , ثُمَّ صُرِفَ إِلَى سَعِير , قِيلَ : كَفّ خَضِيب , وَلِحْيَة دَهِين , وَإِنَّمَا هِيَ مَخْضُوبَة صُرِفَتْ إِلَى فَعِيل. فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذًا : وَسَيَصْلَوْنَ نَارًا مُسَعَّرَة : أَيْ مَوْقُودَة مُشْعَلَة , شَدِيدًا حَرّهَا . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ : { وَإِذَا الْجَحِيم سُعِّرَتْ } فَوَصَفَهَا بِأَنَّهَا مَسْعُورَة , ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ أَكَلَة أَمْوَال الْيَتَامَى يَصْلَوْنَهَا , وَهِيَ كَذَلِكَ , فَالسَّعِير إِذًا فِي هَذَا الْمَوْضِع صِفَة لِلْجَحِيمِ عَلَى مَا وَصَفْنَا .
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًاسورة النساء الآية رقم 11
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يُوصِيكُمْ اللَّه } يَعْهَد اللَّه إِلَيْكُمْ , { فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } يَقُول يَعْهَد إِلَيْكُمْ رَبّكُمْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّت مِنْكُمْ , وَخَلَّفَ أَوْلَادًا ذُكُورًا وَإِنَاثًا , فَلِوَلَدِهِ الذُّكُور وَالْإِنَاث مِيرَاثه أَجْمَع بَيْنهمْ , لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ , إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِث غَيْرهمْ , سَوَاء فِيهِ صِغَار وَلَده وَكِبَارهمْ وَإِنَاثهمْ فِي أَنَّ جَمِيع ذَلِكَ بَيْنهمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَرُفِعَ قَوْله : " مِثْل " , بِالصِّفَةِ , وَهِيَ اللَّام الَّتِي فِي قَوْله : { لِلذَّكَرِ } وَلَمْ يُنْصَب بِقَوْلِهِ : { يُوصِيكُمْ اللَّه } لِأَنَّ الْوَصِيَّة فِي هَذَا الْمَوْضِع عَهْد وَإِعْلَام بِمَعْنَى الْقَوْل , وَالْقَوْل لَا يَقَع عَلَى الْأَسْمَاء الْمُخْبَر عَنْهَا , فَكَأَنَّهُ قِيلَ : يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْره : لَكُمْ فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبْيِينًا مِنْ اللَّه الْوَاجِب مِنْ الْحُكْم فِي مِيرَاث مَنْ مَاتَ وَخَلَّفَ وَرَثَة عَلَى مَا بَيَّنَ , لِأَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا لَا يُقَسِّمُونَ مِنْ مِيرَاث الْمَيِّت لِأَحَدٍ مِنْ وَرَثَته بَعْده مِمَّنْ كَانَ لَا يُلَاقِي الْعَدُوّ وَلَا يُقَاتِل فِي الْحُرُوب مِنْ صِغَار وَلَده , وَلَا لِلنِّسَاءِ مِنْهُمْ , وَكَانُوا يَخُصُّونَ بِذَلِكَ الْمُقَاتِلَة دُون الذُّرِّيَّة , فَأَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ مَا خَلَّفَهُ الْمَيِّت بَيْن مَنْ سَمَّى وَفَرَضَ لَهُ مِيرَاثًا فِي هَذِهِ الْآيَة وَفِي آخِر هَذِهِ السُّورَة , فَقَالَ فِي صِغَار وَلَد الْمَيِّت وَكِبَارهمْ وَإِنَاثهمْ : لَهُمْ مِيرَاث أَبِيهِمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِث غَيْرهمْ , لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6942 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا يُوَرِّثُونَ الْجَوَارِيَ , وَلَا الصِّغَار مِنْ الْغِلْمَان , لَا يَرِث الرَّجُل مِنْ وَلَده إِلَّا مَنْ أَطَاقَ الْقِتَال . فَمَاتَ عَبْد الرَّحْمَن أَخُو حَسَّان الشَّاعِر , وَتَرَكَ اِمْرَأَة يُقَال لَهَا أُمّ كُحَّة وَتَرَكَ خَمْس أَخَوَات , فَجَاءَتْ الْوَرَثَة يَأْخُذُونَ مَاله , فَشَكَتْ أُمّ كُحَّة ذَلِكَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَة : { فَإِنْ كُنَّ نِسَاء فَوْق اِثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَة فَلَهَا النِّصْف } ثُمَّ قَالَ فِي أُمّ كُحَّة : { وَلَهُنَّ الرُّبُع مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَد فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَد فَلَهُنَّ الثُّمُن } . 6943 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ الْفَرَائِض الَّتِي فَرَضَ اللَّه فِيهَا مَا فَرَضَ لِلْوَلَدِ الذَّكَر وَالْأُنْثَى وَالْأَبَوَيْنِ كَرِهَهَا النَّاس أَوْ بَعْضهمْ , وَقَالُوا : تُعْطَى الْمَرْأَة الرُّبُع وَالثُّمُن , وَتُعْطَى الِابْنَة النِّصْف , وَيُعْطَى الْغُلَام الصَّغِير , وَلَيْسَ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحَد يُقَاتِل الْقَوْم وَلَا يَحُوز الْغَنِيمَة ! اُسْكُتُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيث , لَعَلَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْسَاهُ , أَوْ نَقُول لَهُ فَيُغَيِّرهُ ! فَقَالَ بَعْضهمْ : يَا رَسُول اللَّه , أَنُعْطِي الْجَارِيَة نِصْف مَا تَرَكَ أَبُوهَا , وَلَيْسَتْ تَرْكَب الْفَرَس , وَلَا تُقَاتِل الْقَوْم , وَنُعْطِي الصَّبِيّ الْمِيرَاث , وَلَيْسَ يُغْنِي شَيْئًا ؟ وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّة , لَا يُعْطُونَ الْمِيرَاث إِلَّا مَنْ قَاتَلَ , وَيُعْطُونَهُ الْأَكْبَر فَالْأَكْبَر. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْل أَنَّ الْمَال كَانَ لِلْوَلَدِ قَبْل نُزُوله , وَلِلْوَالِدَيْنِ الْوَصِيَّة , فَنَسَخَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6944 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد أَوْ عَطَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ } قَالَ : كَانَ الْمَال لِلْوَلَدِ , وَكَانَتْ الْوَصِيَّة لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ , فَنَسَخَ اللَّه مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ , فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ , وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس مَعَ الْوَلَد , وَلِلزَّوْجِ الشَّطْر وَالرُّبُع , وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُع وَالثُّمُن . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } قَالَ : كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : كَانَ الْمَال وَكَانَتْ الْوَصِيَّة لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ , فَنَسَخَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ , فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله . وَرُوِيَ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه مَا : 6945 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر , قَالَ : سَمِعْت جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيض , فَتَوَضَّأَ وَنَضَحَ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَأَفَقْت , فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه إِنَّمَا يَرِثنِي كَلَالَة , فَكَيْفَ بِالْمِيرَاثِ ؟ فَنَزَلَتْ آيَة الْفَرَائِض . 6946 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر عَنْ جَابِر , قَالَ : عَادَنِي رَسُول اللَّه - وَأَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي بَنِي سَلِمَة يَمْشِيَانِ , فَوَجَدَانِي لَا أَعْقِل , فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ , ثُمَّ رَشَّ عَلَيَّ فَأَفَقْت , فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه كَيْفَ أَصْنَع فِي مَالِي ؟ فَنَزَلَتْ { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ }. .. الْآيَة

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ كُنَّ نِسَاء فَوْق اِثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } . يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كُنَّ } فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكَات نِسَاء فَوْق اِثْنَتَيْنِ . وَيَعْنِي بِقَوْلِ نِسَاء : بَنَات الْمَيِّت فَوْق اِثْنَتَيْنِ , يَقُول : أَكْثَر فِي الْعَدَد مِنْ اِثْنَتَيْنِ . { فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } يَقُول : فَلِبَنَاتِهِ الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ بَعْده مِنْ مِيرَاثه دُون سَائِر وَرَثَته إِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّت خَلَّفَ وَلَدًا ذَكَرًا مَعَهُنَّ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كُنَّ نِسَاء } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا : فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكَات نِسَاء , وَهُوَ أَيْضًا قَوْل بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَإِنْ كَانَ الْأَوْلَاد نِسَاء . وَقَالَ : إِنَّمَا ذَكَرَ اللَّه الْأَوْلَاد , فَقَالَ : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ } ثُمَّ قَسَّمَ الْوَصِيَّة , فَقَالَ : { فَإِنْ كُنَّ نِسَاء } وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَاد وَاحِدَة تَرْجَمَة مِنْهُ بِذَلِكَ عَنْ الْأَوْلَاد . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْقَوْل الْأَوَّل الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَمَّنْ حَكَيْنَاهُ عَنْهُ مِنْ الْبَصْرِيِّينَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي , لِأَنَّ قَوْله : " وَإِنْ كُنَّ " , لَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهِ الْأَوْلَاد , لَقِيلَ : وَإِنْ كَانُوا , لِأَنَّ الْأَوْلَاد تَجْمَع الذُّكُور وَالْإِنَاث , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّمَا يُقَال : كَانُوا لَا كُنَّ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَة فَلَهَا النِّصْف وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد } . يَعْنِي بِقَوْلِهِ : وَإِنْ كَانَتْ الْمَتْرُوكَة اِبْنَة وَاحِدَة , فَلَهَا النِّصْف , يَقُول : فَلِتِلْكَ الْوَاحِدَة نِصْف مَا تَرَكَ الْمَيِّت مِنْ مِيرَاثه إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا غَيْرهَا مِنْ وَلَد الْمَيِّت ذَكَر وَلَا أُنْثَى . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَهَذَا فَرْض الْوَاحِدَة مِنْ النِّسَاء , وَمَا فَوْق الِاثْنَتَيْنِ , فَأَيْنَ فَرِيضَة الِاثْنَتَيْنِ ؟ قِيلَ : فَرِيضَتهمْ بِالسُّنَّةِ الْمَنْقُولَة نَقْل الْوِرَاثَة الَّتِي لَا يَجُوز فِيهَا الشَّكّ . وَأَمَّا قَوْله : { وَلِأَبَوَيْهِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلِأَبَوَيْ الْمَيِّت لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس مِنْ تَرِكَته وَمَا خَلَّفَ مِنْ مَاله سَوَاء فِيهِ الْوَالِدَة وَالْوَالِد , لَا يَزْدَاد وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى السُّدُس إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد ذَكَرًا كَانَ الْوَلَد أَوْ أُنْثَى , وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَة . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ التَّأْوِيل , فَقَدْ يَجِب أَنْ لَا يُزَاد الْوَالِد مَعَ الِابْنَة الْوَاحِدَة عَلَى السُّدُس مِنْ مِيرَاثه عَنْ وَلَده الْمَيِّت , وَذَلِكَ إِنْ قُلْته قَوْل خِلَاف لِمَا عَلَيْهِ الْأُمَّة مُجْمِعُونَ مِنْ تَصْيِيرهمْ بَاقِيَ تَرِكَة الْمَيِّت مَعَ الِابْنَة الْوَاحِدَة بَعْد أَخْذهَا نَصِيبهَا مِنْهَا لِوَالِدِهِ أَجْمَع ؟ قِيلَ : لَيْسَ الْأَمْر فِي ذَلِكَ كَاَلَّذِي ظَنَنْت , وَإِنَّمَا لِكُلِّ وَاحِد مِنْ أَبَوَيْ الْمَيِّت السُّدُس مِنْ تَرِكَته مَعَ وَلَده ذَكَرًا كَانَ الْوَلَد أَوْ أُنْثَى , وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَة , فَرِيضَة مِنْ اللَّه لَهُ مُسَمَّاة , فَإِنْ زِيدَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّة النِّصْف مَعَ الِابْنَة الْوَاحِدَة إِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْره وَغَيْر اِبْنَة لِلْمَيِّتِ وَاحِدَة فَإِنَّمَا زِيدَهَا ثَانِيًا لِقُرْبِ عَصَبَة الْمَيِّت إِلَيْهِ , إِذْ كَانَ حُكْم كُلّ مَا أَبْقَتْهُ سِهَام الْفَرَائِض , فَلِأَوْلَى عَصَبَة الْمَيِّت وَأَقْرَبهمْ إِلَيْهِ بِحُكْمِ ذَلِكَ لَهَا عَلَى لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْأَب أَقْرَب عَصَبَة اِبْنه وَأَوْلَاهَا بِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِابْنِهِ الْمَيِّت اِبْن .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَد وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُث } . يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ } : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَد ذَكَر وَلَا أُنْثَى , وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ دُون غَيْرهمَا مِنْ وَلَد وَارِث ; { فَلِأُمِّهِ الثُّلُث } يَقُول : فَلِأُمِّهِ مِنْ تَرِكَته وَمَا خَلَّفَ بَعْده ثُلُث جَمِيع ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَنْ الَّذِي لَهُ الثُّلُثَانِ الْآخَرَانِ ؟ قِيلَ لَهُ الْأَب . فَإِنْ قَالَ قَائِل : بِمَاذَا ؟ قُلْت : بِأَنَّهُ أَقْرَب أَهْل الْمَيِّت إِلَيْهِ , وَلِذَلِكَ تَرَكَ ذِكْر تَسْمِيَة مَنْ لَهُ الثُّلُثَانِ الْبَاقِيَانِ , إِذْ كَانَ قَدْ بَيَّنَ عَلَى لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِبَادِهِ أَنَّ كُلّ مَيِّت فَأَقْرَب عَصَبَته بِهِ أَوْلَى بِمِيرَاثِهِ بَعْد إِعْطَاء ذَوِي السِّهَام الْمَفْرُوضَة سِهَامهمْ مِنْ مِيرَاثه . وَهَذِهِ الْعِلَّة هِيَ الْعِلَّة الَّتِي مِنْ أَجْلهَا سُمِّيَ لِلْأُمِّ مَا سُمِّيَ لَهَا , إِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّت خَلَّفَ وَارِثًا غَيْر أَبَوَيْهِ , لِأَنَّ الْأُمّ لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ فِي حَال لِلْمَيِّتِ , فَبَيَّنَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِعِبَادِهِ مَا فَرَضَ لَهَا مِنْ مِيرَاث وَلَدهَا الْمَيِّت , وَتَرَكَ ذِكْر مَنْ لَهُ الثُّلُثَانِ الْبَاقِيَانِ مِنْهُ مَعَهَا , إِذْ كَانَ قَدْ عَرَفَهُمْ فِي جُمْلَة بَيَانه لَهُمْ مَنْ لَهُ بَقَايَا تَرِكَة الْأَمْوَال بَعْد أَخْذ أَهْل السِّهَام سِهَامهمْ وَفَرَائِضهمْ , وَكَانَ بَيَانه ذَلِكَ مُعِينًا لَهُمْ عَلَى تَكْرِير حُكْمه مَعَ كُلّ مَنْ قَسَّمَ لَهُ حَقًّا مِنْ مِيرَاث مَيِّت وَسَمَّى لَهُ مِنْهُ سَهْمًا.

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس } . إِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْله ذَكَرَ حُكْم الْأَبَوَيْنِ مَعَ الْإِخْوَة , وَتَرَكَ ذِكْر حُكْمهمَا مَعَ الْأَخ الْوَاحِد ؟ قُلْت : اِخْتِلَاف حُكْمهمَا مَعَ الْإِخْوَة الْجَمَاعَة وَالْأَخ الْوَاحِد , فَكَانَ فِي إِبَانَة اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِعِبَادِهِ حُكْمهمَا فِيمَا يَرِثَانِ مِنْ وَلَدهمَا الْمَيِّت مَعَ إِخْوَته غِنًى , وَكِفَايَة عَنْ أَنَّ حُكْمهمَا فِيمَا وَرِثَا مِنْهُ غَيْر مُتَغَيِّر عَمَّا كَانَ لَهُمَا , وَلَا أَخ لِلْمَيِّتِ , وَلَا وَارِث غَيْرهمَا , إِذْ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدهمْ أَنَّ كُلّ مُسْتَحِقّ حَقًّا بِقَضَاءِ اللَّه ذَلِكَ لَهُ , لَا يَنْتَقِل حَقّه الَّذِي قَضَى بِهِ لَهُ رَبّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ , عَمَّا قَضَى بِهِ لَهُ إِلَى غَيْره , إِلَّا بِنَقْلِ اللَّه ذَلِكَ عَنْهُ إِلَى مَنْ نَقَلَهُ إِلَيْهِ مِنْ خَلْقه , فَكَانَ فِي فَرْضه تَعَالَى ذِكْره لِلْأُمِّ مَا فَرَضَ , إِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا الْمَيِّت وَارِث غَيْرهَا وَغَيْر وَالِده , لَوَائِح الدَّلَالَة الْوَاضِحَة لِلْخَلْقِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَفْرُوض هُوَ ثُلُث مَال وَلَدهَا الْمَيِّت حَقّ لَهَا وَاجِب , حَتَّى يُغَيِّر ذَلِكَ الْفَرْض مَنْ فَرَضَ لَهَا , فَلَمَّا غَيَّرَ تَعَالَى ذِكْره مَا فَرَضَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْإِخْوَة الْجَمَاعَة وَتَرَكَ تَغْيِيره مَعَ الْأَخ الْوَاحِد , عَلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ فَرْضهَا غَيْر مُتَغَيِّر عَمَّا فَرَضَ لَهَا إِلَّا فِي الْحَال الَّتِي غَيَّرَهُ فِيهَا مَنْ لَزِمَ الْعِبَاد طَاعَته دُون غَيْرهَا مِنْ الْأَحْوَال. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي عَدَد الْإِخْوَة الَّذِينَ عَنَاهُمْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة } فَقَالَ جَمَاعَة أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ عُلَمَاء أَهْل الْإِسْلَام فِي كُلّ زَمَان : عَنَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس } اثْنَيْنِ كَانَ الْإِخْوَة أَوْ أَكْثَر مِنْهُمَا , أُنْثَيَيْنِ كَانَتَا أَوْ كُنَّ إِنَاثًا , أَوْ ذَكَرَيْنِ كَانَا أَوْ كَانُوا ذُكُورًا , أَوْ كَانَ أَحَدهمَا ذَكَرًا وَالْآخَر أُنْثَى . وَاعْتَلَّ كَثِير مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ بِأَنَّ ذَلِكَ قَالَتْهُ الْأُمَّة عَنْ بَيَان اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَقَلَتْهُ أُمَّة نَبِيّه نَقْلًا مُسْتَفِيضًا قَطَعَ الْعُذْر مَجِيئَهُ , وَدَفَعَ الشَّكّ فِيهِ عَنْ قُلُوب الْخَلْق وُرُوده . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَقُول : بَلْ عَنَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة } : جَمَاعَة أَقَلّهَا ثَلَاثَة . وَكَانَ يُنْكِر أَنْ يَكُون اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ حَجَبَ الْأُمّ عَنْ ثُلُثهَا مَعَ الْأَب بِأَقَلّ مِنْ ثَلَاثَة إِخْوَة , فَكَانَ يَقُول فِي أَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ : لِلْأُمِّ الثُّلُث وَمَا بَقِيَ فَلِلْأَبِ , كَمَا قَالَ أَهْل الْعِلْم فِي أَبَوَيْنِ وَأَخ وَاحِد. ذِكْر الرِّوَايَة عَنْهُ بِذَلِكَ : 6947 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي فُدَيْك , قَالَ : ثني اِبْن أَبِي ذِئْب , عَنْ شُعْبَة مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ : لِمَ صَارَ الْأَخَوَانِ يَرُدَّانِ الْأُمّ إِلَى السُّدُس , وَإِنَّمَا قَالَ اللَّه : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة } وَالْأَخَوَانِ فِي لِسَان قَوْمك وَكَلَام قَوْمك لَيْسَا بِإِخْوَةٍ ؟ فَقَالَ عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : هَلْ أَسْتَطِيع نَقْض أَمْر كَانَ قَبْلِي , وَتَوَارَثَهُ النَّاس , وَمَضَى فِي الْأَمْصَار ؟ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة } اثْنَان مِنْ إِخْوَة الْمَيِّت فَصَاعِدًا , عَلَى مَا قَالَهُ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُون مَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , لِنَقْلِ الْأُمَّة وِرَاثَة صِحَّة مَا قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ الْحُجَّة وَإِنْكَارهمْ مَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس فِي ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ فِي الْأَخَوَيْنِ إِخْوَة , وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ لِلْأَخَوَيْنِ فِي مَنْطِق الْعَرَب مِثَالًا لَا يُشْبِه مِثَال الْإِخْوَة فِي مَنْطِقهَا ؟ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ مِنْ شَأْنهَا التَّأْلِيف بَيْن الْكَلَامَيْنِ بِتَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا وَإِنْ اِخْتَلَفَا فِي بَعْض وُجُوههمَا . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ مُسْتَفِيضًا فِي مَنْطِقهَا مُنْتَشِرًا مُسْتَعْمَلًا فِي كَلَامهَا : ضَرَبْت مِنْ عَبْد اللَّه وَعَمْرو رُءُوسهمَا , وَأَوْجَعْت مِنْهُمَا ظُهُورهمَا , وَكَانَ ذَلِكَ أَشَدّ اِسْتِفَاضَة فِي مَنْطِقهَا مِنْ أَنْ يُقَال : أَوْجَعْت مِنْهُمَا ظَهْرهمَا , وَإِنْ كَانَ مَقُولًا : أَوْجَعْت ظَهْرهمَا كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَق : بِمَا فِي فُؤَادَيْنَا مِنْ الْحُبّ وَالْهَوَى فَيَبْرَأ مِنْهَاض الْفُؤَاد الْمُشَغَّف غَيْر أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَقُولًا , فَأَفْصَح مِنْهُ : بِمَا فِي أَفْئِدَتنَا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّه فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبكُمَا } 66 4 فَلَمَّا كَانَ مَا وَصَفْت مِنْ إِخْرَاج كُلّ مَا كَانَ فِي الْإِنْسَان وَاحِدًا إِذَا ضُمَّ إِلَى الْوَاحِد مِنْهُ آخَر مِنْ إِنْسَان آخَر , فَصَارَ اِثْنَيْنِ مِنْ اِثْنَيْنِ , فَلَفْظ الْجَمْع أَفْصَح فِي مَنْطِقهَا وَأَشْهَر فِي كَلَامهَا , وَكَانَ الْأَخَوَانِ شَخْصَيْنِ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا غَيْر صَاحِبه مِنْ نَفْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَشْبَهَ مَعْنَاهُمَا مَعْنَى مَا كَانَ فِي الْإِنْسَان مِنْ أَعْضَائِهِ وَاحِدًا لَا ثَانِي لَهُ , فَأَخْرَجَ أُنْثَيَيْهِمَا بِلَفْظِ أُنْثَى الْعُضْوَيْنِ اللَّذَيْنِ وَصَفْت , فَقِيلَ إِخْوَة فِي مَعْنَى الْأَخَوَيْنِ , كَمَا قِيلَ ظُهُور فِي مَعْنَى الظَّهْرَيْنِ , وَأَفْوَاه فِي مَعْنَى فَمَوَيْنِ , وَقُلُوب فِي مَعْنَى قَلْبَيْنِ . وَقَدْ قَالَ بَعْض النَّحْوِيِّينَ : إِنَّمَا قِيلَ إِخْوَة , لِأَنَّ أَقَلّ الْجَمْع اِثْنَانِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا ضُمَّ شَيْء إِلَى شَيْء صَارَا جَمِيعًا بَعْد أَنْ كَانَا فَرْدَيْنِ فَجُمِعَا , لِيُعْلَم أَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمْع . وَهَذَا وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي الْمَعْنَى , فَلَيْسَ بِعِلَّةٍ تُنْبِئ عَنْ جَوَاز إِخْرَاج مَا قَدْ جَرَى الْكَلَام مُسْتَعْمَلًا مُسْتَفِيضًا عَلَى أَلْسُن الْعَرَب لَأَثْنَيْنَهُ بِمِثَالٍ , وَصُورَة غَيْر مِثَال ثَلَاثَة فَصَاعِدًا مِنْهُ , وَصُورَتهَا , لِأَنَّ مَنْ قَالَ أَخَوَاك قَامَا , فَلَا شَكّ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ كُلّ وَاحِد مِنْ الْأَخَوَيْنِ فَرْد ضُمَّ أَحَدهمَا إِلَى الْآخَر , فَصَارَا جَمِيعًا بَعْد أَنْ كَانَا شَتَّى عِنْوَان الْأَمْر . وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا تَسْتَجِيز الْعَرَب فِي كَلَامهَا أَنْ يُقَال : أَخَوَاك قَامُوا , فَيَخْرُج قَوْلهمْ : قَامُوا , وَهُوَ لَفْظ لِلْخَبَرِ عَنْ الْجَمِيع خَبَرًا عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَهُمَا بِلَفْظِ الِاثْنَيْنِ , لِأَنَّ لِكُلِّ مَا جَرَى بِهِ الْكَلَام عَلَى أَلْسِنَتهمْ مِثَالًا مَعْرُوفًا عِنْدهمْ , وَصُورَة إِذَا غَيَّرَ مُغَيِّر مَا قَدْ عَرَفُوهُ فِيهِمْ أَنْكَرُوهُ , فَكَذَلِكَ الْأَخَوَانِ وَإِنْ كَانَ مَجْمُوعَيْنِ ضُمَّ أَحَدهمَا إِلَى صَاحِبه , فَلَهُمَا مِثَال فِي الْمَنْطِق , وَصُورَة غَيْر مِثَال الثَّلَاثَة مِنْهُمْ فَصَاعِدًا وَصُورَتهمْ , فَغَيْر جَائِز أَنْ يُغَيَّر أَحَدهمَا إِلَى الْآخَر إِلَّا بِمَعْنًى مَفْهُوم. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا قَوْل أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِمَّا قُلْنَا قَبْل . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَلِمَ نَقَصَتْ الْأُمّ عَنْ ثُلُثهَا بِمَصِيرِ إِخْوَة الْمَيِّت مَعَهَا اِثْنَيْنِ فَصَاعِدًا ؟ قِيلَ : اِخْتَلَفَتْ الْعُلَمَاء فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : نَقَصَتْ الْأُمّ عَنْ ذَلِكَ دُون الْأَب , لِأَنَّ عَلَى الْأَب مُؤَنهمْ دُون أُمّهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6948 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَد وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُث فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس } أَنْزَلُوا الْأُمّ وَلَا يَرِثُونَ , وَلَا يَحْجُبهَا الْأَخ الْوَاحِد مِنْ الثُّلُث , وَيَحْجُبهَا مَا فَوْق ذَلِكَ . وَكَانَ أَهْل الْعِلْم يَرَوْنَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا حَجَبُوا أُمّهمْ مِنْ الثُّلُث , لِأَنَّ أَبَاهُمْ يَلِي نِكَاحهمْ , وَالنَّفَقَة عَلَيْهِمْ دُون أُمّهمْ. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَقَصَتْ الْأُمّ السُّدُس وَقُصِرَ بِهَا عَلَى سُدُس وَاحِد مَعُونَة لِإِخْوَةِ الْمَيِّت بِالسُّدُسِ الَّذِي حَجَبُوا أُمّهمْ عَنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6949 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : السُّدُس الَّذِي حَجَبَتْهُ الْإِخْوَة الْأُمّ لَهُمْ إِنَّمَا حَجَبُوا أُمّهمْ عَنْهُ لِيَكُونَ لَهُمْ دُون أُمّهمْ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس خِلَاف هَذَا الْقَوْل , وَذَلِكَ مَا : 6950 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْكَلَالَة : مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال فِي ذَلِكَ : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فَرَضَ لِلْأُمِّ مَعَ الْإِخْوَة السُّدُس لِمَا هُوَ أَعْلَم بِهِ مِنْ مَصْلَحَة خَلْقه . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ كَانَ لَمَّا أَلْزَمَ الْآبَاء لِأَوْلَادِهِمْ , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ لِغَيْرِ ذَلِكَ , وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا كُلِّفْنَا عِلْمه , وَإِنَّمَا أُمِرْنَا بِالْعَمَلِ بِمَا عَلِمْنَا . وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ طَاوُس عَنْ اِبْن عَبَّاس , فَقَوْل لِمَا عَلَيْهِ الْأُمَّة مُخَالِف , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَاف بَيْن الْجَمِيع أَنْ لَا مِيرَاث لِأَخِي مَيِّت مَعَ وَالِده , فَكَفَى إِجْمَاعهمْ عَلَى خِلَافه شَاهِدًا عَلَى فَسَاده.

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } . يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } أَنَّ الَّذِي قَسَّمَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِوَلَدِ الْمَيِّت الذُّكُور مِنْهُمْ وَالْإِنَاث وَلِأَبَوَيْهِ مِنْ تَرِكَته مِنْ بَعْد وَفَاته , إِنَّمَا يُقَسِّمهُ لَهُمْ عَلَى مَا قَسَّمَهُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَة مِنْ بَعْد قَضَاء دَيْن الْمَيِّت الَّذِي مَاتَ وَهُوَ عَلَيْهِ مِنْ تَرِكَته وَمِنْ بَعْد تَنْفِيذ وَصِيَّته فِي بَابهَا , بَعْد قَضَاء دَيْنه كُلّه . فَلَمْ يَجْعَل تَعَالَى ذِكْره لِأَحَدٍ مِنْ وَرَثَة الْمَيِّت وَلَا لِأَحَدٍ مِمَّنْ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ إِلَّا مِنْ بَعْد قَضَاء دَيْنه مِنْ جَمِيع تَرِكَته , وَإِنْ أَحَاطَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ. ثُمَّ جَعَلَ أَهْل الْوَصَايَا بَعْد قَضَاء دَيْنه شُرَكَاء وَرَثَته فِيمَا بَقِيَ لِمَا أَوْصَى لَهُمْ بِهِ مَا لَمْ يُجَاوِز ذَلِكَ ثُلُثه , فَإِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ ثُلُثه جَعَلَ الْخِيَار فِي إِجَازَة مَا زَادَ عَلَى الثُّلُث مِنْ ذَلِكَ أَوْ رَدَّهُ إِلَى وَرَثَته , إِنْ أَحَبُّوا أَجَازُوا الزِّيَادَة عَلَى ثُلُث ذَلِكَ , وَإِنْ شَاءُوا رَدُّوهُ ; فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى الثُّلُث فَهُوَ مَاضٍ عَلَيْهِمْ. وَعَلَى كُلّ مَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ الْأُمَّة مُجْمِعَة . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ خَبَر , وَهُوَ مَا : 6951 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَرْث الْأَعْوَر , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَة : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } إِنَّ رَسُول اللَّه قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْل الْوَصِيَّة. * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : ثنا زَكَرِيَّاء بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَرْث , عَنْ عَلِيّ رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ. * - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , قَالَ : ثنا أَشْعَث , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَرْث , عَنْ عَلِيّ , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْله . 6952 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون بْن الْمُغِيرَة , عَنْ اِبْن مُجَاهِد , عَنْ أَبِيهِ : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } قَالَ : يُبْدَأ بِالدَّيْنِ قَبْل الْوَصِيَّة . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْعِرَاق : { يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } , وَقَرَأَ بَعْض أَهْل مَكَّة وَالشَّام وَالْكُوفَة : " يُوصَى بِهَا " عَلَى مَعْنَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } عَلَى مَذْهَب مَا قَدْ سُمِّيَ فَاعِله , لِأَنَّ الْآيَة كُلّهَا خَبَر عَمَّنْ قَدْ سُمِّيَ فَاعِله , أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُول : { وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد } ؟ فَكَذَلِكَ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِقَوْلِهِ : { يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن } أَنْ يَكُون خَبَرًا عَمَّنْ قَدْ سُمِّيَ فَاعِله ; لِأَنَّ تَأْوِيل الْكَلَام : وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد , مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا , أَوْ دَيْن يُقْضَى عَنْهُ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } . يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ } هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَوْصَاكُمْ اللَّه بِهِ فِيهِمْ - مِنْ قِسْمَة مِيرَاث مَيِّتكُمْ فِيهِمْ عَلَى مَا سَمَّى لَكُمْ وَبَيَّنَهُ فِي هَذِهِ الْآيَة - { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } يَقُول : أَعْطُوهُمْ حُقُوقهمْ مِنْ مِيرَاث مَيِّتهمْ الَّذِي أَوْصَيْتُكُمْ أَنْ تَعْطُوهُمُوهَا , فَإِنَّكُمْ لَا تَعْلَمُونَ أَيّهمْ أَدْنَى وَأَشَدّ نَفْعًا لَكُمْ فِي عَاجِل دُنْيَاكُمْ وَآجِل أُخْرَاكُمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : يَعْنِي بِذَلِكَ : أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا فِي الْآخِرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6953 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة : عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } يَقُول : أَطْوَعكُمْ لِلَّهِ مِنْ الْآبَاء وَالْأَبْنَاء , أَرْفَعكُمْ دَرَجَة يَوْم الْقِيَامَة , لِأَنَّ اللَّه سُبْحَانه يُشَفِّع الْمُؤْمِنِينَ بَعْضهمْ فِي بَعْض . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6954 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } فِي الدُّنْيَا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 6955 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : { لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } قَالَ بَعْضهمْ : فِي نَفْع الْآخِرَة , وَقَالَ بَعْضهمْ : فِي نَفْع الدُّنْيَا . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا قُلْنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6956 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { لَا تَدْرُونَ أَيّهمْ أَقْرَب لَكُمْ نَفْعًا } قَالَ : أَيّهمْ خَيْر لَكُمْ فِي الدِّين وَالدُّنْيَا الْوَالِد أَوْ الْوَلَد الَّذِينَ يَرِثُونَكُمْ لَمْ يَدْخُل عَلَيْكُمْ غَيْرهمْ , فَرَضِيَ لَهُمْ الْمَوَارِيث لَمْ يَأْتِ بِآخَرِينَ يَشْرَكُونَهُمْ فِي أَمْوَالكُمْ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَرِيضَة مِنْ اللَّه } . يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَرِيضَة مِنْ اللَّه } وَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس , فَرِيضَة , يَقُول : سِهَامًا مَعْلُومَة مُوَقَّتَة بَيَّنَهَا اللَّه لَهُمْ . وَنُصِبَ قَوْله : " فَرِيضَة " عَلَى الْمَصْدَر مِنْ قَوْله : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ فَرِيضَة } فَأُخْرِجَ فَرِيضَة مِنْ مَعْنَى الْكَلَام , إِذْ كَانَ مَعْنَاهُ مَا وَصَفْت . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون نَصْبه عَلَى الْخُرُوج مِنْ قَوْله : فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس فَرِيضَة , فَتَكُون الْفَرِيضَة مَنْصُوبَة عَلَى الْخُرُوج مِنْ قَوْله : { فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَة فَلِأُمِّهِ السُّدُس } كَمَا تَقُول : هُوَ لَك هِبَة , وَهُوَ لَك صَدَقَة مِنِّي عَلَيْك .

وَأَمَّا قَوْله : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ ذَا عِلْم بِمَا يُصْلِح خَلْقه أَيّهَا النَّاس , فَانْتَهُوا إِلَى مَا يَأْمُركُمْ يُصْلِح لَكُمْ أُمُوركُمْ.

{ حَكِيمًا } يَقُول : لَمْ يَزَلْ ذَا حِكْمَة فِي تَدْبِيره وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يُقَسِّم لِبَعْضِكُمْ مِنْ مِيرَاث بَعْض وَفِيمَا يَقْضِي بَيْنكُمْ مِنْ الْأَحْكَام , لَا يَدْخُل حُكْمه خَلَل وَلَا زَلَل , لِأَنَّهُ قَضَاء مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَوَاضِع الْمَصْلَحَة فِي الْبَدْء وَالْعَاقِبَة .
وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌسورة النساء الآية رقم 12
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَكُمْ نِصْف مَا تَرَكَ أَزْوَاجكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَد فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَد فَلَكُمْ الرُّبُع مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْن } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَكُمْ أَيّهَا النَّاس نِصْف مَا تَرَكَ أَزْوَاجكُمْ بَعْد وَفَاتهنَّ مِنْ مَال وَمِيرَاث إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَد يَوْم يَحْدُث لَهُنَّ الْمَوْت لَا ذَكَرَ وَلَا أُنْثَى . { فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَد } أَيْ فَإِنْ كَانَ لِأَزْوَاجِكُمْ يَوْم يَحْدُث لَهُنَّ الْمَوْت وَلَد ذَكَر أَوْ أُنْثَى , فَلَكُمْ الرُّبُع مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ مَال وَمِيرَاث , مِيرَاثًا لَكُمْ عَنْهُنَّ , { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْن } يَقُول : ذَلِكُمْ لَكُمْ مِيرَاثًا عَنْهُنَّ مِمَّا يَبْقَى مِنْ تَرِكَاتهنَّ وَأَمْوَالهنَّ مِنْ بَعْد قَضَاء دُيُونهنَّ الَّتِي يَمُتْنَ وَهِيَ عَلَيْهِنَّ , وَمِنْ بَعْد إِنْفَاذ وَصَايَاهُنَّ الْجَائِزَة إِنْ كُنَّ أَوْصَيْنَ بِهَا .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَهُنَّ الرُّبُع مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَد فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَد فَلَهُنَّ الثُّمُن مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْد وَصِيَّة تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْن } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَهُنَّ الرُّبُع مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَد } : وَلِأَزْوَاجِكُمْ أَيّهَا النَّاس رُبُع مَا تَرَكْتُمْ بَعْد وَفَاتكُمْ مِنْ مَال وَمِيرَاث إِنْ حَدَثَ بِأَحَدِكُمْ حَدَث الْوَفَاة وَلَا وَلَد لَهُ ذَكَر وَلَا أُنْثَى . { فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَد } يَقُول : فَإِنْ حَدَثَ بِأَحَدِكُمْ حَدَث الْمَوْت وَلَهُ وَلَد ذَكَر أَوْ أُنْثَى , وَاحِدًا كَانَ الْوَلَد أَوْ جَمَاعَة , { فَلَهُنَّ الثُّمُن مِمَّا تَرَكْتُمْ } يَقُول : فَلِأَزْوَاجِكُمْ حِينَئِذٍ مِنْ أَمْوَالكُمْ وَتَرِكَتكُمْ الَّتِي تَخْلُفُونَهَا بَعْد وَفَاتكُمْ الثُّمُن مِنْ بَعْد قَضَاء دُيُونكُمْ الَّتِي حَدَثَ بِكُمْ حَدَث الْوَفَاة وَهِيَ عَلَيْكُمْ , وَمِنْ بَعْد إِنْفَاذ وَصَايَاكُمْ الْجَائِزَة الَّتِي تُوصُونَ بِهَا . وَإِنَّمَا قِيلَ : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْن } فَقَدَّمَ ذِكْر الْوَصِيَّة عَلَى ذِكْر الدَّيْن , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : إِنَّ الَّذِي فَرَضْت لِمَنْ فَرَضْت لَهُ مِنْكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَات إِنَّمَا هُوَ لَهُ مِنْ بَعْد إِخْرَاج أَيّ هَذَيْنِ كَانَ فِي مَال الْمَيِّت مِنْكُمْ , مِنْ وَصِيَّة أَوْ دَيْن . فَلِذَلِكَ كَانَ سَوَاء تَقْدِيم ذِكْر الْوَصِيَّة قَبْل ذِكْر الدَّيْن , وَتَقْدِيم ذِكْر الدَّيْن قَبْل ذِكْر الْوَصِيَّة , لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ مِنْ مَعْنَى ذَلِكَ إِخْرَاج أَحَد الشَّيْئَيْنِ : الدَّيْن وَالْوَصِيَّة مِنْ مَاله , فَيَكُون ذِكْر الدَّيْن أَوْلَى أَنْ يُبْدَأ بِهِ مِنْ ذِكْر الْوَصِيَّة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة } . يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِنْ كَانَ رَجُل أَوْ اِمْرَأَة يُورَث كَلَالَة . ثُمَّ اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْإِسْلَام : { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة } يَعْنِي : وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث مُتَكَلَّل النَّسَب . فَالْكَلَالَة عَلَى هَذَا الْقَوْل مَصْدَر مِنْ قَوْلهمْ : تَكَلَّلَهُ النَّسَب تَكَلُّلًا وَكَلَالَة , بِمَعْنَى : تَعَطَّفَ عَلَيْهِ النَّسَب . وَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : " وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة " بِمَعْنَى : وَإِنْ كَانَ رَجُل يُوَرِّث مَنْ يَتَكَلَّلهُ , بِمَعْنَى : مَنْ يَتَعَطَّف عَلَيْهِ بِنَسَبِهِ مِنْ أَخ أَوْ أُخْت . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْكَلَالَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ مَا خَلَا الْوَالِد وَالْوَلَد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6957 - حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن شُجَاع السَّكُونِيّ , قَالَ : ثني عَلِيّ بْن مُسْهِر , عَنْ عَاصِم , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : إِنِّي قَدْ رَأَيْت فِي الْكَلَالَة رَأْيًا , فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ , وَإِنْ يَكُنْ خَطَأ فَمِنِّي وَالشَّيْطَان , وَاَللَّه مِنْهُ بَرِيء ; إِنَّ الْكَلَالَة مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ أُخَالِف أَبَا بَكْر فِي رَأْي رَآهُ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَاصِم الْأَحْوَل , قَالَ : ثنا الشَّعْبِيّ : أَنَّ أَبَا بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ فِي الْكَلَالَة : أَقُول فِيهَا بِرَأْيِي , فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّه : هُوَ مَا دُون الْوَلَد وَالْوَالِد. قَالَ : فَلَمَّا كَانَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّه أَنْ أُخَالِف أَبَا بَكْر . 6958 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْر بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ الشَّعْبِيّ : أَنَّ أَبَا بَكْر وَعُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَا : الْكَلَالَة مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد . 6959 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ عِمْرَان بْن حُدَيْر , عَنْ السُّمَيْط , قَالَ : كَانَ عُمَر رَجُلًا أَيْسَر , فَخَرَجَ يَوْمًا وَهُوَ يَقُول بِيَدِهِ هَكَذَا , يُدِيرهَا , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : أَتَى عَلَيَّ حِين وَلَسْت أَدْرِي مَا الْكَلَالَة , أَلَا وَإِنَّ الْكَلَالَة : مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . 6960 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر , عَنْ أَبِي بَكْر , قَالَ : الْكَلَالَة مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . 6961 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْكَلَالَة مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد . * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن جُرَيْج يُحَدِّث عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْكَلَالَة مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد اِبْن الْحَنَفِيَّة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْكَلَالَة : مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِمِثْلِهِ. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد السَّلُولِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْكَلَالَة : مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة } قَالَ : الْكَلَالَة : مَنْ لَمْ يَتْرُك وَلَدًا وَلَا وَالِدًا. 6962 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , قَالَ : مَا رَأَيْتهمْ إِلَّا قَدْ اِتَّفَقُوا أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَدَع وَلَدًا وَلَا وَالِدًا أَنَّهُ كَلَالَة . * - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن يُوسُف , عَنْ شَرِيك , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , قَالَ : مَا رَأَيْتهمْ إِلَّا قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْكَلَالَة : الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَلَد وَلَا وَالِد . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , قَالَ : الْكَلَالَة : مَا خَلَا الْوَلَد وَالْوَالِد . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ أَشْعَث , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , قَالَ : أَدْرَكْتهمْ وَهُمْ يَقُولُونَ : إِذَا لَمْ يَدَع الرَّجُل وَلَدًا وَلَا وَالِدًا وُرِثَ كَلَالَة . 6963 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة } وَالْكَلَالَة : الَّذِي لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد , لَا أَب وَلَا جَدّ وَلَا اِبْن وَلَا اِبْنَة , فَهَؤُلَاءِ الْإِخْوَة مِنْ الْأُمّ . 6964 - مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , قَالَ فِي الْكَلَالَة : مَا دُون الْوَلَد وَالْوَالِد . 6965 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : الْكَلَالَة كُلّ مَنْ لَا يَرِثهُ وَالِد وَلَا وَلَد , وَكُلّ مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد فَهُوَ يُورَث كَلَالَة مِنْ رِجَالهمْ وَنِسَائِهِمْ . 6966 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالزُّهْرِيّ وَأَبِي إِسْحَاق , قَالَ : الْكَلَالَة : مَنْ لَيْسَ لَهُ وَلَد وَلَا وَالِد . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ وَقَتَادَة وَأَبِي إِسْحَاق , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : الْكَلَالَة : مَا دُون الْوَلَد . وَهَذَا قَوْل عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَهُوَ الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْل مِنْ رِوَايَة طَاوُس عَنْهُ أَنَّهُ وَرَّثَ الْإِخْوَة مِنْ الْأُمّ السُّدُس مَعَ الْأَبَوَيْنِ. وَقَالَ آخَرُونَ : الْكَلَالَة : مَا خَلَا الْوَالِد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6967 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سَهْل بْن يُوسُف , عَنْ شُعْبَة , قَالَ : سَأَلْت الْحَكَم عَنْ الْكَلَالَة ؟ قَالَ : فَهُوَ مَا دُون الْأَب. وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي النَّاصِب لِلْكَلَالَةِ ; فَقَالَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ : إِنْ شِئْت نَصَبْت كَلَالَة عَلَى خَبَر كَانَ , وَجَعَلْت " يُورَث " مِنْ صِفَة الرَّجُل , وَإِنْ شِئْت جَعَلْت " كَانَ " تَسْتَغْنِي عَنْ الْخَبَر نَحْو : وَقَعَ , وَجَعَلْت نَصْب كَلَالَة عَلَى الْحَال : أَيْ يُورَث كَلَالَة , كَمَا يُقَال : يُضْرَب قَائِمًا . وَقَالَ بَعْضهمْ : قَوْله " كَلَالَة " , خَبَر " كَانَ " , لَا يَكُون الْمَوْرُوث كَلَالَة , وَإِنَّمَا الْوَارِث الْكَلَالَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي : أَنَّ الْكَلَالَة مَنْصُوب عَلَى الْخُرُوج مِنْ قَوْله { يُورَث } وَخَبَر " كَانَ " وَيُورَث " . وَالْكَلَالَة وَإِنْ كَانَتْ مَنْصُوبَة بِالْخُرُوجِ مِنْ يُورَث , فَلَيْسَتْ مَنْصُوبَة عَلَى الْحَال , وَلَكِنْ عَلَى الْمَصْدَر مِنْ مَعْنَى الْكَلَام , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث مُتَكَلِّله النَّسَب كَلَالَة , ثُمَّ تُرِكَ ذِكْر مُتَكَلِّله اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ قَوْله : " يُورَث " عَلَيْهِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الْمُسَمَّى كَلَالَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْكَلَالَة : الْمَوْرُوث , وَهُوَ الْمَيِّت نَفْسه , سُمِّيَ بِذَلِكَ إِذَا وَرِثَهُ غَيْر الْوَالِد وَوَلَده . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6968 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ قَوْله فِي الْكَلَالَة , قَالَ : الَّذِي لَا يَدَع وَالِدًا وَلَا وَلَدًا . 6969 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ سُلَيْمَان الْأَحْوَل , عَنْ طَاوُس , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كُنْت آخِر النَّاس عَهْدًا بِعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَسَمِعْته يَقُول مَا قُلْت , قُلْت : وَمَا قُلْت ؟ قَالَ : الْكَلَالَة : مَنْ لَا وَلَد لَهُ . 6970 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي وَيَحْيَى بْن آدَم , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سُلَيْم بْن عَبْد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْكَلَالَة : مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد . وَقَالَ آخَرُونَ : الْكَلَالَة : هِيَ الْوَرَثَة الَّذِينَ يَرِثُونَ الْمَيِّت إِذَا كَانُوا إِخْوَة أَوْ أَخَوَات أَوْ غَيْرهمْ إِذَا لَمْ يَكُونُوا وَلَدًا وَلَا وَالِدًا عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ اِخْتِلَافهمْ فِي ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْكَلَالَة : الْمَيِّت وَالْحَيّ جَمِيعًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6971 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : الْكَلَالَة : الْمَيِّت الَّذِي لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد , وَالْحَيّ كُلّهمْ كَلَالَة , هَذَا يَرِث بِالْكَلَالَةِ , وَهَذَا يُورَث بِالْكَلَالَةِ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ , وَهُوَ أَنَّ الْكَلَالَة الَّذِينَ يَرِثُونَ الْمَيِّت مِنْ عَدَا وَلَده وَوَالِده , وَذَلِكَ لِصِحَّةِ الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه أَنَّهُ قَالَ : قُلْت يَا رَسُول اللَّه , إِنَّمَا يَرِثنِي كَلَالَة , فَكَيْفَ بِالْمِيرَاثِ ؟ وَبِمَا : 6972 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ عَمْرو بْن سَعِيد , قَالَ : كُنَّا مَعَ حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن فِي سُوق الرَّقِيق , قَالَ : فَقَامَ مِنْ عِنْدنَا ثُمَّ رَجَعَ , فَقَالَ : هَذَا آخِر ثَلَاثَة مِنْ بَنِي سَعْد حَدَّثُونِي هَذَا الْحَدِيث , قَالُوا : مَرِضَ سَعْد بِمَكَّة مَرَضًا شَدِيدًا , قَالَ : فَأَتَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودهُ , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه لِي مَال كَثِير , وَلَيْسَ لِي وَارِث إِلَّا كَلَالَة , فَأُوصِي بِمَالِي كُلّه ؟ فَقَالَ : " لَا " . 6973 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن سُوَيْد , عَنْ الْعَلَاء بْن زِيَاد , قَالَ : جَاءَ شَيْخ إِلَى عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فَقَالَ : إِنِّي شَيْخ وَلَيْسَ لِي وَارِث إِلَّا كَلَالَة أَعْرَاب مُتَرَاخٍ نَسَبهمْ , أَفَأُوصِي بِثُلُثِ مَالِي ؟ قَالَ : لَا . فَقَدْ أَنْبَأَتْ هَذِهِ الْأَخْبَار عَنْ صِحَّة مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى الْكَلَالَة وَأَنَّهَا وَرَثَة الْمَيِّت دُون الْمَيِّت مِمَّنْ عَدَا وَالِده وَوَلَده .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس فَإِنْ كَانُوا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُث } . يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } وَلِلرَّجُلِ الَّذِي يُورَث كَلَالَة أَوْ أُخْت يَعْنِي أَخًا أَوْ أُخْتًا مِنْ أُمّه . كَمَا : 6974 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ سَعْد , أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } قَالَ سَعْد : لِأُمِّهِ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء , قَالَ : سَمِعْت الْقَاسِم بْن رَبِيعَة يَقُول : قَرَأْت عَلَى سَعْد : { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } قَالَ سَعْد : لِأُمِّهِ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء , عَنْ الْقَاسِم بْن رَبِيعَة بْن قانف , قَالَ : قَرَأْت عَلَى سَعْد , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْن عَطَاء , عَنْ الْقَاسِم بْن رَبِيعَة , قَالَ : سَمِعْت سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص قَرَأَ : " وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت " مِنْ أُمّه . 6975 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } فَهَؤُلَاءِ الْإِخْوَة مِنْ الْأُمّ إِنْ كَانَ وَاحِدًا فَلَهُ السُّدُس , وَإِنْ كَانُوا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُث , ذَكَرهمْ وَأُنْثَاهُمْ فِيهِ سَوَاء . 6976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } فَهَؤُلَاءِ الْإِخْوَة مِنْ الْأُمّ , فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُث , سَوَاء الذَّكَر وَالْأُنْثَى . وَقَوْله : { فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس } إِذَا اِنْفَرَدَ الْإِخْوَة وَحْده أَوْ الْأُخْت وَحْدهَا , وَلَمْ يَكُنْ أَخ غَيْره أَوْ غَيْرهَا مِنْ أُمّه فَلَهُ السُّدُس مِنْ مِيرَاث أَخِيهِ لِأُمِّهِ , فَإِنْ اِجْتَمَعَ أَخ وَأُخْت أَوْ أَخَوَانِ لَا ثَالِث مَعَهُمَا لِأُمِّهِمَا , أَوْ أُخْتَانِ كَذَلِكَ , أَوْ أَخ وَأُخْت لَيْسَ مَعَهُمَا غَيْرهمَا مِنْ أُمّهمَا , فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ مِيرَاث أَخِيهِمَا لِأُمِّهِمَا السُّدُس . { وَإِنْ كَانُوا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ } يَعْنِي : فَإِنْ كَانَ الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات لِأُمِّ الْمَيِّت الْمَوْرُوث كَلَالَة أَكْثَر مِنْ اِثْنَيْنِ , { فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُث } يَقُول : فَالثُّلُث الَّذِي فَرَضْت لِاثْنَيْهِمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرهمَا مِنْ أُمّهمَا مِيرَاثًا لَهُمَا مِنْ أَخِيهِمَا الْمَيِّت الْمَوْرُوث كَلَالَة شَرِكَة بَيْنهمْ إِذَا كَانُوا أَكْثَر مِنْ اِثْنَيْنِ إِلَى مَا بَلَغَ عَدَدهمْ عَلَى عَدَد رُءُوسهمْ , لَا يُفَضَّل ذَكَر مِنْهُمْ عَلَى أُنْثَى فِي ذَلِكَ , وَلَكِنَّهُ بَيْنهمْ بِالسَّوِيَّةِ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت , وَلَمْ يَقُلْ لَهُمَا أَخ أَوْ أُخْت , وَقَدْ ذَكَرَ قَبْل ذَلِكَ " رَجُل أَوْ اِمْرَأَة " , فَقِيلَ : وَإِنْ كَانَ رَجُل يُورَث كَلَالَة أَوْ اِمْرَأَة ؟ قِيلَ : إِنَّ مِنْ شَأْن الْعَرَب إِذَا قَدَّمَتْ ذِكْر اِسْمَيْنِ قَبْل الْخَبَر فَعَطَفَتْ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر بِأَوْ ثُمَّ أَتَتْ بِالْخَبَرِ أَضَافَتْ الْخَبَر إِلَيْهِمَا أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا إِلَى أَحَدهمَا , وَإِذَا أَضَافَتْ إِلَى أَحَدهمَا , كَانَ سَوَاء عِنْدهَا إِضَافَة ذَلِكَ إِلَى أَيّ الِاسْمَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَتْهُمَا إِضَافَته , فَتَقُول : مَنْ كَانَ عِنْده غُلَام أَوْ جَارِيَة فَلْيُحْسِنْ إِلَيْهِ , يَعْنِي : فَلْيُحْسِنْ إِلَى الْغُلَام , وَفَلْيُحْسِنْ إِلَيْهَا , يَعْنِي : فَلْيُحْسِنْ إِلَى الْجَارِيَة , وَفَلْيُحْسِنْ إِلَيْهِمَا. وَأَمَّا قَوْله : { فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس } وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْر الْأَخ وَالْأُخْت بِعَطْفِ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر , وَالدَّلَالَة عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِمَعْنَى الْكَلَام أَحَدهمَا فِي قَوْله : { وَلَهُ أَخ أَوْ أُخْت } فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا جَازَ لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ السُّدُس .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْن } . يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصَى بِهَا } : أَيْ هَذَا الَّذِي فَرَضْت لِأَخِي الْمَيِّت الْمَوْرُوث كَلَالَة وَأُخْته أَوْ إِخْوَته وَأَخَوَاته مِنْ مِيرَاثه وَتَرِكَته , إِنَّمَا هُوَ لَهُمْ مِنْ بَعْد قَضَاء دَيْن الْمَيِّت الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ يَوْم حَدَثَ بِهِ حَدَث الْمَوْت مِنْ تَرِكَته , وَبَعْد إِنْفَاذ وَصَايَاهُ الْجَائِزَة الَّتِي يُوصِي بِهَا فِي حَيَاته لِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِهَا بَعْد وَفَاته . كَمَا : 6977 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْن } وَالدَّيْن أَحَقّ مَا بُدِئَ بِهِ مِنْ جَمِيع الْمَال , فَيُؤَدِّي عَنْ أَمَانَة الْمَيِّت , ثُمَّ الْوَصِيَّة , ثُمَّ يُقَسِّم أَهْل الْمِيرَاث مِيرَاثهمْ.

وَأَمَّا قَوْله : { غَيْر مُضَارّ } فَإِنَّهُ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : مِنْ بَعْد وَصِيَّة يُوصِي بِهَا غَيْر مُضَارّ وَرَثَته فِي مِيرَاثهمْ عَنْهُ . كَمَا : 6978 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { غَيْر مُضَارّ } قَالَ : فِي مِيرَاث أَهْله . * - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { غَيْر مُضَارّ } قَالَ : فِي مِيرَاث أَهْله . 6979 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثني يَزِيد , قَالَ : ثني سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { غَيْر مُضَارّ وَصِيَّة مِنْ اللَّه } إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَرِهَ الضِّرَار فِي الْحَيَاة وَعِنْد الْمَوْت وَنَهَى عَنْهُ وَقَدَّمَ فِيهِ , فَلَا تَصْلُح مُضَارَّة فِي حَيَاة وَلَا مَوْت . 6980 - حَدَّثَنِي نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْدَة بْن حُمَيْد , وثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة جَمِيعًا , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة : { غَيْر مُضَارّ وَصِيَّة مِنْ اللَّه وَاَللَّه عَلِيم حَلِيم } قَالَ : الضِّرَار فِي الْوَصِيَّة مِنْ الْكَبَائِر . * - حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : الضِّرَار فِي الْوَصِيَّة مِنْ الْكَبَائِر . * - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْحَيْف فِي الْوَصِيَّة مِنْ الْكَبَائِر . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ وَعَبْد الْأَعْلَى , قَالَا : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الضِّرَار وَالْحَيْف فِي الْوَصِيَّة مِنْ الْكَبَائِر . 6981 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم أَبُو النَّصْر , قَالَ : ثنا عُمَر بْن الْمُغِيرَة , قَالَ : ثنا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الضِّرَار فِي الْوَصِيَّة مِنْ الْكَبَائِر " . 6982 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرو التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , قَالَ : دَخَلْت مَعَ مَسْرُوق عَلَى مَرِيض , فَإِذَا هُوَ يُوصِي , قَالَ : فَقَالَ لَهُ مَسْرُوق : اِعْدِلْ لَا تَضْلِلْ ! وَنُصِبَتْ " غَيْر مُضَارّ " عَلَى الْخُرُوج مِنْ قَوْله : { يُوصَى بِهَا } . وَأَمَّا قَوْله : { وَصِيَّة } فَإِنَّ نَصْبه مِنْ قَوْله : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } وَسَائِر مَا أَوْصَى بِهِ فِي الِاثْنَيْنِ , ثُمَّ قَالَ : { وَصِيَّة مِنْ اللَّه } مَصْدَرًا مِنْ قَوْله : { يُوصِيكُمْ } . وَقَدْ قَالَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة : ذَلِكَ مَنْصُوب مِنْ قَوْله : { فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس وَصِيَّة مِنْ اللَّه } قَالَ : هُوَ مِثْل قَوْلك : لَك دِرْهَمَانِ نَفَقَة إِلَى أَهْلك . وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ بِالصَّوَابِ أَوْلَى , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ اِفْتَتَحَ ذِكْر قِسْمَة الْمَوَارِيث فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ بِقَوْلِهِ : { يُوصِيكُمْ اللَّه } ثُمَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { وَصِيَّة مِنْ اللَّه } أَخْبَرَ أَنَّ جَمِيع ذَلِكَ وَصِيَّة مِنْهُ بِهِ عِبَاده , فَنَصْبُ قَوْله : { وَصِيَّة } عَلَى الْمَصْدَر مِنْ قَوْله : { يُوصِيكُمْ } أَوْلَى مِنْ نَصْبه عَلَى التَّفْسِير مِنْ قَوْله : { فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس } لِمَا ذَكَرْنَا .

وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { وَصِيَّة مِنْ اللَّه } : عَهْدًا مِنْ اللَّه إِلَيْكُمْ فِيمَا يَجِب لَكُمْ مِنْ مِيرَاث مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ.

{ وَاَللَّه عَلِيم } يَقُول : ذُو عِلْم بِمَصَالِح خَلْقه وَمَضَارّهمْ , وَمَنْ يَسْتَحِقّ أَنْ يُعْطَى مِنْ أَقْرِبَاء مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ وَأَنْسِبَائِهِ مِنْ مِيرَاثه , وَمَنْ يُحْرَم ذَلِكَ مِنْهُمْ , وَمَبْلَغ مَا يَسْتَحِقّ بِهِ كُلّ مَنْ اِسْتَحَقَّ مِنْهُمْ قَسْمًا , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُور عِبَاده وَمَصَالِحهمْ .

{ حَلِيم } يَقُول : ذُو حِلْم عَلَى خَلْقه , وَذُو أَنَاة فِي تَرْكه مُعَاجَلَتهمْ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى ظُلْم بَعْضهمْ بَعْضًا فِي إِعْطَائِهِمْ الْمِيرَاث لِأَهْلِ الْجَلَد وَالْقُوَّة مِنْ وَلَد الْمَيِّت وَأَهْل الْغِنَاء وَالْبَأْس مِنْهُمْ , دُون أَهْل الضَّعْف وَالْعَجْز مِنْ صِغَار وَلَده وَإِنَاثهمْ .
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُسورة النساء الآية رقم 13
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تِلْكَ حُدُود اللَّه وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله يُدْخِلهُ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْز الْعَظِيم } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { تِلْكَ حُدُود اللَّه } , فَقَالَ بَعْضهمْ : يَعْنِي بِهِ : تِلْكَ شُرُوط اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6983 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { تِلْكَ حُدُود اللَّه } يَقُول : شُرُوط اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : تِلْكَ طَاعَة اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6984 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { تِلْكَ حُدُود اللَّه } يَعْنِي : طَاعَة اللَّه , يَعْنِي : الْمَوَارِيث الَّتِي سُمِّيَ اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : تِلْكَ سُنَّة اللَّه وَأَمْره . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : تِلْكَ فَرَائِض اللَّه . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ مَا نَحْنُ مُبَيِّنُوهُ , وَهُوَ أَنَّ حَدّ كُلّ شَيْء مَا فُصِلَ بَيْنه وَبَيْن غَيْره , وَلِذَلِكَ قِيلَ لِحُدُودِ الدَّار وَحُدُود الْأَرَضِينَ : حُدُود , لِفُصُولِهَا بَيْن مَا جَدَّ بِهَا وَبَيْن غَيْره , فَكَذَلِكَ قَوْله : { تِلْكَ حُدُود اللَّه } مَعْنَاهُ : هَذِهِ الْقِسْمَة الَّتِي قَسَمَهَا لَكُمْ رَبّكُمْ , وَالْفَرَائِض الَّتِي فَرَضَهَا لِأَحْيَائِكُمْ مِنْ مَوْتَاكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَة عَلَى مَا فَرَضَ وَبَيَّنَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ حُدُود اللَّه , يَعْنِي : فُصُول مَا بَيْن طَاعَة اللَّه وَمَعْصِيَته فِي قَسْمِكُمْ مَوَارِيث مَوْتَاكُمْ , كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس. وَإِنَّمَا تَرَكَ طَاعَة اللَّه , وَالْمَعْنَى بِذَلِكَ حُدُود طَاعَة اللَّه اِكْتِفَاء بِمَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ بِمَعْنَى الْكَلَام مِنْ ذِكْرهَا . وَالدَّلِيل عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَوْله : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله } . .. وَالْآيَة الَّتِي بَعْدهَا : { وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله } . فَتَأْوِيل الْآيَة إِذًا : هَذِهِ الْقِسْمَة الَّتِي قَسَمَ بَيْنكُمْ أَيّهَا النَّاس عَلَيْهَا رَبّكُمْ مَوَارِيث مَوْتَاكُمْ , فُصُول فَصَلَ بِهَا لَكُمْ بَيْن طَاعَته وَمَعْصِيَته , وَحُدُود لَكُمْ تَنْتَهُونَ إِلَيْهَا فَلَا تَتَعَدَّوْهَا , وَفَصْل مِنْكُمْ أَهْل طَاعَته مِنْ أَهْل مَعْصِيَته فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ قِسْمَة مَوَارِيث مَوْتَاكُمْ بَيْنكُمْ , وَفِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْهَا . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6985 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { تِلْكَ حُدُود اللَّه وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله يُدْخِلهُ } . .. الْآيَة , قَالَ : فِي شَأْن الْمَوَارِيث الَّتِي ذُكِرَ قَبْل . 6986 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { تِلْكَ حُدُود اللَّه } الَّتِي حَدَّ لِخَلْقِهِ وَفَرَائِضه بَيْنهمْ مِنْ الْمِيرَاث وَالْقِسْمَة , فَانْتَهُوا إِلَيْهَا وَلَا تَعْدُوهَا إِلَى غَيْرهَا.

ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّا أَعَدَّ لِكُلِّ فَرِيق مِنْهُمْ , فَقَالَ لِفَرِيقِ أَهْل طَاعَته فِي ذَلِكَ : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله } فِي الْعَمَل بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَالِانْتِهَاء إِلَى مَا حَدَّهُ لَهُ فِي قِسْمَة الْمَوَارِيث وَغَيْرهَا , وَيَجْتَنِب مَا نَهَاهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَغَيْره ; { يُدْخِلهُ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار } , فَقَوْله : { يُدْخِلهُ جَنَّات } يَعْنِي : بَسَاتِين تَجْرِي مِنْ تَحْت غُرُوسهَا وَأَشْجَارهَا الْأَنْهَار .

يَقُول : بَاقِينَ فِيهَا أَبَدًا , لَا يَمُوتُونَ فِيهَا , وَلَا يَفْنَوْنَ , وَلَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا .

يَقُول : وَإِدْخَال اللَّه إِيَّاهُمْ الْجِنَان الَّتِي وَصَفَهَا عَلَى مَا وَصَفَ مِنْ ذَلِكَ الْفَوْز الْعَظِيم يَعْنِي : الْفَلَاح الْعَظِيم .
وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌسورة النساء الآية رقم 14
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله وَيَتَعَدَّ حُدُوده } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله } فِي الْعَمَل بِمَا أَمَرَاهُ بِهِ مِنْ قِسْمَة الْمَوَارِيث عَلَى مَا أَمَرَاهُ بِقِسْمَةِ ذَلِكَ بَيْنهمْ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ فَرَائِض اللَّه مُخَالِفًا أَمْرهمَا إِلَى مَا نَهَيَاهُ عَنْهُ , { وَيَتَعَدَّ حُدُوده } يَقُول : وَيَتَجَاوَز فُصُول طَاعَته الَّتِي جَعَلَهَا تَعَالَى فَاصِلَة بَيْنهَا وَبَيْن مَعْصِيَته إِلَى مَا نَهَاهُ عَنْهُ مِنْ قِسْمَة تَرِكَات مَوْتَاهُمْ بَيْن وَرَثَته , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ حُدُوده . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6987 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله وَيَتَعَدَّ حُدُوده } . .. الْآيَة فِي شَأْن الْمَوَارِيث الَّتِي ذَكَرَ قَبْل . قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله , قَالَ : مَنْ أَصَابَ مِنْ الذُّنُوب مَا يُعَذِّب اللَّه عَلَيْهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوَ يُخَلَّدُ فِي النَّار مَنْ عَصَى اللَّه وَرَسُوله فِي قِسْمَة الْمَوَارِيث ؟ قِيلَ : نَعَمْ , إِذَا جَمَعَ إِلَى مَعْصِيَتهمَا فِي ذَلِكَ شَكًّا فِي أَنَّ اللَّه فَرَضَ عَلَيْهِ مَا فَرَضَ عَلَى عِبَاده فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ , أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ , فَحَادَّ اللَّه وَرَسُوله فِي أَمْرهمَا عَلَى مَا ذَكَرَ اِبْن عَبَّاس مِنْ قَوْل مَنْ قَالَ حِين نَزَلَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { يُوصِيكُمْ اللَّه فِي أَوْلَادكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } . .. إِلَى تَمَام الْآيَتَيْنِ : أَيُوَرَّثُ مَنْ لَا يَرْكَب الْفَرَس , وَلَا يُقَاتِل الْعَدُوّ , وَلَا يَحُوز الْغَنِيمَة نِصْف الْمَال أَوْ جَمِيع الْمَال ؟ اِسْتِنْكَارًا مِنْهُمْ قِسْمَة اللَّه مَا قَسَمَ لِصِغَارِ وَلَد الْمَيِّت وَنِسَائِهِ وَإِنَاث وَلَده , مِمَّنْ خَالَفَ قِسْمَة اللَّه مَا قَسَمَ مِنْ مِيرَاث أَهْل الْمِيرَاث بَيْنهمْ , عَلَى مَا قَسَمَهُ فِي كِتَابه , وَخَالَفَ حُكْمه فِي ذَلِكَ وَحُكْم رَسُوله , اِسْتِنْكَارًا مِنْهُ حُكْمهمَا , كَمَا اِسْتَنْكَرَهُ الَّذِينَ ذَكَرَ أَمْرهمْ اِبْن عَبَّاس مِمَّنْ كَانَ بَيْن أَظْهُر أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ فِيهِمْ نَزَلَتْ وَفِي أَشْكَالهمْ هَذِهِ الْآيَة , فَهُوَ مِنْ أَهْل الْخُلُود فِي النَّار , لِأَنَّهُ بِاسْتِنْكَارِهِ حُكْم اللَّه فِي تِلْكَ يَصِير بِاَللَّهِ كَافِرًا وَمِنْ مِلَّة الْإِسْلَام خَارِجًا .

يَقُول : بَاقِيًا فِيهَا أَبَدًا لَا يَمُوت وَلَا يُخْرَج مِنْهَا أَبَدًا .

يَعْنِي : وَلَهُ عَذَاب مُذِلّ مَنْ عُذِّبَ بِهِ مُخْزٍ لَهُ .
وَالَّلاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاًسورة النساء الآية رقم 15
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة } وَالنِّسَاء يَأْتِينَ بِالزِّنَا : أَيْ يَزْنِينَ . { مِنْ نِسَائِكُمْ } وَهُنَّ مُحْصَنَات ذَوَات أَزْوَاج , أَوْ غَيْر ذَوَات أَزْوَاج . { فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُمْ } يَقُولهُ : فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ بِمَا أَتَيْنَ مِنْ الْفَاحِشَة أَرْبَعَة رِجَال مِنْ رِجَالكُمْ , يَعْنِي : مِنْ الْمُسْلِمِينَ . { فَإِنْ شَهِدُوا } عَلَيْهِنَّ , { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت } يَقُول : فَاحْبِسُوهُنَّ فِي الْبُيُوت , { حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت } يَقُول : حَتَّى يَمُتْنَ , { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } يَعْنِي : أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ مَخْرَجًا وَطَرِيقًا إِلَى النَّجَاة مِمَّا أَتَيْنَ بِهِ مِنْ الْفَاحِشَة. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6988 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ مُحَمَّد بْن يَزِيد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت } أَمَرَ بِحَبْسِهِنَّ فِي الْبُيُوت حَتَّى يَمُتْنَ { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَالَ : الْحَدّ . 6989 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } قَالَ : الزِّنَا , كَانَ أَمَرَ بِحَبْسِهِنَّ حِين يَشْهَد عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة حَتَّى يَمُتْنَ ; { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } وَالسَّبِيل : الْحَدّ . 6990 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } إِلَى : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } فَكَانَتْ الْمَرْأَة إِذَا زَنَتْ حُبِسَتْ فِي الْبَيْت حَتَّى تَمُوت , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْد ذَلِكَ : { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة جَلْدَة } فَإِنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ رُجِمَا , فَهَذِهِ سَبِيلهمَا الَّذِي جَعَلَ اللَّه لَهُمَا . 6991 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } فَقَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ , وَهُوَ الْجَلْد وَالرَّجْم . 6992 - حَدَّثَنِي بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة } حَتَّى بَلَغَ : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } كَانَ هَذَا مِنْ قَبْل الْحُدُود , فَكَانَا يُؤْذَيَانِ بِالْقَوْلِ جَمِيعًا , وَبِحَبْسِ الْمَرْأَة . ثُمَّ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا , فَكَانَ سَبِيل مَنْ أُحْصِنَ جَلْد مِائَة ثُمَّ رَمْي بِالْحِجَارَةِ , وَسَبِيل مَنْ لَمْ يُحْصَن جَلْد مِائَة وَنَفْي سَنَة . 6993 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَعَبْد اللَّه بْن كَثِير : الْفَاحِشَة : الزِّنَا , وَالسَّبِيل : الرَّجْم وَالْجَلْد. 6994 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُمْ } إِلَى : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } هَؤُلَاءِ اللَّاتِي قَدْ نُكِحْنَ وَأُحْصِنَّ , إِذَا زَنَتْ الْمَرْأَة فَإِنَّهَا كَانَتْ تُحْبَس فِي الْبَيْت وَيَأْخُذ زَوْجهَا مَهْرهَا فَهُوَ لَهُ , فَذَلِكَ قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } 4 19 حَتَّى جَاءَتْ الْحُدُود فَنَسَخَتْهَا , فَجُلِدَتْ وَرُجِمَتْ , وَكَانَ مَهْرهَا مِيرَاثًا , فَكَانَ السَّبِيل هُوَ الْجَلْد . 6995 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَقُول فِي قَوْله : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَالَ : الْحَدّ , نَسَخَ الْحَدّ هَذِهِ الْآيَة . 6996 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَالَ : جَلْد مِائَة , الْفَاعِل وَالْفَاعِلَة . * - حَدَّثَنَا الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْجَلْد . 6997 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , عَنْ حِطَّان بْن عَبْد اللَّه الرَّقَاشِيّ , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي نَكَّسَ رَأْسه , وَنَكَّسَ أَصْحَابه رُءُوسهمْ ; فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ رَفَعَ رَأْسه , فَقَالَ : " قَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا , الثَّيِّب بِالثَّيِّبِ , وَالْبِكْر بِالْبِكْرِ ; أَمَّا الثَّيِّب فَتُجْلَد ثُمَّ تُرْجَم ; وَأَمَّا الْبِكْر فَتُجْلَد ثُمَّ تُنْفَى " . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ حِطَّان بْن عَبْد اللَّه , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , قَالَ : قَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا ; الثَّيِّب بِالثَّيِّبِ تُجْلَد مِائَة وَتُرْجَم بِالْحِجَارَةِ , وَالْبِكْر جَلْد مِائَة وَنَفْي سَنَة " . 6998 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , عَنْ حِطَّان بْن عَبْد اللَّه أَخِي بَنِي رَقَاش , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت : أَنَّ رَسُول اللَّه قَدْ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي كَرَبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ لَهُ وَجْهه , فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ ذَات يَوْم , فَلَقِيَ ذَلِكَ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ : " خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا ; الثَّيِّب بِالثَّيِّبِ جَلْد مِائَة ثُمَّ رَجْم بِالْحِجَارَةِ , وَالْبِكْر بِالْبِكْرِ جَلْد مِائَة ثُمَّ نَفْي سَنَة " . 6999 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ : اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ , فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَالَ : يَقُول : لَا تُنْكِحُوهُنَّ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت , وَلَمْ يُخْرِجهُنَّ مِنْ الْإِسْلَام . ثُمَّ نَسَخَ هَذَا , وَجَعَلَ السَّبِيل الَّتِي ذَكَرَ أَنْ يَجْعَل لَهُنَّ سَبِيلًا , قَالَ : فَجَعَلَ لَهَا السَّبِيل إِذَا زَنَتْ وَهِيَ مُحْصَنَة رُجِمَتْ وَأُخْرِجَتْ , وَجَعَلَ السَّبِيل لِلْبِكْرِ جَلْد مِائَة . 7000 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَالَ : الْجَلْد وَالرَّجْم . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , عَنْ حِطَّان بْن عَبْد اللَّه الرَّقَاشِيّ , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا : الثَّيِّب بِالثَّيِّبِ وَالْبِكْر بِالْبِكْرِ , الثَّيِّب تُجْلَد وَتُرْجَم وَالْبِكْر تُجْلَد وَتُنْفَى " . * - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم الْبَصْرِيّ , عَنْ الْحَسَن , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ اِحْمَرَّ وَجْهه , وَكَانَ يَفْعَل ذَلِكَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْي , فَأَخَذَهُ كَهَيْئَةِ الْغَشْي لِمَا يَجِد مِنْ ثِقَل ذَلِكَ , فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ : " خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا , الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ سَنَة , وَالثَّيِّبَانِ يُجْلَدَانِ وَيُرْجَمَانِ " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصِّحَّةِ فِي تَأْوِيل قَوْله : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } قَوْل مَنْ قَالَ السَّبِيل الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلثَّيِّبَيْنِ الْمُحْصَنَيْنِ الرَّجْم بِالْحِجَارَةِ , وَلِلْبِكْرَيْنِ جَلْد مِائَة , وَنَفْي سَنَة لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَجَمَ وَلَمْ يَجْلِد ; وَإِجْمَاع الْحُجَّة الَّتِي لَا يَجُوز عَلَيْهَا فِيمَا نَقَلْته مُجْمِعَة عَلَيْهِ الْخَطَأ وَالسَّهْو وَالْكَذِب ; وَصِحَّة الْخَبَر عَنْهُ , أَنَّهُ قَضَى فِي الْبِكْرَيْنِ بِجَلْدِ مِائَة , وَنَفْي سَنَة , فَكَانَ فِي الَّذِي صَحَّ عَنْهُ مِنْ تَرْكه جَلْد مَنْ رُجِمَ مِنْ الزُّنَاة فِي عَصْره دَلِيل وَاضِح عَلَى وَهْي الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْ الْحَسَن عَنْ حِطَّان عَنْ عُبَادَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : السَّبِيل لِلثَّيِّبِ الْمُحْصَن : الْجَلْد وَالرَّجْم . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ بِالْفَاحِشَةِ مِنْ نِسَائِكُمْ , وَالْعَرَب تَقُول : أَتَيْت أَمْرًا عَظِيمًا , وَبِأَمْرٍ عَظِيم , وَتَكَلَّمْت بِكَلَامٍ قَبِيح , وَكَلَامًا قَبِيحًا .
وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًاسورة النساء الآية رقم 16
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } : وَالرَّجُل وَالْمَرْأَة اللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا , يَقُول : يَأْتِيَانِ الْفَاحِشَة وَالْهَاء وَالْأَلِف فِي قَوْله : { يَأْتِيَانِهَا } عَائِدَة عَلَى الْفَاحِشَة الَّتِي فِي قَوْله : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } وَالْمَعْنَى : وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِ مِنْكُمْ الْفَاحِشَة فَآذُوهُمَا. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمَا الْبِكْرَانِ اللَّذَانِ لَمْ يُحْصَنَا , وَهُمَا غَيْر اللَّاتِي عُنِينَ بِالْآيَةِ قَبْلهَا . وَقَالُوا : قَوْله : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } مَعْنِيّ بِهِ الثَّيِّبَات الْمُحْصَنَات بِالْأَزْوَاجِ , وَقَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } يَعْنِي بِهِ : الْبِكْرَانِ غَيْر الْمُحْصَنَيْنِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7001 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : ذَكَرَ الْجَوَارِي وَالْفِتْيَان اللَّذِينَ لَمْ يُنْكَحُوا , فَقَالَ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } . 7002 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } الْبِكْرَانِ فَآذُوهُمَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } الرَّجُلَانِ الزَّانِيَانِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7003 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } قَالَ : الرَّجُلَانِ الْفَاعِلَانِ لَا يُكَنِّي . 7004 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } : الزَّانِيَانِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ الرَّجُل وَالْمَرْأَة , إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُقْصَد بِهِ بِكْر دُون ثَيِّب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7005 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } قَالَ : الرَّجُل وَالْمَرْأَة . 7006 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَا : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } إِلَى قَوْله : { أَوْ يَجْعَل اللَّه لَهُنَّ سَبِيلًا } فَذَكَرَ الرَّجُل بَعْد الْمَرْأَة ثُمَّ جَمَعَهُمَا جَمِيعًا , فَقَالَ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّه كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا } . 7007 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء وَعَبْد اللَّه بْن كَثِير , قَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } قَالَ : هَذِهِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَة جَمِيعًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهِ الْبِكْرَانِ غَيْر الْمُحْصَنَيْنِ إِذَا زَنَيَا وَكَانَ أَحَدهمَا رَجُلًا وَالْآخَر اِمْرَأَة , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَقْصُودًا بِذَلِكَ قَصْد الْبَيَان عَنْ حُكْم الزُّنَاة مِنْ الرِّجَال كَمَا كَانَ مَقْصُودًا بِقَوْلِهِ : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } قَصْد الْبَيَان عَنْ حُكْم الزَّوَانِي , لَقِيلَ : وَاَلَّذِينَ يَأْتُونَهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمْ , أَوْ قِيلَ : وَاَلَّذِي يَأْتِيهَا مِنْكُمْ , كَمَا قِيلَ فِي الَّتِي قَبْلهَا : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة } فَأُخْرِجَ ذِكْرهنَّ عَلَى الْجَمْع , وَلَمْ يَقُلْ : وَاللَّتَانِ يَأْتِيَانِ الْفَاحِشَة . وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب إِذَا أَرَادَتْ الْبَيَان عَلَى الْوَعِيد عَلَى فِعْل أَوْ الْوَعْد عَلَيْهِ , أَخْرَجَتْ أَسْمَاء أَهْله بِذِكْرِ الْجَمْع أَوْ الْوَاحِد , وَذَلِكَ أَنَّ الْوَاحِد يَدُلّ عَلَى جِنْسه , وَلَا تُخْرِجهَا بِذِكْرِ اِثْنَيْنِ , فَتَقُول : الَّذِينَ يَفْعَلُونَ كَذَا فَلَهُمْ كَذَا , وَاَلَّذِي يَفْعَل كَذَا فَلَهُ كَذَا , وَلَا تَقُول : اللَّذَانِ يَفْعَلَانِ كَذَا فَلَهُمَا كَذَا , إِلَّا أَنْ يَكُون فَعَلَا لَا يَكُون إِلَّا مِنْ شَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَالزِّنَا لَا يَكُون إِلَّا مِنْ زَانٍ وَزَانِيَة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , قِيلَ بِذِكْرِ الِاثْنَيْنِ , يُرَاد بِذَلِكَ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ , فَإِمَّا أَنْ يُذْكَر بِذِكْرِ الِاثْنَيْنِ وَالْمُرَاد بِذَلِكَ شَخْصَانِ فِي فِعْل قَدْ يَنْفَرِد كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِهِ أَوْ فِي فِعْل لَا يَكُونَانِ فِيهِ مُشْتَرِكَيْنِ فَذَلِكَ مَا لَا يُعْرَف فِي كَلَامهَا . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبُيِّنَ فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } الرَّجُلَانِ , وَصِحَّة قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهِ الرَّجُل وَالْمَرْأَة وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّهُمَا غَيْر اللَّوَاتِي تَقَدَّمَ بَيَان حُكْمهنَّ فِي قَوْله : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة } لِأَنَّ هَذَيْنِ اِثْنَانِ وَأُولَئِكَ جَمَاعَة . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّ الْحَبْس كَانَ لِلثَّيِّبَاتِ عُقُوبَة حَتَّى يُتَوَفَّيْنَ مِنْ قَبْل أَنْ يَجْعَل لَهُنَّ سَبِيلًا , لِأَنَّهُ أَغْلَظُ فِي الْعُقُوبَة مِنْ الْأَذَى الَّذِي هُوَ تَعْنِيف وَتَوْبِيخ أَوْ سَبّ وَتَعْيِير , كَمَا كَانَ السَّبِيل الَّتِي جُعِلَتْ لَهُنَّ مِنْ الرَّجْم أَغْلَظ مِنْ السَّبِيل الَّتِي جُعِلَتْ لِلْأَبْكَارِ مِنْ جَلْد الْمِائَة وَنَفْي السَّنَة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا } . اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْأَذَى الَّذِي كَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره جَعَلَهُ عُقُوبَة لِلَّذِينَ يَأْتِيَانِ الْفَاحِشَة مِنْ قَبْل أَنْ يَجْعَل لَهُمَا سَبِيلًا مِنْهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ الْأَذَى , أَذًى بِالْقَوْلِ وَاللِّسَان , كَالتَّعْيِيرِ وَالتَّوْبِيخ عَلَى مَا أَتَيَا مِنْ الْفَاحِشَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7008 - حَدَّثَنِي بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَآذُوهُمَا } قَالَ : كَانَا يُؤْذَيَانِ بِالْقَوْلِ جَمِيعًا . 7009 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا } فَكَانَتْ الْجَارِيَة وَالْفَتَى إِذَا زَنَيَا يُعَنَّفَانِ وَيُعَيَّرَانِ حَتَّى يَتْرُكَا ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ ذَلِكَ الْأَذَى أَذَى اللِّسَان , غَيْر أَنَّهُ كَانَ سَبًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7010 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَآذُوهُمَا } يَعْنِي : سَبًّا. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ ذَلِكَ الْأَذَى بِاللِّسَانِ وَالْيَد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7011 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } فَكَانَ الرَّجُل إِذَا زَنَى أُوذِيَ بِالتَّعْيِيرِ , وَضُرِبَ بِالنِّعَالِ. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره كَانَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَذَى الزَّانِيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إِذَا أَتَيَا ذَلِكَ وَهُمَا مِنْ أَهْل الْإِسْلَام , وَالْأَذَى قَدْ يَقَع بِكُلِّ مَكْرُوه نَالَ الْإِنْسَان مِنْ قَوْل سَيِّئ بِاللِّسَانِ أَوْ فِعْل , وَلَيْسَ فِي الْآيَة بَيَان أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أُمِرَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمئِذٍ , وَلَا خَبَر بِهِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقْل الْوَاحِد وَلَا نَقْل الْجَمَاعَة الْمُوجِب مَجِيئُهَا قَطْع الْعُذْر. وَأَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ , وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ أَذًى بِاللِّسَانِ وَالْيَد , وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَ أَذًى بِأَيِّهِمَا , وَلَيْسَ فِي الْعِلْم بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَيّ نَفْع فِي دِين وَلَا دُنْيَا وَلَا فِي الْجَهْل بِهِ مَضَرَّة , إِذْ كَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ نَسَخَ ذَلِكَ مِنْ مُحْكَمه بِمَا أَوْجَبَ مِنْ الْحُكْم عَلَى عِبَاده فِيهِمَا وَفِي اللَّاتِي قَبْلهمَا ; فَأَمَّا الَّذِي أَوْجَبَ مِنْ الْحُكْم عَلَيْهِمْ فِيهِمَا فَمَا أَوْجَبَ فِي سُورَة النُّور بِقَوْلِهِ : { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة جَلْدَة } 24 2 وَأَمَّا الَّذِي أَوْجَبَ فِي اللَّاتِي قَبْلهمَا , فَالرَّجْم الَّذِي قَضَى بِهِ رَسُول اللَّه فِيهِمَا وَأَجْمَعَ أَهْل التَّأْوِيل جَمِيعًا عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ جَعَلَ لِأَهْلِ الْفَاحِشَة مِنْ الزُّنَاة وَالزَّوَانِي سَبِيلًا بِالْحُدُودِ الَّتِي حَكَمَ بِهَا فِيهِمْ . وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل : إِنَّ اللَّه سُبْحَانه نَسَخَ بِقَوْلِهِ : { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة جَلْدَة } 24 2 قَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7012 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } قَالَ : كُلّ ذَلِكَ نَسَخَتْهُ الْآيَة الَّتِي فِي النُّور بِالْحَدِّ الْمَفْرُوض. * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } ... الْآيَة , قَالَ : هَذَا نَسَخَتْهُ الْآيَة فِي سُورَة النُّور بِالْحَدِّ الْمَفْرُوض . 7013 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَا فِي قَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } ... الْآيَة , نُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الْجَلْد , فَقَالَ : { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة جَلْدَة } 24 2 . 7014 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } فَأَنْزَلَ اللَّه بَعْد هَذَا : { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة جَلْدَة } 24 2 فَإِنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ رُجِمَا فِي سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 7015 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَة مِنْ نِسَائِكُمْ } . .. الْآيَة ; جَاءَتْ الْحُدُود فَنَسَخَتْهَا . 7016 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : نَسَخَ الْحَدّ هَذِهِ الْآيَة . 7017 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت } . .. الْآيَة , قَالَ : نَسَخَتْهَا الْحُدُود , وَقَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ } نَسَخَتْهَا الْحُدُود . 7018 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَاَللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا } . .. الْآيَة , ثُمَّ نُسِخَ هَذَا وَجُعِلَ السَّبِيل لَهَا إِذَا زَنَتْ وَهِيَ مُحْصَنَة رُجِمَتْ وَأُخْرِجَتْ , وَجُعِلَ السَّبِيل لِلذَّكَرِ جَلْد مِائَة . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوت حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت } قَالَ : نَسَخَتْهَا الْحُدُود.

وَأَمَّا قَوْله : { فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ تَابَا مِنْ الْفَاحِشَة الَّتِي أَتَيَا , فَرَاجَعَا طَاعَة اللَّه بَيْنهمَا وَأَصْلَحَا , يَقُول : وَأَصْلَحَا دِينهمَا بِمُرَاجَعَةِ التَّوْبَة مِنْ فَاحِشَتهمَا وَالْعَمَل بِمَا يُرْضِي اللَّه , فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا , يَقُول : فَاصْفَحُوا عَنْهُمَا , وَكُفُّوا عَنْهُمَا الْأَذَى الَّذِي كُنْت أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُؤْذُوهُمَا بِهِ , عُقُوبَة لَهُمَا عَلَى مَا أَتَيَا مِنْ الْفَاحِشَة , وَلَا تُؤْذُوهُمَا بَعْد تَوْبَتهمَا .

وَأَمَّا قَوْله : { إِنَّ اللَّه كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : أَنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ رَاجِعًا لِعَبِيدِهِ إِلَى مَا يُحِبُّونَ إِذَا هُمْ رَاجَعُوا مَا يُحِبّ مِنْهُمْ مِنْ طَاعَته . رَحِيمًا بِهِمْ , يَعْنِي : ذَا رَحْمَة وَرَأْفَة.
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًاسورة النساء الآية رقم 17
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } : مَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقه , إِلَّا لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةٍ . { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } يَقُول : مَا اللَّه بِرَاجِعٍ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقه إِلَى مَا يُحِبّهُ مِنْ الْعَفْو عَنْهُ وَالصَّفْح عَنْ ذُنُوبه الَّتِي سَلَفَتْ مِنْهُ , إِلَّا لِلَّذِينَ يَأْتُونَ مَا يَأْتُونَهُ مِنْ ذُنُوبهمْ جَهَالَة مِنْهُمْ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ مُؤْمِنُونَ , ثُمَّ يُرَاجِعُونَ طَاعَة اللَّه وَيَتُوبُونَ مِنْهُ إِلَى مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ النَّدَم عَلَيْهِ وَالِاسْتِغْفَار وَتَرْك الْعَوْد إِلَى مِثْله مِنْ قَبْل نُزُول الْمَوْت بِهِمْ . وَذَلِكَ هُوَ الْقَرِيب الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , فَقَالَ : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَ : أَهْل التَّأْوِيل غَيْر أَنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْله : { بِجَهَالَةٍ } فَقَالَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ بِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِيهِ , وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ عَمَله السُّوء هُوَ الْجَهَالَة الَّتِي عَنَاهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7019 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّث أَنَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ : كُلّ ذَنْب أَصَابَهُ عَبْد فَهُوَ بِجَهَالَةٍ . 7020 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : اِجْتَمَعَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَوْا أَنَّ كُلّ شَيْء عُصِيَ بِهِ فَهُوَ جَهَالَة , عَمْدًا كَانَ أَوْ غَيْره . 7021 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : كُلّ مَنْ عَصَى رَبّه فَهُوَ جَاهِل , حَتَّى يَنْزِع عَنْ مَعْصِيَته . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : كُلّ مَنْ عَمِلَ بِمَعْصِيَةِ اللَّه فَذَاكَ مِنْهُ بِجَهْلٍ حَتَّى يَرْجِع عَنْهُ . 7022 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } مَا دَامَ يَعْصِي اللَّه فَهُوَ جَاهِل . 7023 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل بْن غَزْوَان , عَنْ أَبِي النَّضْر , عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : مَنْ عَمِلَ السُّوء فَهُوَ جَاهِل , مِنْ جَهَالَته عَمِلَ السُّوء . 7024 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : مَنْ عَصَى اللَّه فَهُوَ جَاهِل , حَتَّى يَنْزِع عَنْ مَعْصِيَته . قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَأَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كُلّ عَامِل بِمَعْصِيَةٍ فَهُوَ جَاهِل حِين عَمِلَ بِهَا . قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَقَالَ لِي عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح نَحْوه . 7025 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَالَ : الْجَهَالَة : كُلّ اِمْرِئٍ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي اللَّه فَهُوَ جَاهِل أَبَدًا حَتَّى يَنْزِع عَنْهَا . وَقَرَأَ : { هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُف وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ } 12 89 وَقَرَأَ : { وَإِلَّا تَصْرِف عَنِّي كَيْدهنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ } 12 33 قَالَ : مَنْ عَصَى اللَّه فَهُوَ جَاهِل حَتَّى يَنْزِع عَنْ مَعْصِيَته . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } : يَعْمَلُونَ ذَلِكَ عَلَى عَمْد مِنْهُمْ لَهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7026 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مُجَاهِد : { يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : الْجَهَالَة : الْعَمْد . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7027 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : الْجَهَالَة : الْعَمْد. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7028 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة , قَوْله : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قَالَ : الدُّنْيَا كُلّهَا جَهَالَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآيَة. قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيلهَا : إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء , وَعَمَلهمْ السُّوء هُوَ الْجَهَالَة الَّتِي جَهِلُوهَا عَامِدِينَ كَانُوا لِلْإِثْمِ , أَوْ جَاهِلِينَ بِمَا أَعَدَّ اللَّه لِأَهْلِهَا . وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر مَوْجُود فِي كَلَام الْعَرَب , تَسْمِيَة الْعَامِد لِلشَّيْءِ الْجَاهِل بِهِ , إِلَّا أَنْ يَكُون مَعْنِيًّا بِهِ أَنَّهُ جَاهِل بِقَدْرِ مَنْفَعَته وَمَضَرَّته , فَيُقَال : هُوَ بِهِ جَاهِل , عَلَى مَعْنَى جَهْله بِمَعْنَى : نَفْعه وَضُرّه ; فَأَمَّا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِقَدْرِ مَبْلَغ نَفْعه وَضُرّه قَاصِدًا إِلَيْهِ , فَغَيْر جَائِز مِنْ غَيْر قَصْده إِلَيْهِ أَنْ يُقَال هُوَ بِهِ جَاهِل ; لِأَنَّ الْجَاهِل بِالشَّيْءِ هُوَ الَّذِي لَا يَعْلَمهُ وَلَا يَعْرِفهُ عِنْد التَّقَدُّم عَلَيْهِ , أَوْ يَعْلَمهُ فَيُشْبِه فَاعِله , إِذْ كَانَ خَطَأ مَا فَعَلَهُ بِالْجَاهِلِ الَّذِي يَأْتِي الْأَمْر وَهُوَ بِهِ جَاهِل فَيُخْطِئ مَوْضِع الْإِصَابَة مِنْهُ , فَيُقَال : إِنَّهُ لَجَاهِل بِهِ , وَإِنْ كَانَ بِهِ عَالِمًا لِإِتْيَانِهِ الْأَمْر الَّذِي لَا يَأْتِي مِثْله إِلَّا أَهْل الْجَهْل بِهِ . وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله : { يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } قِيلَ فِيهِمْ : يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ وَإِنْ أَتَوْهُ عَلَى عِلْم مِنْهُمْ بِمَبْلَغِ عِقَاب اللَّه أَهْله , عَامِدِينَ إِتْيَانه , مَعَ مَعْرِفَتهمْ بِأَنَّهُ عَلَيْهِمْ حَرَام , لِأَنَّ فِعْلهمْ ذَلِكَ كَانَ مِنْ الْأَفْعَال الَّتِي لَا يَأْتِي مِثْلَهُ إِلَّا مَنْ جَهِلَ عَظِيمَ عِقَابِ اللَّهِ عَلَيْهِ أَهْلَهُ فِي عَاجِل الدُّنْيَا وَآجِل الْآخِرَة , فَقِيلَ لِمَنْ أَتَاهُ وَهُوَ بِهِ عَالِم : أَتَاهُ بِجَهَالَةٍ , بِمَعْنَى : أَنَّهُ فَعَلَ فِعْل الْجُهَّال بِهِ , لَا أَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا . وَقَدْ زَعَمَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّهُمْ جَهِلُوا كُنْه مَا فِيهِ مِنْ الْعِقَاب , فَلَمْ يَعْلَمُوهُ كَعِلْمِ الْعَالِم , وَإِنْ عَلِمُوهُ ذَنْبًا , فَلِذَلِكَ قِيلَ : { يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ } . وَلَوْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا قَالَ صَاحِب هَذَا الْقَوْل لَوَجَبَ أَنْ لَا تَكُون تَوْبَة لِمَنْ عَلِمَ كُنْه مَا فِيهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } دُون غَيْرهمْ. فَالْوَاجِب عَلَى صَاحِب هَذَا الْقَوْل أَنْ لَا يَكُون لِلْعَالِمِ الَّذِي عَمِلَ سُوءًا عَلَى عِلْم مِنْهُ بِكُنْهِ مَا فِيهِ ثُمَّ تَابَ مِنْ قَرِيب ; تَوْبَة , وَذَلِكَ خِلَاف الثَّابِت عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّ كُلّ تَائِب عَسَى اللَّه أَنْ يَتُوب عَلَيْهِ , وَقَوْله : " بَاب التَّوْبَة مَفْتُوح مَا لَمْ تَطْلُع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا " , وَخِلَاف قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } 25 70 .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } . اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْقَرِيب فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : ثُمَّ يَتُوبُونَ فِي صِحَّتهمْ قَبْل مَرَضهمْ وَقَبْل مَوْتهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7029 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } وَالْقَرِيب قَبْل الْمَوْت مَا دَامَ فِي صِحَّته . 7030 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ أَبِي النَّضْر , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَالَ : فِي الْحَيَاة وَالصِّحَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَبْل مُعَايَنَة مَلَك الْمَوْت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ. 7031 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } وَالْقَرِيب فِيمَا بَيْنه وَبَيْن أَنْ يَنْظُر إِلَى مَلَك الْمَوْت . 7032 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت عِمْرَان بْن حُدَيْر , قَالَ : قَالَ أَبُو مِجْلَز : لَا يَزَال الرَّجُل فِي تَوْبَة حَتَّى يُعَايِن الْمَلَائِكَة. 7033 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس , قَالَ : الْقَرِيب : مَا لَمْ تَنْزِل بِهِ آيَة مِنْ آيَات اللَّه تَعَالَى وَيَنْزِل بِهِ الْمَوْت . 7034 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } لَهُ التَّوْبَة مَا بَيْنه وَبَيْن أَنْ يُعَايِن مَلَك الْمَوْت , فَإِذَا تَابَ حِين يَنْظُر إِلَى مَلَك الْمَوْت فَلَيْسَ لَهُ ذَاكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَبْل الْمَوْت. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7035 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ رَجُل , عَنْ الضَّحَّاك : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَالَ : كُلّ شَيْء قَبْل الْمَوْت فَهُوَ قَرِيب . 7036 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَالَ : الدُّنْيَا كُلّهَا قَرِيب. 7037 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَبْل الْمَوْت. 7038 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي قِلَابَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ إِبْلِيس لَمَّا لُعِنَ وَأُنْظِرَ , قَالَ : وَعِزَّتك لَا أَخْرُج مِنْ قَلْب اِبْن آدَم مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح ! فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَعِزَّتِي لَا أَمْنَعهُ التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا عِمْرَان , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كُنَّا عِنْد أَنَس بْن مَالِك وَثَمَّ أَبُو قِلَابَة , فَحَدَّثَ أَبُو قِلَابَة قَالَ : إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا لَعَنَ إِبْلِيس سَأَلَهُ النَّظِرَة , فَقَالَ : وَعِزَّتك لَا أَخْرُج مِنْ قَلْب اِبْن آدَم ! فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَعِزَّتِي لَا أَمْنَعهُ التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح. * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة , قَالَ : إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا لَعَنَ إِبْلِيس سَأَلَهُ النَّظِرَة , فَأَنْظَرَهُ إِلَى يَوْم الدِّين , فَقَالَ : وَعِزَّتك لَا أَخْرُج مِنْ قَلْب اِبْن آدَم مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح ! قَالَ : وَعِزَّتِي لَا أَحْجُب عَنْهُ التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح . 7039 - حَدَّثَنِي اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ إِبْلِيس لَمَّا رَأَى آدَم أَجْوَف , قَالَ وَعِزَّتك لَا أَخْرُج مِنْ جَوْفه مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح ! فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَعِزَّتِي لَا أَحُول بَيْنه وَبَيْن التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرُّوح " . 7040 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْعَلَاء بْن زِيَاد , عَنْ أَبِي أَيُّوب بَشِير بْن كَعْب , أَنَّ نَبِيّ اللَّه , قَالَ : " إِنَّ اللَّه يَقْبَل تَوْبَة الْعَبْد مَا لَمْ يُغَرْغِر " . 7041 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ; فَذَكَرَ مِثْله . 7042 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقْبَل تَوْبَة الْعَبْد مَا لَمْ يُغَرْغِر " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : تَأْوِيله : ثُمَّ يَتُوبُونَ قَبْل مَمَاتهمْ فِي الْحَال الَّتِي يَفْهَمُونَ فِيهَا أَمْر اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَنَهْيه , وَقَبْل أَنْ يُغْلَبُوا عَلَى أَنْفُسهمْ وَعُقُولهمْ , وَقَبْل حَال اِشْتِغَالهمْ بِكَرْبِ الْحَشْرَجَة وَغَمّ الْغَرْغَرَة , فَلَا يَعْرِفُوا أَمْر اللَّه وَنَهْيه , وَلَا يَعْقِلُوا التَّوْبَة , لِأَنَّ التَّوْبَة لَا تَكُون تَوْبَة إِلَّا مِمَّنْ نَدِمَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُ , وَعَزَمَ فِيهِ عَلَى تَرْك الْمُعَاوَدَة , وَهُوَ يَعْقِل النَّدَم , وَيَخْتَار تَرْك الْمُعَاوَدَة , فَأَمَّا إِذَا كَانَ بِكَرْبِ الْمَوْت مَشْغُولًا , وَبِغَمِّ الْحَشْرَجَة مَغْمُورًا , فَلَا إِخَالهُ إِلَّا عَنْ النَّدَم عَلَى ذُنُوبه مَغْلُوبًا , وَلِذَلِكَ قَالَ مَنْ قَالَ : إِنَّ التَّوْبَة مَقْبُولَة مَا لَمْ يُغَرْغِر الْعَبْد بِنَفَسِهِ , فَإِنْ كَانَ الْمَرْء فِي تِلْكَ الْحَال يَعْقِل عَقْل الصَّحِيح , وَيَفْهَم فَهْم الْعَاقِل الْأَرِيب , فَأَحْدَثَ إِنَابَة مِنْ ذُنُوبه , وَرَجْعَة مِنْ شُرُوده عَنْ رَبّه إِلَى طَاعَته كَانَ إِنْ شَاءَ اللَّه مِمَّنْ دَخَلَ فِي وَعْد اللَّه الَّذِي وَعَدَ التَّائِبِينَ إِلَيْهِ مِنْ إِجْرَامهمْ مِنْ قَرِيب بِقَوْلِهِ : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأُولَئِكَ يَتُوب اللَّه عَلَيْهِمْ } . يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَأُولَئِكَ } فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب { يَتُوب اللَّه عَلَيْهِمْ } دُون مَنْ لَمْ يَتُبْ , حَتَّى غُلِبَ عَلَى عَقْله وَغَمَرَتْهُ حَشْرَجَة مِيتَتِهِ , فَقَالَ : وَهُوَ لَا يَفْقَه مَا يَقُول : { إِنِّي تُبْت الْآن } خِدَاعًا لِرَبِّهِ وَنِفَاقًا فِي دِينه , وَمَعْنَى قَوْله : { يَتُوب اللَّه عَلَيْهِمْ } : يَرْزُقهُمْ إِنَابَة إِلَى طَاعَته , وَيَتَقَبَّل مِنْهُمْ أَوْبَتهمْ إِلَيْهِ , وَتَوْبَتهمْ الَّتِي أَحْدَثُوهَا مِنْ ذُنُوبهمْ.

وَأَمَّا قَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا حَكِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَلَمْ يَزَلْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلِيمًا بِالنَّاسِ مِنْ عِبَاده الْمُنِيبِينَ إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ بَعْد إِدْبَارهمْ عَنْهُ , الْمُقْبِلِينَ إِلَيْهِ بَعْد التَّوْلِيَة , وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُور خَلْقه , حَكِيم فِي تَوْبَته عَلَى مَنْ تَابَ مِنْهُمْ مِنْ مَعْصِيَته , وَفِي غَيْر ذَلِكَ مِنْ تَدْبِيره وَتَقْدِيره , وَلَا يَدْخُل أَفْعَاله خَلَل , وَلَا يَخْلِطهُ خَطَأ وَلَا زَلَل .
وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًاسورة النساء الآية رقم 18
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات مِنْ أَهْل الْإِصْرَار عَلَى مَعَاصِي اللَّه , حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت , يَقُول : إِذَا حَشْرَجَ أَحَدهمْ بِنَفَسِهِ , وَعَايَنَ مَلَائِكَة رَبّه قَدْ أَقْبَلُوا إِلَيْهِ لِقَبْضِ رُوحه قَالَ : وَقَدْ غُلِبَ عَلَى نَفْسه , وَحِيلَ بَيْنه وَبَيْن فَهْمه بِشَغْلِهِ بِكَرْبِ حَشْرَجَته وَغَرْغَرَته : إِنِّي تُبْت الْآن , يَقُول فَلَيْسَ لِهَذَا عِنْد اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَوْبَة , لِأَنَّهُ قَالَ مَا قَالَ فِي غَيْر حَال تَوْبَة . كَمَا : 7043 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ يَعْلَى بْن نُعْمَان , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ اِبْن عُمَر يَقُول : التَّوْبَة مَبْسُوطَة مَا لَمْ يُسَقْ . ثُمَّ قَرَأَ اِبْن عُمَر : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } ثُمَّ قَالَ : وَهَلْ الْحُضُور إِلَّا السَّوْق . 7044 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } قَالَ : إِذَا تَبَيَّنَ الْمَوْت فِيهِ لَمْ يَقْبَل اللَّه لَهُ تَوْبَة . 7045 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ أَبِي النَّضْر , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } فَلَيْسَ لِهَذَا عِنْد اللَّه تَوْبَة . 7046 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت إِبْرَاهِيم بْن مَيْمُون , يُحَدِّث عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا رَجُل مِنَّا , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ تَابَ قَبْل مَوْته بِعَامٍ تُبْت عَلَيْهِ " , حَتَّى ذَكَرَ شَهْرًا , حَتَّى ذَكَرَ سَاعَة , حَتَّى ذَكَرَ فَوَاقًا , قَالَ : فَقَالَ رَجُل : كَيْفَ يَكُون هَذَا وَاَللَّه تَعَالَى يَقُول : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } ؟ فَقَالَ عَبْد اللَّه : أَنَا أُحَدِّثك مَا سَمِعْت مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 7047 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : كَانَ يُقَال : التَّوْبَة مَبْسُوطَة مَا لَمْ يُؤْخَذ بِكَظْمِهِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ أَهْل النِّفَاق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7048 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { إِنَّمَا التَّوْبَة عَلَى اللَّه لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوء بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيب } قَالَ : نَزَلَتْ الْأُولَى فِي الْمُؤْمِنِينَ , وَنَزَلَتْ الْوُسْطَى فِي الْمُنَافِقِينَ , يَعْنِي : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات } وَالْأُخْرَى فِي الْكُفَّار , يَعْنِي : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ أَهْل الْإِسْلَام. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7049 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : بَلَغَنَا فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن } قَالَ : هُمْ الْمُسْلِمُونَ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } ؟ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هَذِهِ الْآيَة كَانَتْ نَزَلَتْ فِي أَهْل الْإِيمَان , غَيْر أَنَّهَا نُسِخَتْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7050 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَيْسَتْ التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدهمْ الْمَوْت قَالَ إِنِّي تُبْت الْآن وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْد ذَلِكَ : { إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء } 4 48 فَحَرَّمَ اللَّه تَعَالَى الْمَغْفِرَة عَلَى مَنْ مَاتَ وَهُوَ كَافِر , وَأَرْجَأَ أَهْل التَّوْحِيد إِلَى مَشِيئَته , فَلَمْ يُؤْيِسُهُمْ مِنْ الْمَغْفِرَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ مَا ذَكَرَهُ الثَّوْرِيّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ فِي الْإِسْلَام , وَذَلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كُفَّار , فَلَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهِ أَهْل النِّفَاق لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } مَعْنًى مَفْهُوم , لِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا هُمْ وَاَلَّذِينَ قَبْلهمْ فِي مَعْنًى وَاحِد مِنْ أَنَّ جَمِيعهمْ كُفَّار , فَلَا وَجْه لِتَفْرِيقِ أَحَد مِنْهُمْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْله بَطَلَ أَنْ تَكُون تَوْبَة وَاحِد مَقْبُولَة . وَفِي تَفْرِقَة اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَيْن أَسْمَائِهِمْ وَصِفَاتهمْ بِأَنْ سَمَّى أَحَد الصِّنْفَيْنِ كَافِرًا , وَوَصَفَ الصِّنْف الْآخَر بِأَنَّهُمْ أَهْل سَيِّئَات , وَلَمْ يُسَمِّهِمْ كُفَّارًا مَا دَلَّ عَلَى اِفْتِرَاق مَعَانِيهمْ , وَفِي صِحَّة كَوْن ذَلِكَ كَذَلِكَ صِحَّة مَا قُلْنَا , وَفَسَاد مَا خَالَفَهُ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } . يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَا التَّوْبَة لِلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار فَمَوْضِع " الَّذِينَ " خَفْض , لِأَنَّهُ مَعْطُوف عَلَى قَوْله : { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات } .

وَقَوْله : { أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } يَقُول : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار , أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا , لِأَنَّهُمْ أَبْعَدهمْ مِنْ التَّوْبَة كَوْنهمْ عَلَى الْكُفْر . كَمَا : 7051 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ أَبِي النَّضْر , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّار } أُولَئِكَ أَبْعَد مِنْ التَّوْبَة . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى : { أَعْتَدْنَا لَهُمْ } فَقَالَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ : مَعْنَى : { أَعْتَدْنَا } : أَفْعَلْنَا مِنْ الْعَتَاد , قَالَ : وَمَعْنَاهَا : أَعْدَدْنَا. وَقَالَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ : أَعْدَدْنَا وَأَعْتَدْنَا مَعْنَاهُمَا وَاحِد , فَمَعْنَى قَوْله : { أَعْتَدْنَا لَهُمْ } أَعْدَدْنَا لَهُمْ

{ عَذَابًا أَلِيمًا } يَقُول : مُؤْلِمًا مُوجِعًا .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًاسورة النساء الآية رقم 19
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } يَعْنِي تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } يَقُول : لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا نِكَاح نِسَاء أَقَارِبكُمْ وَآبَائِكُمْ كَرْهًا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : كَيْفَ كَانُوا يَرِثُونَهُنَّ , وَمَا وَجْه تَحْرِيم وِرَاثَتهنَّ , فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ النِّسَاء مُوَرَّثَات كَمَا الرِّجَال مُوَرَّثُونَ ؟ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَعْنَى وِرَاثَتهنَّ إِذَا هُنَّ مُتْنَ فَتَرَكْنَ مَالًا , وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَنَّهُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَتْ إِحْدَاهُنَّ إِذَا مَاتَ زَوْجهَا كَانَ اِبْنه أَوْ قَرِيبه أَوْلَى بِهَا مِنْ غَيْره وَمِنْهَا بِنَفْسِهَا , إِنْ شَاءَ نَكَحَهَا وَإِنْ شَاءَ عَضَلَهَا فَمَنَعَهَا مِنْ غَيْره وَلَمْ يُزَوِّجهَا حَتَّى تَمُوت , فَحَرَّمَ اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ عَلَى عِبَاده , وَحَظَرَ عَلَيْهِمْ نِكَاح حَلَائِل آبَائِهِمْ , وَنَهَاهُمْ عَنْ عَضْلهنَّ عَنْ النِّكَاح . وَبِنَحْوِ الْقَوْل الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7052 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَسْبَاط بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَبُو إِسْحَاق , يَعْنِي الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } قَالَ : كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُل كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقّ بِامْرَأَتِهِ , إِنْ شَاءَ بَعْضهمْ تَزَوَّجَهَا , وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا , وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا , وَهُمْ أَحَقّ بِهَا مِنْ أَهْلهَا , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي ذَلِكَ . 7053 - وَحَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي أُمَامَة بْن سَهْل بْن حُنَيْف , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو قَيْس بْن الْأَسْلَت أَرَادَ اِبْنه أَنْ يَتَزَوَّج اِمْرَأَته , وَكَانَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة , فَأَنْزَلَ اللَّه : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . 7054 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ قَالَا فِي قَوْله : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } , وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُل كَانَ يَرِث اِمْرَأَة ذِي قَرَابَته , فَيَعْضُلهَا حَتَّى تَمُوت أَوْ تَرُدّ إِلَيْهِ صَدَاقهَا , فَأَحْكَمَ اللَّه عَنْ ذَلِكَ , يَعْنِي أَنَّ اللَّه نَهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ. 7055 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي مِجْلَز فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } قَالَ : كَانَتْ الْأَنْصَار تَفْعَل ذَلِكَ كَانَ الرَّجُل إِذَا مَاتَ حَمِيمه وَرِثَ حَمِيمه اِمْرَأَته , فَيَكُون أَوْلَى بِهَا مِنْ وَلِيّ نَفْسهَا . 7056 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . .. الْآيَة , قَالَ : كَانَ الرَّجُل إِذَا مَاتَ أَبُوهُ أَوْ حَمِيمه , فَهُوَ أَحَقّ بِامْرَأَتِهِ , إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا أَوْ يَحْبِسهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِصَدَاقِهَا أَوْ تَمُوت فَيَذْهَب بِمَالِهَا . قَالَ اِبْن جُرَيْج : فَأَخْبَرَنِي عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح : أَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا إِذَا هَلَكَ الرَّجُل , فَتَرَكَ اِمْرَأَة , حَبَسَهَا أَهْله عَلَى الصَّبِيّ يَكُون فِيهِمْ , فَنَزَلَتْ : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . .. الْآيَة. قَالَ اِبْن جُرَيْج , وَقَالَ مُجَاهِد : كَانَ الرَّجُل إِذَا تُوُفِّيَ أَبُوهُ كَانَ أَحَقّ بِامْرَأَتِهِ , يَنْكِحهَا إِنْ شَاءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ اِبْنهَا , أَوْ يُنْكِحهَا إِنْ شَاءَ أَخَاهُ أَوْ اِبْن أَخِيهِ. قَالَ اِبْن جُرَيْج : وَقَالَ عِكْرِمَة : نَزَلَتْ فِي كُبَيْشَة بِنْت مَعْن بْن عَاصِم مِنْ الْأَوْس , تُوُفِّيَ عَنْهَا أَبُو قَيْس بْن الْأَسْلَت , فَجَنَحَ عَلَيْهَا اِبْنه , فَجَاءَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا نَبِيّ اللَّه , لَا أَنَا وَرِثْت زَوْجِي وَلَا أَنَا تُرِكْت فَأَنْكِح ! فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة . 7057 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } قَالَ : كَانَ إِذَا تُوُفِّيَ الرَّجُل كَانَ اِبْنه الْأَكْبَر هُوَ أَحَقّ بِامْرَأَتِهِ يَنْكِحهَا إِذَا شَاءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ اِبْنهَا , أَوْ يُنْكِحهَا مَنْ شَاءَ أَخَاهُ أَوْ اِبْن أَخِيهِ . 7058 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار مِثْل قَوْل مُجَاهِد . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , قَالَ : سَمِعْت عَمْرو بْن دِينَار يَقُول مِثْل ذَلِكَ . 7059 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا قَوْله : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } , فَإِنَّ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَ يَمُوت أَبُوهُ أَوْ أَخُوهُ أَوْ اِبْنه , فَإِذَا مَاتَ وَتَرَكَ اِمْرَأَته , فَإِنْ سَبَقَ وَارِث الْمَيِّت فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبه فَهُوَ أَحَقّ بِهَا أَنْ يَنْكِحهَا بِمَهْرِ صَاحِبه أَوْ يُنْكِحهَا فَيَأْخُذ مَهْرهَا , وَإِنْ سَبَقَتْهُ فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلهَا فَهُمْ أَحَقّ بِنَفْسِهَا . 7060 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان الْبَاهِلِيّ , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } كَانُوا بِالْمَدِينَةِ إِذَا مَاتَ حَمِيم الرَّجُل وَتَرَكَ اِمْرَأَة , أَلْقَى الرَّجُل عَلَيْهَا ثَوْبه , فَوَرِثَ نِكَاحهَا , وَكَانَ أَحَقّ بِهَا , وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدهمْ نِكَاحًا , فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ , وَكَانَ هَذَا فِي الشِّرْك . 7061 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } قَالَ : كَانَتْ الْوِرَاثَة فِي أَهْل يَثْرِب بِالْمَدِينَةِ هَهُنَا , فَكَانَ الرَّجُل يَمُوت فَيَرِث اِبْنه اِمْرَأَة أَبِيهِ , كَمَا يَرِث أُمّه لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَمْنَع , فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَّخِذهَا اِتَّخَذَهَا كَمَا كَانَ أَبُوهُ يَتَّخِذهَا , وَإِنْ كَرِهَ فَارَقَهَا , وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا حُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى يَكْبَر , فَإِنْ شَاءَ أَصَابَهَا وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا , فَذَلِكَ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { لَا يُحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } وَذَلِكَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَهْل الْمَدِينَة كَانَ إِذَا مَاتَ حَمِيم أَحَدهمْ , أَلْقَى ثَوْبه عَلَى اِمْرَأَته , فَوَرِثَ نِكَاحهَا , فَلَمْ يَنْكِحهَا أَحَد غَيْره , وَحَبَسَهَا عِنْده حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِفِدْيَةٍ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . 7062 - حَدَّثَنِي اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَلِيّ بْن بَذِيمَة , عَنْ مِقْسَم , قَالَ : كَانَتْ الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذَا مَاتَ زَوْجهَا , فَجَاءَ رَجُل فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبه كَانَ أَحَقّ النَّاس بِهَا , قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . فَتَأْوِيل الْآيَة عَلَى هَذَا التَّأْوِيل : يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا آبَاءَكُمْ وَأَقَارِبكُمْ نِكَاح نِسَائِهِمْ كَرْهًا , فَتَرَكَ ذِكْر الْآبَاء وَالْأَقَارِب وَالنِّكَاح , وَوَجَّهَ الْكَلَام إِلَى النَّهْي عَنْ وِرَاثَة النِّسَاء , اِكْتِفَاء بِمَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِينَ بِمَعْنَى الْكَلَام , إِذْ كَانَ مَفْهُومًا مَعْنَاهُ عِنْدهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا يَحِلّ لَكُمْ أَيّهَا النَّاس أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء تَرِكَاتهنَّ كَرْهًا , قَالَ : وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْضُلُونَ أَيَامَاهُنَّ وَهُنَّ كَارِهَات لِلْعَضْلِ حَتَّى يَمُتْنَ فَيَرْثُوهُنَّ أَمْوَالهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7063 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } قَالَ : كَانَ الرَّجُل إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ جَارِيَة , أَلْقَى عَلَيْهَا حَمِيمه ثَوْبه , فَمَنَعَهَا مِنْ النَّاس , فَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَة تَزَوَّجَهَا , وَإِنْ كَانَتْ قَبِيحَة حَبَسَهَا حَتَّى تَمُوت , فَيَرِثهَا . 7064 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ فِي قَوْله : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } قَالَ : نَزَلَ فِي نَاس مِنْ الْأَنْصَار كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُل مِنْهُمْ فَأَمْلَكُ النَّاس بِامْرَأَتِهِ وَلِيّه , فَيُمْسِكهَا حَتَّى تَمُوت فَيَرِثهَا , فَنَزَلَتْ فِيهِمْ. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة , الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَمَّنْ قَالَ مَعْنَاهُ : لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا نِسَاء أَقَارِبكُمْ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ بَيَّنَ مَوَارِيث أَهْل الْمَوَارِيث , فَذَلِكَ لِأَهْلِهِ نَحْو وِرَاثَتهمْ إِيَّاهُ الْمَوْرُوث ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ الرِّجَال أَوْ النِّسَاء . فَقَدْ عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يَحْظُر عَلَى عِبَاده أَنْ يَرِثُوا النِّسَاء مَا جَعَلَهُ لَهُمْ مِيرَاثًا عَنْهُنَّ , وَأَنَّهُ إِنَّمَا حَظَرَ أَنْ يُكْرَهْنَ مَوْرُوثَات بِمَعْنَى حَظَرَ وِرَاثَة نِكَاحهنَّ إِذَا كَانَ مَيِّتهمْ الَّذِي وَرِثُوهُ قَدْ كَانَ مَالِكًا عَلَيْهِنَّ أَمْرهنَّ فِي النِّكَاح مِلْك الرَّجُل مَنْفَعَة مَا اِسْتَأْجَرَ مِنْ الدُّور وَالْأَرَضِينَ وَسَائِر مَا لَهُ مَنَافِع , فَأَبَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِعِبَادِهِ أَنَّ الَّذِي يَمْلِكهُ الرَّجُل مِنْهُمْ مِنْ بُضْع زَوْجَته , مَعْنَاهُ غَيْر مَعْنَى مَا يَمْلِك أَحَدهمْ مِنْ مَنَافِع سَائِر الْمَمْلُوكَات الَّتِي تَجُوز إِجَارَتهَا , فَإِنَّ الْمَالِك بُضْع زَوْجَته إِذَا هُوَ مَاتَ لَمْ يَكُنْ مَا كَانَ لَهُ مِلْكًا مِنْ زَوْجَته بِالنِّكَاحِ لِوَرَثَتِهِ بَعْده , كَمَا لَهُمْ مِنْ الْأَشْيَاء الَّتِي كَانَ يَمْلِكهَا بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَة أَوْ إِجَارَة بَعْد مَوْته بِمِيرَاثِهِ ذَلِكَ عَنْهُ .

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : تَأْوِيله : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } : أَيْ وَلَا تَحْبِسُوا يَا مَعْشَر وَرَثَة مَنْ مَاتَ مِنْ الرِّجَال أَزْوَاجهمْ عَنْ نِكَاح مَنْ أَرَدْنَ نِكَاحه مِنْ الرِّجَال كَيْمَا يَمُتْنَ فَتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ ; أَيْ فَتَأْخُذُوا مِنْ أَمْوَالهمْ إِذَا مُتْنَ مَا كَانَ مَوْتَاكُمْ الَّذِينَ وَرِثْتُمُوهُنَّ سَاقُوا إِلَيْهِنَّ مِنْ صَدُقَاتهنَّ . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ جَمَاعَة قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضهمْ , مِنْهُمْ اِبْن عَبَّاس , وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , وَعِكْرِمَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَعْضُلُوا أَيّهَا النَّاس نِسَاءَكُمْ فَتَحْبِسُوهُنَّ ضِرَارًا , وَلَا حَاجَة لَكُمْ إِلَيْهِنَّ فَتَضُرُّوا بِهِنَّ لِيَفْتَدِينَ مِنْكُمْ بِمَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ صَدُقَاتهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7065 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } يَقُول : لَا تَقْهَرُوهُنَّ , { لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } يَعْنِي الرَّجُل تَكُون لَهُ الْمَرْأَة وَهُوَ كَارِه لِصُحْبَتِهَا , وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْر , فَيَضُرّ بِهَا لِتَفْتَدِي . 7066 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } يَقُول : لَا يَحِلّ لَك أَنْ تَحْبِس اِمْرَأَتك ضِرَارًا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْك . قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : وَأَخْبَرَنِي سِمَاك بْن الْفَضْل عَنْ اِبْن الْبَيْلَمَانِيّ , قَالَ : نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ , إِحْدَاهُمَا فِي أَمْر الْجَاهِلِيَّة , وَالْأُخْرَى فِي أَمْر الْإِسْلَام . 7067 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا سِمَاك بْن الْفَضْل , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْبَيْلَمَانِيّ فِي قَوْله : { لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } , قَالَ : نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ , إِحْدَاهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّة , وَالْأُخْرَى فِي الْإِسْلَام , قَالَ عَبْد اللَّه لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء فِي الْجَاهِلِيَّة , وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ فِي الْإِسْلَام. 7068 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } قَالَ : لَا تَحْبِسُوهُنَّ . 7069 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } أَمَّا تَعْضُلُوهُنَّ , فَيَقُول : تُضَارُّوهُنَّ لِيَفْتَدِينَ مِنْكُمْ. 7070 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } قَالَ : الْعَضْل : أَنْ يُكْرِه الرَّجُل اِمْرَأَته , فَيَضُرّ بِهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ , قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض } . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمَعْنِيّ بِالنَّهْيِ عَنْ عَضْل النِّسَاء فِي هَذِهِ الْآيَة : أَوْلِيَاؤُهُنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7071 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : " وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ " كَالْعَضْلِ فِي سُورَة الْبَقَرَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمَنْهِيّ عَنْ ذَلِكَ زَوْج الْمَرْأَة بَعْد فِرَاقه إِيَّاهَا , وَقَالُوا : ذَلِكَ كَانَ مِنْ فِعْل الْجَاهِلِيَّة , فَنُهُوا عَنْهُ فِي الْإِسْلَام. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7072 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ الْعَضْل فِي قُرَيْش بِمَكَّة , يَنْكِح الرَّجُل الْمَرْأَة الشَّرِيفَة فَلَعَلَّهَا لَا تُوَافِقهُ , فَيُفَارِقهَا عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّج إِلَّا بِإِذْنِهِ , فَيَأْتِي بِالشُّهُودِ فَيَكْتُب ذَلِكَ عَلَيْهَا وَيَشْهَد , فَإِذَا خَطَبَهَا خَاطِب , فَإِنْ أَعْطَتْهُ وَأَرْضَتْهُ أَذِنَ لَهَا , وَإِلَّا عَضَلَهَا . قَالَ : فَهَذَا قَوْل اللَّه : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } . .. الْآيَة. قَالَ أَبُو جَعْفَر : قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مَعْنَى الْعَضْل وَمَا أَصْله بِشَوَاهِد ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّة . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بِالصِّحَّةِ فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } قَوْل مَنْ قَالَ : نَهَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ زَوْج الْمَرْأَة عَنْ التَّضْيِيق عَلَيْهَا وَالْإِضْرَار بِهَا , وَهُوَ لِصُحْبَتِهَا كَارِه , وَلِفِرَاقِهَا مُحِبّ , لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ بِبَعْضِ مَا آتَاهَا مِنْ الصَّدَاق . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ , لِأَنَّهُ لَا سَبِيل لِأَحَدٍ إِلَى عَضْل اِمْرَأَة , إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ : إِمَّا لِزَوْجِهَا بِالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا وَحَبْسهَا عَلَى نَفْسه , وَهُوَ لَهَا كَارِه , مُضَارَّة مِنْهُ لَهَا بِذَلِكَ , لِيَأْخُذ مِنْهَا مَا آتَاهَا بِافْتِدَائِهَا مِنْهُ نَفْسهَا بِذَلِكَ , أَوْ لِوَلِيِّهَا الَّذِي إِلَيْهَا إِنْكَاحهَا , وَإِذَا كَانَ لَا سَبِيل إِلَى عَضْلهَا لِأَحَدٍ غَيْرهمَا , وَكَانَ الْوَلِيّ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ أَتَاهَا شَيْئًا , فَيُقَال : إِنْ عَضَلَهَا عَنْ النِّكَاح عَضَلَهَا لِيَذْهَب بِبَعْضِ مَا آتَاهَا , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّذِي عَنَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِنَهْيِهِ عَنْ عَضْلهَا , هُوَ زَوْجهَا الَّذِي لَهُ السَّبِيل إِلَى عَضْلهَا ضِرَارًا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ . وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ , وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمْ يَجْعَل لِأَحَدٍ السَّبِيل عَلَى زَوْجَته بَعْد فِرَاقه إِيَّاهَا وَبَيْنُونَتهَا مِنْهُ , فَيَكُون لَهُ إِلَى عَضْلهَا سَبِيل لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ مِنْ عَضَله إِيَّاهَا , أَتَتْ بِفَاحِشَةٍ أَمْ لَمْ تَأْتِ بِهَا , وَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَبَاحَ لِلْأَزْوَاجِ عَضْلهنَّ إِذَا آتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة , حَتَّى يَفْتَدِينَ مِنْهُ , كَانَ بَيِّنًا بِذَلِكَ خَطَأ التَّأْوِيل الَّذِي تَأَوَّلَهُ اِبْن زَيْد , وَتَأْوِيل مَنْ قَالَ : عَنَى بِالنَّهْيِ عَنْ الْعَضْل فِي هَذِهِ الْآيَة : أَوْلِيَاء الْأَيَامَى , وَصِحَّة مَا قُلْنَا فِيهِ . { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } فِي مَوْضِع نَصْب عَطْفًا عَلَى قَوْله : { أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } وَمَعْنَاهُ : لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا , وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ , وَكَذَلِكَ هِيَ فِيمَا ذُكِرَ فِي حَرْف اِبْن مَسْعُود , وَلَوْ قِيلَ : هُوَ فِي مَوْضِع جَزْم عَلَى وَجْه النَّهْي لَمْ يَكُنْ خَطَأ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } . يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَا يَحِلّ لَكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ تَعْضُلُوا نِسَاءَكُمْ ضِرَارًا مِنْكُمْ لَهُنَّ , وَأَنْتُمْ لِصُحْبَتِهِنَّ كَارِهُونَ , وَهُنَّ لَكُمْ طَائِعَات , لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ صَدُقَاتهنَّ , إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة , فَيَحِلّ لَكُمْ حِينَئِذٍ الضِّرَار بِهِنَّ لِيَفْتَدِينَ مِنْكُمْ. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْفَاحِشَة الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهَا : الزِّنَا , وَقَالَ إِذَا زَنَتْ اِمْرَأَة الرَّجُل حَلَّ لَهُ عَضْلهَا وَالضِّرَار بِهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ بِمَا آتَاهَا مِنْ صَدَاقهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7073 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن : فِي الْبِكْر تَفْجُر , قَالَ : تُضْرَب مِائَة , وَتُنْفَى سَنَة , وَتَرُدّ إِلَى زَوْجهَا مَا أَخَذَتْ مِنْهُ . وَتَأَوَّلَ هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } . 7074 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : فِي الرَّجُل إِذَا أَصَابَتْ اِمْرَأَته فَاحِشَة : أَخَذَ مَا سَاقَ إِلَيْهَا وَأَخْرَجَهَا ; فَنَسَخَ ذَلِكَ الْحُدُودُ . 7075 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنِيع , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة قَالَ : إِذَا رَأَى الرَّجُل مِنْ اِمْرَأَته فَاحِشَة , فَلَا بَأْس أَنْ يُضَارّهَا , وَيَشُقّ عَلَيْهَا حَتَّى تَخْتَلِع مِنْهُ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة : فِي الرَّجُل يَطَّلِع مِنْ اِمْرَأَته عَلَى فَاحِشَة , فَذَكَرَ نَحْوه . 7076 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } وَهُوَ الزِّنَا , فَإِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ فَخُذُوا مُهُورهنَّ. 7077 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد الْكَرِيم أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ } قَالَ : الزِّنَا. قَالَ : وَسَمِعْت الْحَسَن وَأَبَا الشَّعْثَاء يَقُولَانِ : فَإِنْ فَعَلَتْ حَلَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَكُون هُوَ يَسْأَلهَا الْخُلْع لِتَفْتَدِيَ . وَقَالَ آخَرُونَ : الْفَاحِشَة الْمُبَيِّنَة فِي هَذَا الْمَوْضِع : النُّشُوز . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7078 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } وَهُوَ الْبُغْض وَالنُّشُوز , فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ , فَقَدْ حَلَّ لَهُ مِنْهَا الْفِدْيَة . 7079 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَنْبَسَة , عَنْ عَلِيّ بْن بَذِيمَة , عَنْ مِقْسَم فِي قَوْله : " وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُفْحِشْنَ " فِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود . قَالَ : إِذَا عَضَلْت وَآذَتْك فَقَدْ حَلَّ لَك أَخْذ مَا أَخَذَتْ مِنْك. 7080 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُطَرِّف بْن طَرِيف , عَنْ خَالِد , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } قَالَ : الْفَاحِشَة هَهُنَا النُّشُوز , فَإِذَا نَشَزَتْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذ خُلْعهَا مِنْهَا . 7081 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } قَالَ : هُوَ النُّشُوز. 7082 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } فَإِنْ فَعَلْنَ إِنْ شِئْتُمْ أَمْسَكْتُمُوهُنَّ , وَإِنْ شِئْتُمْ أَرْسَلْتُمُوهُنَّ . 7083 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَقُول فِي قَوْله : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } قَالَ : عَدَلَ رَبّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْقَضَاء فَرَجَعَ إِلَى النِّسَاء , فَقَالَ : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } وَالْفَاحِشَة : الْعِصْيَان وَالنُّشُوز ; فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلهَا , فَإِنَّ اللَّه أَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبهَا , وَأَمَرَهُ بِالْهَجْرِ , فَإِنْ لَمْ تَدَع الْعِصْيَان وَالنُّشُوز فَلَا جُنَاح عَلَيْهِ بَعْد ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذ مِنْهَا الْفِدْيَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي تَأْوِيل قَوْله : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ كُلّ فَاحِشَة مِنْ بَذَاءَة بِاللِّسَانِ عَلَى زَوْجهَا , وَأَذًى لَهُ وَزِنًا بِفَرْجِهَا. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } كُلّ فَاحِشَة مُبَيِّنَة ظَاهِرَة , فَكُلّ زَوْج اِمْرَأَة أَتَتْ بِفَاحِشَةٍ مِنْ الْفَوَاحِش الَّتِي هِيَ زِنًا أَوْ نُشُوز , فَلَهُ عَضْلهَا عَلَى مَا بَيَّنَ اللَّه فِي كِتَابه , وَالتَّضْيِيق عَلَيْهَا حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ بِأَيِّ مَعَانِي فَوَاحِش أَتَتْ بَعْد أَنْ تَكُون ظَاهِرَة مُبَيِّنَة بِظَاهِرِ كِتَاب اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَصِحَّة الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه. كَاَلَّذِي : 7084 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن سُلَيْمَان الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثنا حَاتِم بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن مُحَمَّد , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " اِتَّقُوا اللَّه فِي النِّسَاء . فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجهنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه , وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ , فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقهنَّ وَكِسْوَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ " . 7085 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثنا زَيْد بْن الْحُبَاب , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن عُبَيْدَة الرَّبَذِيّ قَالَ : ثنا صَدَقَة بْن يَسَار , عَنْ اِبْن عُمَر , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَيّهَا النَّاس إِنَّ النِّسَاء عِنْدكُمْ عَوَان , أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجهنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه , وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ حَقّ , وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ حَقّ , وَمِنْ حَقّكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشكُمْ أَحَدًا وَلَا يَعْصِينَكُمْ فِي مَعْرُوف , فَإِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ فَلَهُنَّ رِزْقهنَّ وَكِسْوَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ " . فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِنْ حَقّ الزَّوْج عَلَى الْمَرْأَة أَنْ لَا تُوطِئ فِرَاشه أَحَدًا , وَأَنْ لَا تَعْصِيه فِي مَعْرُوف وَأَنَّ الَّذِي يَجِب لَهَا مِنْ الرِّزْق وَالْكِسْوَة عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا هُوَ وَاجِب عَلَيْهِ , إِذَا أَدَّتْ هِيَ إِلَيْهِ مَا يَجِب عَلَيْهَا مِنْ الْحَقّ بِتَرْكِهَا إِيطَاء فِرَاشه غَيْره , وَتَرْكهَا مَعْصِيَته فِي مَعْرُوف. وَمَعْلُوم أَنَّ مَعْنَى قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِنْ حَقّكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشكُمْ أَحَدًا " إِنَّمَا هُوَ أَنْ لَا يُمَكِّنَّ أَنْفُسهنَّ مِنْ أَحَد سِوَاكُمْ . وَإِذَا كَانَ مَا رُوِّينَا فِي ذَلِكَ صَحِيحًا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبُيِّنَ أَنَّ لِزَوْج الْمَرْأَة إِذَا أَوْطَأَتْ اِمْرَأَته نَفْسهَا غَيْره , وَأَمْكَنَتْ مِنْ جِمَاعهَا سِوَاهُ , أَنْ لَهُ مَنْعهَا مِنْ الْكِسْوَة وَالرِّزْق بِالْمَعْرُوفِ , مِثْل الَّذِي لَهُ مِنْ مَنْعهَا ذَلِكَ إِذَا هِيَ عَصَتْهُ فِي الْمَعْرُوف . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ فَمَعْلُوم أَنَّهُ غَيْر مَانِع لَهَا بِمَنْعِهِ إِيَّاهَا مَاله مَنْعهَا حَقًّا لَهَا وَاجِبًا عَلَيْهِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَبُيِّنَ أَنَّهَا إِذَا اِفْتَدَتْ نَفْسهَا عِنْد ذَلِكَ مِنْ زَوْجهَا فَأَخَذَ مِنْهَا زَوْجهَا مَا أَعْطَتْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذ ذَلِكَ عَنْ عَضْل مَنْهِيّ عَنْهُ , بَلْ هُوَ أَخَذَ مَا أَخَذَ مِنْهَا عَنْ عَضْل لَهُ مُبَاح . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ بَيِّنًا أَنَّهُ دَاخِل فِي اِسْتِثْنَاء اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّذِي اِسْتَثْنَاهُ مِنْ الْعَاضِلِينَ بِقَوْلِهِ : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } . وَإِذْ صَحَّ ذَلِكَ , فَبُيِّنَ فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ : { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } مَنْسُوخ بِالْحُدُودِ , لِأَنَّ الْحَدّ حَقّ اللَّه تَعَالَى عَلَى مَنْ أَتَى بِالْفَاحِشَةِ الَّتِي هِيَ زِنًا . وَأَمَّا الْعَضْل لِتَفْتَدِي الْمَرْأَة مِنْ الزَّوْج بِمَا آتَاهَا أَوْ بِبَعْضِهِ فَحَقّ لِزَوْجِهَا كَمَا عَضْله إِيَّاهَا وَتَضْيِيقه عَلَيْهَا إِذَا هِيَ نَشَزَتْ عَلَيْهِ لِتَفْتَدِي مِنْهُ حَقّ لَهُ , وَلَيْسَ حُكْم أَحَدهمَا يُبْطِل حُكْم الْآخَر. فَمَعْنَى الْآيَة : وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَعْضُلُوا نِسَاءَكُمْ , فَتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ , وَتَمْنَعُوهُنَّ رِزْقهنَّ وَكِسْوَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ , لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ صَدُقَاتكُمْ , { إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ } مِنْ زِنًا أَوْ بَذَاء عَلَيْكُمْ , وَخِلَاف لَكُمْ فِيمَا يَجِب عَلَيْهِنَّ لَكُمْ مُبَيِّنَة ظَاهِرَة , فَيَحِلّ لَكُمْ حِينَئِذٍ عَضْلهنَّ , وَالتَّضْيِيق عَلَيْهِنَّ , لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ صَدَاق , إِنْ هُنَّ اِفْتَدَيْنَ مِنْكُمْ بِهِ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : " مُبَيِّنَة " فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : " مُبَيَّنَة " بِفَتْحِ الْيَاء , بِمَعْنَى أَنَّهَا قَدْ بُيِّنَتْ لَكُمْ وَأُعْلِنَتْ وَأُظْهِرَتْ . وَقَرَأَهُ بَعْضهمْ . " مُبَيِّنَة " بِكَسْرِ الْيَاء , بِمَعْنَى أَنَّهَا ظَاهِرَة بَيِّنَة لِلنَّاسِ أَنَّهَا فَاحِشَة . وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة أَمْصَار الْإِسْلَام , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب فِي قِرَاءَته الصَّوَاب , لِأَنَّ الْفَاحِشَة إِذَا أَظْهَرَهَا صَاحِبهَا فَهِيَ ظَاهِرَة بَيِّنَة , وَإِذَا ظَهَرَتْ فَبِإِظْهَارِ صَاحِبهَا إِيَّاهَا ظَهَرَتْ. فَلَا تَكُون ظَاهِرَة بَيِّنَة إِلَّا وَهِيَ مُبَيَّنَة وَلَا مُبَيَّنَة إِلَّا وَهِيَ مُبَيِّنَة. فَلِذَلِكَ رَأَيْت الْقِرَاءَة بِأَيِّهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ صَوَابًا .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى . { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } . يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ , { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } . وَخَالِقُوا أَيّهَا الرِّجَال نِسَاءَكُمْ , وَصَاحِبُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ . يَعْنِي بِمَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنْ الْمُصَاحَبَة , وَذَلِكَ إِمْسَاكهنَّ بِأَدَاءِ حُقُوقهنَّ الَّتِي فَرَضَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ إِلَيْهِنَّ. أَوْ تَسْرِيح مِنْكُمْ لَهُنَّ بِإِحْسَانٍ . كَمَا : 7086 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ , ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } يَقُول : وَخَالِطُوهُنَّ. كَذَا قَالَ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , وَإِنَّمَا هُوَ خَالِقُوهُنَّ مِنْ الْعِشْرَة وَهِيَ الْمُصَاحَبَة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } . يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : لَا تَعْضُلُوا نِسَاءَكُمْ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ غَيْر رِيبَة , وَلَا نُشُوز , كَانَ مِنْهُنَّ , وَلَكِنْ عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ , فَلَعَلَّكُمْ أَنْ تُكْرِهُوهُنَّ , فَتُمْسِكُوهُنَّ , فَيَجْعَل اللَّه لَكُمْ فِي إِمْسَاككُمْ إِيَّاهُنَّ عَلَى كُرْه مِنْكُمْ لَهُنَّ خَيْرًا كَثِيرًا مِنْ وَلَد يَرْزُقكُمْ مِنْهُنَّ , أَوْ عَطْفكُمْ عَلَيْهِنَّ بَعْد كَرَاهَتكُمْ إِيَّاهُنَّ . كَمَا : 7087 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } يُقَال : فَعَسَى اللَّه أَنْ يَجْعَل فِي الْكَرَاهَة خَيْرًا كَثِيرًا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7088 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : { وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } قَالَ : الْوَلَد . 7089 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ , ثني أَبِي , قَالَ , ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } وَالْخَيْر الْكَثِير : أَنْ يَعْطِف عَلَيْهَا , فَيُرْزَق الرَّجُل وَلَدهَا , وَيَجْعَل اللَّه فِي وَلَدهَا خَيْرًا كَثِيرًا . وَالْهَاء فِي قَوْله : { وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } عَلَى قَوْل مُجَاهِد الَّذِي ذَكَرْنَاهُ كِنَايَة عَنْ مَصْدَر تَكْرَهُوا , كَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عِنْده : فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ , فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّه فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا . وَلَوْ كَانَ تَأْوِيل الْكَلَام : فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّه فِي ذَلِكَ الشَّيْء الَّذِي تَكْرَهُونَهُ خَيْرًا كَثِيرًا , كَانَ جَائِزًا صَحِيحًا .
وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًاسورة النساء الآية رقم 20
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى . { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ , { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج } وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ نِكَاح اِمْرَأَة مَكَان اِمْرَأَة لَكُمْ تُطَلِّقُونَهَا { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ } يَقُول : وَقَدْ أَعْطَيْتُمْ الَّتِي تُرِيدُونَ طَلَاقهَا مِنْ الْمَهْر قِنْطَارًا وَالْقِنْطَار : الْمَال الْكَثِير . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى اِخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِي مَبْلَغه وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا. { فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } يَقُول : فَلَا تَضُرُّوا بِهِنَّ إِذَا أَرَدْتُمْ طَلَاقهنَّ لِيَقْتَدِينَ مِنْكُمْ بِمَا آتَيْتُمُوهُنَّ . كَمَا : 7090 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج } : طَلَاق اِمْرَأَة مَكَان أُخْرَى , فَلَا يَحِلّ لَهُ مِنْ مَال الْمُطَلَّقَة شَيْء وَإِنْ كَثُرَ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة . قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح . عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى . { أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } . يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَتَأْخُذُونَهُ } : أَتَأْخُذُونَ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ مُهُورهنَّ . { بُهْتَانًا } يَقُول . ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقّ , { وَإِثْمًا مُبِينًا } يَعْنِي : وَإِثْمًا قَدْ أَبَانَ أَمْر آخِذه أَنَّهُ يَأْخُذهُ إِيَّاهُ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ ظُلْمًا.
وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًاسورة النساء الآية رقم 21
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ } : وَعَلَى أَيّ وَجْه تَأْخُذُونَ مِنْ نِسَائِكُمْ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنْ صَدُقَاتهنَّ إِذَا أَرَدْتُمْ طَلَاقهنَّ وَاسْتِبْدَال غَيْرهنَّ بِهِنَّ أَزْوَاجًا , وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْضكُمْ فَتَبَاشَرْتُمْ وَتَلَامَسْتُمْ . وَهَذَا كَلَام وَإِنْ كَانَ مَخْرَجه مَخْرَج الِاسْتِفْهَام فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى النَّكِير وَالتَّغْلِيظ , كَمَا يَقُول الرَّجُل لِآخَر : كَيْفَ تَفْعَل كَذَا وَكَذَا وَأَنَا غَيْر رَاضٍ بِهِ ؟ عَلَى مَعْنَى التَّهْدِيد وَالْوَعِيد . وَأَمَّا الْإِفْضَاء إِلَى الشَّيْء فَإِنَّهُ الْوُصُول إِلَيْهِ بِالْمُبَاشَرَةِ لَهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : بِلًى . .. أَفْضَى إِلَى كُتْبَة بَدَا سَيْرهَا مِنْ بَاطِن بَعْد ظَاهِرِ يَعْنِي بِذَلِكَ : أَنَّ الْفَسَاد وَالْبِلَى وَصَلَ إِلَى الْخُرَز . وَاَلَّذِي عَنَى بِهِ الْإِفْضَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْجِمَاع فِي الْفَرْج . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ : وَكَيْفَ تَأْخُذُونَ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض بِالْجِمَاعِ ؟ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7091 - حَدَّثَنِي عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان الْقَنَّاد , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ بَكْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْإِفْضَاء : الْمُبَاشَرَة , وَلَكِنَّ اللَّه كَرِيم يُكَنِّي عَمَّا يَشَاء . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ بَكْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : الْإِفْضَاء : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يُكَنِّي . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَاصِم بْن بَكْر بْن عَبْد اللَّه الْمُزَنِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْإِفْضَاء : هُوَ الْجِمَاع . 7092 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض } قَالَ : مُجَامَعَة النِّسَاء . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7093 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض } يَعْنِي : الْمُجَامَعَة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } . أَيْ مَا وَثَّقْت بِهِ لَهُنَّ عَلَى أَنْفُسكُمْ مِنْ عَهْد , وَإِقْرَار مِنْكُمْ بِمَا أَقْرَرْتُمْ بِهِ عَلَى أَنْفُسكُمْ , مِنْ إِمْسَاكهنَّ بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيحهنَّ بِإِحْسَانٍ , وَكَانَ فِي عَقْد الْمُسْلِمِينَ النِّكَاح قَدِيمًا , فِيمَا بَلَغَنَا أَنْ يُقَال لِلنَّاكِحِ : اللَّه عَلَيْك لَتُمْسِكَنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ لَتُسَرِّحَنَّ بِإِحْسَانٍ . 7094 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } وَالْمِيثَاق الْغَلِيظ الَّذِي أَخَذَهُ لِلنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَال : إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ . وَقَدْ كَانَ فِي عَهْد الْمُسْلِمِينَ عِنْد إِنْكَاحهمْ : آللَّه عَلَيْك لَتُمْسِكَنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ لَتُسَرِّحَنَّ بِإِحْسَانٍ وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمِيثَاق الَّذِي عَنَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } . فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7095 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , مِثْله . 7096 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : هُوَ مَا أَخَذَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَال , فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ. قَالَ : وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ يُؤْخَذ عِنْد عَقْد النِّكَاح . 7097 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } فَهُوَ أَنْ يَنْكِح الْمَرْأَة فَيَقُول وَلِيّهَا : أَنْكَحْنَاكهَا بِأَمَانَةِ اللَّه , عَلَى أَنْ تُمْسِكهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ تُسَرِّحهَا بِإِحْسَانٍ . * - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : الْمِيثَاق الْغَلِيظ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّه لِلنِّسَاءِ : إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ , وَكَانَ فِي عُقْدَة الْمُسْلِمِينَ عِنْد نِكَاحهنَّ : اَيْم اللَّه عَلَيْك لَتُمْسِكَنَّ بِمَعْرُوفٍ , وَلَتُسَرِّحَنَّ بِإِحْسَانٍ . 7098 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو قُتَيْبَة , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر الْهُذَلِيّ , عَنْ الْحَسَن , وَمُحَمَّد بْن سِيرِينَ فِي قَوْله : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : إِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ . أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ. وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ كَلِمَة النِّكَاح الَّتِي اِسْتُحِلَّ بِهَا الْفَرْج. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7099 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : كَلِمَة النِّكَاح الَّتِي اِسْتُحِلَّ بِهَا فُرُوجهنَّ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم الْمَكِّيّ , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : قَوْله نَكَحْت . 7100 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : هُوَ قَوْلهمْ : قَدْ مَلَكْت النِّكَاح . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ مُجَاهِد : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : كَلِمَة النِّكَاح . 7101 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : الْمِيثَاق : النِّكَاح. * - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثني سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ مُجَاهِد : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : كَلِمَة النِّكَاح قَوْله نَكَحْت . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجهنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه " . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7102 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر وَعِكْرِمَة : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَا : أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجهنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه . 7103 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } وَالْمِيثَاق الْغَلِيظ : أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّه , وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجهنَّ بِكَلِمَةِ اللَّه . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : الْمِيثَاق الَّذِي عُنِيَ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَة , هُوَ مَا أُخِذَ لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجهَا عِنْد عُقْدَة النِّكَاح , مِنْ عَهْد عَلَى إِمْسَاكهَا بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيحهَا بِإِحْسَانٍ , فَأَقَرَّ بِهِ الرَّجُل , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ أَوْصَى الرِّجَال فِي نِسَائِهِمْ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْمِيثَاق فِيمَا مَضَى قَبْل بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَاخْتُلِفَ فِي حُكْم هَذِهِ الْآيَة , أَمُحْكَم أَمْ مَنْسُوخ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : مُحْكَم , وَغَيْر جَائِز لِلرَّجُلِ أَخْذ شَيْء مِمَّا أَتَاهَا إِذَا أَرَادَ طَلَاقهَا , إِلَّا أَنْ تَكُون هِيَ الْمُرِيدَة الطَّلَاق . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ مُحْكَمَة , غَيْر جَائِز لَهُ أَخْذ شَيْء مِمَّا آتَاهَا مِنْهَا بِحَالٍ , كَانَتْ هِيَ الْمُرِيدَة لِلطَّلَاقِ أَوْ هُوَ . وَمِمَّنْ حُكِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْل بَكْر بْن عَبْد اللَّه بْن الْمُزَنِيّ . 7104 - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا عُقْبَة بْن أَبِي الْمُهَنَّا , قَالَ : سَأَلْت بَكْرًا عَنْ الْمُخْتَلِعَة أَيَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا ؟ قَالَ : لَا { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ مَنْسُوخَة نَسَخَهَا قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7105 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج } إِلَى قَوْله : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } قَالَ : ثُمَّ رَخَّصَ بَعْد , فَقَالَ : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا اِفْتَدَتْ بِهِ } قَالَ : فَنَسَخَتْ هَذِهِ تِلْكَ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّهَا مُحْكَمَة غَيْر مَنْسُوخَة , وَغَيْر جَائِز لِلرَّجُلِ أَخْذ شَيْء مِمَّا آتَاهَا إِذَا أَرَادَ طَلَاقهَا مِنْ غَيْر نُشُوز كَانَ مِنْهَا , وَلَا رِيبَة أَتَتْ بِهَا . وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسِخ مِنْ الْأَحْكَام , مَا نَفَى خِلَافه مِنْ الْأَحْكَام , عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا فِي سَائِر كُتُبنَا , وَلَيْسَ قَوْله : { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج } نَفْي حُكْم قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا اِفْتَدَتْ بِهِ } لِأَنَّ الَّذِي حَرَّمَ اللَّه عَلَى الرَّجُل بِقَوْلِهِ : { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اِسْتِبْدَال زَوْج مَكَان زَوْج وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } أَخْذُ مَا آتَاهَا مِنْهَا إِذَا كَانَ هُوَ الْمُرِيد طَلَاقهَا . وَأَمَّا الَّذِي أَبَاحَ لَهُ أَخْذَهُ مِنْهَا بِقَوْلِهِ : { فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا اِفْتَدَتْ بِهِ } فَهُوَ إِذَا كَانَتْ هِيَ الْمُرِيدَة طَلَاقَهُ , وَهُوَ كَارِه لَهُ بِبَعْضِ الْمَعَانِي الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَا فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع , وَلَيْسَ فِي حُكْم إِحْدَى الْآيَتَيْنِ نَفْي حُكْم الْأُخْرَى , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْكَم لِإِحْدَاهُمَا بِأَنَّهَا نَاسِخَة , وَلِلْأُخْرَى بِأَنَّهَا مَنْسُوخَة , إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا . وَأَمَّا مَا قَالَهُ بَكْر بْن عَبْد اللَّه الْمُزَنِيّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِزَوْجِ الْمُخْتَلِعَة أَخْذ مَا أَعْطَتْهُ عَلَى فِرَاقه إِيَّاهَا إِذَا كَانَتْ هِيَ الْغَالِبَة الْفُرْقَة وَهُوَ الْكَارِه , فَلَيْسَ بِصَوَابٍ لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ أَمَرَ ثَابِت بْن قَيْس بْن شَمَّاس بِأَخْذِ مَا كَانَ سَاقَ إِلَى زَوْجَته وَفِرَاقهَا أَنْ طَلَبَتْ فِرَاقه , وَكَانَ النُّشُوز مِنْ قِبَلهَا .
وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاًسورة النساء الآية رقم 22
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } قَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم كَانُوا يَخْلُفُونَ عَلَى حَلَائِل آبَائِهِمْ , فَجَاءَ الْإِسْلَام وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ , فَحَرَّمَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ الْمُقَام عَلَيْهِنَّ , وَعَفَا لَهُمْ عَمَّا كَانَ سَلَفَ مِنْهُمْ فِي جَاهِلِيَّتهمْ وَشِرْكهمْ مِنْ فِعْل ذَلِكَ لَمْ يُؤَاخِذهُمْ بِهِ إِنْ هُمْ اِتَّقَوْا اللَّه فِي إِسْلَامهمْ وَأَطَاعُوهُ فِيهِ . ذِكْر الْأَخْبَار الَّتِي رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ : 7106 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْمَخْرَمِيّ , قَالَ : ثنا قُرَاد , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة وَعَمْرو , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يُحَرِّمُونَ مَا يُحَرِّم إِلَّا اِمْرَأَة الْأَب , وَالْجَمْع بَيْن الْأُخْتَيْنِ , قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْن الْأُخْتَيْنِ } 7107 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } . .. الْآيَة , قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّه , إِلَّا أَنَّ الرَّجُل كَانَ يَخْلُف عَلَى حَلِيلَة أَبِيهِ , وَيَجْمَعُونَ بَيْن الْأُخْتَيْنِ , فَمِنْ ثَمَّ قَالَ اللَّه : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } 7108 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَبِي قَيْس بْن الْأَسْلَت خَلَفَ عَلَى أُمّ عُبَيْد بِنْت ضَمْرَة , كَانَتْ تَحْت الْأَسْلَت أَبِيهِ , وَفِي الْأَسْوَد بْن خَلَف , وَكَانَ خَلَف عَلَى بِنْت أَبِي طَلْحَة بْن عَبْد الْعُزَّى بْن عُثْمَان بْن عَبْد الدَّار , وَكَانَتْ عِنْد أَبِيهِ خَلَف , وَفِي فَاخِتَة بِنْت الْأَسْوَد بْن الْمُطَّلِب بْن أَسَد , وَكَانَتْ عِنْد أُمَيَّة بْن خَلَف , فَخَلَفَ عَلَيْهَا صَفْوَان بْن أُمَيَّة , وَفِي مَنْظُور بْن رَبَاب , وَكَانَ خَلَف عَلَى مُلَيْكَة اِبْنَة خَارِجَة , وَكَانَتْ عِنْد أَبِيهِ رَبَاب بْن سَيَّار . 7109 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءِ بْن أَبِي رَبَاح : الرَّجُل يَنْكِح الْمَرْأَة ثُمَّ لَا يَرَاهَا حَتَّى يُطَلِّقهَا , أَتَحِلّ لِابْنِهِ ؟ قَالَ : هِيَ مُرْسَلَة , قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : مَا قَوْله : { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } ؟ قَالَ : كَانَ الْأَبْنَاء يَنْكِحُونَ نِسَاء آبَائِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّة. 7110 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } . . الْآيَة , يَقُول : كُلّ اِمْرَأَة تَزَوَّجَهَا أَبُوك وَابْنك دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُل فَهِيَ عَلَيْك حَرَام . وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْله : { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : لَكِنْ مَا قَدْ سَلَفَ فَدَعُوهُ , وَقَالُوا هُوَ مِنْ الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطِع. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَنْكِحُوا نِكَاح آبَائِكُمْ , بِمَعْنَى : وَلَا تَنْكِحُوا كَنِكَاحِهِمْ كَمَا نَكَحُوا عَلَى الْوُجُوه الْفَاسِدَة الَّتِي لَا يَجُوز مِثْلهَا فِي الْإِسْلَام , { إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا } يَعْنِي : أَنَّ نِكَاح آبَائِكُمْ الَّذِي كَانُوا يَنْكِحُونَهُ فِي جَاهِلِيَّتهمْ كَانَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا , إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْكُمْ فِي جَاهِلِيَّتكُمْ مِنْ نِكَاح لَا يَجُوز اِبْتِدَاء مِثْله فِي الْإِسْلَام , فَإِنَّهُ مَعْفُوّ لَكُمْ عَنْهُ . وَقَالُوا : قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } كَقَوْلِ الْقَائِل لِلرَّجُلِ : لَا تَفْعَل مَا فَعَلْت , وَلَا تَأْكُل مَا أَكَلْت بِمَعْنَى : وَلَا تَأْكُل كَمَا أَكَلْت , وَلَا تَفْعَل كَمَا فَعَلْت. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء بِالنِّكَاحِ الْجَائِز كَانَ عَقْده بَيْنهمْ , إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْهُمْ مِنْ وُجُوه الزِّنَا عِنْدهمْ , فَإِنَّ نِكَاحهنَّ لَكُمْ حَلَال كَانَ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَكُنَّ لَهُمْ حَلَائِل , وَإِنَّمَا مَا كَانَ مِنْ آبَائِكُمْ مِنْهُنَّ مِنْ ذَلِكَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7111 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } . .. الْآيَة , قَالَ : الزِّنَا , إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا. فَزَادَ هَهُنَا الْمَقْت . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عَلَى مَا قَالَهُ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : وَلَا تَنْكِحُوا مِنْ النِّسَاء نِكَاح آبَائِكُمْ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْكُمْ , فَمَضَى فِي الْجَاهِلِيَّة , فَإِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا , فَيَكُون قَوْله : { مِنْ النِّسَاء } مِنْ صِلَة قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا } وَيَكُون قَوْله : { مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ } بِمَعْنَى الْمَصْدَر , وَيَكُون قَوْله : { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطِع , لِأَنَّهُ يَحْسُن فِي مَوْضِعه : لَكِنْ مَا قَدْ سَلَفَ فَمَضَى , إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ يَكُون هَذَا الْقَوْل مُوَافِقًا قَوْل مَنْ ذَكَرْت قَوْله مِنْ أَهْل التَّأْوِيل , وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الَّذِينَ ذَكَرْت قَوْلهمْ فِي ذَلِكَ , إِنَّمَا قَالُوا : أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي النَّهْي عَنْ نِكَاح حَلَائِل الْآبَاء , وَأَنْتَ تَذْكُر أَنَّهُمْ إِنَّمَا نُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا نِكَاحهمْ ؟ قِيلَ لَهُ : وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ هُوَ التَّأْوِيل الْمُوَافِق لِظَاهِرِ التَّنْزِيل , إِذْ كَانَتْ مَا فِي كَلَام الْعَرَب لِغَيْرِ بَنِي آدَم , وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَقْصُود بِذَلِكَ النَّهْي عَنْ حَلَائِل الْآبَاء دُون سَائِر مَا كَانَ مِنْ مَنَاكِح آبَائِهِمْ حَرَامًا , اُبْتُدِئَ مِثْله فِي الْإِسْلَام , بِنَهْيِ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُ , لَقِيلَ : وَلَا تَنْكِحُوا مَنْ نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب , إِذْ كَانَ " مَنْ " لِبَنِي آدَم " وَمَا " لِغَيْرِهِمْ , وَلَا تَقُلْ : وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء , فَإِنَّهُ يَدْخُل فِي " مَا " مَا كَانَ مِنْ مَنَاكِح آبَائِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَتَنَاكَحُونَهَا فِي جَاهِلِيَّتهمْ , فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ فِي الْإِسْلَام بِهَذِهِ الْآيَة نِكَاح حَلَائِل الْآبَاء , وَكُلّ نِكَاح سِوَاهُ , نَهَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره اِبْتِدَاء مِثْله فِي الْإِسْلَام , مِمَّا كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَتَنَاكَحُونَهُ فِي شِرْكهمْ . وَمَعْنَى قَوْله : { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } : إِلَّا مَا قَدْ مَضَى ,

{ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة } يَقُول : إِنَّ نِكَاحكُمْ الَّذِي سَلَفَ مِنْكُمْ , كَنِكَاحِ آبَائِكُمْ الْمُحَرَّم عَلَيْكُمْ اِبْتِدَاء مِثْله فِي الْإِسْلَام بَعْد تَحْرِيمِي ذَلِكَ عَلَيْكُمْ فَاحِشَة , يَقُول : مَعْصِيَة

{ وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا } : أَيْ بِئْسَ طَرِيقًا وَمَنْهَجًا مَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ فِي جَاهِلِيَّتكُمْ مِنْ الْمَنَاكِح الَّتِي كُنْتُمْ تَتَنَاكَحُونَهَا.
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ الَّلاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ الَّلاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ الَّلاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًاسورة النساء الآية رقم 23
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ وَبَنَاتكُمْ وَأَخَوَاتكُمْ وَعَمَّاتكُمْ وَخَالَاتكُمْ وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت وَأُمَّهَاتكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتكُمْ مِنْ الرَّضَاعَة وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : حُرِّمَ عَلَيْكُمْ نِكَاح أُمَّهَاتكُمْ , فَتَرَكَ ذِكْر النِّكَاح اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ . وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي ذَلِكَ , مَا : 7112 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ الثَّوْرِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء , عَنْ عُمَيْر مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : حُرِّمَ مِنْ النَّسَب سَبْع , وَمِنْ الصِّهْر سَبْع . ثُمَّ قَرَأَ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ } حَتَّى بَلَغَ : { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْن الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } قَالَ : وَالسَّابِعَة { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء , عَنْ عُمَيْر مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : يَحْرُم مِنْ النَّسَب سَبْع , وَمِنْ الصِّهْر سَبْع , ثُمَّ قَرَأَ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ } .. إِلَى قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار مَرَّة أُخْرَى , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء , عَنْ عُمَيْر مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 7113 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي ذِئْب , عَنْ الزُّهْرِيّ بِنَحْوِهِ . 7114 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَبِيب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : حُرِّمَ عَلَيْكُمْ سَبْع نَسَبًا وَسَبْع صِهْرًا . { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ } . . الْآيَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ ثنا أَبِي , عَنْ عَلِيّ بْن صَالِح , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ وَبَنَاتكُمْ وَأَخَوَاتكُمْ } قَالَ : حَرَّمَ اللَّه مِنْ النَّسَب سَبْعًا , وَمِنْ الصِّهْر سَبْعًا , ثُمَّ قَرَأَ : { وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبكُمْ } ... الْآيَة . 7115 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ عَمْرو بْن سَالِم مَوْلَى الْأَنْصَار , قَالَ : حُرِّمَ مِنْ النَّسَب سَبْع , وَمِنْ الصِّهْر سَبْع : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ , وَبَنَاتكُمْ , وَأَخَوَاتكُمْ , وَعَمَّاتكُمْ , وَخَالَاتكُمْ , وَبَنَات الْأَخ , وَبَنَات الْأُخْت . وَمِنْ الصِّهْر : أُمَّهَاتكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ , وَأَخَوَاتكُمْ مِنْ الرَّضَاعَة , وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ , وَرَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ , فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ , فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ , وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ , وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْن الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ. ثُمَّ قَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاء } فَكُلّ هَؤُلَاءِ اللَّوَاتِي سَمَّاهُنَّ اللَّه تَعَالَى وَبَيَّنَ تَحْرِيمهنَّ فِي هَذِهِ الْآيَة مُحَرَّمَات غَيْر جَائِز نِكَاحهنَّ لِمَنْ حَرَّمَ اللَّه ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ الرِّجَال , بِإِجْمَاعِ جَمِيع الْأُمَّة , لَا اِخْتِلَاف بَيْنهمْ فِي ذَلِكَ , إِلَّا فِي أُمَّهَات نِسَائِنَا اللَّوَاتِي لَمْ يَدْخُل بِهِنَّ أَزْوَاجهنَّ , فَإِنَّ فِي نِكَاحهنَّ اِخْتِلَافًا بَيْن بَعْض الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ الصَّحَابَة إِذَا بَانَتْ الِابْنَة قَبْل الدُّخُول بِهَا مِنْ زَوْجهَا , هَلْ هُنَّ مِنْ الْمُبْهَمَات , أَمْ هُنَّ مِنْ الْمَشْرُوط فِيهِنَّ الدُّخُول بِبَنَاتِهِنَّ . فَقَالَ جَمِيع أَهْل الْعِلْم مُتَقَدِّمهمْ وَمُتَأَخِّرهمْ : مِنْ الْمُبْهَمَات , وَحَرَامٌ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ اِمْرَأَةً أُمُّهَا دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ الَّتِي نَكَحَهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل بِهَا , وَقَالُوا : شَرْط الدُّخُول فِي الرَّبِيبَة دُون الْأُمّ , , فَأَمَّأ أُمّ الْمَرْأَة فَمُطْلَقَة بِالتَّحْرِيمِ . قَالُوا : وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُون شَرْط الدُّخُول فِي قَوْله : { وَرَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } فَوُضِعَ مَوْصُولًا بِهِ قَوْله : { وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ } جَازَ أَنْ يَكُون الِاسْتِثْنَاء فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } مِنْ جَمِيع الْمُحَرَّمَات بِقَوْلِهِ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ } . . الْآيَة , قَالُوا : وَفِي إِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاء فِي ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مِمَّا وَلِيَهُ مِنْ قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات } أَبْيَن الدَّلَالَة عَلَى أَنَّ الشَّرْط فِي قَوْله : { مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } مِمَّا وَلِيَهُ مِنْ قَوْله : { وَرَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } دُون أُمَّهَات نِسَائِنَا . وَرُوِيَ عَنْ بَعْض الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ كَانَ يَقُول : حَلَال نِكَاح أُمَّهَات نِسَائِنَا اللَّوَاتِي لَمْ نَدْخُل بِهِنَّ , وَإِنَّ حُكْمهنَّ فِي ذَلِكَ حُكْم الرَّبَائِب. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ وَعَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ خَلَّاس بْن عَمْرو , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : فِي رَجُل تَزَوَّجَ اِمْرَأَة فَطَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , أَيَتَزَوَّجُ أُمّهَا ؟ قَالَ : هِيَ بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَة . * - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا سَعِيد , قَالَ : ثنا قَتَادَة , عَنْ خَلَّاس , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : هِيَ بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَة . 7117 - حَدَّثَنَا حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , قَالَا : ثنا قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت أَنَّهُ كَانَ يَقُول : إِذَا مَاتَتْ عِنْده , وَأَخَذَ مِيرَاثهَا , كَرِهَ أَنْ يَخْلُف عَلَى أُمّهَا , وَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : إِذَا طَلَّقَ الرَّجُل اِمْرَأَته قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا لَا بَأْس أَنْ يَتَزَوَّج أُمّهَا . 7118 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , أَخْبَرَنِي عِكْرِمَة بْن خَالِد , أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ لَهُ : { وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ } أُرِيدَ بِهِمَا الدُّخُول جَمِيعًا . قَالَ : أَبُو جَعْفَر : وَالْقَوْل الْأَوَّل أَوْلَى بِالصَّوَابِ , أَعْنِي قَوْل مَنْ قَالَ : الْأُمّ مِنْ الْمُبْهَمَات , لِأَنَّ اللَّه لَمْ يَشْرِط مَعَهُنَّ الدُّخُول بِبَنَاتِهِنَّ , كَمَا شَرَطَ لَك مَعَ أُمَّهَات الرَّبَائِب , مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا إِجْمَاع مِنْ الْحُجَّة الَّتِي لَا يَجُوز خِلَافهَا فِيمَا جَاءَتْ بِهِ مُتَّفِقَة عَلَيْهِ . وَقَدْ رُوِيَ بِذَلِكَ أَيْضًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَر , غَيْر أَنَّ فِي إِسْنَاده نَظَرًا , وَهُوَ مَا : 7119 - حَدَّثَنَا بِهِ الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُثَنَّى بْن الصَّبَّاح , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا نَكَحَ الرَّجُل الْمَرْأَة لَا يَحِلّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّج أُمّهَا , دَخَلَ بِالِابْنَةِ أَمْ لَمْ يَدْخُل , وَإِذَا تَزَوَّجَ الْأُمّ فَلَمْ يَدْخُل لَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا , فَإِنْ شَاءَ تَزَوَّجَ الِابْنَة " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا خَبَر وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَاده مَا فِيهِ , فَإِنَّ فِي إِجْمَاع الْحُجَّة عَلَى صِحَّة الْقَوْل بِهِ مُسْتَغْنًى عَنْ الِاسْتِشْهَاد عَلَى صِحَّته بِغَيْرِهِ . 7120 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ لِعَطَاءٍ : الرَّجُل يَنْكِح الْمَرْأَة لَمْ يَرَهَا وَلَا يُجَامِعهَا حَتَّى يُطَلِّقهَا , أَيَحِلُّ لَهُ أُمّهَا ؟ قَالَ : لَا , هِيَ مُرْسَلَة . قُلْت لِعَطَاءٍ : أَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقْرَأ : " وَأُمَّهَات نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ " ؟ قَالَ : لَا تَبْرَأ ; قَالَ حَجَّاج : قُلْت لِابْنِ جُرَيْج : مَا تَبْرَأ ؟ قَالَ : كَأَنَّهُ قَالَ : لَا لَا .

وَأَمَّا الرَّبَائِب فَإِنَّهُ جَمْع رَبِيبَة وَهِيَ اِبْنَة اِمْرَأَة الرَّجُل , قِيلَ لَهَا رَبِيبَة لِتَرْبِيَتِهِ إِيَّاهَا , وَإِنَّمَا هِيَ مَرْبُوبَة صُرِفَتْ إِلَى رَبِيبَة , كَمَا يُقَال : هِيَ قَبِيلَة مِنْ مَقْبُولَة , وَقَدْ يُقَال لِزَوْجِ الْمَرْأَة : هُوَ رَبِيب اِبْن اِمْرَأَته , يَعْنِي بِهِ : هُوَ رَابّه , كَمَا يُقَال : هُوَ جَابِر وَجَبِير , وَشَاهِد وَشَهِيد. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } فَقَالَ بَعْضهمْ مَعْنَى الدُّخُول فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْجِمَاع. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7121 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } وَالدُّخُول : النِّكَاح . وَقَالَ آخَرُونَ : الدُّخُول فِي هَذَا الْمَوْضِع : هُوَ التَّجْرِيد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7122 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : قُلْت لِعَطَاءٍ , قَوْله : { اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } مَا الدُّخُول بِهِنَّ ؟ قَالَ : أَنْ تُهْدَى إِلَيْهِ فَيَكْشِف وَيَعْتَسّ , وَيَجْلِس بَيْن رِجْلَيْهَا . قُلْت : أَرَأَيْت إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي بَيْت أَهْلهَا ؟ قَالَ : هُوَ سَوَاء , وَحَسْبه قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ اِبْنَتهَا. قُلْت : تَحْرُم الرَّبِيبَة مِمَّنْ يَصْنَع هَذَا بِأُمِّهَا إِلَّا مَا يَحْرُم عَلَيَّ مِنْ أَمَتِي إِنْ صَنَعْته بِأُمِّهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ سَوَاء . قَالَ عَطَاء : إِذَا كَشَفَ الرَّجُل أَمَته وَجَلَسَ بَيْن رِجْلَيْهَا أَنْهَاهُ عَنْ أُمّهَا وَابْنَتهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , مَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس , مِنْ أَنَّ مَعْنَى الدُّخُول : الْجِمَاع وَالنِّكَاح , لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو مَعْنَاهُ مِنْ أَحَد أَمْرَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَكُون عَلَى الظَّاهِر الْمُتَعَارَف مِنْ مَعَانِي الدُّخُول فِي النَّاس , وَهُوَ الْوُصُول إِلَيْهَا بِالْخَلْوَةِ بِهَا , أَوْ يَكُون بِمَعْنَى الْجِمَاع , وَفِي إِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ خَلْوَة الرَّجُل بِامْرَأَتِهِ لَا تُحَرِّم عَلَيْهِ اِبْنَتهَا إِذَا طَلَّقَهَا قَبْل مَسِيسهَا وَمُبَاشَرَتهَا , أَوْ قَبْل النَّظَر إِلَى فَرْجهَا بِالشَّهْوَةِ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : هُوَ الْوُصُول إِلَيْهَا بِالْجِمَاعِ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّ الصَّحِيح مِنْ التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ .

وَأَمَّا قَوْله : { فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ } فَإِنَّهُ يَقُول : فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أَيّهَا النَّاس دَخَلْتُمْ بِأُمَّهَاتِ رَبَائِبكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُوركُمْ , فَجَامَعْتُمُوهُنَّ حَتَّى طَلَّقْتُمُوهُنَّ , { فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ } يَقُول : فَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ فِي نِكَاح مَنْ كَانَ مِنْ رَبَائِبكُمْ كَذَلِكَ .

وَأَمَّا قَوْله : { وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَأَزْوَاج أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ , وَهِيَ جَمْع حَلِيلَة وَهِيَ اِمْرَأَته , وَقِيلَ : سُمِّيَتْ اِمْرَأَة الرَّجُل حَلِيلَته , لِأَنَّهَا تَحِلّ مَعَهُ فِي فِرَاش وَاحِد . وَلَا خِلَاف بَيْن جَمِيع أَهْل الْعِلْم أَنَّ حَلِيلَة اِبْن الرَّجُل حَرَام عَلَيْهِ نِكَاحهَا بِعَقْدِ اِبْنه عَلَيْهَا النِّكَاح , دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل بِهَا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا أَنْتَ قَائِل فِي حَلَائِل الْأَبْنَاء مِنْ الرَّضَاع , فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى إِنَّمَا حَرَّمَ حَلَائِل أَبْنَائِنَا مِنْ أَصْلَابنَا ؟ قِيلَ : إِنَّ حَلَائِل الْأَبْنَاء مِنْ الرَّضَاع , وَحَلَائِل الْأَبْنَاء مِنْ الْأَصْلَاب سَوَاء فِي التَّحْرِيم , وَإِنَّمَا قَالَ : { وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ } لِأَنَّ مَعْنَاهُ : وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ وَلَدْتُمُوهُمْ دُون حَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ تَبَنَّيْتُمُوهُمْ . كَمَا : 7123 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ , قَوْله : { وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ } قَالَ : كُنَّا نُحَدِّث وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين نَكَحَ اِمْرَأَة زَيْد بْن حَارِثَة , قَالَ الْمُشْرِكُونَ فِي ذَلِكَ , فَنَزَلَتْ : { وَحَلَائِل أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابكُمْ } وَنَزَلَتْ : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } 33 4 وَنَزَلَتْ : { مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالكُمْ } 33 40

وَأَمَّا قَوْله : { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْن الْأُخْتَيْنِ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْن الْأُخْتَيْنِ عِنْدكُمْ بِنِكَاحٍ , فـ " ـأَنْ " فِي مَوْضِع رَفْع , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَالْجَمْع بَيْن الْأُخْتَيْنِ .

{ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } لَكِنْ مَا قَدْ مَضَى مِنْكُمْ .

{ إِنَّ اللَّه كَانَ غَفُورًا } لِذُنُوبِ عِبَاده إِذَا تَابُوا إِلَيْهِ مِنْهَا. { رَحِيمًا } بِهِمْ فِيمَا كَلَّفَهُمْ مِنْ الْفَرَائِض وَخَفَّفَ عَنْهُمْ فَلَمْ يُحَمِّلهُمْ فَوْق طَاقَتهمْ . يُخْبِر بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ غَفُور لِمَنْ كَانَ جَمَعَ بَيْن الْأُخْتَيْنِ بِنِكَاحٍ فِي جَاهِلِيَّته وَقَبْل تَحْرِيمه ذَلِكَ , إِذَا اِتَّقَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْد تَحْرِيمه ذَلِكَ عَلَيْهِ فَأَطَاعَهُ بِاجْتِنَابِهِ , رَحِيم بِهِ وَبِغَيْرِهِ مِنْ أَهْل طَاعَته مِنْ خَلْقه.
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًاسورة النساء الآية رقم 24
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : حَرَّمْت عَلَيْكُمْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء , إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمُحْصَنَات الَّتِي عَنَاهُنَّ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُنَّ ذَوَات الْأَزْوَاج غَيْر الْمَسْبِيَّات مِنْهُنَّ . وَمِلْك الْيَمِين : السَّبَايَا اللَّوَاتِي فَرَّقَ بَيْنهنَّ وَبَيْن أَزْوَاجهنَّ السِّبَاء , فَحَلَلْنَ لِمَنْ صِرْنَ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِين مِنْ غَيْر طَلَاق كَانَ مِنْ زَوْجهَا الْحَرْبِيّ لَهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7124 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج إِتْيَانهَا زِنًا , إِلَّا مَا سُبِيَتْ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن عَطِيَّة , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 7125 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : كُلّ اِمْرَأَة لَهَا زَوْج فَهِيَ عَلَيْك حَرَام إِلَّا أَمَة مَلَكْتهَا وَلَهَا زَوْج بِأَرْضِ الْحَرْب , فَهِيَ لَك حَلَال إِذَا اِسْتَبْرَأْتهَا . 7126 - وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ خَالِد , عَنْ أَبِي قِلَابَة فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : مَا سَبَيْتُمْ مِنْ النِّسَاء , إِذَا سُبِيَتْ الْمَرْأَة وَلَهَا زَوْج فِي قَوْمهَا , فَلَا بَأْس أَنْ تَطَأهَا . 7127 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ اِمْرَأَة مُحْصَنَة لَهَا زَوْج فَهِيَ مُحَرَّمَة إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك مِنْ السَّبْي وَهِيَ مُحْصَنَة لَهَا زَوْج , فَلَا تُحَرَّم عَلَيْك بِهِ . قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول ذَلِكَ . 7128 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عُتْبَة بْن سَعِيد الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ مَكْحُول فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : السَّبَايَا . وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة بِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيمَنْ سُبِيَ مِنْ أَوْطَاس. ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 7129 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْخَلِيل , عَنْ أَبِي عَلْقَمَة الْهَاشِمِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ : أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم حُنَيْن بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَوْطَاس , فَلَقُوا عَدُوًّا , فَأَصَابُوا سَبَايَا لَهُنَّ أَزْوَاج مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَأَثَّمُونَ مِنْ غِشْيَانهنَّ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } أَيْ هُنَّ حَلَال لَكُمْ إِذَا مَا اِنْقَضَتْ عِدَدهنَّ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ صَالِح أَبِي الْخَلِيل : أَنَّ أَبَا عَلْقَمَة الْهَاشِمِيّ حَدَّثَ , أَنَّ أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيّ حَدَّثَ : أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ يَوْم حُنَيْن سَرِيَّة , فَأَصَابُوا حَيًّا مِنْ أَحْيَاء الْعَرَب يَوْم أَوْطَاس , فَهَزَمُوهُمْ وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا , فَكَانَ نَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَثَّمُونَ مِنْ غِشْيَانهنَّ مِنْ أَجْل أَزْوَاجهنَّ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } مِنْهُنَّ فَحَلَال لَكُمْ ذَلِكَ . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد الْكِنَانِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَشْعَث بْن سَوَّار , عَنْ عُثْمَان الْبَتِّيّ , عَنْ أَبِي الْخَلِيل , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : لَمَّا سَعَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْل أَوْطَاس , قُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه , كَيْفَ نَقَع عَلَى نِسَاء قَدْ عَرَفْنَا أَنْسَابهنَّ وَأَزْوَاجهنَّ ؟ قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ عُثْمَان الْبَتِّيّ , [ عَنْ أَبِي الْخَلِيل ] عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : أَصَبْنَا نِسَاء مِنْ سَبْي أَوْطَاس لَهُنَّ أَزْوَاج , فَكَرِهْنَا أَنْ نَقَع عَلَيْهِنَّ وَلَهُنَّ أَزْوَاج , فَسَأَلْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } فَاسْتَحْلَلْنَا فُرُوجهنَّ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْخَلِيل عَنْ أَبِي سَعِيد , قَالَ : نَزَلَتْ فِي يَوْم أَوْطَاس , أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ سَبَايَا لَهُنَّ أَزْوَاج فِي الشِّرْك , فَقَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : إِلَّا مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْكُمْ , قَالَ : فَاسْتَحْلَلْنَا بِهَا فُرُوجهنَّ. وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَالَ : " الْمُحْصَنَات ذَوَات الْأَزْوَاج فِي هَذَا الْمَوْضِع " . بَلْ هُنَّ كُلّ ذَات زَوْج مِنْ النِّسَاء حَرَام عَلَى غَيْر أَزْوَاجهنَّ , إِلَّا أَنْ تَكُون مَمْلُوكَة اِشْتَرَاهَا مُشْتَرٍ مِنْ مَوْلَاهَا فَتَحِلّ لِمُشْتَرِيهَا , وَيَبْطُل بَيْع سَيِّدهَا إِيَّاهَا النِّكَاح بَيْنهَا وَبَيْن زَوْجهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7130 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب سَلْم بْن جُنَادَة , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْك حَرَام إِلَّا أَنْ تَشْتَرِيَهَا , أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينك . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ مُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْأَمَة تُبَاع وَلَهَا زَوْج , قَالَ : كَانَ عَبْد اللَّه يَقُول : بَيْعهَا طَلَاقهَا , وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْك حَرَام , إِلَّا مَا اِشْتَرَيْت بِمَالِك ; وَكَانَ يَقُول : بَيْع الْأَمَة : طَلَاقهَا. 7131 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ اِبْن الْمُسَيِّب قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : هُنَّ ذَوَات الْأَزْوَاج حَرَّمَ اللَّه نِكَاحهنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك , فَبَيْعهَا طَلَاقهَا . قَالَ مَعْمَر : وَقَالَ الْحَسَن مِثْل ذَلِكَ . 7132 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : إِذَا كَانَ لَهَا زَوْج فَبَيْعهَا طَلَاقهَا . 7133 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة أَنَّ أُبَيّ بْن كَعْب وَجَابِر بْن عَبْد اللَّه وَأَنَس بْن مَالِك قَالُوا : بَيْعهَا طَلَاقهَا . 7134 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة أَنَّ أُبَيّ بْن كَعْب وَجَابِرًا وَابْن عَبَّاس , قَالُوا : بَيْعهَا طَلَاقهَا . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُمَر بْن عُبَيْد , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا. * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور وَمُغِيرَة وَالْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا . * - حَدَّثَنَا بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه . مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه مِثْله . 7135 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ خَالِد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : طَلَاق الْأَمَة سِتّ : بَيْعهَا طَلَاقهَا , وَعِتْقهَا طَلَاقهَا , وَهِبَتهَا طَلَاقهَا , وَبَرَاءَتهَا طَلَاقهَا , وَطَلَاق زَوْجهَا طَلَاقهَا . 7136 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْمُغِيرَة الْحِمْصِيّ . قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن سَعِيد , عَنْ عِيسَى اِبْن أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب : أَنَّهُ قَالَ : بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا . 7137 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : بَيْع الْأَمَة طَلَاقهَا , وَبَيْعه طَلَاقهَا . 7138 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا خَالِد , عَنْ أَبِي قِلَابَة , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : مُشْتَرِيهَا أَحَقّ بِبُضْعِهَا . يَعْنِي : الْأَمَة تُبَاع وَلَهَا زَوْج . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : طَلَاق الْأَمَة بَيْعهَا . * - حَدَّثَنَا حُمَيْد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن حَبِيب , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ الْحَسَن أَنَّ أُبَيًّا , قَالَ : بَيْعهَا طَلَاقهَا . 7139 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ خَالِد , عَنْ أَبِي قِلَابَة , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : إِذَا بِيعَتْ الْأَمَة وَلَهَا زَوْج فَسَيِّدهَا أَحَقّ بِبُضْعِهَا . 7140 - حَدَّثَنَا حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثني سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : بَيْعهَا طَلَاقهَا. قَالَ : فَقِيلَ لِإِبْرَاهِيم : فَبَيْعه ؟ قَالَ : ذَلِكَ مَا لَا نَقُول فِيهِ شَيْئًا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى الْمُحْصَنَات فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَفَائِف. قَالُوا : وَتَأْوِيل الْآيَة : وَالْعَفَائِف مِنْ النِّسَاء حَرَام أَيْضًا عَلَيْكُمْ , إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْهُنَّ بِنِكَاحٍ وَصَدَاق وَسُنَّة وَشُهُود مِنْ وَاحِدَة إِلَى أَرْبَع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7141 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : يَقُول : اِنْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء : مَثْنَى , وَثُلَاث , وَرُبَاع , ثُمَّ حَرَّمَ مَا حَرَّمَ مِنْ النَّسَب وَالصِّهْر , ثُمَّ قَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : فَرَجَعَ إِلَى أَوَّل السُّورَة إِلَى أَرْبَع , فَقَالَ : هُنَّ حَرَام أَيْضًا , إِلَّا بِصَدَاقٍ وَسُنَّة وَشُهُود . 7142 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَة , قَالَ : أَحَلَّ اللَّه لَك أَرْبَعًا فِي أَوَّل السُّورَة , وَحَرَّمَ نِكَاح كُلّ مُحْصَنَة بَعْد الْأَرْبَع , إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك . قَالَ مَعْمَر : وَأَخْبَرَنِي اِبْن طَاوُس عَنْ أَبِيهِ : إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك , قَالَ : فَزَوْجك مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينك , يَقُول : حَرَّمَ اللَّه الزِّنَا , لَا يَحِلّ لَك أَنْ تَطَأ اِمْرَأَة إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك. 7143 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مَسْرُوق الْكِنْدِيُّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان , عَنْ هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : أَرْبَع . 7144 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم , عَنْ أَشْعَث بْن سِوَار , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة , عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب , مِثْله . 7145 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الْأَرْبَع , فَمَا بَعْدهنَّ حَرَام . 7146 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء عَنْهَا , فَقَالَ : حَرَّمَ اللَّه ذَوَات الْقَرَابَة , ثُمَّ قَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } يَقُول : حَرَّمَ مَا فَوْق الْأَرْبَع مِنْهُنَّ . 7147 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : الْخَامِسَة حَرَام كَحُرْمَةِ الْأُمَّهَات وَالْأَخَوَات . ذِكْر مَنْ قَالَ : عَنَى بِالْمُحْصَنَاتِ فِي هَذَا الْمَوْضِع الْعَفَائِفَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْل الْكِتَاب . 7148 - حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن حَبِيب بْن الشَّهِيد , قَالَ : ثنا عَتَّابُ بْن بَشِير , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات } قَالَ : الْعَفِيفَة الْعَاقِلَة مِنْ مُسْلِمَة , أَوْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب . 7149 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ بَعْض أَصْحَابه , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الْعَفَائِف . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُحْصَنَات فِي هَذَا الْمَوْضِع ذَوَات الْأَزْوَاج غَيْر أَنَّ الَّذِي حَرَّمَ اللَّه مِنْهُنَّ فِي هَذِهِ الْآيَة الزِّنَا بِهِنَّ , وَأَبَاحَهُنَّ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } بِالنِّكَاحِ أَوْ الْمِلْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7150 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَالْمُحْصَنَات } قَالَ : نَهَى عَنْ الزِّنَا. * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : نَهَى عَنْ الزِّنَا أَنْ تَنْكِح الْمَرْأَةُ زَوْجَيْنِ . 7151 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْكُمْ حَرَام , إِلَّا الْأَرْبَع اللَّاتِي يُنْكَحْنَ بِالْبَيِّنَةِ وَالْمَهْر . 7152 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عُثْمَان , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : سَمِعْت النُّعْمَان بْن رَاشِد يُحَدِّث عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء , قَالَ : هُنَّ ذَوَات الْأَزْوَاج. 7153 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ عَلِيّ : ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ الْمُشْرِكِينَ . 7154 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج عَلَيْكُمْ حَرَام . 7155 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مَكْحُول , نَحْوه . 7156 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ الصَّلْت بْن بِهْرَام , عَنْ إِبْرَاهِيم , نَحْوه. 7157 - مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ }. .. إِلَى { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } يَعْنِي : ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ النِّسَاء لَا يَحِلّ نِكَاحهنَّ , يَقُول : لَا يَخْلِب وَلَا يَعُدْ فَتَنْشِز عَلَى زَوْجهَا , وَكُلّ اِمْرَأَة لَا تُنْكَح إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَمَهْر فَهِيَ مِنْ الْمُحْصَنَات الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ , يَعْنِي : الَّتِي أَحَلَّ اللَّه مِنْ النِّسَاء , وَهُوَ مَا أَحَلَّ مِنْ حَرَائِر النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُنَّ نِسَاء أَهْل الْكِتَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7158 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن عُبَيْد , عَنْ أَيُّوب بْن أَبِي الْعَوْجَاء عَنْ أَبِي مِجْلَز فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : نِسَاء أَهْل الْكِتَاب. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُنَّ الْحَرَائِر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7159 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثني حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن عَرْعَرَة , فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } قَالَ : الْحَرَائِر . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُحْصَنَات : هُنَّ الْعَفَائِف وَذَوَات الْأَزْوَاج , وَحَرَام كُلّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْك يَمِين. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7160 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني عُقَيْل , عَنْ اِبْن شِهَاب , وَسُئِلَ عَنْ قَوْل اللَّه : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ }. .. الْآيَة , قَالَ : نَرَى أَنَّهُ حَرَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَة الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء ذَوَات الْأَزْوَاج أَنْ يُنْكَحْنَ مَعَ أَزْوَاجهنَّ - وَالْمُحْصَنَات : الْعَفَائِف - وَلَا يَحْلُلْنَ إِلَّا بِنِكَاحٍ , أَوْ مِلْك يَمِين . وَالْإِحْصَان إِحْصَانَانِ : إِحْصَان تَزْوِيج , وَإِحْصَان عَفَاف فِي الْحَرَائِر وَالْمَمْلُوكَات , كُلّ ذَلِكَ حَرَّمَ اللَّه , إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْك يَمِين. وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي نِسَائِكُنَّ يُهَاجِرْنَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُنَّ أَزْوَاج , فَيَتَزَوَّجهُنَّ بَعْض الْمُسْلِمِينَ , ثُمَّ يَقْدَم أَزْوَاجهنَّ مُهَاجِرِينَ , فَنُهِيَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ نِكَاحهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7161 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : ثني حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : كَانَ النِّسَاء يَأْتِينَنَا ثُمَّ يُهَاجِر أَزْوَاجهنَّ فَمَنَعْنَاهُنَّ ; يَعْنِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن عَبَّاس وَجَمَاعَة غَيْره أَنَّهُ كَانَ مُلْتَبِسًا عَلَيْهِمْ تَأْوِيل ذَلِكَ . 7162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , قَالَ : قَالَ رَجُل لِسَعِيدِ بْن جُبَيْر : أَمَا رَأَيْت اِبْن عَبَّاس حِين سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } فَلَمْ يَقُلْ فِيهَا شَيْئًا ؟ قَالَ : فَقَالَ : كَانَ لَا يَعْلَمهَا. 7163 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : لَوْ أَعْلَم مَنْ يُفَسِّر لِي هَذِهِ الْآيَة لَضَرَبْت إِلَيْهِ أَكْبَاد الْإِبِل , قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } . .. إِلَى قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } ... إِلَى آخِر الْآيَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَأَمَّا الْمُحْصَنَات فَإِنَّهُنَّ جَمْع مُحْصَنَة , وَهِيَ الَّتِي قَدْ مُنِعَ فَرْجهَا بِزَوْجٍ , يُقَال مِنْهُ : أَحْصَنَ الرَّجُل اِمْرَأَته فَهُوَ يُحْصِنهَا إِحْصَانًا وَحَصُنَتْ هِيَ فَهِيَ تَحْصُن حَصَانَة : إِذَا عَفَّتْ , وَهِيَ حَاصِن مِنْ النِّسَاء : عَفِيفَة , كَمَا قَالَ الْعَجَّاج : وَحَاصِن مِنْ حَاصِنَات مُلْسِ عَنْ الْأَذَى وَعَنْ قِرَاف الْوَقْس وَيُقَال أَيْضًا إِذَا هِيَ عَفَّتْ وَحَفِظَتْ فَرْجهَا مِنْ الْفُجُور : قَدْ أَحْصَنَتْ فَرْجهَا فَهِيَ مُحْصَنَة , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَرْيَم اِبْنَت عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا } 66 12 بِمَعْنَى : حَفِظَتْهُ مِنْ الرِّيبَة وَمَنَعَتْهُ مِنْ الْفُجُور . وَإِنَّمَا قِيلَ لِحُصُونِ الْمَدَائِن وَالْقُرَى حُصُون لِمَنْعِهَا مَنْ أَرَادَهَا وَأَهْلهَا , وَحِفْظهَا مَا وَرَاءَهَا مِمَّنْ بَغَاهَا مِنْ أَعْدَائِهَا , وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلدِّرْعِ دِرْع حَصِينَة . فَإِذَا كَانَ أَصْلًا لِإِحْصَانِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَنْع وَالْحِفْظ فَبُيِّنَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } وَالْمَمْنُوعَات مِنْ النِّسَاء حَرَام عَلَيْكُمْ { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَكَانَ الْإِحْصَان قَدْ يَكُون بِالْحُرِّيَّةِ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } 5 5 وَيَكُون بِالْإِسْلَامِ , كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } 4 25 وَيَكُون بِالْعِفَّةِ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء } 24 4 وَيَكُون بِالزَّوْجِ ; وَلَمْ يَكُنْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَصَّ مُحْصَنَة دُون مُحْصَنَة فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } فَوَاجِب أَنْ يَكُون كُلّ مُحْصَنَة بِأَيِّ مَعَانِي الْإِحْصَان كَانَ إِحْصَانهَا حَرَامًا عَلَيْنَا سِفَاحًا أَوْ نِكَاحًا , إِلَّا مَا مَلَكَتْهُ أَيْمَاننَا مِنْهُنَّ بِشِرَاءٍ , كَمَا أَبَاحَهُ لَنَا كِتَاب اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ , أَوْ نِكَاح عَلَى مَا أَطْلَقَهُ لَنَا تَنْزِيل اللَّه . فَاَلَّذِي أَبَاحَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَنَا نِكَاحًا مِنْ الْحَرَائِر الْأَرْبَع سِوَى اللَّوَاتِي حُرِّمْنَ عَلَيْنَا بِالنَّسَبِ وَالصِّهْر , وَمِنْ الْإِمَاء مَا سَبَيْنَا مِنْ الْعَدُوّ سِوَى اللَّوَاتِي وَافَقَ مَعْنَاهُنَّ مَعْنَى مَا حُرِّمَ عَلَيْنَا مِنْ الْحَرَائِر بِالنَّسَبِ وَالصِّهْر , فَإِنَّهُنَّ وَالْحَرَائِر فِيمَا يَحِلّ وَيَحْرُم بِذَلِكَ الْمَعْنَى مُتَّفِقَات الْمَعَانِي , وَسِوَى اللَّوَاتِي سَبَيْنَاهُنَّ مِنْ أَهْل الْكِتَابَيْنِ وَلَهُنَّ أَزْوَاج , فَإِنَّ السِّبَاء يُحِلّهُنَّ لِمَنْ سَبَاهُنَّ بَعْد الِاسْتِبْرَاء , وَبَعْد إِخْرَاج حَقّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّذِي جَعَلَهُ لِأَهْلِ الْخُمُس مِنْهُنَّ . فَأَمَّا السِّفَاح فَإِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَّمَهُ مِنْ جَمِيعهنَّ , فَلَمْ يُحِلّهُ مِنْ حُرَّة وَلَا أَمَة وَلَا مُسْلِمَة وَلَا كَافِرَة مُشْرِكَة . وَأَمَّا الْأَمَة الَّتِي لَهَا زَوْج فَإِنَّهَا لَا تَحِلّ لِمَالِكِهَا إِلَّا بَعْد طَلَاق زَوْجهَا إِيَّاهَا , أَوْ وَفَاته وَانْقِضَاء عِدَّتهَا مِنْهُ , فَأَمَّا بَيْع سَيِّدهَا إِيَّاهَا فَغَيْر مُوجِب بَيْنهَا وَبَيْن زَوْجهَا فِرَاقًا وَلَا تَحْلِيلًا لِمُشْتَرِيهَا , لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَّهُ خَيَّرَ بَرِيرَة إِذْ أَعْتَقَتْهَا عَائِشَة بَيْن الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا الَّذِي كَانَ سَادَتهَا زَوَّجُوهَا مِنْهُ فِي حَال رِقِّهَا , وَبَيْن فِرَاقه " وَلَمْ يَجْعَل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْق عَائِشَة إِيَّاهَا طَلَاقًا . وَلَوْ كَانَ عِتْقهَا وَزَوَال مِلْك عَائِشَة إِيَّاهَا لَهَا طَلَاقًا لَمْ يَكُنْ لِتَخْيِيرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا بَيْن الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا وَالْفِرَاق مَعْنًى , وَلَوَجَبَ بِالْعِتْقِ الْفِرَاق , وَبِزَوَالِ مِلْك عَائِشَة عَنْهَا الطَّلَاق ; فَلَمَّا خَيَّرَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الَّذِي ذَكَرْنَا وَبَيْن الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا وَالْفِرَاق كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَمْ يُخَيِّر بَيْن ذَلِكَ إِلَّا وَالنِّكَاح عَقْده ثَابِت , كَمَا كَانَ قَبْل زَوَال مِلْك عَائِشَة عَنْهَا , فَكَانَ نَظِيرًا لِلْعِتْقِ الَّذِي هُوَ زَوَال مِلْك مَالِك الْمَمْلُوكَة ذَات الزَّوْج عَنْهَا الْبَيْعُ الَّذِي هُوَ زَوَال مِلْك مَالِكهَا عَنْهَا , إِذْ كَانَ أَحَدهمَا زَوَالًا بِبَيْعٍ وَالْآخَر بِعِتْقٍ فِي أَنَّ الْفُرْقَة لَا يَجِب بِهَا بَيْنهَا وَبَيْن زَوْجهَا بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلَاق وَإِنْ اِخْتَلَفَا فِي مَعَانٍ أُخَر , مِنْ أَنَّ لَهَا فِي الْعِتْق الْخِيَار فِي الْمُقَام مَعَ زَوْجهَا وَالْفِرَاق , لِعِلَّةِ مُفَارَقَة مَعْنَى الْبَيْع , وَلَيْسَ ذَلِكَ لَهَا فِي الْبَيْع . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ يَكُون مَعْنِيًّا بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } مَا وَرَاء الْأَرْبَع مِنْ الْخُمُس إِلَى مَا فَوْقهنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْمَنْكُوحَات بِهِ غَيْر مَمْلُوكَات ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَخُصّ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } الْمَمْلُوكَات الرِّقَاب دُون الْمَمْلُوك عَلَيْهَا بِعَقْدِ النِّكَاح أَمْرهَا , بَلْ عَمَّ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ , أَعْنِي مِلْك الرَّقَبَة وَمِلْك الِاسْتِمْتَاع بِالنِّكَاحِ , لِأَنَّ جَمِيع ذَلِكَ مَلَكَتْهُ أَيْمَاننَا , أَمَّا هَذِهِ فَمِلْك اِسْتِمْتَاع , وَأَمَّا هَذِهِ فَمِلْك اِسْتِخْدَام وَاسْتِمْتَاع وَتَصْرِيف فِيمَا أُبِيحَ لِمَالِكِهَا مِنْهَا . وَمَنْ اِدَّعَى أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } مُحْصَنَة وَغَيْر مُحْصَنَة , سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا أَوَّلًا بِالِاسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ : { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } بَعْض أَمْلَاك أَيْمَاننَا دُون بَعْض , غَيْر الَّذِي دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّهُ غَيْر مَعْنِيّ بِهِ , سُئِلَ الْبُرْهَان عَلَى دَعْوَاهُ مِنْ أَصْل أَوْ نَظِير , فَلَنْ يَقُول فِي ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَر مِثْله . فَإِنْ اِعْتَلَّ مُعْتَلّ مِنْكُمْ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي سَبَايَا أَوْطَاس , قِيلَ لَهُ : إِنَّ سَبَايَا أَوْطَاس لَمْ يُوطَأْنَ بِالْمِلْكِ وَالسِّبَاء دُون الْإِسْلَام , وَذَلِكَ أَنَّهُنَّ كُنَّ مُشْرِكَات مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان , وَقَدْ قَامَتْ الْحُجَّة بِأَنَّ نِسَاء عَبَدَة الْأَوْثَان لَا يَحْلُلْنَ بِالْمِلْكِ دُون الْإِسْلَام , وَأَنَّهُنَّ إِذَا أَسْلَمْنَ فَرَّقَ الْإِسْلَام بَيْنهنَّ وَبَيْن الْأَزْوَاج , سَبَايَا كُنَّ أَوْ مُهَاجِرَات , غَيْر أَنَّة إِذَا كُنَّ سَبَايَا حَلَلْنَ إِذَا هُنَّ أَسْلَمْنَ بِالِاسْتِبْرَاءِ. فَلَا حُجَّة لِمُحْتَجٍّ فِي أَنَّ الْمُحْصَنَات اللَّاتِي عَنَاهُنَّ بِقَوْلِهِ , { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء } ذَوَات الْأَزْوَاج مِنْ السَّبَايَا دُون غَيْرهنَّ بِخَبَرِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي سَبَايَا أَوْطَاس , لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ نَزَلَ , فَلَمْ يَنْزِل فِي إِبَاحَة وَطْئِهِنَّ بِالسِّبَاءِ خَاصَّة دُون غَيْره مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَا , مَعَ أَنَّ الْآيَة تَنْزِل فِي مَعْنًى فَتَعُمّ مَا نَزَلَتْ بِهِ فِيهِ وَغَيْره , فَيَلْزَم حُكْمهَا جَمِيع مَا عَمَّتْهُ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا مِنْ الْقَوْل فِي الْعُمُوم وَالْخُصُوص فِي كِتَابنَا " كِتَاب الْبَيَان عَنْ أُصُول الْأَحْكَام " .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : كِتَابًا مِنْ اللَّه عَلَيْكُمْ . فَأُخْرِجَ الْكِتَاب مَصْدَرًا مِنْ غَيْر لَفْظه. وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ } . .. إِلَى قَوْله : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } بِمَعْنَى : كَتَبَ اللَّه تَحْرِيم مَا حَرَّمَ مِنْ ذَلِكَ وَتَحْلِيل مَا حَلَّلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ كِتَابًا . وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7164 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ . 7165 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء عَنْهَا فَقَالَ : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : هُوَ الَّذِي كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْأَرْبَع أَنْ لَا تَزِيدُوا. 7166 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , قَالَ : قُلْت لِعُبَيْدَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } وَأَشَارَ اِبْن عَوْن بِأَصَابِعِهِ الْأَرْبَع . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , قَالَ : سَأَلْت عُبَيْدَة , عَنْ قَوْله : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : أَرْبَع . 7167 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } الْأَرْبَع . 7168 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } قَالَ : هَذَا أَمْر اللَّه عَلَيْكُمْ , قَالَ : يُرِيد مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ هَؤُلَاءِ وَمَا أَحَلَّ لَهُمْ. وَقَرَأَ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } . .. إِلَى آخِر الْآيَة . قَالَ : كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ الَّذِي كَتَبَهُ , وَأَمْره الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ . { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } أَمْر اللَّه. وَقَدْ كَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَزْعُم أَنَّ قَوْله : { كِتَاب اللَّه عَلَيْكُمْ } مَنْصُوب عَلَى وَجْه الْإِغْرَاء , بِمَعْنَى : عَلَيْكُمْ كِتَاب اللَّه , اِلْزَمُوا كِتَاب اللَّه . وَاَلَّذِي قَالَ مِنْ ذَلِكَ غَيْر مُسْتَفِيض فِي كَلَام الْعَرَب , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا [ تَكَاد ] تَنْصِب بِالْحَرْفِ الَّذِي تُغْرِي بِهِ , لَا تَكَاد تَقُول : أَخَاك عَلَيْك وَأَبَاك دُونك , وَإِنْ كَانَ جَائِزًا. وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِكِتَابِ اللَّه أَنْ يَكُون مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْرُوف مِنْ لِسَان مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ هَذَا مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَأْوِيل أَهْل التَّأْوِيل ذَلِكَ بِمَعْنَى مَا قُلْنَا , وَخِلَاف مَا وَجَّهَهُ إِلَيْهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ نُصِبَ عَلَى وَجْه الْإِغْرَاء .


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا دُون الْخُمُس أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ عَلَى وَجْه النِّكَاح . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7169 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } مَا دُون الْأَرْبَع أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ . 7170 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيّ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } يَعْنِي : مَا دُون الْأَرْبَع . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ مَنْ سُمِّيَ لَكُمْ تَحْرِيمه مِنْ أَقَارِبكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7171 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء عَنْهَا , فَقَالَ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } قَالَ : مَا وَرَاء ذَات الْقَرَابَة , { أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } . .. الْآيَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : { وَأُحِلّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } عَدَد مَا أُحِلَّ لَكُمْ مِنْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء الْحَرَائِر وَمِنْ الْإِمَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7172 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { وَأُحِلّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } قَالَ : مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , مَا نَحْنُ مُبَيِّنُوهُ ; وَهُوَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَيَّنَ لِعِبَادِهِ الْمُحَرَّمَات بِالنَّسَبِ وَالصِّهْر , ثُمَّ الْمُحَرَّمَات مِنْ الْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء , ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ قَدْ أَحَلَّ لَهُمْ مَا عَدَا هَؤُلَاءِ الْمُحَرَّمَات الْمُبَيَّنَات فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ أَنْ نَبْتَغِيَهُ بِأَمْوَالِنَا نِكَاحًا وَمِلْك يَمِين لَا سِفَاحًا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : عَرَفْنَا الْمُحَلَّلَات اللَّوَاتِي هُنَّ وَرَاء الْمُحَرَّمَات بِالْأَنْسَابِ وَالْأَصْهَار , فَمَا الْمُحَلَّلَات مِنْ الْمُحْصَنَات وَالْمُحَرَّمَات مِنْهُنَّ ؟ قِيلَ : هُوَ مَا دُون الْخُمُس مِنْ وَاحِدَة إِلَى أَرْبَع عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْ عُبَيْدَة وَالسُّدِّيّ مِنْ الْحَرَائِر , فَأَمَّا مَا عَدَا ذَوَات الْأَزْوَاج فَغَيْر عَدَد مَحْصُور بِمِلْكِ الْيَمِين . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ قَوْله : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } عَامّ فِي كُلّ مُحَلَّل لَنَا مِنْ النِّسَاء أَنْ نَبْتَغِيَهَا بِأَمْوَالِنَا , فَلَيْسَ تَوْجِيه مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى بَعْض مِنْهُنَّ بِأَوْلَى مِنْ بَعْض , إِلَّا أَنْ تَقُوم بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ حُجَّة يَجِب التَّسْلِيم لَهَا , وَلَا حُجَّة بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضهمْ : " وَأَحَلَّ لَكُمْ " بِفَتْحِ الْأَلِف مِنْ أَحَلَّ , بِمَعْنَى : كَتَبَ اللَّه عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ. وَقَرَأَهُ آخَرُونَ : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } اِعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ . .. وَأُحِلّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي نَقُول فِي ذَلِكَ إنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْإِسْلَام غَيْر مُخْتَلِفَتَيْ الْمَعْنَى , فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الْحَقّ . وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : مَا عَدَا هَؤُلَاءِ اللَّوَاتِي حَرَّمْتهنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ , يَقُول : أَنْ تَطْلُبُوا وَتَلْتَمِسُوا بِأَمْوَالِكُمْ , إِمَّا شِرَاء بِهَا وَإِمَّا نِكَاحًا بِصَدَاقٍ مَعْلُوم , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ } 2 91 يَعْنِي : بِمَا عَدَاهُ وَبِمَا سِوَاهُ . وَأَمَّا مَوْضِع " أَنْ " مِنْ قَوْله : { أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } فَرَفَعَ تَرْجَمَة عَنْ " مَا " الَّتِي فِي قَوْله : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ } فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { وَأُحِلَّ } بِضَمِّ الْأَلِف . وَنُصِبَ عَلَى ذَلِكَ فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ . " وَأَحَلَّ " بِفَتْحِ الْأَلِف . وَقَدْ يَحْتَمِل النَّصْب فِي ذَلِكَ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ عَلَى مَعْنَى : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاء ذَلِكُمْ لِأَنْ تَبْتَغُوا , فَلَمَّا حُذِفَتْ اللَّام الْخَافِضَة اِتَّصَلَتْ بِالْفِعْلِ قَبْلهَا فَنُصِبَتْ . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع خَفْض بِهَذَا الْمَعْنَى إِذْ كَانَتْ اللَّام فِي هَذَا الْمَوْضِع مَعْلُومًا أَنَّ بِالْكَلَامِ إِلَيْهَا الْحَاجَة .


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مُحْصِنِينَ } أَعِفَّاء بِابْتِغَائِكُمْ مَا وَرَاء مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ مِنْ النِّسَاء بِأَمْوَالِكُمْ { غَيْر مُسَافِحِينَ } يَقُول : غَيْر مُزَانِينَ . كَمَا : 7173 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله { مُحْصِنِينَ } قَالَ : مُتَنَاكِحِينَ. { غَيْر مُسَافِحِينَ } قَالَ : زَانِينَ بِكُلِّ زَانِيَة . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { مُحْصِنِينَ } مُتَنَاكِحِينَ . { غَيْر مُسَافِحِينَ } السِّفَاح : الزِّنَا . 7174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ } يَقُول : مُحْصِنِينَ غَيْر زُنَاة .


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : فَمَا نَكَحْتُمْ مِنْهُنَّ فَجَامَعْتُمُوهُنَّ , يَعْنِي مِنْ النِّسَاء ; { فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } يَعْنِي : صَدُقَاتهنَّ فَرِيضَة مَعْلُومَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7175 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } يَقُول : إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُل مِنْكُمْ ثُمَّ نَكَحَهَا مَرَّة وَاحِدَة فَقَدْ وَجَبَ صَدَاقهَا كُلّه . وَالِاسْتِمْتَاع هُوَ النِّكَاح , وَهُوَ قَوْله : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة } 4 4 7176 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ : هُوَ النِّكَاح . 7177 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } النِّكَاح . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ : النِّكَاح أَرَادَ . 7178 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة } . .. الْآيَة , قَالَ : هَذَا النِّكَاح , وَمَا فِي الْقُرْآن الْإِنْكَاح إِذَا أَخَذْتهَا وَاسْتَمْتَعْت بِهَا , فَأَعْطِهَا أَجْرهَا الصَّدَاق , فَإِنْ وَضَعَتْ لَك مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ لَك سَائِغ فَرَضَ اللَّه عَلَيْهَا الْعِدَّة وَفَرَضَ لَهَا الْمِيرَاث . قَالَ : وَالِاسْتِمْتَاع هُوَ النِّكَاح هَهُنَا إِذَا دَخَلَ بِهَا. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَمَا تَمَتَّعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ بِأَجْرٍ تَمَتُّع اللَّذَّة , لَا بِنِكَاحٍ مُطْلَق عَلَى وَجْه النِّكَاح الَّذِي يَكُون بِوَلِيٍّ وَشُهُود وَمَهْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة " . فَهَذِهِ الْمُتْعَة الرَّجُل يَنْكِح الْمَرْأَة بِشَرْطٍ إِلَى أَجَل مُسَمًّى , وَيُشْهِد شَاهِدَيْنِ , وَيَنْكِح بِإِذْنِ وَلِيّهَا , وَإِذَا اِنْقَضَتْ الْمُدَّة فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل وَهِيَ مِنْهُ بَرِيَّة , وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَبْرِئ مَا فِي رَحِمهَا , وَلَيْسَ بَيْنهمَا مِيرَاث , لَيْسَ يَرِث وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه . 7180 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ : يَعْنِي نِكَاح الْمُتْعَة. 7181 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عِيسَى , قَالَ : ثنا نُصَيْر بْن أَبِي الْأَشْعَث , قَالَ : ثني حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : أَعْطَانِي اِبْن عَبَّاس مُصْحَفًا , فَقَالَ : هَذَا عَلَى قِرَاءَة أُبَيّ . قَالَ أَبُو كُرَيْب , قَالَ يَحْيَى : فَرَأَيْت الْمُصْحَف عِنْد نُصَيْر فِيهِ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " . 7182 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ أَبِي نَضْرَة , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ مُتْعَة النِّسَاء , قَالَ : أَمَا تَقْرَأ سُورَة النِّسَاء ؟ قَالَ : قُلْت بَلَى . قَالَ : فَمَا تَقْرَأ فِيهَا : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " ؟ قُلْت : لَا , لَوْ قَرَأْتهَا هَكَذَا مَا سَأَلْتُك ! قَالَ : فَإِنَّهَا كَذَا. * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثني دَاوُد , عَنْ أَبِي نَضْرَة , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس عَنْ الْمُتْعَة , فَذَكَرَ نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ أَبِي نَضْرَة , قَالَ : قَرَأْت هَذِهِ الْآيَة عَلَى اِبْن عَبَّاس : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } قَالَ اِبْن عَبَّاس : " إِلَى أَجَل مُسَمًّى " , قَالَ قُلْت : مَا أَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ ! قَالَ : وَاَللَّه لَأَنْزَلَهَا اللَّه كَذَلِكَ ثَلَاث مَرَّات . 7183 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عُمَيْر : أَنَّ اِبْن عَبَّاس قَرَأَ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة وثنا خَلَّاد بْن أَسْلَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا النَّضْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ اِبْن عَبَّاس , بِنَحْوِهِ . 7184 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : فِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " . 7185 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , قَالَ : سَأَلْته عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } إِلَى هَذَا الْمَوْضِع : { فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } أَمَنْسُوخَة هِيَ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ الْحَكَم : قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : لَوْلَا أَنَّ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ نَهَى عَنْ الْمُتْعَة مَا زَنَى إِلَّا شَقِيّ . 7186 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن عُمَر الْقَارِئ الْأَسَدِيّ , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن جُبَيْر يَقْرَأ : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ : فَمَا نَكَحْتُمُوهُ مِنْهُنَّ فَجَامَعْتُمُوهُ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ ; لِقِيَامِ الْحُجَّة بِتَحْرِيمِ اللَّه مُتْعَة النِّسَاء عَلَى غَيْر وَجْه النِّكَاح الصَّحِيح أَوْ الْمِلْك الصَّحِيح عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 7187 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثني الرَّبِيع بْن سَبْرَة الْجُهَنِيّ , عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " اِسْتَمْتَعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسَاء " وَالِاسْتِمْتَاع عِنْدنَا يَوْمئِذٍ التَّزْوِيج . وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ الْمُتْعَة عَلَى غَيْر النِّكَاح الصَّحِيح حَرَام فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع مِنْ كُتُبنَا بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب وَابْن عَبَّاس مِنْ قِرَاءَتهمَا : " فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى " فَقِرَاءَة بِخِلَافِ مَا جَاءَتْ بِهِ مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , وَغَيْر جَائِز لِأَحَدٍ أَنْ يُلْحِق فِي كِتَاب اللَّه تَعَالَى شَيْئًا لَمْ يَأْتِ بِهِ الْخَبَر الْقَاطِع الْعُذْر عَمَّنْ لَا يَجُوز خِلَافه .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَا حَرَج عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْأَزْوَاج إِنْ أَدْرَكَتْكُمْ عُسْرَة بَعْد أَنْ فَرَضْتُمْ لِنِسَائِكُمْ أُجُورهنَّ فَرِيضَة فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ , مِنْ حَطّ وَبَرَاءَة , بَعْد الْفَرْض الَّذِي سَلَفَ مِنْكُمْ لَهُنَّ مَا كُنْتُمْ فَرَضْتُمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7188 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : زَعَمَ حَضْرَمِيّ أَنَّ رِجَالًا كَانُوا يَفْرِضُونَ الْمَهْر , ثُمَّ عَسَى أَنْ يُدْرِك أَحَدهمْ الْعُسْرَة , فَقَالَ اللَّه : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ أَنْتُمْ وَالنِّسَاء وَاَللَّوَاتِي اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى , إِذَا اِنْقَضَى الْأَجَل الَّذِي أَجَّلْتُمُوهُ بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ فِي الْفِرَاق , أَنْ يَزِدْنَكُمْ فِي الْأَجَل وَتَزِيدُوا مِنْ الْأَجْر وَالْفَرِيضَة قَبْل أَنْ يَسْتَبْرِئْنَ أَرْحَامهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } إِنْ شَاءَ أَرْضَاهَا مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة الْأُولَى , يَعْنِي : الْأُجْرَة الَّتِي أَعْطَاهَا عَلَى تَمَتُّعه بِهَا قَبْل اِنْقِضَاء الْأَجَل بَيْنهمَا , فَقَالَ : أَتَمَتَّع مِنْك أَيْضًا بِكَذَا وَكَذَا , فَازْدَادَ قَبْل أَنْ يَسْتَبْرِئ رَحِمهَا , ثُمَّ تَنْقَضِي الْمُدَّة , وَهُوَ قَوْله : { فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ أَنْتُمْ وَنِسَاؤُكُمْ بَعْد أَنْ تُؤْتُوهُنَّ أُجُورهنَّ عَلَى اِسْتِمْتَاعكُمْ بِهِنَّ مِنْ مُقَام وَفِرَاق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7190 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } وَالتَّرَاضِي أَنْ يُوَفِّيَهَا صَدَاقهَا , ثُمَّ يُخَيِّرهَا. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا وَضَعَتْ عَنْكُمْ نِسَاؤُكُمْ مِنْ صَدُقَاتهنَّ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7191 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْد الْفَرِيضَة } قَالَ : إِنْ وَضَعَتْ لَك مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ لَك سَائِغ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ أَنْتُمْ وَنِسَاؤُكُمْ مِنْ بَعْد إِعْطَائِهِنَّ أُجُورهنَّ عَلَى النِّكَاح الَّذِي جَرَى بَيْنكُمْ وَبَيْنهنَّ مِنْ حَطّ مَا وَجَبَ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ , أَوْ إِبْرَاء أَوْ تَأْخِير وَوَضْع . وَذَلِكَ نَظِير قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَآتُوا النِّسَاء صَدُقَاتهنَّ نِحْلَة فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْء مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } 4 4 فَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ السُّدِّيّ فَقَوْل لَا مَعْنَى لَهُ لِفَسَادِ الْقَوْل بِإِحْلَالِ جِمَاع اِمْرَأَة بِغَيْرِ نِكَاح وَلَا مِلْك يَمِين .


وَأَمَّا قَوْله : { إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : إِنَّ اللَّه كَانَ ذَا عِلْم بِمَا يُصْلِحكُمْ أَيّهَا النَّاس فِي مَنَاكِحكُمْ وَغَيْرهَا مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُور سَائِر خَلْقه بِمَا يُدَبِّر لَكُمْ وَلَهُمْ مِنْ التَّدْبِير , وَفِيمَا يَأْمُركُمْ وَيَنْهَاكُمْ ; لَا يَدْخُل حِكْمَته خَلَل وَلَا زَلَل .
وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌسورة النساء الآية رقم 25
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الطَّوْل الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الْفَضْل وَالْمَال وَالسَّعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7192 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } قَالَ : الْغِنَى . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7193 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } يَقُول : مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَعَة . 7194 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } يَقُول : مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ سَعَة. 7195 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَوْله : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } قَالَ : الطَّوْل : الْغِنَى . * - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } قَالَ : الطَّوْل : السَّعَة . 7196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } أَمَّا قَوْله طَوْلًا : فَسَعَة مِنْ الْمَال . 7197 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } . .. الْآيَة , قَالَ : طَوْلًا : لَا يَجِد مَا يَنْكِح بِهِ حُرَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى الطَّوْل فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْهَوَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7198 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني عَبْد الْجَبَّار بْن عُمَر , عَنْ رَبِيعَة أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْل اللَّه : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } قَالَ : الطَّوْل : الْهَوَى , قَالَ : يَنْكِح الْأَمَة إِذَا كَانَ هَوَاهُ فِيهَا . * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ رَبِيعَة يُلَيِّن فِيهِ بَعْض التَّلْيِين , كَانَ يَقُول : إِذَا خَشِيَ عَلَى نَفْسه إِذَا أَحَبَّهَا - أَيْ الْأَمَة - وَإِنْ كَانَ يَقْدِر عَلَى نِكَاح غَيْرهَا فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَنْكِحهَا . 7199 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْحُرّ يَتَزَوَّج الْأَمَة , فَقَالَ : إِنْ كَانَ ذَا طَوْل فَلَا . قِيلَ : إِنْ وَقَعَ حُبّ الْأَمَة فِي نَفْسه ؟ قَالَ : إِنْ خَشِيَ الْعَنَت فَلْيَتَزَوَّجْهَا . 7200 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ عُبَيْدَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : لَا يَتَزَوَّج الْحُرّ الْأَمَة إِلَّا أَنْ لَا يَجِد . وَكَانَ إِبْرَاهِيم يَقُول : لَا بَأْس بِهِ . 7201 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : سَمِعْت عَطَاء يَقُول : لَا نَكْرَه أَنْ يَنْكِح ذُو الْيَسَار الْأَمَة إِذَا خَشِيَ أَنْ يَسْعَى بِهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى الطَّوْل فِي هَذَا الْمَوْضِع : السَّعَة وَالْغِنَى مِنْ الْمَال , لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُحَرِّم شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاء سِوَى نِكَاح الْإِمَاء لِوَاجِدِ الطَّوْل إِلَى الْحُرَّة , فَأَحَلَّ مَا حَرَّمَ مِنْ ذَلِكَ عِنْد غَلَبَته الْمُحَرَّم عَلَيْهِ لَهُ لِقَضَاءِ لَذَّة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنْ الْجَمِيع فِيمَا عَدَا نِكَاح الْإِمَاء لِوَاجِدِ الطَّوْل , فَمِثْله فِي التَّحْرِيم نِكَاح الْإِمَاء لِوَاجِدِ الطَّوْل : لَا يَحِلّ لَهُ مِنْ أَجْل غَلَبَة هَوًى سَرَّهُ فِيهَا , لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ وُجُوده الطَّوْل إِلَى الْحُرَّة مِنْهُ قَضَاء لَذَّة وَشَهْوَة وَلَيْسَ بِمَوْضِعِ ضَرُورَة تَدْفَع تَرَخُّصه كَالْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ الَّذِي يَخَاف هَلَاك نَفْسه فَيَتَرَخَّص فِي أَكْلهَا لِيُحْيِيَ بِهَا نَفْسه , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَات اللَّوَاتِي رَخَّصَ اللَّه لِعِبَادِهِ فِي حَال الضَّرُورَة وَالْخَوْف عَلَى أَنْفُسهمْ الْهَلَاك مِنْهُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا فِي غَيْرهَا مِنْ الْأَحْوَال. وَلَمْ يُرَخِّص اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِعَبْدٍ فِي حَرَام لِقَضَاءِ لَذَّة , وَفِي إِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ غَلَبَهُ هَوَى اِمْرَأَة حُرَّة أَوْ اِمْرَأَة أَنَّهَا لَا تَحِلّ لَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاء عَلَى مَا أَذِنَ اللَّه بِهِ , مَا يُوَضِّح فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى الطَّوْل فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْهَوَى , وَأَجَازَ لِوَاجِدِ الطَّوْل لِحُرَّةٍ نِكَاح الْإِمَاء . فَتَأْوِيل الْآيَة إِذَا كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا : وَمَنْ لَمْ يَجِد مِنْكُمْ سَعَة مِنْ مَال لِنِكَاحِ الْحَرَائِر , فَلْيَنْكِحْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ . وَأَصْل الطَّوْل : الْإِفْضَال , يُقَال مِنْهُ : طَالَ عَلَيْهِ يَطُول طَوْلًا فِي الْإِفْضَال , وَطَالَ يَطُول طُولًا فِي الطُّول الَّذِي هُوَ خِلَاف الْقِصَر .


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } يَعْنِي بِذَلِكَ : وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس طَوْلًا , يَعْنِي : مِنْ الْأَحْرَار أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات وَهُنَّ الْحَرَائِر الْمُؤْمِنَات اللَّوَاتِي قَدْ صَدَّقْنَ بِتَوْحِيدِ اللَّه وَبِمَا جَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحَقّ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي الْمُحْصَنَات قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7202 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات } يَقُول : أَنْ يَنْكِح الْحَرَائِر , فَلْيَنْكِحْ مِنْ إِمَاء الْمُؤْمِنِينَ. 7203 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الْمُحْصَنَات الْحَرَائِر , فَلْيَنْكِحْ الْأَمَة الْمُؤْمِنَة. * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7204 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا فَتَيَاتكُمْ. فَإِمَاؤُكُمْ . 7205 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } قَالَ : أَمَّا مَنْ لَمْ يَجِد مَا يَنْكِح بِهِ الْحُرَّة فَيَتَزَوَّج الْأَمَة. 7206 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } قَالَ : مَنْ لَمْ يَجِد مَا يَنْكِح بِهِ حُرَّة فَيَنْكِح هَذِهِ الْأَمَة فَيَتَعَفَّف بِهَا وَيَكْفِيه أَهْلهَا مُؤْنَتهَا , وَلَمْ يُحِلّ اللَّه ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِمَنْ لَا يَجِد مَا يَنْكِح بِهِ حُرَّة وَيُنْفِق عَلَيْهَا , وَلَمْ يُحِلّ لَهُ حَتَّى يَخْشَى الْعَنَت . 7207 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ , عَنْ عَامِر الْأَحْوَل , عَنْ الْحَسَن : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُنْكَح الْأَمَة عَلَى الْحُرَّة وَتُنْكَح الْحُرَّة عَلَى الْأَمَة , وَمَنْ وَجَدَ طَوْلًا لِحُرَّةٍ فَلَا يَنْكِح أَمَة . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ جَمَاعَة مِنْ قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ وَالْمَكِّيِّينَ : { أَنْ يَنْكِح الْمُحْصِنَات } بِكَسْرِ الصَّاد مَعَ سَائِر مَا فِي الْقُرْآن مِنْ نَظَائِر ذَلِكَ سِوَى قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } 4 24 فَإِنَّهُمْ فَتَحُوا الصَّاد مِنْهَا , وَوَجَّهُوا تَأْوِيله إِلَى أَنَّهُنَّ مُحْصَنَات بِأَزْوَاجِهِنَّ , وَأَنَّ أَزْوَاجهنَّ هُمْ أَحْصَنُوهُنَّ . وَأَمَّا سَائِر مَا فِي الْقُرْآن فَإِنَّهُمْ تَأَوَّلُوا فِي كَسْرهمْ الصَّاد مِنْهُ إِلَى أَنَّ النِّسَاء هُنَّ أَحْصَنَّ أَنْفُسهنَّ بِالْعِفَّةِ . وَقَرَأَتْ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْعِرَاق ذَلِكَ كُلّه بِالْفَتْحِ , بِمَعْنَى أَنَّ بَعْضهنَّ أَحْصَنَهُنَّ أَزْوَاجهنَّ , وَبَعْضهنَّ أَحْصَنَهُنَّ حُرِّيَّتهنَّ أَوْ إِسْلَامهنَّ . وَقَرَأَ بَعْض الْمُتَقَدِّمِينَ كُلّ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ , بِمَعْنَى أَنَّهُنَّ عَفَفْنَ وَأَحْصَنَّ أَنْفُسهنَّ . وَذُكِرَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَة أَعْنِي بِكَسْرِ الْجَمِيع عَنْ عَلْقَمَة عَلَى الِاخْتِلَاف فِي الرِّوَايَة عَنْهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب عِنْدنَا مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار مَعَ اِتِّفَاق ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب , إِلَّا فِي الْحَرْف الْأَوَّل مِنْ سُورَة النِّسَاء , وَهُوَ قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } 4 24 فَإِنِّي لَا أَسْتَجِيز الْكَسْر فِي صَاده لِاتِّفَاقِ قِرَاءَة الْأَمْصَار عَلَى فَتْحهَا . وَلَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَة بِكَسْرِهَا مُسْتَفِيضَة اِسْتِفَاضَتهَا بِفَتْحِهَا كَانَ صَوَابًا الْقِرَاءَة بِهَا كَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَصَرُّف الْإِحْصَان فِي الْمَعَانِي الَّتِي بَيَّنَّاهَا , فَيَكُون مَعْنَى ذَلِكَ لَوْ كُسِرَ : وَالْعَفَائِف مِنْ النِّسَاء حَرَام عَلَيْكُمْ , إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ , بِمَعْنَى أَنَّهُنَّ أَحْصَنَّ أَنْفُسهنَّ بِالْعِفَّةِ. وَأَمَّا الْفَتَيَات فَإِنَّهُنَّ جَمْع فَتَاة , وَهُنَّ الشَّوَابّ مِنْ النِّسَاء , ثُمَّ يُقَال لِكُلِّ مَمْلُوكَة ذَات سِنّ أَوْ شَابَّة فَتَاة , وَالْعَبْد فَتًى. ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي نِكَاح الْفَتَيَات غَيْر الْمُؤْمِنَات , وَهَلْ عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } تَحْرِيم مَا عَدَا الْمُؤْمِنَات مِنْهُنَّ , أَمْ ذَلِكَ مِنْ اللَّه تَأْدِيب لِلْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره دَلَالَة عَلَى تَحْرِيم نِكَاح إِمَاء الْمُشْرِكِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7208 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } قَالَ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَزَوَّج مَمْلُوكَة نَصْرَانِيَّة . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } قَالَ : لَا يَنْبَغِي لِلْحُرِّ الْمُسْلِم أَنْ يَنْكِح الْمَمْلُوكَة مِنْ أَهْل الْكِتَاب. 7209 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : سَمِعْت أَبَا عَمْرو , وَسَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز , وَمَالِك بْن أَنَس , وَمَالِك بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مَرْيَم , يَقُولُونَ : لَا يَحِلّ لِحُرٍّ مُسْلِم وَلَا لِعَبْدٍ مُسْلِم الْأَمَة النَّصْرَانِيَّة , لِأَنَّ اللَّه يَقُول : { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } يَعْنِي بِالنِّكَاحِ . وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ مِنْ اللَّه عَلَى الْإِرْشَاد وَالنَّدْب , لَا عَلَى التَّحْرِيم. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِرَاق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7210 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُغِيرَة , قَالَ : قَالَ أَبُو مَيْسَرَة , أَمَّا أَهْل الْكِتَاب بِمَنْزِلَةِ الْحَرَائِر . وَمِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه . وَاعْتَلُّوا لِقَوْلِهِمْ بِقَوْلِ اللَّه : { أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَات وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ وَطَعَامكُمْ حِلّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ } 5 5 قَالُوا : فَقَدْ أَحَلَّ اللَّه مُحْصَنَات أَهْل الْكِتَاب عَامًّا , فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصّ مِنْهُنَّ أَمَة وَلَا حُرَّة. قَالُوا : وَمَعْنَى قَوْله : { فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } غَيْر الْمُشْرِكَات مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : هُوَ دَلَالَة عَلَى تَحْرِيم نِكَاح إِمَاء أَهْل الْكِتَاب فَإِنَّهُنَّ لَا يَحْلُلْنَ إِلَّا بِمِلْكِ الْيَمِين ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَحَلَّ نِكَاح الْإِمَاء بِشُرُوطٍ , فَمَا لَمْ تَجْتَمِع الشُّرُوط الَّتِي سَمَّاهَا فِيهِنَّ , فَغَيْر جَائِز لِمُسْلِمٍ نِكَاحهنَّ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنَّ الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة تَدُلّ عَلَى إِبَاحَتهنَّ بِالنِّكَاحِ ؟ قِيلَ : إِنَّ الَّتِي فِي الْمَائِدَة قَدْ أَبَانَ أَنَّ حُكْمهَا فِي خَاصّ مِنْ مُحْصَنَاتهمْ , وَأَنَّهَا مَعْنِيّ بِهَا حَرَائِرهمْ دُون إِمَائِهِمْ , قَوْله : { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } وَلَيْسَتْ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ دَافِعَة حُكْمهَا حُكْم الْأُخْرَى , بَلْ إِحْدَاهُمَا مُبَيِّنَة حُكْم الْأُخْرَى , وَإِنَّمَا تَكُون إِحْدَاهُمَا دَافِعَة حُكْم الْأُخْرَى لَوْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا اِجْتِمَاع حُكْمَيْهِمَا عَلَى صِحَّة , فَأَمَّا وَهُمَا جَائِز اِجْتِمَاع حُكْمهمَا عَلَى الصِّحَّة , فَغَيْر جَائِز أَنْ يُحْكَم لِأَحَدِهِمَا بِأَنَّهَا دَافِعَة حُكْم الْأُخْرَى إِلَّا بِحُجَّةِ التَّسْلِيم لَهَا مِنْ خَبَر أَوْ قِيَاس , وَلَا خَبَر بِذَلِكَ وَلَا قِيَاس , وَالْآيَة مُحْتَمِلَة مَا قُلْنَا : وَالْمُحْصَنَات مِنْ حَرَائِر الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ دُون إِمَائِهِمْ.

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه أَعْلَم بِإِيمَانِكُمْ بَعْضكُمْ مِنْ بَعْض } وَهَذَا مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ الْقَدِيم وَتَأْوِيل ذَلِكَ : وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات , فَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات , فَلْيَنْكِحْ بَعْضكُمْ مِنْ بَعْض , بِمَعْنَى : فَلْيَنْكِحْ هَذَا فَتَاة هَذَا . فـ " ـالْبَعْض " مَرْفُوع بِتَأْوِيلِ الْكَلَام , وَمَعْنَاهُ إِذْ كَانَ قَوْله : { فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ } فِي تَأْوِيل : فَلْيَنْكِحْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ , ثُمَّ رُدَّ بَعْضكُمْ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى فَرُفِعَ . ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَللَّه أَعْلَم بِإِيمَانِكُمْ } أَيْ وَاَللَّه أَعْلَم بِإِيمَانِ مَنْ آمَنَ مِنْكُمْ بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , فَصَدَّقَ بِذَلِكَ كُلّه مِنْكُمْ , يَقُول : فَلْيَنْكِحْ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا لِحُرَّةٍ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات , لِيَنْكِح هَذَا الْمُقَتَّر الَّذِي لَا يَجِد طَوْلًا لِحُرَّةٍ مِنْ هَذَا الْمُوسِر فَتَاته الْمُؤْمِنَة الَّتِي قَدْ أَبْدَتْ الْإِيمَان فَأَظْهَرَتْهُ وَكِلُوا سَرَائِرهنَّ إِلَى اللَّه , فَإِنَّ عِلْمَ ذَلِكَ إِلَى اللَّه دُونكُمْ , وَاَللَّه أَعْلَم بِسَرَائِرِكُمْ وَسَرَائِرهنَّ.


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلهنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ بِالْمَعْرُوفِ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَانْكِحُوهُنَّ } فَتَزَوَّجُوهُنَّ , وَبِقَوْلِهِ : { بِإِذْنِ أَهْلهنَّ } بِإِذْنِ أَرْبَابهنَّ وَأَمْرهمْ إِيَّاكُمْ بِنِكَاحِهِنَّ وَرِضَاهُمْ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ } وَأَعْطُوهُنَّ مُهُورهنَّ : كَمَا : 7211 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : { وَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ } قَالَ : الصَّدَاق . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { بِالْمَعْرُوفِ } عَلَى مَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِمَّا أَحَلَّ اللَّه لَكُمْ وَأَبَاحَهُ لَكُمْ أَنْ تَجْعَلُوهُ مُهُورًا لَهُنَّ .


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { مُحْصَنَات } عَفِيفَات , { غَيْر مُسَافِحَات } غَيْر مُزَانِيَات , { وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } يَقُول : وَلَا مُتَّخِذَات أَصْدِقَاء عَلَى السِّفَاح . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ قِيلَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ الزَّوَانِيَ كُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّة فِي الْعَرَب الْمُعْلِنَات بِالزِّنَا , وَالْمُتَّخِذَات الْأَخْدَان : اللَّوَاتِي قَدْ حَبَسْنَ أَنْفُسهنَّ عَلَى الْخَلِيل وَالصَّدِيق لِلْفُجُورِ بِهَا سِرًّا دُون الْإِعْلَان بِذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7212 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } يَعْنِي : تَنْكِحُوهُنَّ عَفَائِف غَيْر زَوَانٍ فِي سِرّ وَلَا عَلَانِيَة . { وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } يَعْنِي أَخِلَّاء. 7213 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { غَيْر مُسَافِحَات } الْمُسَافِحَات : الْمُعَالِنَات بِالزِّنَا . { وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } ذَات الْخَلِيل الْوَاحِد . قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يُحَرِّمُونَ مَا ظَهَرَ مِنْ الزِّنَا , وَيَسْتَحِلُّونَ مَا خَفِيَ , يَقُولُونَ : أَمَّا مَا ظَهَرَ مِنْهُ فَهُوَ لُؤْم , وَأَمَّا مَا خَفِيَ فَلَا بَأْس ذَلِكَ . فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } 6 51 7214 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت دَاوُد يُحَدِّث عَنْ عَامِر , قَالَ : الزِّنَا زِنَيَانِ : تَزْنِي بِالْخِدْنِ وَلَا تَزْنِي بِغَيْرِهِ , وَتَكُون الْمَرْأَة شُؤْمًا . ثُمَّ قَرَأَ : { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } 7215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا الْمُحْصَنَات : فَالْعَفَائِف , فَلْتُنْكَحْ الْأَمَة بِإِذْنِ أَهْلهَا مُحْصَنَة , وَالْمُحْصَنَات : الْعَفَائِف , غَيْر مُسَافِحَة , وَالْمُسَافِحَة : الْمُعَالِنَة بِالزِّنَا , وَلَا مُتَّخِذَة صَدِيقًا . 7216 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } قَالَ : الْخَلِيلَة يَتَّخِذهَا الرَّجُل , وَالْمَرْأَة تَتَّخِذ الْخَلِيل . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 7217 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } الْمُسَافِحَة : الْبَغِيّ الَّتِي تُؤَاجِر نَفْسهَا مَنْ عَرَضَ لَهَا , وَذَات الْخِدْن : ذَات الْخَلِيل الْوَاحِد . فَنَهَاهُمْ اللَّه عَنْ نِكَاحهمَا جَمِيعًا . 7218 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عَبِيد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَقُول فِي قَوْله : { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } أَمَّا الْمُحْصَنَات , فَهُنَّ الْحَرَائِر , يَقُول : تَزَوَّجَ حُرَّة. وَأَمَّا الْمُسَافِحَات : فَهُنَّ الْمُعْلِنَات بِغَيْرِ مَهْر . وَأَمَّا مُتَّخِذَات أَخْدَان : فَذَات الْخَلِيل الْوَاحِد الْمُسْتَسِرَّة بِهِ. نَهَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ. 7219 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : الزِّنَا وَجْهَانِ قَبِيحَانِ , أَحَدهمَا أَخْبَث مِنْ الْآخَر : فَأَمَّا الَّذِي هُوَ أَخْبَثهمَا فَالْمُسَافِحَة الَّتِي تَفْجُر بِمَنْ أَتَاهَا , وَأَمَّا الْآخَر فَذَات الْخِدْن. 7220 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات وَلَا مُتَّخِذَات أَخْدَان } قَالَ : الْمُسَافِح : الَّذِي يَلْقَى الْمَرْأَة فَيَفْجُر بِهَا , ثُمَّ يَذْهَب وَتَذْهَب . وَالْمُخَادِن : الَّذِي يُقِيم مَعَهَا عَلَى مَعْصِيَة اللَّه وَتُقِيم مَعَهُ , فَذَاكَ الْأَخْدَان .


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : " فَإِذَا أَحْصَنَّ " بِفَتْحِ الْأَلِف , بِمَعْنَى : إِذَا أَسْلَمْنَ فَصِرْنَ مَمْنُوعَات الْفُرُوج مِنْ الْحَرَام بِالْإِسْلَامِ. وَقَرَأَهُ آخَرُونَ : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } بِمَعْنَى : فَإِذَا تَزَوَّجْنَ فَصِرْنَ مَمْنُوعَات الْفُرُوج مِنْ الْحَرَام بِالْأَزْوَاجِ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي أَمْصَار الْإِسْلَام , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب فِي قِرَاءَته الصَّوَاب . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ غَيْر جَائِز إِذْ كَانَتَا مُخْتَلِفَتَيْ الْمَعْنَى , وَإِنَّمَا تَجُوز الْقِرَاءَة بِالْوَجْهَيْنِ فِيمَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْمَعَانِي فَقَدْ أُغْفِلَ ; وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَيَيْ ذَلِكَ وَإِنْ اِخْتَلَفَا فَغَيْر دَافِع أَحَدهمَا صَاحِبه , لِأَنَّ اللَّه قَدْ أَوْجَبَ عَلَى الْأَمَة ذَات الْإِسْلَام وَغَيْر ذَات الْإِسْلَام عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدّ , فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا زَنَتْ أَمَة أَحَدكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا كِتَاب اللَّه وَلَا يُثَرِّب عَلَيْهَا , ثُمَّ إِنْ عَادَتْ فَلْيَضْرِبْهَا كِتَاب اللَّه وَلَا يُثَرِّب عَلَيْهَا , ثُمَّ إِنْ عَادَتْ فَلْيَضْرِبْهَا كِتَاب اللَّه وَلَا يُثَرِّب عَلَيْهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ الرَّابِعَة فَلْيَضْرِبْهَا كِتَاب اللَّه وَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْر " . وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَقِيمُوا الْحُدُود عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " . فَلَمْ يُخَصِّص بِذَلِكَ ذَات زَوْج مِنْهُنَّ وَلَا غَيْر ذَات زَوْج , فَالْحُدُود وَاجِبَة عَلَى مَوَالِي الْإِمَاء إِقَامَتهَا عَلَيْهِنَّ إِذَا فَجَرْنَ بِكِتَابِ اللَّه وَأَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا أَنْتَ قَائِل فِيمَا : 7221 - حَدَّثَكُمْ بِهِ اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مَالِك بْن أَنَس عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَزَيْد بْن خَالِد : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْأَمَة تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَن , قَالَ : " اِجْلِدْهَا , فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا , فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا , فَإِنْ زَنَتْ - فَقَالَ فِي الثَّالِثَة أَوْ الرَّابِعَة - فَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ " وَالضَّفِير : الشَّعْر . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَزَيْد بْن خَالِد أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ فَذَكَرَ نَحْوه . فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْحَدّ الَّذِي وَجَبَ إِقَامَته بِسُنَّةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِمَاء هُوَ مَا كَانَ قَبْل إِحْصَانهنَّ ; فَأَمَّا مَا وَجَبَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ بِالْكِتَابِ , فَبَعْد إِحْصَانهنَّ ؟ قِيلَ لَهُ : قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَحَد مَعَانِي الْإِحْصَان : الْإِسْلَام , وَأَنَّ الْآخَر مِنْهُ التَّزْوِيج وَأَنَّ الْإِحْصَان كَلِمَة تَشْتَمِل عَلَى مَعَانٍ شَتَّى , وَلَيْسَ فِي رِوَايَة مَنْ رَوَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْأَمَة تَزْنِي قَبْل أَنْ تُحْصَن , بَيَان أَنَّ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ الَّتِي تَزْنِي قَبْل التَّزْوِيج , فَيَكُون ذَلِكَ حُجَّة لِمُحْتَجٍّ فِي أَنَّ الْإِحْصَان الَّذِي سَنَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدّ الْإِمَاء فِي الزِّنَا هُوَ الْإِسْلَام دُون التَّزْوِيج , وَلَا أَنَّهُ هُوَ التَّزْوِيج دُون الْإِسْلَام . وَإِذْ كَانَ لَا بَيَان فِي ذَلِكَ , فَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل , أَنَّ كُلّ مَمْلُوكَة زَنَتْ فَوَاجِب عَلَى مَوْلَاهَا إِقَامَة الْحَدّ عَلَيْهَا , مُتَزَوِّجَة كَانَتْ أَوْ غَيْر مُتَزَوِّجَة , لِظَاهِرِ كِتَاب اللَّه وَالثَّابِت مِنْ سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِلَّا مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ وُجُوب الْحَدّ عَلَيْهِ مِنْهُنَّ بِمَا يَجِب التَّسْلِيم لَهُ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ تَبَيَّنَ بِهِ صِحَّة مَا اِخْتَرْنَا مِنْ الْقِرَاءَة فِي قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } دَلَالَة عَلَى أَنَّ قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } مَعْنَاهُ : تَزَوَّجْنَ , إِذْ كَانَ ذُكِرَ ذَلِكَ بَعْد وَصْفهنَّ بِالْإِيمَانِ بِقَوْلِهِ : { مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } وَحَسْب أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْتَمِل مَعْنًى غَيْر مَعْنَى التَّزْوِيج , مَعَ مَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ مِنْ وَصْفهنَّ بِالْإِيمَانِ , فَقَدْ ظَنَّ خَطَأ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر مُسْتَحِيل فِي الْكَلَام أَنْ يَكُون مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات , فَإِذَا هُنَّ آمَنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ , فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب , فَيَكُون الْخَبَر بَيَانًا عَمَّا يَجِب عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَدّ إِذَا أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ بَعْد إِيمَانهنَّ بَعْد الْبَيَان عَمَّا لَا يَجُوز لِنَاكِحِهِنَّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِكَاحهنَّ , وَعَمَّنْ يَجُوز نِكَاحه لَهُ مِنْهُنَّ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْر مُسْتَحِيل فِي الْكَلَام فَغَيْر جَائِز لِأَحَدٍ صَرْف مَعْنَاهُ إِلَى أَنَّهُ التَّزْوِيج دُون الْإِسْلَام , مِنْ أَجْل مَا تَقَدَّمَ مِنْ وَصْف اللَّه إِيَّاهُنَّ بِالْإِيمَانِ غَيْر أَنَّ الَّذِي نَخْتَار لِمَنْ قَرَأَ : " مُحْصَنَات غَيْر مُسَافِحَات " بِفَتْحِ الصَّاد فِي هَذَا الْمَوْضِع أَنْ يُقْرَأ { فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ } بِضَمِّ الْأَلِف , وَلِمَنْ قَرَأَ " مُحْصِنَات " بِكَسْرِ الصَّاد فِيهِ , أَنْ يَقْرَأ : " فَإِذَا أَحْصَنَّ " بِفَتْحِ الْأَلِف , لِتَأْتَلِف قِرَاءَة الْقَارِئ عَلَى مَعْنًى وَاحِد وَسِيَاق وَاحِد , لِقُرْبِ قَوْله : " مُحْصَنَات " مِنْ قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } وَلَوْ خَالَفَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَحْنًا , غَيْر أَنَّ وَجْه الْقِرَاءَة مَا وَصَفْت . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ نَظِير اِخْتِلَاف الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى قَوْله { فَإِذَا أُحْصِنَّ } فَإِذَا أَسْلَمْنَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7222 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بَزِيع , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , عَنْ سَعِيد , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ إِبْرَاهِيم , أَنَّ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : إِسْلَامهَا إِحْصَانهَا . 7223 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي جَرِير بْن حَازِم أَنَّ سُلَيْمَان بْن مِهْرَان حَدَّثَهُ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن يَزِيد , عَنْ هَمَّام بْن الْحَارِث : أَنَّ النُّعْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن مُقْرِن سَأَلَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فَقَالَ : أَمَتِي زَنَتْ ؟ فَقَالَ : اِجْلِدْهَا خَمْسِينَ جَلْدَة ! قَالَ : إِنَّهَا لَمْ تُحْصَن ! فَقَالَ اِبْن مَسْعُود : إِحْصَانهَا إِسْلَامهَا . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم : أَنَّ النُّعْمَان بْن مُقْرِن سَأَلَ , اِبْن مَسْعُود عَنْ : أَمَة زَنَتْ وَلَيْسَ لَهَا زَوْج , فَقَالَ : إِسْلَامهَا إِحْصَانهَا . * - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّ النُّعْمَان قَالَ : قُلْت لِابْنِ مَسْعُود : أَمَتِي زَنَتْ ؟ قَالَ : اجْلِدْهَا , قُلْت : فَإِنَّهَا لَمْ تُحْصَن ! قَالَ : إِحْصَانهَا إِسْلَامهَا. 7224 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة , قَالَ : كَانَ عَبْد اللَّه يَقُول : إِحْصَانهَا : إِسْلَامهَا . 7225 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } قَالَ : يَقُول : إِذَا أَسْلَمْنَ . 7226 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : الْأَمَة إِحْصَانهَا : إِسْلَامهَا. 7227 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ مُغِيرَة : أَخْبَرَنَا عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ كَانَ يَقُول : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } يَقُول : إِذَا أَسْلَمْنَ . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : الْإِحْصَان : الْإِسْلَام . 7228 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ بُرْد بْن سِنَان , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : جَلَدَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَلَائِد أَبْكَارًا مِنْ وَلَائِد الْإِمَارَة فِي الزِّنَا. 7229 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } يَقُول : إِذَا أَسْلَمْنَ . 7230 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ سَالِم وَالْقَاسِم , قَالَا : إِحْصَانهَا : إِسْلَامهَا وَعَفَافهَا , فِي قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } فَإِذَا تَزَوَّجْنَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7231 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } يَعْنِي : إِذَا تَزَوَّجْنَ حُرًّا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } يَقُول : إِذَا تَزَوَّجْنَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ عِكْرِمَة أَنَّ اِبْن عَبَّاس كَانَ يَقْرَأ : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } يَقُول : تَزَوَّجْنَ . 7232 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت : لَيْثًا , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : إِحْصَان الْأَمَة أَنْ يَنْكِحهَا الْحُرّ , وَإِحْصَان الْعَبْد أَنْ يَنْكِح الْحُرَّة . 7233 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن جُبَيْر يَقُول : لَا تُضْرَب الْأَمَة إِذَا زَنَتْ مَا لَمْ تَتَزَوَّج . 7234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } قَالَ : أَحْصَنَتْهُنَّ الْبُعُولَة. 7235 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } قَالَا : أَحْصَنَتْهُنَّ الْبُعُولَة. 7236 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عِيَاض بْن عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِي الزِّنَاد أَنَّ الشَّعْبِيّ أَخْبَرَهُ , أَنَّ اِبْن عَبَّاس أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ أَصَابَ جَارِيَة لَهُ قَدْ كَانَتْ زَنَتْ , وَقَالَ : أَحْصَنْتهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا التَّأْوِيل عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } بِضَمِّ الْأَلِف , وَعَلَى تَأْوِيل مَنْ قَرَأَ : " فَإِذَا أُحْصِنَّ " بِفَتْحِهَا . وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل وَالْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا .


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ } فَإِنْ أَتَتْ فَتَيَاتكُمْ , وَهُنَّ إِمَاؤُكُمْ , بَعْد مَا أُحْصِنَّ بِإِسْلَامٍ , أَوْ أُحْصِنَّ بِنِكَاحٍ بِفَاحِشَةٍ , وَهِيَ الزِّنَا , { فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } يَقُول : فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْحَرَائِر مِنْ الْحَدّ إِذَا هُنَّ زَنَيْنَ قَبْل الْإِحْصَان بِالْأَزْوَاجِ وَالْعَذَاب الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي هَذَا الْمَوْضِع هُوَ الْحَدّ . وَذَلِكَ النِّصْف الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه عَذَابًا لِمَنْ أَتَى بِالْفَاحِشَةِ مِنْ الْإِمَاء إِذَا هُنَّ أُحْصِنَّ خَمْسُونَ جَلْدَة , وَنَفْي سِتَّة أَشْهُر , وَذَلِكَ نِصْف عَام , لِأَنَّ الْوَاجِب عَلَى الْحُرَّة إِذَا هِيَ أَتَتْ بِفَاحِشَةٍ قَبْل الْإِحْصَان بِالزَّوْجِ : جَلْد مِائَة , وَنَفْي حَوْل , فَالنِّصْف مِنْ ذَلِكَ خَمْسُونَ جَلْدَة , وَنَفْي نِصْف سَنَة , وَذَلِكَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه عَذَابًا لِلْإِمَاءِ الْمُحْصَنَات إِذَا هُنَّ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ . كَمَا : 7237 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } 7238 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } خَمْسُونَ جَلْدَة , وَلَا نَفْي وَلَا رَجْم . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قَالَ { فَعَلَيْهِنَّ نِصْف مَا عَلَى الْمُحْصَنَات مِنْ الْعَذَاب } وَهَلْ يَكُون الْجَلْد عَلَى أَحَد ؟ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ فَلَازِم أَبْدَانهنَّ أَنْ تُجْلَد نِصْف مَا يَلْزَم أَبْدَان الْمُحْصَنَات , كَمَا يُقَال : عَلَيَّ صَلَاة يَوْم , بِمَعْنَى : لَازِم عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ صَلَاة يَوْم , وَعَلَيَّ الْحَجّ وَالصِّيَام مِثْل ذَلِكَ , وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ الْحَدّ بِمَعْنًى لَازِم لَهُ إِمْكَان نَفْسه مِنْ الْحَدّ لِيُقَامَ عَلَيْهِ .


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ ذَلِكَ : هَذَا الَّذِي أَبَحْت أَيّهَا النَّاس مِنْ نِكَاح فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات لِمَنْ لَا يَسْتَطِيع مِنْكُمْ طَوْلًا لِنِكَاحِ الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات , أَبَحْته لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ دُون غَيْره مِمَّنْ لَا يَخْشَى الْعَنَت. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الزِّنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7239 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت لَيْثًا , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } قَالَ : الزِّنَا . 7240 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ الْعَوَّام , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : مَا اِزْلَحَفَّ نَاكِح الْأَمَة عَنْ الزِّنَا إِلَّا قَلِيلًا. 7241 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْعَنَت : الزِّنَا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْعَنَت : الزِّنَا . 7242 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : مَا اِزْلَحَفَّ نَاكِح الْأَمَة عَنْ الزِّنَا إِلَّا قَلِيلًا , ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ. * - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر نَحْوه. 7243 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة فِي قَوْله : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } قَالَ : الزِّنَا. * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثنا فُضَيْل , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ , مِثْله . 7244 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَهُ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } قَالَ : الزِّنَا . 7245 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , عَنْ الشَّعْبِيّ وَجُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَا : الْعَنَت : الزِّنَا . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } قَالَ : الْعَنَت : الزِّنَا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : الْعُقُوبَة الَّتِي تُعْنِتهُ , وَهِيَ الْحَدّ. وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي قَوْله : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مِنْكُمْ ضَرَرًا فِي دِينه وَبَدَنه . وَذَلِكَ أَنَّ الْعَنَت هُوَ مَا ضَرَّ الرَّجُل , يُقَال مِنْهُ : قَدْ عَنِتَ فُلَان فَهُوَ يَعْنَت عَنَتًا : إِذَا أَتَى مَا يَضُرّهُ فِي دِين أَوْ دُنْيَا , وَمِنْهُ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ } 3 118 وَيُقَال : قَدْ أَعْنَتَنِي فُلَان فَهُوَ يُعْنِتنِي : إِذَا نَالَنِي بِمَضَرَّةٍ ; وَقَدْ قِيلَ : الْعَنَت : الْهَلَاك . فَاَلَّذِينَ وَجَّهُوا تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَى الزِّنَا , قَالُوا : الزِّنَا ضَرَر فِي الدِّين , وَهُوَ مِنْ الْعَنَت . وَاَلَّذِينَ وَجَّهُوهُ إِلَى الْإِثْم , قَالُوا : الْآثَام كُلّهَا ضَرَر فِي الدِّين وَهِيَ مِنْ الْعَنَت . وَاَلَّذِينَ وَجَّهُوهُ إِلَى الْعُقُوبَة الَّتِي تُعْنِتهُ فِي بَدَنه مِنْ الْحَدّ , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : الْحَدّ مَضَرَّة عَلَى بَدَن الْمَحْدُود فِي دُنْيَاهُ , وَهُوَ مِنْ الْعَنَت. وَقَدْ عَمَّ اللَّه بِقَوْلِهِ : { لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } جَمِيع مَعَانِي الْعَنَت , وَيَجْمَع جَمِيع ذَلِكَ الزِّنَا , لِأَنَّهُ يُوجِب الْعُقُوبَة عَلَى صَاحِبه فِي الدُّنْيَا بِمَا يُعْنِت بَدَنه , يَكْتَسِب بِهِ إِثْمًا وَمَضَرَّة فِي دِينه وَدُنْيَاهُ. وَقَدْ اِتَّفَقَ أَهْل التَّأْوِيل الَّذِي هُمْ أَهْله , عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ. فَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِي عَيْنه لَذَّة وَقَضَاء شَهْوَة فَإِنَّهُ بِأَدَائِهِ إِلَى الْعَنَت مَنْسُوب إِلَيْهِ مَوْصُوف بِهِ أَنْ كَانَ لِلْعَنَتِ سَبَبًا .


الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْر لَكُمْ وَاَللَّه غَفُور رَحِيم } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : وَأَنْ تَصْبِرُوا أَيّهَا النَّاس عَنْ نِكَاح الْإِمَاء خَيْر لَكُمْ , وَاَللَّه غَفُور لَكُمْ نِكَاح الْإِمَاء أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ عَلَى مَا أَحَلَّ لَكُمْ وَأَذِنَ لَكُمْ بِهِ , وَمَا سَلَفَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ إِنْ أَصْلَحْتُمْ أُمُور أَنْفُسكُمْ فِيمَا بَيْنكُمْ وَبَيْن اللَّه , رَحِيم بِكُمْ , إِذْ أَذِنَ لَكُمْ فِي نِكَاحهنَّ عِنْد الِافْتِقَار وَعَدَم الطَّوْل لِلْحُرَّةِ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7246 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْر لَكُمْ } قَالَ : عَنْ نِكَاح الْأَمَة. 7247 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت لَيْثًا عَنْ مُجَاهِد : { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْر لَكُمْ } قَالَ : عَنْ نِكَاح الْإِمَاء . 7248 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْر لَكُمْ } يَقُول : وَأَنْ تَصْبِر وَلَا تَنْكِح الْأَمَة فَيَكُون وَلَدك مَمْلُوكِينَ فَهُوَ خَيْر لَك . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَرْو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْر لَكُمْ } يَقُول : وَأَنْ تَصْبِرُوا عَنْ نِكَاح الْإِمَاء خَيْر لَكُمْ , وَهُوَ حِلّ. 7249 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْر لَكُمْ } يَقُول : وَأَنْ تَصْبِرُوا عَنْ نِكَاحهنَّ , يَعْنِي : نِكَاح الْإِمَاء خَيْر لَكُمْ . 7250 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة فِي قَوْله : { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْر لَكُمْ } قَالَ : أَنْ تَصْبِرُوا عَنْ نِكَاح الْإِمَاء خَيْر لَكُمْ . 7251 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : ثنا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ : { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْر لَكُمْ } قَالَ : أَنْ تَصْبِرُوا عَنْ نِكَاح الْأَمَة خَيْر لَكُمْ . 7252 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْر لَكُمْ } قَالَ : وَأَنْ تَصْبِرُوا عَنْ الْأَمَة خَيْر لَكُمْ. وَ " أَنْ " فِي قَوْله : { وَأَنْ تَصْبِرُوا } فِي مَوْضِع رَفْع بـ " خَيْر " , بِمَعْنَى : وَالصَّبْر عَنْ نِكَاح الْإِمَاء خَيْر لَكُمْ .
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌسورة النساء الآية رقم 26
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّن لَكُمْ } حَلَاله وَحَرَامه , { وَيَهْدِيَكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ } يَقُول وَلِيُسَدِّدكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ , يَعْنِي : سُبُل مَنْ قَبْلكُمْ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَمَنَاهِجهمْ , فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ مِنْ نِكَاح الْأُمَّهَات وَالْبَنَات وَالْأَخَوَات , وَسَائِر مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ فِي الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَيَّنَ فِيهِمَا مَا حَرَّمَ مِنْ النِّسَاء . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى قَوْله : { يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّن لَكُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ , يُرِيد اللَّه هَذَا مِنْ أَجْل أَنْ يُبَيِّن لَكُمْ , وَقَالَ : ذَلِكَ كَمَا قَالَ : { وَأُمِرْت لِأَعْدِل بَيْنكُمْ } 42 15 بِكَسْرِ اللَّام , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : أُمِرْت بِهَذَا مِنْ أَجْل ذَلِكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : يُرِيد اللَّه أَنْ يُبَيِّن لَكُمْ , وَيَهْدِيَكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ ; وَقَالُوا : مِنْ شَأْن الْعَرَب التَّعْقِيب بَيْن كَيْ وَلَام كَيْ وَأَنْ , وَوَضْعُ كُلِّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ مَوْضِع كُلّ وَاحِدَة مِنْ أُخْتهَا مَعَ أَرَدْت وَأَمَرْت , فَيَقُولُونَ : أَمَرْتُك أَنْ تَذْهَب وَلِتَذْهَب , وَأَرَدْت أَنْ تَذْهَب وَلِتَذْهَب , كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِم لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } 6 71 وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَر : " أُمِرْت أَنْ أَكُون أَوَّل مَنْ أَسْلَمَ " 6 14 , وَكَمَا قَالَ : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُور اللَّه } 61 8 ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِع آخَر : { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا } 9 32 وَاعْتَلُّوا فِي تَوْجِيههمْ " أَنْ " مَعَ " أَمَرْت " و " أَرَدْت " إِلَى مَعْنَى " كَيْ " وَتَوْجِيه " كَيْ " مَعَ ذَلِكَ إِلَى مَعْنَى " أَنْ " لِطَلَبِ " أَرَدْت " و " أَمَرْت " الِاسْتِقْبَال , وَأَنَّهَا لَا يَصْلُح مَعَهَا الْمَاضِي , لَا يُقَال : أَمَرْتُك أَنْ قُمْت وَلَا أَرَدْت أَنْ قُمْت. قَالُوا : فَلَمَّا كَانَتْ " أَنْ " قَدْ تَكُون مَعَ الْمَاضِي فِي غَيْر " أَرَدْت " و " أَمَرْت " , ذَكَرُوا لَهَا مَعْنَى الِاسْتِقْبَال بِمَا لَا يَكُون مَعَهُ مَاضٍ مِنْ الْأَفْعَال بِحَالٍ , مِنْ " كَيْ " وَاللَّام الَّتِي فِي مَعْنَى " كَيْ " ; قَالُوا : وَكَذَلِكَ جَمَعَتْ الْعَرَب بَيْنهنَّ أَحْيَانًا فِي الْحَرْف الْوَاحِد , فَقَالَ قَائِلهمْ فِي الْجَمْع : أَرَدْت لِكَيْمَا أَنْ تَطِير بِقِرْبَتِي فَتَتْرُكهَا شَنًّا بِبَيْدَاء بَلْقَع فَجَمَعَ بَيْنهنَّ لِاتِّفَاقِ مَعَانِيهنَّ وَاخْتِلَاف أَلْفَاظهنَّ , كَمَا قَالَ الْآخَر : قَدْ يَكْسِب الْمَال الْهِدَانُ الْجَافِي بِغَيْرِ لَا عَصْف وَلَا اِصْطِرَاف فَجَمَعَ بَيْن " غَيْر " و " لَا " , تَوْكِيدًا لِلنَّفْيِ ; قَالُوا : وَإِنَّمَا يَجُوز أَنْ يَجْعَل " أَنْ " مَكَان كَيْ , وَكَيْ مَكَان أَنْ فِي الْأَمَاكِن الَّتِي لَا يَصْحَب جَالِب ذَلِكَ مَاضٍ مِنْ الْأَفْعَال أَوْ غَيْر الْمُسْتَقْبَل ; فَأَمَّا مَا صَحِبَهُ مَاضٍ مِنْ الْأَفْعَال وَغَيْر الْمُسْتَقْبَل فَلَا يَجُوز ذَلِكَ . لَا يَجُوز عِنْدهمْ أَنْ يُقَال : ظَنَنْت لِيَقُومَ , وَلَا أَظُنّ لِيَقُومَ , بِمَعْنَى : أَظُنّ أَنْ يَقُوم , لِأَنَّ الَّتِي تَدْخُل مَعَ الظَّنّ تَكُون مَعَ الْمَاضِي مِنْ الْفِعْل , يُقَال : أَظُنّ أَنْ قَدْ قَامَ زَيْد وَمَعَ الْمُسْتَقْبَل وَمَعَ الْأَسْمَاء. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ اللَّام فِي قَوْله , { يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } بِمَعْنَى : يُرِيد اللَّه أَنْ يُبَيِّن لَكُمْ ; لِمَا ذَكَرْت مِنْ عِلَّة مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ .

يَقُول : يُرِيد اللَّه أَنْ يَرْجِع بِكُمْ إِلَى طَاعَته فِي ذَلِكَ مِمَّا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ مَعْصِيَته فِي فِعْلكُمْ ذَلِكَ قَبْل الْإِسْلَام , وَقَبْل أَنْ يُوحِيَ مَا أَوْحَى إِلَى نَبِيّه مِنْ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ , لِيَتَجَاوَز لَكُمْ بِتَوْبَتِكُمْ عَمَّا سَلَفَ مِنْكُمْ مِنْ قَبِيح ذَلِكَ قَبْل إِنَابَتكُمْ وَتَوْبَتكُمْ .

يَقُول : وَاَللَّه ذُو عِلْم بِمَا يُصْلِح عِبَاده فِي أَدْيَانهمْ وَدُنْيَاهُمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُورهمْ , وَبِمَا يَأْتُونَ وَيَذَرُونَ مَا أَحَلَّ أَوْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ حَافِظ ذَلِكَ كُلّه عَلَيْهِمْ , حَكِيم بِتَدْبِيرِهِ فِيهِمْ فِي تَصْرِيفهمْ فِيمَا صَرَّفَهُمْ فِيهِ .
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًاسورة النساء الآية رقم 27
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه يُرِيد أَنْ يَتُوب عَلَيْكُمْ وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْره : وَاَللَّه يُرِيد أَنْ يُرَاجِع بِكُمْ طَاعَته , وَالْإِنَابَة إِلَيْهِ , لِيَعْفُوَ لَكُمْ عَمَّا سَلَفَ مِنْ آثَامكُمْ , وَيَتَجَاوَز لَكُمْ عَمَّا كَانَ مِنْكُمْ فِي جَاهِلِيَّتكُمْ مِنْ اِسْتِحْلَالكُمْ مَا هُوَ حَرَام عَلَيْكُمْ مِنْ نِكَاح حَلَائِل آبَائِكُمْ وَأَبْنَائِكُمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا كُنْتُمْ تَسْتَحِلُّونَهُ وَتَأْتُونَهُ , مِمَّا كَانَ غَيْر جَائِز لَكُمْ إِتْيَانه مِنْ مَعَاصِي اللَّه { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } يَقُول : يُرِيد الَّذِينَ يَطْلُبُونَ لَذَّات الدُّنْيَا وَشَهَوَات أَنْفُسهمْ فِيهَا , أَنْ تَمِيلُوا عَنْ أَمْر اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى , فَتَجُورُوا عَنْهُ بِإِتْيَانِكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ وَرُكُوبكُمْ مَعَاصِيَهُ { مَيْلًا عَظِيمًا } جَوْرًا وَعُدُولًا عَنْهُ شَدِيدًا. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه بِأَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ الزُّنَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7253 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } قَالَ : الزِّنَا . { أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } قَالَ : يُرِيدُونَ أَنْ تَزْنُوا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } أَنْ تَكُونُوا مِثْلهمْ تَزْنُونَ كَمَا يَزْنُونَ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن . قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } قَالَ : الزِّنَا . { أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } قَالَ : يَزْنِي أَهْل الْإِسْلَام كَمَا يَزْنُونَ . قَالَ : هِيَ كَهَيْئَةِ { وَدُّوا لَوْ تُدْهِن فَيُدْهِنُونَ } 68 9 * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ وَرْقَاء عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } قَالَ : الزِّنَا . { أَنْ تَمِيلُوا } قَالَ : أَنْ تَزْنُوا. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } قَالَ : هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى ; { أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ الْيَهُود خَاصَّة , وَكَانَتْ إِرَادَتهمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ اِتِّبَاع شَهَوَاتهمْ فِي نِكَاح الْأَخَوَات مِنْ الْأَب , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُحِلُّونَ نِكَاحهنَّ , فَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ : وَيُرِيد الَّذِينَ يُحَلِّلُونَ نِكَاح الْأَخَوَات مِنْ الْأَب , أَنْ تَمِيلُوا عَنْ الْحَقّ , فَتَسْتَحِلُّوهُنَّ كَمَا اِسْتَحَلُّوا. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : كُلّ مُتَّبِع شَهْوَة فِي دِينه لِغَيْرِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7255 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت اِبْن زَيْد يَقُول فِي قَوْله : { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } . .. الْآيَة , قَالَ : يُرِيد أَهْل الْبَاطِل وَأَهْل الشَّهَوَات فِي دِينهمْ , { أَنْ تَمِيلُوا } فِي دِينكُمْ { مَيْلًا عَظِيمًا } تَتَّبِعُونَ أَمْر دِينهمْ , وَتَتْرُكُونَ أَمْر اللَّه وَأَمْر دِينكُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ شَهَوَات أَنْفُسهمْ مِنْ أَهْل الْبَاطِل , وَطُلَّاب الزِّنَا , وَنِكَاح الْأَخَوَات مِنْ الْآبَاء , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّه أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا عَنْ الْحَقّ , وَعَمَّا أَذِنَ اللَّه لَكُمْ فِيهِ , فَتَجُورُوا عَنْ طَاعَته إِلَى مَعْصِيَته , وَتَكُونُوا أَمْثَالهمْ فِي اِتِّبَاع شَهَوَات أَنْفُسكُمْ فِيمَا حَرَّمَ اللَّه وَتَرْكِ طَاعَته , مَيْلًا عَظِيمًا . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَمّ بِقَوْلِهِ : { وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات } فَوَصَفَهُمْ 0 بِاتِّبَاعِ شَهَوَات أَنْفُسهمْ الْمَذْمُومَة , وَعَمَّهُمْ بِوَصْفِهِمْ بِذَلِكَ مِنْ غَيْر وَصْفهمْ بِاتِّبَاعِ بَعْض الشَّهَوَات الْمَذْمُومَة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَأَوْلَى الْمَعَانِي بِالْآيَةِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرهَا دُون بَاطِنهَا الَّذِي لَا شَاهِد عَلَيْهِ مِنْ أَصْل أَوْ قِيَاس . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ دَاخِلًا فِي الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالزُّنَاة وَكُلّ مُتَّبِع بَاطِلًا , لِأَنَّ كُلّ مُتَّبِع مَا نَهَاهُ اللَّه عَنْهُ فَمُتَّبِع شَهْوَة نَفْسه . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة أَوْلَى , وَجَبَتْ صِحَّة مَا اِخْتَرْنَا مِنْ الْقَوْل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ .
يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًاسورة النساء الآية رقم 28
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ } يُرِيد اللَّه أَنْ يُيَسِّر عَلَيْكُمْ بِإِذْنِهِ لَكُمْ فِي نِكَاح الْفَتَيَات الْمُؤْمِنَات إِذَا لَمْ تَسْتَطِيعُوا طَوْلًا لِحُرَّةٍ . { وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } يَقُول : يَسَّرَ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ إِذَا كُنْتُمْ غَيْر مُسْتَطِيعِي الطَّوْل لِلْحَرَائِرِ , لِأَنَّكُمْ خُلِقْتُمْ ضُعَفَاء عَجَزَة عَنْ تَرْك جِمَاع النِّسَاء قَلِيلِي الصَّبْر عَنْهُ , فَأَذِنَ لَكُمْ فِي نِكَاح فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات , عِنْد خَوْفكُمْ الْعَنَت عَلَى أَنْفُسكُمْ , وَلَمْ تَجِدُوا طَوْلًا لِحُرَّةٍ لِئَلَّا تَزْنُوا , لِقِلَّةِ صَبْركُمْ عَلَى تَرْك جِمَاع النِّسَاء. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7256 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ } فِي نِكَاح الْأَمَة , وَفِي كُلّ شَيْء فِيهِ يُسْر . 7257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ : { وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } قَالَ : فِي أَمْر الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ : { وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } قَالَ : فِي أَمْر النِّسَاء . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ : { وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } قَالَ : فِي أُمُور النِّسَاء , لَيْسَ يَكُون الْإِنْسَان فِي شَيْء أَضْعَف مِنْهُ فِي النِّسَاء . 7258 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ } قَالَ : رَخَّصَ لَكُمْ فِي نِكَاح هَؤُلَاءِ الْإِمَاء حِين اُضْطُرُّوا إِلَيْهِنَّ , { وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا } قَالَ : لَوْ لَمْ يُرَخِّص لَهُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا الْأَمْر الْأَوَّل إِذَا لَمْ يَجِد حُرَّة .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًاسورة النساء الآية رقم 29
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله , { لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ } يَقُول : لَا يَأْكُل بَعْضكُمْ أَمْوَال بَعْض بِمَا حَرَّمَ عَلَيْهِ مِنْ الرِّبَا وَالْقِمَار , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأُمُور الَّتِي نَهَاكُمْ اللَّه عَنْهَا , إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة . كَمَا : 7259 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } نَهَى عَنْ أَكْلهمْ أَمْوَالهمْ بَيْنهمْ بِالْبَاطِلِ وَبِالرِّبَا وَالْقِمَار وَالْبَخْس وَالظُّلْم , إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة , لِيَرْبَح فِي الدِّرْهَم أَلْفًا إِنْ اِسْتَطَاعَ . 7260 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا خَالِد الطَّحَّان , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى : { لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ } قَالَ : الرَّجُل يَشْتَرِي السِّلْعَة , فَيَرُدّهَا وَيَرُدّ مَعَهَا دِرْهَمًا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا بَعْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : فِي الرَّجُل يَشْتَرِي مِنْ الرَّجُل الثَّوْب , فَيَقُول : إِنْ رَضِيته أَخَذْته , وَإِلَّا رَدَدْته وَرَدَدْت مَعَهُ دِرْهَمًا , قَالَ : هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّه : { لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ } وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة بِالنَّهْيِ عَنْ أَنْ يَأْكُل بَعْضهمْ طَعَام بَعْض إِلَّا بِشِرَاءٍ , فَأَمَّا قِرًى فَإِنَّهُ كَانَ مَحْظُورًا بِهَذِهِ الْآيَة , حَتَّى نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي سُورَة النُّور : { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَج وَلَا عَلَى الْأَعْرَج حَرَج وَلَا عَلَى الْمَرِيض حَرَج وَلَا عَلَى أَنْفُسكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتكُمْ } . .. 24 61 الْآيَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7261 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ الْحَسَن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَا فِي قَوْله : { لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } . .. الْآيَة , فَكَانَ الرَّجُل يَتَحَرَّج أَنْ يَأْكُل عِنْد أَحَد مِنْ النَّاس بَعْد مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة , فَنُسِخَ ذَلِكَ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَة النُّور , فَقَالَ : " لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتكُمْ أَوْ بُيُوت آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوت أُمَّهَاتكُمْ " . .. إِلَى قَوْله : { جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا } فَكَانَ الرَّجُل الْغَنِيّ يَدْعُو الرَّجُل مِنْ أَهْله إِلَى الطَّعَام , فَيَقُول : إِنِّي لَأَتَجَنَّح - وَالتَّجَنُّح : التَّحَرُّج - وَيَقُول : الْمَسَاكِين أَحَقّ مِنِّي بِهِ . فَأُحِلَّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اِسْم اللَّه عَلَيْهِ , وَأُحِلَّ طَعَام أَهْل الْكِتَاب . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قَوْل السُّدِّيّ : وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره حَرَّمَ أَكْل أَمْوَالنَا بَيْننَا بِالْبَاطِلِ , وَلَا خِلَاف بَيْن الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَكْل ذَلِكَ حَرَام عَلَيْنَا , فَإِنَّ اللَّه لَمْ يُحِلّ قَطُّ أَكْل الْأَمْوَال بِالْبَاطِلِ , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : كَانَ ذَلِكَ نَهْيًا عَنْ أَكْل الرَّجُل طَعَام أَخِيهِ قِرًى عَلَى وَجْه مَا أَذِنَ لَهُ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ لِنَقْلِ عُلَمَاء الْأُمَّة جَمِيعًا وَجْهًا لَهَا أَنَّ قِرَى الضَّيْف , وَإِطْعَام الطَّعَام كَانَ مِنْ حَمِيد أَفْعَال أَهْل الشِّرْك وَالْإِسْلَام , الَّتِي حَمِدَ اللَّه أَهْلهَا عَلَيْهِ وَنَدَبَهُمْ إِلَيْهَا , وَإِنَّ اللَّه لَمْ يُحَرِّم ذَلِكَ فِي عَصْر مِنْ الْعُصُور , بَلْ نَدَبَ اللَّه عِبَاده , وَحَثَّهُمْ عَلَيْهِ , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ مَعْنَى الْأَكْل بِالْبَاطِلِ خَارِج , وَمِنْ أَنْ يَكُون نَاسِخًا أَوْ مَنْسُوخًا بِمَعْزِلٍ , لِأَنَّ النَّسْخ إِنَّمَا يَكُون لِمَنْسُوخٍ , وَلَمْ يَثْبُت النَّهْي عَنْهُ , فَيَجُوز أَنْ يَكُون مَنْسُوخًا بِالْإِبَاحَةِ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , صَحَّ الْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ , مِنْ أَنَّ الْبَاطِل الَّذِي نَهَى اللَّه عَنْ أَكْل الْأَمْوَال بِهِ , هُوَ مَا وَصَفْنَا مِمَّا حَرَّمَهُ عَلَى عِبَاده فِي تَنْزِيله , أَوْ عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَذَّ مَا خَالَفَهُ. وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } فَقَرَأَهَا بَعْضهمْ : " إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة " رَفْعًا بِمَعْنَى : إِلَّا أَنْ تُوجَد تِجَارَة , أَوْ تَقَع تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ , فَيَحِلّ لَكُمْ أَكْلهَا حِينَئِذٍ بِذَلِكَ الْمَعْنَى . وَمَذْهَب مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْه " أَنْ تَكُون " تَامَّة هَهُنَا لَا حَاجَة بِهَا إِلَى خَبَر عَلَى مَا وَصَفْت ; وَبِهَذِهِ الْقِرَاءَة قَرَأَ أَكْثَر أَهْل الْحِجَاز وَأَهْل الْبَصْرَة . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ , وَهُمْ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : { إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَةً } نَصْبًا , بِمَعْنَى : إِلَّا أَنْ تَكُون الْأَمْوَال الَّتِي تَأْكُلُونَهَا بَيْنكُمْ تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ , فَيَحِلّ لَكُمْ هُنَالِكَ أَكْلهَا , فَتَكُون الْأَمْوَال مُضْمَرَة فِي قَوْله : { إِلَّا أَنْ تَكُون } وَالتِّجَارَة مَنْصُوبَة عَلَى الْخَبَر . وَكِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ عِنْدنَا صَوَاب جَائِز الْقِرَاءَة بِهِمَا , لِاسْتِفَاضَتِهِمَا فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار مَعَ تَقَارُب مَعَانِيهمَا . غَيْر أَنَّ الْأَمْر وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ قِرَاءَة ذَلِكَ بِالنَّصْبِ أَعْجَب إِلَيَّ مِنْ قِرَاءَته بِالرَّفْعِ , لِقُوَّةِ النَّصْب مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّ فِي تَكُون ذِكْرًا مِنْ الْأَمْوَال , وَالْآخَر : أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْعَل فِيهَا ذِكْر مِنْهَا ثُمَّ أُفْرِدَتْ بِالتِّجَارَةِ وَهِيَ نَكِرَة , كَانَ فَصِيحًا فِي كَلَام الْعَرَب النَّصْب , إِذْ كَانَتْ مَبْنِيَّة عَلَى اِسْم وَخَبَر , فَإِذَا لَمْ يَظْهَر مَعَهَا إِلَّا نَكِرَة وَاحِدَة نَصَبُوا وَرَفَعُوا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : إِذَا كَانَ طَعْنًا بَيْنهمْ وَعِنَاقًا فَفِي هَذِهِ الْآيَة إِبَانَة مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ تَكْذِيب قَوْل الْجَهَلَة مِنْ الْمُتَصَوِّفَة الْمُنْكِرِينَ طَلَب الْأَقْوَات بِالتِّجَارَاتِ وَالصِّنَاعَات , وَاَللَّه تَعَالَى يَقُول : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } اِكْتِسَابًا أَحَلَّ ذَلِكَ لَهَا . كَمَا : 7262 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } قَالَ : التِّجَارَة رِزْق مِنْ رِزْق اللَّه , وَحَلَال مِنْ حَلَال اللَّه لِمَنْ طَلَبَهَا بِصِدْقِهَا وَبِرّهَا , وَقَدْ كُنَّا نُحَدِّث أَنَّ التَّاجِر الْأَمِين الصَّدُوق مَعَ السَّبْعَة فِي ظِلّ الْعَرْش يَوْم الْقِيَامَة . وَأَمَّا قَوْله : { عَنْ تَرَاضٍ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَمَا : 7263 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } فِي تِجَارَة أَوْ بَيْع أَوْ عَطَاء يُعْطِيه أَحَد أَحَدًا. * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } فِي تِجَارَة أَوْ بَيْع أَوْ عَطَاء يُعْطِيه أَحَد أَحَدًا . 7264 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ سُلَيْمَان الْجُعْفِيّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان , قَالَ : رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْبَيْع عَنْ تَرَاضٍ , وَالْخِيَار بَعْد الصَّفْقَة , وَلَا يَحِلّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَغُشّ مُسْلِمًا " . 7265 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : الْمُمَاسَحَة بَيْع هِيَ ؟ قَالَ : لَا , حَتَّى يُخَيِّرهُ التَّخْيِير بَعْد مَا يَجِب الْبَيْع , إِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي مَعْنَى التَّرَاضِي فِي التِّجَارَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ أَنْ يُخَيَّر كُلّ وَاحِد مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْد عَقْدهمَا الْبَيْع بَيْنهمَا فِيمَا تَبَايَعَا فِيهِ مِنْ إِمْضَاء الْبَيْع أَوْ نَقْضِهِ , أَوْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسهمَا الَّذِي تَوَاجَبَا فِيهِ الْبَيْع بِأَبْدَانِهِمَا , عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ الَّذِي تَعَاقَدَاهُ بَيْنهمَا قَبْل التَّفَاسُخ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7266 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح قَالَ : اِخْتَصَمَ رَجُلَانِ , بَاعَ أَحَدهمَا مِنْ الْآخَر بُرْنُسًا , فَقَالَ : إِنِّي بِعْت مِنْ هَذَا بُرْنُسًا , فَاسْتَرْضَيْته فَلَمْ يُرْضِنِي . فَقَالَ : أَرْضِهِ كَمَا أَرْضَاك ! قَالَ : إِنِّي قَدْ أَعْطَيْته دَرَاهِم وَلَمْ يَرْضَ . قَالَ : أَرْضه كَمَا أَرْضَاك ! قَالَ : قَدْ أَرْضَيْته فَلَمْ يَرْضَ . فَقَالَ : الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا. * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي السَّفَر , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ شُرَيْح , مِثْله . 7267 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ جَابِر , قَالَ : ثني أَبُو الضُّحَى , عَنْ شُرَيْح أَنَّهُ قَالَ : الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا . قَالَ : قَالَ أَبُو الضُّحَى : كَانَ شُرَيْح يُحَدِّث عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . 7268 - وَحَدَّثَنِي الْحَسَن بْن يَزِيد الطَّحَّان , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن مَنْصُور , عَنْ عَبْد السَّلَام , عَنْ رَجُل , عَنْ أَبِي حَوْشَب , عَنْ مَيْمُون , قَالَ : اِشْتَرَيْت مِنْ اِبْن سِيرِينَ سَابَرِيًّا فَسَامَ عَلَيَّ سَوْمه , فَقُلْت : أَحْسِنْ ! فَقَالَ : إِمَّا أَنْ تَأْخُذ وَإِمَّا أَنْ تَدَع . فَأَخَذْت مِنْهُ , فَلَمَّا زِنْت الثَّمَن وَضَعَ الدَّرَاهِم , فَقَالَ : اِخْتَرْ إِمَّا الدَّرَاهِم وَإِمَّا الْمَتَاع ! فَاخْتَرْت الْمَتَاع فَأَخَذْته . 7269 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي الْبَيِّعَيْنِ : إِنَّهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا , فَإِذَا تَصَادَرَا فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْع . 7270 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْأَحْمَسِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن دِينَار , عَنْ طَيْسَلَة , قَالَ : كُنْت فِي السُّوق , وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي السُّوق , فَجَاءَتْهُ جَارِيَة إِلَى بَيْع فَاكِهَة بِدِرْهَمٍ , فَقَالَتْ : أَعْطِنِي هَذَا ! فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ . فَقَالَتْ : لَا أُرِيدهُ أَعْطِنِي دِرْهَمِي ! فَأَبَى , فَأَخَذَهُ مِنْهُ عَلِيّ فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ . 7271 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ : أُتِيَ فِي رَجُل اِشْتَرَى مِنْ رَجُل بِرْذَوْنًا وَوَجَبَ لَهُ , ثُمَّ إِنَّ الْمُبْتَاع رَدَّهُ قَبْل أَنْ يَتَفَرَّقَا , فَقَضَى أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ . فَشَهِدَ عِنْده أَبُو الضُّحَى أَنَّ شُرَيْحًا قَضَى فِي مِثْله أَنْ يَرُدّهُ عَلَى صَاحِبه , فَرَجَعَ الشَّعْبِيّ إِلَى قَضَاء شُرَيْح . 7272 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح , أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي الْبَيِّعَيْنِ : إِذَا اِدَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ لَهُ الْبَيْع , وَقَالَ الْبَائِع : لَمْ أُوجِب لَهُ , قَالَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ : إِنَّكُمَا اِفْتَرَقْتُمَا عَنْ تَرَاضٍ بَعْد بَيْع أَوْ تَخَايُر , وَإِلَّا فَيَمِين الْبَائِع : أَنَّكُمَا [ مَا ] اِفْتَرَقْتُمَا عَنْ بَيْع وَلَا تَخَايُر . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : كَانَ شُرَيْح يَقُول : شَاهِدَانِ ذَوَا عَدْل أَنَّكُمَا اِفْتَرَقْتُمَا عَنْ تَرَاضٍ بَعْد بَيْع وَتَخَايُر , وَإِلَّا فَيَمِينه بِاَللَّهِ مَا تَفَرَّقْتُمَا عَنْ تَرَاضٍ بَعْد بَيْع أَوْ تَخَايُر . * - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح أَنَّهُ كَانَ يَقُول : شَاهِدَانِ ذَوَا عَدْل أَنَّهُمَا تَفَرَّقَا عَنْ تَرَاضٍ بَعْد بَيْع أَوْ تَخَايُر . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة مَا : 7273 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " كُلّ بَيِّعَيْنِ فَلَا بَيْع بَيْنهمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا إِلَّا أَنْ يَكُون خِيَارًا " . 7274 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : ثني يَحْيَى بْن أَيُّوب , قَالَ : كَانَ أَبُو زُرْعَة إِذَا بَايَعَ رَجُلًا يَقُول لَهُ : خَيِّرْنِي ! ثُمَّ يَقُول : قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَفْتَرِق إِلَّا عَنْ رِضًا " . 7275 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه : " يَا أَهْل الْبَقِيع ! " فَسَمِعُوا صَوْته , ثُمَّ قَالَ : " يَا أَهْل الْبَقِيع ! " فَاشْرَأَبُّوا يَنْظُرُونَ حَتَّى عَرَفُوا أَنَّهُ صَوْته , ثُمَّ قَالَ : " يَا أَهْل الْبَقِيع لَا يَتَفَرَّقَنَّ بَيِّعَانِ إِلَّا عَنْ رِضًا " . 7276 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَايَعَ رَجُلًا ثُمَّ قَالَ لَهُ : " اِخْتَرْ ! " فَقَالَ : قَدْ اِخْتَرْت , فَقَالَ : " هَكَذَا الْبَيْع " . قَالُوا : فَالتِّجَارَة عَنْ تَرَاضٍ هُوَ مَا كَانَ عَلَى مَا بَيَّنَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَخْيِير كُلّ وَاحِد مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِع فِي إِمْضَاء الْبَيْع فِيمَا يَتَبَايَعَانِهِ بَيْنهمَا , أَوْ نَقْضِهِ بَعْد عَقْد الْبَيْع بَيْنهمَا وَقَبْل الِافْتِرَاق , أَوْ مَا تَفَرَّقَا عَنْهُ بِأَبْدَانِهِمَا , عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا بَعْد مُوَاجَبَة الْبَيْع فِيهِ عَنْ مَجْلِسهمَا , فَمَا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ التِّجَارَة الَّتِي كَانَتْ بَيْنهمَا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ التَّرَاضِي فِي التِّجَارَة تُوَاجِب عَقْد الْبَيْع فِيمَا تَبَايَعَهُ الْمُتَبَايِعَانِ بَيْنهمَا عَنْ رِضًا مِنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مَا مَلَكَ عَلَيْهِ صَاحِبه وَمَلَكَ صَاحِبه عَلَيْهِ , اِفْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسهمَا ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفْتَرِقَا , تَخَايَرَا فِي الْمَجْلِس أَوْ لَمْ يَتَخَايَرَا فِيهِ بَعْد عَقْده . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة : أَنَّ الْبَيْع إِنَّمَا هُوَ بِالْقَوْلِ , كَمَا أَنَّ النِّكَاح بِالْقَوْلِ , وَلَا خِلَاف بَيْن أَهْل الْعِلْم فِي الْإِجْبَار فِي النِّكَاح لِأَحَدِ الْمُتَنَاكِحَيْنِ عَلَى صَاحِبه , اِفْتَرَقَا أَوْ لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ مَجْلِسهمَا , الَّذِي جَرَى ذَلِكَ فِيهِ قَالُوا : فَكَذَلِكَ حُكْم الْبَيْع . وَتَأَوَّلُوا قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا " عَلَى أَنَّهُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِالْقَوْلِ . وَمِمَّنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة مَالِك بْن أَنَس , وَأَبُو حَنِيفَة , وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد. قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ التِّجَارَة الَّتِي هِيَ عَنْ تَرَاضٍ بَيْن الْمُتَبَايِعَيْنِ : مَا تَفَرَّقَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى الْمَجْلِس الَّذِي تَوَاجَبَا فِيهِ بَيْنهمَا عُقْدَة الْبَيْع بِأَبْدَانِهِمَا , عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنهمَا , وَعَنْ تَخْيِير كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه ; لِصِحَّةِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا : 7277 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , وَحَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا , أَوْ يَكُون بَيْع خِيَار " وَرُبَّمَا قَالَ : " أَوْ يَقُول أَحَدهمَا لِلْآخَرِ اِخْتَرْ " . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا , فَلَيْسَ يَخْلُو قَوْل أَحَد الْمُتَبَايِعَيْنِ لِصَاحِبِهِ اِخْتَرْ , مِنْ أَنْ يَكُون قَبْل عَقْد الْبَيْع , أَوْ مَعَهُ , أَوْ بَعْده . فَإِنْ يَكُنْ قَبْله , فَذَلِكَ الْخُلْف مِنْ الْكَلَام الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ , لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِك قَبْل عَقْد الْبَيْع أَحَد الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى صَاحِبه , مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالِكًا , فَيَكُون لِتَخَيُّرِهِ صَاحِبه فِيمَا يَمْلِك عَلَيْهِ وَجْه مَفْهُوم , وَلَا فِيهِمَا مَنْ يَجْهَل , أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي تَمْلِيك صَاحِبه مَا هُوَ لَهُ غَيْر مَالِك بِعِوَضٍ يَعْتَاضهُ مِنْهُ , فَيُقَال لَهُ : أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِيمَا تُرِيد أَنْ تُحْدِثهُ مِنْ بَيْع أَوْ شِرَاء . أَوْ يَكُون إِنْ بَطَلَ هَذَا الْمَعْنَى تَخَيَّرَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه مَعَ عَقْد الْبَيْع , وَمَعْنَى التَّخْيِير فِي تِلْكَ الْحَال , نَظِير مَعْنَى التَّخْيِير قَبْلهَا , لِأَنَّهَا حَالَة لَمْ يَزُلْ فِيهَا عَنْ أَحَدهمَا مَا كَانَ مَالِكه قَبْل ذَلِكَ إِلَى صَاحِبه , فَيَكُون لِلتَّخْيِيرِ وَجْه مَفْهُوم . أَوْ يَكُون ذَلِكَ بَعْد عَقْد الْبَيْع , إِذَا فَسَدَ هَذَانِ الْمَعْنَيَانِ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ أَنَّ الْمَعْنَى الْآخَر مِنْ قَوْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَعْنِي قَوْله : " مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا " إِنَّمَا هُوَ التَّفَرُّق بَعْد عَقْد الْبَيْع , كَمَا كَانَ التَّخْيِير بَعْده , وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ , فَسَدَ قَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّمَا هُوَ التَّفَرُّق بِالْقَوْلِ الَّذِي بِهِ يَكُون الْبَيْع . وَإِذَا فَسَدَ ذَلِكَ صَحَّ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ التَّخْيِير وَالِافْتِرَاق إِنَّمَا هُمَا مَعْنَيَانِ بِهِمَا يَكُون تَمَام الْبَيْع بَعْد عَقْده , وَصَحَّ تَأْوِيل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله : { إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } إِلَّا أَنْ يَكُون أَكْلكُمْ الْأَمْوَال الَّتِي يَأْكُلهَا بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ عَنْ مِلْك مِنْكُمْ عَمَّنْ مَلَكْتُمُوهَا عَلَيْهِ بِتِجَارَةٍ تَبَايَعْتُمُوهَا بَيْنكُمْ , وَافْتَرَقْتُمْ عَنْهَا , عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ بَعْد عَقْد الْبَيْع بَيْنكُمْ بِأَبْدَانِكُمْ , أَوْ يُخَيِّر بَعْضكُمْ بَعْضًا .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } وَلَا يَقْتُل بَعْضكُمْ بَعْضًا , وَأَنْتُمْ أَهْل مِلَّة وَاحِدَة , وَدَعْوَة وَاحِدَة وَدِين وَاحِد فَجَعَلَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَهْل الْإِسْلَام كُلّهمْ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَجَعَلَ الْقَاتِل مِنْهُمْ قَتِيلًا فِي قَتْله إِيَّاهُ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ قَتْله نَفْسه , إِذْ كَانَ الْقَاتِل وَالْمَقْتُول أَهْل يَد وَاحِدَة عَلَى مَنْ خَالَفَ مِلَّتهمَا . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7278 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } يَقُول : أَهْل مِلَّتكُمْ . 7279 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } قَالَ : قَتْل بَعْضكُمْ بَعْضًا.

وَأَمَّا قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ اللَّه كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَزَلْ رَحِيمًا بِخَلْقِهِ , وَمِنْ رَحْمَته بِكُمْ كَفّ بَعْضكُمْ عَنْ قَتْل بَعْض أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ , بِتَحْرِيمِ دِمَاء بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض إِلَّا بِحَقِّهَا , وَحَظْر أَكْل مَال بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض بِالْبَاطِلِ , إِلَّا عَنْ تِجَارَة يَمْلِك بِهَا عَلَيْهِ بِرِضَاهُ وَطِيب نَفْسه , لَوْلَا ذَلِكَ هَلَكْتُمْ وَأَهْلَكَ بَعْضكُمْ بَعْضًا قَتْلًا وَسَلْبًا وَغَصْبًا .
وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًاسورة النساء الآية رقم 30
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيه نَارًا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ عُدْوَانًا } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ يَقْتُل نَفْسه , بِمَعْنَى : وَمَنْ يَقْتُل أَخَاهُ الْمُؤْمِن عُدْوَانًا وَظُلْمًا { فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 7280 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ أَرَأَيْت قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيه نَارًا } فِي كُلّ ذَلِكَ , أَوْ فِي قَوْله : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } ؟ قَالَ : بَلْ فِي قَوْله : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ } وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ يَفْعَل مَا حَرَّمْته عَلَيْهِ مِنْ أَوَّل هَذِهِ السُّورَة إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ } مِنْ نِكَاح مَنْ حَرَّمْت نِكَاحه , وَتَعَدِّي حُدُوده , وَأَكْل أَمْوَال الْأَيْتَام ظُلْمًا , وَقَتْل النَّفْس الْمُحَرَّم قَتْلهَا ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَنْ يَأْكُل مَال أَخِيهِ الْمُسْلِم ظُلْمًا بِغَيْرِ طِيب نَفْس مِنْهُ وَقَتَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِن ظُلْمًا , فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال مَعْنَاهُ : وَمَنْ يَفْعَل مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ مِنْ قَوْله : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاء كَرْهًا } . .. 4 19 إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ } مِنْ نِكَاح الْمُحَرَّمَات , وَعَضْل الْمُحَرَّم عَضْلهَا مِنْ النِّسَاء , وَأَكْل الْمَال بِالْبَاطِلِ , وَقَتْل الْمُحَرَّم قَتْله مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ مِمَّا وَعَدَ اللَّه عَلَيْهِ أَهْله الْعُقُوبَة . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا مَنَعَك أَنْ تَجْعَل قَوْله : { ذَلِكَ } مَعْنِيًّا بِهِ جَمِيع مَا أَوْعَدَ اللَّه عَلَيْهِ الْعُقُوبَة مِنْ أَوَّل السُّورَة ؟ قِيلَ : مَنَعَ ذَلِكَ أَنَّ كُلّ فَصْل مِنْ ذَلِكَ قَدْ قُرِنَ بِالْوَعِيدِ , إِلَى قَوْله : { أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } 4 18 وَلَا ذِكْر لِلْعُقُوبَةِ مِنْ بَعْد ذَلِكَ عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّه فِي الْآيَة الَّتِي بَعْده , إِلَى قَوْله : { فَسَوْفَ نُصْلِيه نَارًا } فَكَانَ قَوْله : { وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ } مَعْنِيًّا بِهِ مَا قُلْنَا مِمَّا لَمْ يُقْرَن بِالْوَعِيدِ مَعَ إِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ تَوَعَّدَ عَلَى كُلّ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُون مَعْنِيًّا بِهِ مَا سَلَفَ فِيهِ الْوَعِيد بِالنَّهْيِ مَقْرُونًا قَبْل ذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْله : { عُدْوَانًا } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : تَجَاوُزًا لِمَا أَبَاحَ اللَّه لَهُ إِلَى مَا حَرَّمَهُ عَلَيْهِ , { وَظُلْمًا } يَعْنِي : فِعْلًا مِنْهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَا أَذِنَ اللَّه بِهِ , وَرُكُوبًا مِنْهُ مَا قَدْ نَهَاهُ اللَّه عَنْهُ . وَقَوْله : { فَسَوْفَ نُصْلِيه نَارًا } يَقُول : فَسَوْفَ نُورِدهُ نَارًا يَصْلَى بِهَا فَيَحْتَرِق فِيهَا .

{ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِيرًا } يَعْنِي : وَكَانَ إِصْلَاء فَاعِل ذَلِكَ النَّار وَإِحْرَاقه بِهَا عَلَى اللَّه سَهْلًا يَسِيرًا , لِأَنَّهُ لَا يَقْدِر عَلَى الِامْتِنَاع عَلَى رَبّه مِمَّا أَرَادَ بِهِ مِنْ سُوء . وَإِنَّمَا يَصْعُب الْوَفَاء بِالْوَعِيدِ لِمَنْ تَوَعَّدَهُ عَلَى مَنْ كَانَ إِذَا حَاوَلَ الْوَفَاء بِهِ قَدَرَ الْمُتَوَعَّد مِنْ الِامْتِنَاع مِنْهُ , فَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي قَبْضَة مُوعِده فَيَسِير عَلَيْهِ إِمْضَاء حُكْمه فِيهِ وَالْوَفَاء لَهُ بِوَعِيدِهِ , غَيْر عَسِير عَلَيْهِ أَمْر أَرَادَهُ بِهِ .
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5الصفحة 6