الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3
سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَسورة النور الآية رقم 1
هَذِهِ "سُورَة أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا" مُخَفَّفَة وَمُشَدَّدَة لِكَثْرَةِ الْمَفْرُوض فِيهَا "وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَات بَيِّنَات" وَاضِحَات الدَّلَالَات "لَعَلَّكُمْ تَذْكُرُونَ" بِإِدْغَامِ التَّاء الثَّانِيَة فِي الدَّال تَتَّعِظُونَ
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَسورة النور الآية رقم 2
"الزَّانِيَة وَالزَّانِي" أَيْ غَيْر الْمُحْصَنَيْنِ لِرَجْمِهِمَا بِالسُّنَّةِ وَأَلْ فِيمَا ذُكِرَ مَوْصُولَة وَهُوَ مُبْتَدَأ وَلِشَبَهِهِ بِالشَّرْطِ دَخَلَتْ الْفَاء فِي خَبَره وَهُوَ "فَاجْلِدُوا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَة جَلْدَة" ضَرْبَة يُقَال جَلَدَهُ : ضَرَبَ جِلْده وَيُزَاد عَلَى ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ تَغْرِيب عَام وَالرَّقِيق عَلَى النِّصْف مِمَّا ذُكِرَ "وَلَا تَأْخُذكُمْ بِهِمَا رَأْفَة فِي دِين اللَّه" أَيْ حُكْمه بِأَنْ تَتْرُكُوا شَيْئًا مِنْ حَدّهمَا "إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر" أَيْ يَوْم الْبَعْث فِي هَذَا تَحْرِيض عَلَى مَا قَبْل الشَّرْط وَهُوَ جَوَابه أَوْ دَالّ عَلَى جَوَابه "وَلْيَشْهَدْ عَذَابهمَا" الْجَلْد "طَائِفَة مِنْ الْمُؤْمِنِينَ" قِيلَ ثَلَاثَة وَقِيلَ أَرْبَعَة عَدَد شُهُود الزِّنَا
الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَسورة النور الآية رقم 3
"الزَّانِي لَا يَنْكِح" يَتَزَوَّج "إلَّا زَانِيَة أَوْ مُشْرِكَة وَالزَّانِيَة لَا يَنْكِحهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِك" أَيْ الْمُنَاسِب لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا ذُكِرَ "وَحُرِّمَ ذَلِكَ" أَيْ نِكَاح الزَّوَانِي "عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" الْأَخْيَار نَزَلَ ذَلِكَ لَمَّا هُمْ فُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يَتَزَوَّجُوا بَغَايَا الْمُشْرِكِينَ وَهُنَّ مُوسِرَات لِيُنْفِقْنَ عَلَيْهِمْ فَقِيلَ التَّحْرِيم خَاصّ بِهِمْ وَقِيلَ عَامّ وَنُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى "وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ"
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَسورة النور الآية رقم 4
"وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات" الْعَفِيفَات بِالزِّنَا "ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء" عَلَى زِنَاهُنَّ بِرُؤْيَتِهِمْ "فَاجْلِدُوهُمْ" أَيْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ "ثَمَانِينَ جَلْدَة وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَة" فِي شَيْء "أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ" لِإِتْيَانِهِمْ كَبِيرَة
إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌسورة النور الآية رقم 5
"إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْد ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا" عَمَلهمْ "فَإِنَّ اللَّه غَفُور" لَهُمْ قَذْفهمْ "رَحِيم" بِهِمْ بِإِلْهَامِهِمْ التَّوْبَة فِيهَا يَنْتَهِي فِسْقهمْ وَتُقْبَل شَهَادَتهمْ وَقِيلَ لَا تُقْبَل رُجُوعًا بِالِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجُمْلَة الْأَخِيرَة
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَسورة النور الآية رقم 6
"وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجهمْ" بِالزِّنَا "وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاء" عَلَيْهِ "إلَّا أَنْفُسهمْ" وَقَعَ ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَة "فَشَهَادَة أَحَدهمْ" مُبْتَدَأ "أَرْبَع شَهَادَات" نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَر "بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ" فِيمَا رَمَى بِهِ زَوْجَته مِنْ الزِّنَا
وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَسورة النور الآية رقم 7
"وَالْخَامِسَة أَنَّ لَعْنَة اللَّه عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ" فِي ذَلِكَ وَخَبَر الْمُبْتَدَأ : تَدْفَع عَنْهُ حَدّ الْقَذْف
وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَسورة النور الآية رقم 8
"وَيَدْرَأ" أَيْ يَدْفَع "عَنْهَا الْعَذَاب" حَدّ الزِّنَا الَّذِي ثَبَتَ بِشَهَادَاتِهِ "أَنْ تَشْهَد أَرْبَع شَهَادَات بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ" فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا
وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَسورة النور الآية رقم 9
"وَالْخَامِسَة أَنَّ غَضَب اللَّه عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ" فِي ذَلِكَ
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌسورة النور الآية رقم 10
"وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته" بِالسَّتْرِ فِي ذَلِكَ "وَأَنَّ اللَّه تَوَّاب" بِقَبُولِهِ التَّوْبَة فِي ذَلِكَ وَغَيْره "حَكِيم" فِيمَا حَكَمَ بِهِ فِي ذَلِكَ وَغَيْره لِيُبَيِّن الْحَقّ فِي ذَلِكَ وَعَاجَلَ بِالْعُقُوبَةِ مَنْ يَسْتَحِقّهَا
إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌسورة النور الآية رقم 11
"إنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ" أَسْوَأ الْكَذِب عَلَى عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أُمّ الْمُؤْمِنِينَ بِقَذْفِهَا "عُصْبَة مِنْكُمْ" جَمَاعَة مِنْ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : حَسَّان بْن ثَابِت وَعَبْد اللَّه ابْن أُبَيٍّ وَمِسْطَح وَحَمْنَة بِنْت جَحْش "لَا تَحْسَبُوهُ" أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ غَيْر الْعُصْبَة " شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ" يَأْجُركُمْ اللَّه بِهِ وَيُظْهِر بَرَاءَة عَائِشَة وَمَنْ جَاءَ مَعَهَا مِنْهُ وَهُوَ صَفْوَان فَإِنَّهَا قَالَتْ : "كُنْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَة بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَاب فَفَرَغَ مِنْهَا وَرَجَعَ وَدَنَا مِنْ الْمَدِينَة وَآذَنَ بِالرَّحِيلِ لَيْلَة فَمَشَيْت وَقَضَيْت شَأْنِي وَأَقْبَلْت إلَى الرَّحْل فَإِذَا عِقْدِي انْقَطَعَ - هُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة : الْقِلَادَة - فَرَجَعْت أَلْتَمِسهُ وَحَمَلُوا هَوْدَجِي - هُوَ مَا يُرْكَب فِيهِ - عَلَى بَعِيرِي يَحْسَبُونَنِي فِيهِ وَكَانَتْ النِّسَاء خِفَافًا إنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَة - هُوَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَسُكُون اللَّام مِنْ الطَّعَام : أَيْ الْقَلِيل - وَوَجَدْت عِقْدِي وَجِئْت بَعْدَمَا سَارُوا فَجَلَسْت فِي الْمَنْزِل الَّذِي كُنْت فِيهِ وَظَنَنْت أَنَّ الْقَوْم سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ فَغَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْت وَكَانَ صَفْوَان قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاء الْجَيْش فَادَّلَجَ - هُمَا بِتَشْدِيدِ الرَّاء وَالدَّال أَيْ نَزَلَ مِنْ آخِر اللَّيْل لِلِاسْتِرَاحَةِ - فَسَارَ مِنْهُ فَأَصْبَحَ فِي مَنْزِله فَرَأَى سَوَاد إنْسَان نَائِم - أَيْ شَخْصه - فَعَرَفَنِي حِين رَآنِي وَكَانَ يَرَانِي قَبْل الْحِجَاب فَاسْتَيْقَظْت بِاسْتِرْجَاعِهِ حِين عَرَفَنِي - أَيْ قَوْله إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ - فَخَمَّرْت وَجْهِي بِجِلْبَابِي أَيْ غَطَّيْته بِالْمُلَاءَةِ وَاَللَّهِ مَا كَلَّمَنِي بِكَلِمَةٍ وَلَا سَمِعْت مِنْهُ كَلِمَة غَيْر اسْتِرْجَاعه حِين أَنَاخَ رَاحِلَته وَوَطِئَ عَلَى يَدهَا فَرَكِبْتهَا فَانْطَلَقَ يَقُود بِي الرَّاحِلَة حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْش بَعْدَمَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْر الظَّهِيرَة - أَيْ مِنْ أَوْغَرَ وَاقِفِينَ فِي مَكَان وَغْر مِنْ شِدَّة الْحَرّ - فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ : عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول" ا ه . قَوْلهَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ "لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ" أَيْ عَلَيْهِ "مَا اكْتَسَبَ مِنْ الْإِثْم" فِي ذَلِكَ "وَاَلَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ" أَيْ تَحَمَّلَ مُعْظَمه فَبَدَأَ بِالْخَوْضِ فِيهِ وَأَشَاعَهُ وَهُوَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ "لَهُ عَذَاب عَظِيم" هُوَ النَّار فِي الْآخِرَة
لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌسورة النور الآية رقم 12
"لَوْلَا" هَلَّا "إذْ" حِين "سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفُسِهِمْ" أَيْ ظَنَّ بَعْضهمْ بِبَعْضٍ "خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إفْك مُبِين" كَذِب بَيِّن فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْخِطَاب أَيْ ظَنَنْتُمْ أَيّهَا الْعُصْبَة وَقُلْتُمْ
لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَسورة النور الآية رقم 13
"لَوْلَا" هَلَّا "جَاءُوا" أَيْ الْعُصْبَة "عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء" شَاهَدُوهُ "فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْد اللَّه" أَيْ فِي حُكْمه "هُمْ الْكَاذِبُونَ" فِيهِ
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌسورة النور الآية رقم 14
"وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ" أَيّهَا الْعُصْبَة أَيْ خُضْتُمْ "فِيهِ عَذَاب عَظِيم" فِي الْآخِرَة
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌسورة النور الآية رقم 15
"إذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ" أَيْ يَرْوِيهِ بَعْضكُمْ عَنْ بَعْض وَحُذِفَ مِنْ الْفِعْل إحْدَى التَّاءَيْنِ وَإِذْ مَنْصُوب بِمَسَّكُمْ أَوْ بِأَفَضْتُمْ "وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْم وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا" لَا إثْم فِيهِ "وَهُوَ عِنْد اللَّه عَظِيم" فِي الْإِثْم
وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌسورة النور الآية رقم 16
"وَلَوْلَا" هَلَّا "إذْ" حِين "سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُون" مَا يَنْبَغِي "بِهَذَا" هُوَ لِلتَّعْجِيبِ هُنَا "هَذَا بُهْتَان" كَذِب
يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَسورة النور الآية رقم 17
"يَعِظكُمْ اللَّه" يَنْهَاكُمْ "أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" تَتَّعِظُونَ بِذَلِكَ
وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌسورة النور الآية رقم 18
"وَيُبَيِّن اللَّه لَكُمْ الْآيَات" فِي الْأَمْر وَالنَّهْي "وَاَللَّه عَلِيم" بِمَا يَأْمُر بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ "حَكِيم" فِيهِ
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَسورة النور الآية رقم 19
"إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيع الْفَاحِشَة" بِاللِّسَانِ "فِي الَّذِينَ آمَنُوا" بِنِسْبَتِهَا إلَيْهِمْ وَهُمْ الْعُصْبَة "لَهُمْ عَذَاب أَلِيم فِي الدُّنْيَا" بِحَدِّ الْقَذْف "وَالْآخِرَة" بِالنَّارِ لِحَقِّ اللَّه "وَاَللَّه يَعْلَم" انْتِفَاءَهَا عَنْهُمْ "وَأَنْتُمْ" أَيّهَا الْعُصْبَة بِمَا قُلْتُمْ مِنْ الْإِفْك "لَا تَعْلَمُونَ" وُجُودهَا فِيهِمْ
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌسورة النور الآية رقم 20
"وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ" أَيّهَا الْعُصْبَة "وَرَحْمَته وَأَنَّ اللَّه رَءُوف رَحِيم" بِكُمْ لَعَاجَلَكُمْ بِالْعُقُوبَةِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌسورة النور الآية رقم 21
"يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَات الشَّيْطَان" أَيْ طُرُق تَزْيِينه "وَمَنْ يَتَّبِع خُطُوَات الشَّيْطَان فَإِنَّهُ" أَيْ الْمُتَّبِع "يَأْمُر بِالْفَحْشَاءِ" أَيْ الْقَبِيح "وَالْمُنْكَر" شَرْعًا بِاتِّبَاعِهَا "وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته مَا زَكَى مِنْكُمْ" أَيّهَا الْعُصْبَة بِمَا قُلْتُمْ مِنْ الْإِفْك "مِنْ أَحَد أَبَدًا" أَيْ مَا صَلُحَ وَطَهُرَ مِنْ هَذَا الذَّنْب بِالتَّوْبَةِ مِنْهُ "وَلَكِنَّ اللَّه يُزَكِّي" يُطَهِّر "مَنْ يَشَاء" مِنْ الذَّنْب بِقَبُولِ تَوْبَته مِنْهُ "وَاَللَّه سَمِيع" بِمَا قُلْتُمْ "عَلِيم" بِمَا قَصَدْتُمْ
وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌسورة النور الآية رقم 22
"وَلَا يَأْتَلِ يَحْلِف "أُولُوا الْفَضْل" أَصْحَاب الْغِنَى "مِنْكُمْ وَالسَّعَة أَنْ" لَا "يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيل اللَّه" نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْر حَلَفَ أَنْ لَا يُنْفِق عَلَى مِسْطَح وَهُوَ ابْن خَالَته مِسْكِين مُهَاجِر بَدْرِيّ لَمَّا خَاضَ فِي الْإِفْك بَعْد أَنْ كَانَ يُنْفِق عَلَيْهِ وَنَاس مِنْ الصَّحَابَة أَقْسَمُوا أَنْ لَا يَتَصَدَّقُوا عَلَى مَنْ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْ الْإِفْك "وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا" عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ "أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِر اللَّه لَكُمْ وَاَللَّه غَفُور رَحِيم" لِلْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَبُو بَكْر : بَلَى أَنَا أُحِبّ أَنْ يَغْفِر اللَّه لِي وَرَجَّعَ إلَى مِسْطَح مَا كَانَ يُنْفِقهُ عَلَيْهِ
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌسورة النور الآية رقم 23
"إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ" بِالزِّنَا "الْمُحْصَنَات" الْعَفَائِف "الْغَافِلَات" عَنْ الْفَوَاحِش بِأَنْ لَا يَقَع فِي قُلُوبهنَّ فِعْلهَا "الْمُؤْمِنَات" بِاَللَّهِ وَرَسُوله
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَسورة النور الآية رقم 24
"يَوْم" نَاصِبه الِاسْتِقْرَار الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ لَهُمْ "تَشْهَد" بِالْفَوْقَانِيَّةِ وَالتَّحْتَانِيَّة "عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتهمْ وَأَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" مِنْ قَوْل وَفِعْل وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة
يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُسورة النور الآية رقم 25
"يَوْمئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّه دِينهمْ الْحَقّ" يُجَازِيهِمْ جَزَاءَهُ الْوَاجِب عَلَيْهِمْ "وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّه هُوَ الْحَقّ الْمُبِين" حَيْثُ حَقَّقَ لَهُمْ جَزَاءَهُ الَّذِي كَانُوا يَشُكُّونَ فِيهِ وَمِنْهُمْ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ وَالْمُحْصَنَات هُنَا أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُذْكَر فِي قَذْفهنَّ تَوْبَة وَمَنْ ذُكِرَ فِي قَذْفهنَّ أَوَّل سُورَة التَّوْبَة غَيْرهنَّ
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌسورة النور الآية رقم 26
"الْخَبِيثَات" مِنْ النِّسَاء وَمِنْ الْكَلِمَات "لِلْخَبِيثِينَ" مِنْ النَّاس "وَالْخَبِيثُونَ" مِنْ النَّاس "لِلْخَبِيثَاتِ" مِمَّا ذُكِرَ "وَالطَّيِّبَات" مِمَّا ذُكِرَ "لِلطَّيِّبِينَ" مِنْ النَّاس "وَالطَّيِّبُونَ" مِنْهُمْ "لِلطَّيِّبَاتِ" مِمَّا ذُكِرَ أَيْ اللَّائِق بِالْخَبِيثِ مِثْله وَبِالطَّيِّبِ مِثْله "أُولَئِكَ" الطَّيِّبُونَ وَالطَّيِّبَات مِنْ النِّسَاء وَمِنْهُمْ عَائِشَة وَصَفْوَان "مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ" أَيْ الْخَبِيثُونَ وَالْخَبِيثَات مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء فِيهِمْ "لَهُمْ" لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبَات "مَغْفِرَة وَرِزْق كَرِيم" فِي الْجَنَّة وَقَدْ افْتَخَرَتْ عَائِشَة بِأَشْيَاء مِنْهَا أَنَّهَا خُلِقَتْ طَيِّبَة وَوُعِدَتْ مَغْفِرَة وَرِزْقًا كَرِيمًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَسورة النور الآية رقم 27
"يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْر بُيُوتكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا" أَيْ تَسْتَأْذِنُوا "وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلهَا" فَيَقُول الْوَاحِد السَّلَام عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ ؟ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيث "ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ" مِنْ الدُّخُول بِغَيْرِ اسْتِئْذَان "لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" بِإِدْغَامِ التَّاء الثَّانِيَة فِي الذَّال خَيْرِيَّته فَتَعْمَلُونَ بِهِ
فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌسورة النور الآية رقم 28
"فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا" يَأْذَن لَكُمْ "فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَن لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ" بَعْد الِاسْتِئْذَان "ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ" أَيْ الرُّجُوع "أَزْكَى" أَيْ خَيْر "لَكُمْ" مِنْ الْقُعُود عَلَى الْبَاب "وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ" مِنْ الدُّخُول بِإِذْنٍ وَغَيْر إذْن "عَلِيم" فَيُجَازِيكُمْ عَلَيْهِ
لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَسورة النور الآية رقم 29
"لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْر مَسْكُونَة فِيهَا مَتَاع" أَيْ مَنْفَعَة "لَكُمْ" بِاسْتِكْنَانٍ وَغَيْره كَبُيُوتِ الرُّبُط وَالْخَانَات الْمُسَبَّلَة "وَاَللَّه يَعْلَم مَا تُبْدُونَ" تُظْهِرُونَ "وَمَا تَكْتُمُونَ" تُخْفُونَ فِي دُخُول غَيْر بُيُوتكُمْ مِنْ قَصْد صَلَاح أَوْ غَيْره وَسَيَأْتِي أَنَّهُمْ إذَا دَخَلُوا بُيُوتهمْ يُسَلِّمُونَ عَلَى أَنْفُسهمْ
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَسورة النور الآية رقم 30
"قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارهمْ" عَمَّا لَا يَحِلّ لَهُمْ نَظَره وَمِنْ زَائِدَة "وَيَحْفَظُوا فُرُوجهمْ" عَمَّا لَا يَحِلّ لَهُمْ فِعْله بِهَا "ذَلِكَ أَزْكَى" أَيْ خَيْر "لَهُمْ إنَّ اللَّه خَبِير بِمَا يَصْنَعُونَ" بِالْأَبْصَارِ وَالْفُرُوج فَيُجَازِيهِمْ عَلَيْهِ
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3