تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌسورة الملك الآية رقم 1
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك } يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { تَبَارَكَ } : تَعَاظَمَ وَتَعَالَى { الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك } بِيَدِهِ مُلْك الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَسُلْطَانهمَا نَافِذ فِيهِمَا أَمْره وَقَضَاؤُهُ.

يَقُول : وَهُوَ عَلَى مَا يَشَاء فِعْله ذُو قُدْرَة لَا يَمْنَعهُ مِنْ فِعْله مَانِع , وَلَا يَحُول بَيْنه وَبَيْنه عَجْز .
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُسورة الملك الآية رقم 2
وَقَوْله : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْت وَالْحَيَاة } فَأَمَاتَ مَنْ شَاءَ وَمَا شَاءَ , وَأَحْيَا مَنْ أَرَادَ وَمَا أَرَادَ إِلَى أَجَل مَعْلُوم . وَقَدْ : 26721 - حَدَّثَنِي ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْت وَالْحَيَاة } قَالَ : أَذَلَّ اللَّه ابْن آدَم بِالْمَوْتِ , وَجَعَلَ الدُّنْيَا دَار حَيَاة وَدَار فَنَاء , وَجَعَلَ الْآخِرَة دَار جَزَاء وَبَقَاء . 26722 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْت وَالْحَيَاة لِيَبْلُوَكُمْ } ذُكِرَ أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : " إِنَّ اللَّه أَذَلَّ ابْن آدَم بِالْمَوْتِ " .

يَقُول : لِيَخْتَبِركُمْ فَيَنْظُر أَيّكُمْ لَهُ أَيّهَا النَّاس أَطْوَع , وَإِلَى طَلَب رِضَاهُ أَسْرَع .

وَقَوْله : { وَهُوَ الْعَزِيز } يَقُول : وَهُوَ الْقَوِيّ الشَّدِيد انْتِقَامه مِمَّنْ عَصَاهُ , وَخَالَفَ أَمْره { الْغَفُور } ذُنُوب مَنْ أَنَابَ إِلَيْهِ وَتَابَ مِنْ ذُنُوبه .
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍسورة الملك الآية رقم 3
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَوَات طِبَاقًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مُخْبِرًا عَنْ صِفَته { الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَوَات طِبَاقًا } طَبَقًا فَوْق طَبَق , بَعْضهَا فَوْق بَعْض .

وَقَوْله : { مَا تَرَى فِي خَلْق الرَّحْمَن مِنْ تَفَاوُت } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مَا تَرَى فِي خَلْق الرَّحْمَن الَّذِي خَلَقَ لَا فِي سَمَاء وَلَا فِي أَرْض , وَلَا فِي غَيْر ذَلِكَ مِنْ تَفَاوُت , يَعْنِي مِنْ اخْتِلَاف. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26723 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { مَا تَرَى فِي خَلْق الرَّحْمَن مِنْ تَفَاوُت } : مَا تَرَى فِيهِمْ مِنْ اخْتِلَاف . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { مِنْ تَفَاوُت } قَالَ : مِنْ اخْتِلَاف . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : { مِنْ تَفَاوُت } بِأَلِفٍ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " مِنْ تَفَوُّت " بِتَشْدِيدِ الْوَاو بِغَيْرِ أَلِف . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِد , كَمَا قِيلَ : وَلَا تُصَاعِر , وَلَا تُصَعِّر ; وَتَعَهَّدْت فُلَانًا , وَتَعَاهَدْته ; وَتَظَهَّرْت , وَتَظَاهَرْت ; وَكَذَلِكَ التَّفَاوُت وَالتَّفَوُّت .

وَقَوْله : { فَارْجِعِ الْبَصَر هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور } يَقُول : فَرُدَّ الْبَصَر , هَلْ تَرَى فِيهِ مِنْ صُدُوع ؟ وَهِيَ مِنْ قَوْل اللَّه : { تَكَاد السَّمَوَات وَالْأَرْض يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقهنَّ } بِمَعْنَى يَتَشَقَّقَن وَيَتَصَدَّعْنَ , الْفُطُور مَصْدَر فَطَرَ فُطُورًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26724- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس { هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور } قَالَ : الْفُطُور : الْوَهْيُ 26725 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور } يَقُول : هَلْ تَرَى مِنْ خَلَل يَا ابْن آدَم . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { مِنْ فُطُور } قَالَ : مِنْ خَلَل 26726 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان { هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور } قَالَ : مِنْ شُقُوق.
ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌسورة الملك الآية رقم 4
وَقَوْله : { ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَر كَرَّتَيْنِ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ثُمَّ رُدَّ الْبَصَر يَا ابْن آدَم كَرَّتَيْنِ , مَرَّة بَعْد أُخْرَى , فَانْظُرْ { هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور } أَوْ تَفَاوُت { يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خَاسِئًا } يَقُول : يَرْجِع إِلَيْك بَصَرك صَاغِرًا مُعَبَّدًا مِنْ قَوْلهمْ لِلْكَلْبِ : اخْسَأْ , إِذَا طَرَدُوهُ ; أَيْ أُبْعِدَ صَاغِرًا { وَهُوَ حَسِير } يَقُول : وَهُوَ مَعِي كَالّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26727- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس { ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَر مَرَّتَيْنِ } يَقُول : هَلْ تَرَى فِي السَّمَاء مِنْ خَلَل يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خَاسِئًا وَهُوَ حَسِير بِسَوَادِ اللَّيْل . 26728 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله { خَاسِئًا وَهُوَ حَسِير } يَقُول : ذَلِيلًا وَقَوْله : { وَهُوَ حَسِير } يَقُول : مُرْجِف . 26729 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خَاسِئًا } أَيْ حَاسِرًا { وَهُوَ حَسِير } أَيْ مُعْيٍ * -حَدَّثَنِي ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { خَاسِئًا } قَالَ : صَاغِرًا , { وَهُوَ حَسِير } يَقُول : مُعْيٍ لَمْ يَرَ خَلَلًا وَلَا تَفَاوُتًا . وَقَالَ بَعْضهمْ : الْخَاسِئ وَالْحَسِير وَاحِد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26730 - حَدَّثَنِي يُونُس قَالَ أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَارْجِعِ الْبَصَر هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور } . .. الْآيَة , قَالَ : الْخَاسِئ , وَالْخَاسِر وَاحِد ; حَسَرَ طَرْفه أَنْ يَرَى فِيهَا فَطْرًا فَرَجَعَ وَهُوَ حَسِير قَبْل أَنْ يَرَى فِيهَا فَطْرًا ; قَالَ : فَإِذَا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة انْفَطَرَتْ ثُمَّ انْشَقَّتْ , ثُمَّ جَاءَ أَمْر أَكْبَر مِنْ ذَلِكَ انْكَشَطَتْ .
وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِسورة الملك الآية رقم 5
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيح } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيح } وَهِيَ النُّجُوم , وَجَعَلَهَا مَصَابِيح لِإِضَاءَتِهَا , وَكَذَلِكَ الصُّبْح إِنَّمَا قِيلَ لَهُ صُبْح لِلضَّوْءِ الَّذِي يُضِئْ لِلنَّاسِ مِنَ النَّهَار .

يَقُول : وَجَعَلْنَا الْمَصَابِيح الَّتِي زَيَّنَّا بِهَا السَّمَاء الدُّنْيَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ تُرْجَم بِهَا. وَقَدْ : 26731 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيح وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ } إِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا خَلَقَ هَذِهِ النُّجُوم لِثَلَاثِ خِصَال : خَلَقَهَا زِينَة لِلسَّمَاءِ الدُّنْيَا , وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ , وَعَلَامَات يُهْتَدَى بِهَا ; فَمَنْ يَتَأَوَّل مِنْهَا غَيْر ذَلِكَ , فَقَدْ قَالَ بِرَأْيِهِ , وَأَخْطَأَ حَظّه , وَأَضَاعَ نَصِيبه , وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْم لَهُ بِهِ .

وَقَوْله : { وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاب السَّعِير } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَأَعْتَدْنَا لِلشَّيَاطِينِ فِي الْآخِرَة عَذَاب السَّعِير , لِتُسَعَّر عَلَيْهِمْ فَتُسْجَر .
وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُسورة الملك الآية رقم 6
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَاب جَهَنَّم وَبِئْسَ الْمَصِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ } الَّذِي خَلَقَهُمْ فِي الدُّنْيَا { عَذَاب جَهَنَّم } فِي الْآخِرَة { وَبِئْسَ الْمَصِير } يَقُول : وَبِئْسَ الْمَصِير عَذَاب جَهَنَّم.
إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُسورة الملك الآية رقم 7
وَقَوْله : { إِذَا أُلْقُوا فِيهَا } يَعْنِي إِذَا أُلْقِيَ الْكَافِرُونَ فِي جَهَنَّم { سَمِعُوا لَهَا } يَعْنِي لِجَهَنَّم { شَهِيقًا } يَعْنِي بِالشَّهِيقِ : الصَّوْت الَّذِي يَخْرُج مِنَ الْجَوْف بِشِدَّةٍ كَصَوْتِ الْحِمَار , كَمَا قَالَ رُؤْبَة فِي صِفَة حِمَار : حَشْرَجَ فِي الْجَوْف سَحِيلًا أَوْ شَهَقْ حَتَّى يُقَال نَاهِق وَمَا نَهَقْ

وَقَوْله : { وَهِيَ تَفُور } يَقُول : تَغْلِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26732 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُجَاهِد { سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُور } يَقُول : تَغْلِي كَمَا يَغْلِي الْقَدْر .
تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌسورة الملك الآية رقم 8
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تَكَاد تَمَيَّز مِنَ الْغَيْظ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { تَكَاد } جَهَنَّم { تَمَيَّز } يَقُول : تَتَفَرَّق وَتَتَقَطَّع { مِنَ الْغَيْظ } عَلَى أَهْلهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26733- حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { تَكَاد تَمَيَّز مِنَ الْغَيْظ } يَقُول : تَتَفَرَّق. * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله { تَكَاد تَمَيَّز مِنَ الْغَيْظ } تَكَاد يُفَارِق بَعْضهَا بَعْضًا وَتَنْفَطِر . 26734 - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله { تَكَاد تَمَيَّز مِنَ الْغَيْظ } يَقُول : تَفَرَّق . 26735 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { تَكَاد تَمَيَّز مِنَ الْغَيْظ } قَالَ : التَّمَيُّز : التَّفَرُّق مِنَ الْغَيْظ عَلَى أَهْل مَعَاصِي اللَّه غَضَبًا لِلَّهِ , وَانْتِقَامًا لَهُ .

وَقَوْله : { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْج سَأَلَهُمْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : كُلَّمَا أُلْقِيَ فِي جَهَنَّم جَمَاعَة سَأَلَهُمْ { خَزَنَتهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِير } يَقُول : سَأَلَ الْفَوْج خَزَنَة جَهَنَّم , فَقَالُوا لَهُمْ : أَلَمْ يَأْتِكُمْ فِي الدُّنْيَا نَذِير يُنْذِركُمْ هَذَا الْعَذَاب الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ ؟
قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍسورة الملك الآية رقم 9
فَأَجَابَهُمُ الْمَسَاكِين { فَقَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِير } يُنْذِرنَا هَذَا , { فَكَذَّبْنَا } { وَقُلْنَا } لَهُ : { مَا نَزَّلَ اللَّه مِنْ شَيْء إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَال كَبِير } يَقُول : فِي ذَهَاب عَنِ الْحَقّ بَعِيد .
وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِسورة الملك الآية رقم 10
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَع أَوْ نَعْقِل مَا كُنَّا مِنْ أَصْحَاب السَّعِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ الْفَوْج الَّذِي أُلْقِيَ فِي النَّار لِلْخَزَنَةِ : { لَوْ كُنَّا } فِي الدُّنْيَا { نَسْمَع أَوْ نَعْقِل } مِنْ النُّذُر مَا جَاءُونَا بِهِ مِنَ النَّصِيحَة , أَوْ نَعْقِل عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَنَا إِلَيْهِ { مَا كُنَّا } الْيَوْم { فِي أَصْحَاب السَّعِير } يَعْنِي أَهْل النَّار .
فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِسورة الملك الآية رقم 11
وَقَوْله : { فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ } يَقُول : فَأَقَرُّوا بِذَنْبِهِمْ ; وَوُحِّدَ الذَّنْب , وَقَدْ أُضِيفَ إِلَى الْجَمْع لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى فِعْل , فَأَدَّى الْوَاحِد عَنْ الْجَمْع , كَمَا يُقَال : خَرَجَ عَطَاء النَّاس , وَأَعْطِيَة النَّاس .

يَقُول : فَبُعْدًا لِأَهْلِ النَّار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26736 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِير } يَقُول : بُعْدًا . 26737 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِير } قَالَ : قَالَ سُحْقًا وَادٍ فِي جَهَنَّم . وَالْقُرَّاء عَلَى تَخْفِيف الْحَاء مِنْ السُّحْق , وَهُوَ الصَّوَاب عِنْدنَا لِأَنَّ الْفَصِيح مِنْ كَلَام الْعَرَب ذَلِكَ , وَمِنَ الْعَرَب مَنْ يُحَرِّكهَا بِالضَّمِّ .
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌسورة الملك الآية رقم 12
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْر كَبِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ يَخَافُونَ رَبّهمْ بِالْغَيْبِ : يَقُول : وَهُمْ لَمْ يَرَوْهُ { لَهُمْ مَغْفِرَة } يَقُول : لَهُمْ عَفْو مِنَ اللَّه عَنْ ذُنُوبهمْ { وَأَجْر كَبِير } يَقُول : وَثَوَاب مِنَ اللَّه لَهُمْ عَلَى خَشْيَتهمْ إِيَّاهُ بِالْغَيْبِ جَزِيل .
وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِسورة الملك الآية رقم 13
وَقَوْله : { وَأَسِرُّوا قَوْلكُمْ أَوْ اجْهَرُوا بِهِ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَأَخْفُوا قَوْلكُمْ وَكَلَامكُمْ أَيّهَا النَّاس أَوْ أَعْلِنُوهُ وَأَظْهِرُوهُ .

يَقُول : إِنَّهُ ذُو عِلْم بِضَمَائِر الصُّدُور الَّتِي لَمْ يُتَكَلَّم بِهَا , فَكَيْفَ بِمَا نُطِقَ بِهِ وَتُكُلِّمَ بِهِ , أُخْفِيَ ذَلِكَ أَوْ أُعْلِنَ ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ تَخْفَ عَلَيْهِ ضَمَائِر الصُّدُور فَغَيْرهَا أَحْرَى أَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ .
أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُسورة الملك الآية رقم 14
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَا يَعْلَم مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { أَلَا يَعْلَم } الرَّبّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { مَنْ خَلَقَ } مَنْ خَلَقَهُ ؟ يَقُول : كَيْفَ يَخْفَى عَلَيْهِ خَلْقه الَّذِي خَلَقَ { وَهُوَ اللَّطِيف } بِعِبَادِهِ { الْخَبِير } بِهِمْ وَبِأَعْمَالِهِمْ .
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُسورة الملك الآية رقم 15
وَقَوْله : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْض ذَلُولًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْض ذَلُولًا سَهَّلَهَا لَكُمْ .

اخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي مَعْنَى { مَنَاكِبهَا } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَنَاكِبهَا : جِبَالهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26738- حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { فِي مَنَاكِبهَا } يَقُول : جِبَالهَا . 26739 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ بَشِير بْن كَعْب أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبهَا } فَقَالَ لِجَارِيَةٍ لَهُ : إِنْ دَرَيْت مَا مَنَاكِبهَا , فَأَنْتِ حُرَّة لِوَجْهِ اللَّه ; قَالَتْ : فَإِنَّ مَنَاكِبهَا : جِبَالهَا , فَكَأَنَّمَا سُفِعَ فِي وَجْهه , وَرَغِبَ فِي جَارِيَته , فَسَأَلَ مِنْهُمْ مَنْ أَمَرَهُ , وَمِنْهُمْ مَنْ نَهَاهُ , فَسَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاء , فَقَالَ : الْخَيْر فِي طُمَأْنِينَة , وَالشَّرّ فِي رِيبَة , فَذَرْ مَا يَرِيبك إِلَى مَا لَا يَرِيبك . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ بَشِير بْن كَعْب , بِمِثْلِهِ سَوَاء. 26740 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبهَا } : جِبَالهَا . * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { فِي مَنَاكِبهَا } قَالَ : فِي جِبَالهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : { مَنَاكِبهَا } : أَطْرَافهَا وَنَوَاحِيهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26741 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس قَوْله : { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبهَا } يَقُول : امْشُوا فِي أَطْرَافهَا . 26742 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , أَنَّ بَشِير بْن كَعْب الْعَدَوِيّ , قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبهَا } فَقَالَ لِجَارِيَتِهِ : إِنْ أَخْبَرْتنِي مَا مَنَاكِبهَا , فَأَنْتِ حُرَّة , فَقَالَتْ : نَوَاحِيهَا ; فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجهَا , فَسَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاء , فَقَالَ : إِنَّ الْخَيْر فِي طُمَأْنِينَة , وَإِنَّ الشَّرّ فِي رِيبَة , فَدَعْ مَا يَرِيبك إِلَى مَا لَا يَرِيبك . 26743 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبهَا } قَالَ : طُرُقهَا وَفِجَاجهَا . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَامْشُوا فِي نَوَاحِيهَا وَجَوَانِبهَا , وَذَلِكَ أَنَّ نَوَاحِيهَا نَظِير مَنَاكِب الْإِنْسَان الَّتِي هِيَ مِنْ أَطْرَافه .

وَقَوْله : { وَكُلُوا مِنْ رِزْقه } يَقُول : وَكُلُوا مِنْ رِزْق اللَّه الَّذِي أَخْرَجَهُ لَكُمْ مِنْ مَنَاكِب الْأَرْض ,

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِلَى اللَّه نَشْركُمْ مِنْ قُبُوركُمْ .
أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُسورة الملك الآية رقم 16
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يَخْسِف بِكُمُ الْأَرْض فَإِذَا هِيَ تَمُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء } أَيّهَا الْكَافِرُونَ { أَنْ يَخْسِف بِكُمُ الْأَرْض فَإِذَا هِيَ تَمُور } يَقُول : فَإِذَا الْأَرْض تَذْهَب بِكُمْ وَتَجِيء وَتَضْطَرِب .
أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِسورة الملك الآية رقم 17
{ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء } وَهُوَ اللَّه { أَنْ يُرْسِل عَلَيْكُمْ حَاصِبًا } وَهُوَ التُّرَاب فِيهِ الْحَصْبَاء الصِّغَار .

يَقُول : فَسَتَعْلَمُونَ أَيّهَا الْكَفَرَة كَيْفَ عَاقِبَة نَذِيرِي لَكُمْ , إِذْ كَذَّبْتُمْ بِهِ , وَرَدَدْتُمُوهُ عَلَى رَسُولِي.
وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِسورة الملك الآية رقم 18
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْش مِنَ الْأُمَم الْخَالِيَة رُسُلهمْ . { فَكَيْفَ كَانَ نَكِير } يَقُول : فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِي تَكْذِيبهمْ إِيَّاهُمْ .
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌسورة الملك الآية رقم 19
يَقُول : أَوَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ إِلَى الطَّيْر فَوْقهمْ صَافَّات أَجْنِحَتهنَّ { وَيَقْبِضْنَ } يَقُول : وَيَقْبِضْنَ أَجْنِحَتهنَّ أَحْيَانًا . وَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَصُفّ أَجْنِحَتهَا أَحْيَانًا , وَتَقْبِض أَحْيَانًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26744 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { صَافَّات } قَالَ : الطَّيْر يَصُفّ جَنَاحه كَمَا رَأَيْت , ثُمَّ يَقْبِضهُ . 26745 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { صَافَّات وَيَقْبِضْنَ } بَسْطهنَّ أَجْنِحَتهنَّ وَقَبْضهنَّ .

وَقَوْله : { مَا يُمْسِكهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَن } يَقُول : مَا يُمْسِك الطَّيْر الصَّافَّات فَوْقكُمْ إِلَّا الرَّحْمَن ; يَقُول : فَلَهُمْ بِذَلِكَ مُذَكِّر إِنْ ذُكِّرُوا , وَمُعْتَبَر إِنْ اعْتَبَرُوا , يَعْلَمُونَ بِهِ أَنَّ رَبّهمْ وَاحِد لَا شَرِيك لَهُ .

يَقُول : إِنَّ اللَّه بِكُلِّ شَيْء ذُو بَصَر وَخِبْرَة , لَا يَدْخُل تَدْبِيره خَلَل , وَلَا يُرَى فِي خَلْقه تَفَاوُت .
أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍسورة الملك الآية رقم 20
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْد لَكُمْ يَنْصُركُمْ مِنْ دُون الرَّحْمَن } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ مِنْ قُرَيْش : مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْد لَكُمْ أَيّهَا الْكَافِرُونَ بِهِ , يَنْصُركُمْ مِنْ دُون الرَّحْمَن إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا , فَيَدْفَع عَنْكُمْ مَا أَرَادَ بِكُمْ مِنْ ذَلِكَ .
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا الْكَافِرُونَ بِاللَّهِ إِلَّا فِي غُرُور مِنْ ظَنّهمْ أَنَّ آلِهَتهمْ تُقَرِّبهُمْ إِلَى اللَّه زُلْفَى , وَأَنَّهَا تَنْفَع أَوْ تَضُرّ .
أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍسورة الملك الآية رقم 21
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يُطْعِمكُمْ وَيَسْقِيكُمْ , وَيَأْتِي بِأَقْوَاتِكُمْ إِنْ أَمْسَكَ بِكُمْ رِزْقه الَّذِي يَرْزُقهُ عَنْكُمْ.

وَقَوْله : { بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوّ وَنُفُور } يَقُول : بَلْ تَمَادَوْا فِي طُغْيَان وَنُفُور عَنِ الْحَقّ وَاسْتِكْبَار. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26746 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوّ وَنُفُور } يَقُول : فِي ضَلَال . 26747 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوّ وَنُفُور } قَالَ : كُفُور .
أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍسورة الملك الآية رقم 22
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهه أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { أَفَمَنْ يَمْشِي } أَيّهَا النَّاس { مُكِبًّا عَلَى وَجْهه } لَا يُبْصِر مَا بَيْن يَدَيْهِ , وَمَا عَنْ يَمِينه وَشِمَاله { أَهْدَى } : أَشَدّ اسْتِقَامَة عَلَى الطَّرِيق , وَأَهْدَى لَهُ , { أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا } مَشْي بَنِي آدَم عَلَى قَدَمَيْهِ { عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول : عَلَى طَرِيق لَا اعْوِجَاج فِيهِ ; وَقِيلَ { مُكِبًّا } لِأَنَّهُ فِعْل غَيْر وَاقِع , وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا أَدْخَلُوا فِيهِ الْأَلِف , فَقَالُوا : أَكَبَّ فُلَان عَلَى وَجْهه , فَهُوَ مُكِبّ ; وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : مُكِبًّا عَلَى رَوْقَيْهِ يَحْفِر عِرْقهَا عَلَى ظَهْر عُرْيَان الطَّرِيقَة أَهْيَمَا فَقَالَ : مُكِبًّا ; لِأَنَّهُ فِعْل غَيْر وَاقِع , فَإِذَا كَانَ وَاقِعًا حُذِفَتْ مِنْهُ الْأَلِف , فَقِيلَ : كَبَبْت فُلَانًا عَلَى وَجْهه وَكَبَّهُ اللَّه عَلَى وَجْهه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26748- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهه أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَقُول : مَنْ يَمْشِي فِي الضَّلَالَة أَهْدَى , أَمْ مَنْ يَمْشِي مُهْتَدِيًا ؟ . 26749 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مُكِبًّا عَلَى وَجْهه } قَالَ : فِي الضَّلَالَة { أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } قَالَ : حَقّ مُسْتَقِيم . 26750 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهه } يَعْنِي الْكَافِر أَهْدَى { أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا } الْمُؤْمِن ؟ ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا لَهُمَا. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّ الْكَافِر يَحْشُرهُ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة عَلَى وَجْهه , فَقَالَ : { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهه } يَوْم الْقِيَامَة { أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا } يَوْمئِذٍ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26751 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهه أَهْدَى } " هُوَ الْكَافِر أَكَبَّ عَلَى مَعَاصِي اللَّه فِي الدُّنْيَا , حَشَرَهُ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة عَلَى وَجْهه " , فَقِيلَ : يَا نَبِيّ اللَّه كَيْفَ يُحْشَر الْكَافِر عَلَى وَجْهه ؟ قَالَ : " إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ قَادِر أَنْ يَحْشُرهُ يَوْم الْقِيَامَة عَلَى وَجْهه " * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهه } قَالَ " هُوَ الْكَافِر يَعْمَل بِمَعْصِيَةِ اللَّه , فَيَحْشُرهُ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة عَلَى وَجْهه " . قَالَ مَعْمَر : قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وُجُوههمْ ؟ قَالَ : " إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَقْدَامهمْ قَادِر عَلَى أَنْ يُمْشِيهُمْ عَلَى وُجُوههمْ " 26752 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } قَالَ الْمُؤْمِن عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّه , فَيَحْشُرهُ اللَّه عَلَى طَاعَته .
قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَسورة الملك الآية رقم 23
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد لِلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ . اللَّه الَّذِي أَنْشَأَكُمْ فَخَلَقَكُمْ , { وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْع } تَسْمَعُونَ بِهِ { وَالْأَبْصَار } تُبْصِرُونَ بِهَا { وَالْأَفْئِدَة } تَعْقِلُونَ بِهَا .

يَقُول : قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ رَبّكُمْ عَلَى هَذِهِ النِّعَم الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ .
قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَسورة الملك الآية رقم 24
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد : قُلْ يَا مُحَمَّد , اللَّه { الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْض } يَقُول : اللَّه الَّذِي خَلَقَكُمْ فِي الْأَرْض { وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } يَقُول : وَإِلَى اللَّه تُحْشَرُونَ , فَتُجْمَعُونَ مِنْ قُبُوركُمْ لِمَوْقِفِ الْحِسَاب.
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَسورة الملك الآية رقم 25
يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَيَقُول الْمُشْرِكُونَ : مَتَى يَكُون مَا تَعِدنَا مِنَ الْحَشْر إِلَى اللَّه إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي وَعْدكُمْ إِيَّانَا مَا تَعِدُونَنَا .
قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌسورة الملك الآية رقم 26
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ إِنَّمَا الْعِلْم عِنْد اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُسْتَعْجِلِيك بِالْعَذَابِ وَقِيَام السَّاعَة : إِنَّمَا عِلْم السَّاعَة , وَمَتَى تَقُوم الْقِيَامَة عِنْد اللَّه لَا يَعْلَم ذَلِكَ غَيْره .

يَقُول : وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِير لَكُمْ أُنْذِركُمْ عَذَاب اللَّه عَلَى كُفْركُمْ بِهِ { مُبِين } : قَدْ أَبَانَ لَكُمْ إِنْذَاره .
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَسورة الملك الآية رقم 27
وَقَوْله : { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَة سِيئَتْ وُجُوه الَّذِينَ كَفَرُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا رَأَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ عَذَاب اللَّه زُلْفَة : يَقُول : قَرِيبًا , وَعَايَنُوهُ , { سِيئَتْ وُجُوه الَّذِينَ كَفَرُوا } يَقُول : سَاءَ اللَّه بِذَلِكَ وُجُوه الْكَافِرِينَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله : { زُلْفَة } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26753 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَة سِيئَتْ } قَالَ : لَمَّا عَايَنُوهُ . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي بُكَيْر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي رَجَاء , قَالَ : سَأَلْت الْحَسَن , عَنْ قَوْله : { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَة } قَالَ : مُعَايَنَة . 26754 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَلَمَّا رَأَوْهُ } قَالَ : قَدِ اقْتَرَبَ. 26755 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَة سِيئَتْ وُجُوه الَّذِينَ كَفَرُوا } لِمَا عَايَنْت مِنْ عَذَاب اللَّه. * - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَة } قَالَ : لَمَّا رَأَوْا عَذَاب اللَّه زُلْفَة , يَقُول : سِيئَتْ وُجُوههمْ حِين عَايَنُوا مِنْ عَذَاب اللَّه وَخِزْيه مَا عَايَنُوا . 26756 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَة } قِيلَ : الزُّلْفَة حَاضِر قَدْ حَضَرَهُمْ عَذَاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ .

يَقُول : وَقَالَ اللَّه لَهُمْ : هَذَا الْعَذَاب الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَذْكُرُونَ رَبّكُمْ أَنْ يُعَجِّلهُ لَكُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26757 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ } قَالَ : اسْتِعْجَالهمْ بِالْعَذَابِ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قِرَاءَة الْأَمْصَار { هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ تَدَّعُونَ } بِتَشْدِيدِ الدَّال بِمَعْنَى تَفْتَعِلُونَ مِنْ الدُّعَاء . وَذُكِرَ عَنْ قَتَادَة وَالضَّحَّاك أَنَّهُمَا قَرَآ ذَلِكَ : " تَدْعُونَ " بِمَعْنَى تَفْعَلُونَ فِي الدُّنْيَا. 26758 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبَان الْعَطَّار وَسَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ قَرَأَهَا : " الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدْعُونَ " خَفِيفَة ; وَيَقُول : كَانُوا يَدْعُونَ بِالْعَذَابِ , ثُمَّ قَرَأَ : { إِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقّ مِنْ عِنْدك فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَة مِنَ السَّمَاء أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيم } وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ , مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍسورة الملك الآية رقم 28
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّه وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِير الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَاب أَلِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمك : { أَرَأَيْتُمْ } أَيّهَا النَّاس { إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّه } فَأَمَاتَنِي { وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا } فَأَخَّرَ فِي آجَالنَا { فَمَنْ يُجِير الْكَافِرِينَ } بِاللَّهِ { مِنْ عَذَاب } مُوجِع مُؤْلِم , وَذَلِكَ عَذَاب النَّار. يَقُول : لَيْسَ يُنْجِي الْكُفَّار مِنْ عَذَاب اللَّه مَوْتنَا وَحَيَاتنَا , فَلَا حَاجَة بِكُمْ إِلَى أَنْ تَسْتَعْجِلُوا قِيَام السَّاعَة , وَنُزُول الْعَذَاب , فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْر نَافِعكُمْ , بَلْ ذَلِكَ بَلَاء عَلَيْكُمْ عَظِيم .
قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍسورة الملك الآية رقم 29
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ هُوَ الرَّحْمَن آمَنَّا بِهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ يَا مُحَمَّد : رَبّنَا { الرَّحْمَن آمَنَّا بِهِ } يَقُول : صَدَّقْنَا بِهِ .

يَقُول : وَعَلَيْهِ اعْتَمَدْنَا فِي أُمُورنَا , وَبِهِ وَثِقْنَا فِيهَا .

يَقُول : فَسَتَعْلَمُونَ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ الَّذِي هُوَ فِي ذَهَاب عَنِ الْحَقّ , وَالَّذِي هُوَ عَلَى غَيْر طَرِيق مُسْتَقِيم مِنَّا وَمِنْكُمْ إِذَا صِرْنَا إِلَيْهِ , وَحُشِرْنَا جَمِيعًا .
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍسورة الملك الآية رقم 30
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ : { أَرَأَيْتُمْ } أَيّهَا الْقَوْم الْعَادِلُونَ بِاللَّهِ { إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا } يَقُول : غَائِرًا لَا تَنَالهُ الدِّلَاء { فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِين } يَقُول : فَمَنْ يَجِيئكُمْ بِمَاءٍ مَعِين , يَعْنِي بِالْمَعِينِ : الَّذِي تَرَاهُ الْعُيُون طَاهِرًا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26759- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِين } يَقُول : بِمَاءٍ عَذْب . 26760 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصِل , قَالَ : ثني عُبَيْد بْن قَاسِم الْبَزَّاز , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا } لَا تَنَالهُ الدِّلَاء { فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِين } قَالَ : الطَّاهِر . 26761 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا } : أَيْ ذَاهِبًا { فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِين } قَالَ : الْمَاء الْمَعِين : الْجَارِي . 26762 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { مَاؤُكُمْ غَوْرًا } ذَاهِبًا { فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِين } جَارٍ . وَقِيلَ غَوْرًا فَوَصَفَ الْمَاء بِالْمَصْدَرِ , كَمَا يُقَال : لَيْلَة عَمّ , يُرَاد : لَيْلَة عَامَّة . آخِر تَفْسِير سُورَة الْمُلْك .